ج1: الانتداب البريطاني أساس البلاء والنكبة
عمل الانتداب البريطاني سيء الصيت طيلة فترة الانتداب ( الاحتلال ) بداية من التحالف البريطاني مع الحركة الصهيونية و تقويض الخلافة العثمانية و الإطاحة بالسلطان العثماني عبد الحميد عبد المجيد الثاني في مؤامرة نيسان 1909م التي كانت بداية الفصول السوداء على الأمة العربية و الإسلامية بل و على العالم.
ثم إدخال الدولة العثمانية بواسطة حكامها الجدد ( حزب الاتحاد و الترقي ) ( الماسوني الطوراني الصهيوني ) ادخلها باتون الحرب العالمية الأولى لإضعافها و تمزيقها و توزيع غنائمها و التآمر على الإسلام .. و تفريق وحدة العرب و المسلمين ..
ثم في ايار 1966م و العرب قسم منهم لا زال يقاتل في صفوف الانكليز ( الحلفاء الاصدقاء ) ضد العثمانيين أحيكت مؤامرة ( سايكس – بيكو ) لتقسيم و تمزيق الوطن العربي الى دول و كيانات ..و العرب لا يزالون يحملون السلاح مع الانكليز ضد الأتراك ..!؟
و في 9 كانون او ل 1916م دخل الجنرال الإفرنجي اللنبي فلسطين على رأس جيش بريطاني و استرالي و غيرها من القوات التي رفعت أعلام دولها إلا العلم العربي لم يرفع دخل اللنبي مقهقهاً مغروراً متشفياً.. في غرور و كبر و خيلاء و عنجهية دخل بيت المقدس و هي المرة الاولى التي تدنس فيها دول الاستعمار هذه المدينة المقدسة منذ ( 8) قرون حين حررها و استردها القائد صلاح الدين الأيوبي عام 1187م ..ثم صدور وعد بلفور المشئوم عام 1917م .. الذي كتبه الصهاينة .. للانكليز ثم صك الانتداب .. و عزل فلسطين عن سوريا .. و إطلاق الهجرة اليهودية لفلسطين ثم الاعتراف بالوكالة اليهودية بفلسطين ..كدولة داخل دولة ..ثم إدخال اللغة العبرية كلغة رسمية بفلسطين الى جانب العربية و الانكليزية و اليهود آنذاك لا يمثلون سوى 2% من سكان البلاد , انه الظلم و المؤامرة ..
ثم معاهدة ( سان ريمو ) و غيرها من المؤامرات التي احيكت و احبكت على اهل فلسطين .. و على الامة العربية و الإسلامية في ليل بهيم .. مظلم ثم سن الانكليز القوانين الظالمة و التشريعات المجحفة بحق المواطن الفلسطيني و الفلاح الفلسطيني بحيث يؤول تطبيق هذه القوانين في النهاية الى إفقار الفلاح الفلسطيني و تجهيل الفلسطيني و اغتصاب الأرض بقوة السلاح البريطاني تارة .. و تارة اخرى باسم القانون البريطاني .. و في مختلف وسائل الخداع و التزوير و التظليل الانكليزي – الصهيوني ..!
و استمرت مؤامرة إضعاف الشعب العربي الفلسطيني من النواحي السياسية و العسكرية و العلمية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية ليكون بعدها اعزلا من المال و العلم و السلاح و القوة .. اعزلا من الوعي و العلم مشرداً معدماًً مهجراً .. و في وطنه مثقل بالهموم والديون .. !؟ أيعقل هذا ان يكون اهل فلسطين في حال إفقار وإذلال و قلق و ضعف داخل وطنهم .. و في قرن المدنية القرن العشرين ... !؟
من جهة ثانية تمد بريطانية الصهاينة و عصاباتهم في فلسطين بالأوراق الثبوتية لتجعل منهم مواطنين , و تمدهم بالسلاح , و تفسح لهم المجال ليتدربوا و يتنظموا [1].. و يعملوا و يقوي ساعدهم عسكريا وسياسياً اقتصادياً و مادياً و علمياً .. بفضل سياسة التهويد و سياسة الاغتصاب التي انتهجتها بريطانيا العظمى و الصديقة ؟! وبعد ان اطمئن الانكليز في عام 1948م إلى قوة الصهاينة كعصابات إرهابية منظمة مدربة مسلحة قادرة على الوقوف , بعد ان اشتد و قوي عددها ليكون هناك بجانب الانكليز في فلسطين قرابة نصف مليون صهيوني مدرب و منظم يحمل السلاح و العدة و كل الإمكانيات تحت تصرفه ليعلن كيانه الغاصب بفضل الانكليز و تحت سمعهم و تحت علمهم و تاجهم .. إنها المؤامرة .. انه العداء للأمة ..
عملت بريطانيا خلال 30 سنة على إضعاف الفلسطينيين مع تقوية عصابات الصهاينة وفق خطة لئيمة مدروسة , وفق كيفية مدروسة مبيتة خبيثة ..
اطمئن الانكليز الى ان ساعد الصهيونية في فلسطين قد قوي و اشتد و لتسليم عصاباتهم المدربة المسلحة المنظمة و تسليمهم كثير من المواقع و المدن و المعسكرات و المعدات و الاسلحة بأنواعها طيلة فترة الــ30 سنة !؟
ثم تسليم فلسطين بالكامل لعصابات الصهاينة تسليمهم إياها اليد باليد .. و تم تسليمهم إياها خلال مراحل و كانت المرحلة الأكبر عام 1948م و تم تسليمها لهم بشكل سري و بشكل علني ..؟! واضح و مفضوح ..
و هكذا وجد شعب فلسطين المبتلى الصامد المقاوم .. وجد نفسه يوما ..منفردا في المواجهة , اعزلاً من السلاح و القوة ,. وجد نفسه وجها لوجه امام نصف مليون صهيوني مسلح جاهز لشن عدوان و حرب عصابات .. عصابات مسلحة بأحدث الاسلحة و المعدات الثقيلة و الخفيفة و الحديثة و الفتاكة ..
و إذا قارنا إمكانيات اهل فلسطين الهزيلة و الضعيفة و المتفرقة امام قوات الصهاينة الحربية بشكل عام فأن المعادلة هي ( صفر ) اجل صفر في جميع المقاييس و الموازين الفنية .. و جميع المعايير المتبعة ..؟!
و من هذا شعب فلسطين العربي المؤمن الغيور لم يستسلم و لم يدع اليأس و القنوط يدخل إلى نفسه , و لم يركن للدعة و الاتكال على الغير فقد شمر عن ساعد الجد و العمل , شمر عن ساعده مسجلاً افخر النزلات و الوقائع المشرفة بالرغم من عدم وجود تكافؤ بين القوتين .. قاتل وصمد .. و قاوم اهل فلسطين اشرف ما تكون المقاومة قاوم و ثار وقاتل منذ وعد بلفور 1917م و مروراً بالثورات المسلحة و الانتفاضات الشعبية المسلحة و الإضراب و المقاومة المستمرة و كانت منها ثورات 1920م – 1921م -1922م -1929م – 1933م -1935م -1936م و غيرها .. قاوم بإيمانه و بصبره و بصموده و بعزيمته و بأسلحته الصغيرة و الصدئة و المحدودة و القديمة . !!
قاوم بفضل إيمانه بالله سبحانه , و بعدالة قضيته .. و كان شهر تشرين الثاني من عام 1947م و مؤامرة إصدار قرار تقسيم فلسطين الجائر في 29/11/1947م و هذه أول سابقة خطيرة في التاريخ : تمزيق الوطن الواحد و تقسيمه بين أهله الطبيعيين و الشرعيين و المواطنين الأصليين و عصابة غرباء قتلة مجرمون أتوا من كل أصقاع الدنيا .. انه الباطل و الظلم بعينه .. انه الخنجر المسموم في خاصرة الامة العربية و الإسلامية و العالم ..
إنها أول سابقة خطيرة جائرة تحدث في تاريخ العالم .. و في التاريخ ..!! و لذلك عمل الصهاينة بواسطة عصاباتهم و ميلشياتهم المسلحة ببث الفوضى و الرعب بقتل المدنيين , و قتل الاطفال و النساء و الشيوخ و وضع القنابل في الأسواق و تفخيخ السيارات و ارتكاب المجازر و قتل الناس .. إنها من تفتق الذهنية الصهيونية إنها من ابتكارات عصاباتهم المسلحة الشريرة ..فلقد اثبتت الدراسات و الوقائع ان الصهاينة هم اصل العنف و الإرهاب و القتل و التدمير و التفخيخ .. و ارتكاب المجازر .. و قتل الاطفال و النساء و الشيوخ و العُزّل ..
الصهاينة و عصاباتهم المسلحة الموجهة في فلسطين هم اصل العنف و الإرهاب .. قتلوهم لحقدهم على كل الناس و الأمم قتلوهم بلا سبب و لا رحمة .. إلا ا ن اهل فلسطين ذنبهم أنهم قالوا ربنا الله .. و نحن اهل حق و عدالة .. اما المقاومون الفلسطينيون فسعيد الحظ منهم من تمكن من توفير بندقية او قطعة سلاح او مسدس و الحالات النادرة قطعة رشاش من مالهم الخاص من مصروف أطفالهم و عيالهم .. و على حساب لقمة العيش تقطع من العائلة ..
فكانت المقاومة الفلسطينية الباسلة و الرائدة في كل مدينة و قرية .. في كل جبل و وادي .. و سارت مؤامرة اغتصاب فلسطين بين الانتداب البريطاني و حليفهم الحركة الصهيونية بفصائلها و عصاباتها .. كانت تلك المؤامرة اللئيمة تسير جنبا الى جنب لتنفيذ المخطط الصهيوني و تشريد اهل فلسطين و إقامة الكيان الصهيوني الغاصب على ارض فلسطين ..و تشريد اهل فلسطين العزل من السلاح و القوة .. الآمنين في أحيائهم و اوطانهم و قراهم و مدنهم و بيوتهم و ارضهم و حقولهم .. لقد تم إقامة هذا الكيان العدائي العنصري الغاصب عن طريق القوة الغاشمة و عن طريق الإرهاب و القوة المسلحة .. و تشريد شعب فلسطين الى لاجئين هائمين على وجوههم .. في بلاد الأشقاء المجاورة .. في الخيام و الصحراء ..
لقد تعرض اهل فلسطين في وطنهم لصنوف كثيرة من القهر و الإفقار و التجهيل و الإهمال و العزلة و التهميش .. خلال فترة الـ 30 سنة التي عاشها في ظل الانتداب إذا ما حاول الفرد الفلسطيني الحفاظ على ارضه و عرضه .. إذا ما حاول الدفاع عن نفسه و أهله او حاز من جيبه الخاص على قطعة سلاح فمصيره المطاردة و المحاكمة و المحاربة .. مصيره السجن .. إنها قوانين بريطانيا في القرن العشرين .
حينما كان متوسط دخل العائلة الفلسطينية شهريا في حدود ( 10 -15 ) جنيها فلسطينياً شهرياً ( في الكثير من القرى و الأرياف في سنوات الأربعينات ) فأي حياة هذه .. لقد شح السلاح الذي حرص الانكليز على تجريد الفلسطيني من السلاح و ما تعرض له من تفتيش دقيق و تمشيط البيوت و القرى و المدن دائما بحثاً عن السلاح ومن وجد عنده السلاح فمصيره الاعتقال و التعذيب و المحاكمة و السجن .. و في الجانب الأخر يغضون الطرف عن الصهاينة .. و بحوزتهم كل أشكال السلاح ..؟!
كان الفلسطيني الذي يضبط بحوزته مسدس يحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات .و الذي يضبط بحوزته بندقية يحكم بالسجن لمدة خمس سنوات .. و الذي بحوزته قنبلة يحكم سنة و احدة سجن على الأقل ..
و الذي يحاول ان يخيف أحداً بسلاح ولو كان فارغاً يحكم بالسجن مدة ثلاث اشهر[2] ..و من خلال الدعم البريطاني لعصابات الصهاينة بفلسطين انه اثناء فترة الهدنة في حرب فلسطين عام 1948م وصلت بواخر مملوءة بالسلاح للصهاينة و حتى طائرات و مدافع .. لتبقى البندقية عملة نادرة و صعبة المنال نادرة الحيازة عند اهل فلسطين ، ليبلغ ثمن البندقة الواحدة مبلغ ( 100 ) جنيه فلسطيني إسترليني إن وجدت .. و لم يستطع شراءها إلا المتمكن مادياً .. عملت بريطانيا على عزل اهل فلسطين عن محيطهم العربي و الإسلامي .. للانفراد بهم .. و هذا ما حصل .. من تطبيق و تنفيذ للمؤامرة الدولية الدنيئة التي حاك خيوطها الاستعمار البريطاني و حليفته الحركة الصهيونية .. في ليل بهيم مظلم .. وسط صمت العالم و تواطئه ..؟! و وسط تداعي و ضعف الوطن العربي و العالم الإسلامي ..!
تابعوا معنا الجزء الثاني من هذه السلسلة التاريخية ...
رشيد جبر الأسعد
عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في العراق
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"
[1] - وكان أول عمل و مظهر عسكري ظهر لعصابات الصهاينة يوم قاد الكولونيل الصهيوني البريطاني ( جابو تنسكي ) الجنود المُسرحين اليهود و هاجم بهم العرب المواطنين اهل البلاد الشرعيين و مجابهة ثورة الفلسطينيين في القدس ( 4 نيسان 1920) – عبرة فلسطين ,صفحة (9).
[2] - و كانت المحاكم العسكرية البريطانية تحكم بالإعدام على من بوجد عنده او قرب بيته سلاح او ذخيرة ولو رصاصة .
راجع : :عبرة فلسطين : ص(11 ) , و مذكرات الحاج امين الحسيني , و عارف العارف : النكبة و اجزائها السبعة , و محمد نمر الخطيب : من اثر النكبة : ص( 290) , و مجلة فلسطين الصادرة عن الهيئة العربية العليا عدد / 167 , بيروت صفر 1395 هـ الموافق شباط 1975م صفحات ( 4 /10 ) , و اسمى طوبي : عبير و مجد , ص ( 348 ) , و غيرها .. من المراجع .