هناك 15 ألف معتقل من أهالي الموصل في سجون الحكومة
العراقية والميليشيات الإيرانية بسبب تشابه في الأسماء والدعاوى الكيدية ضدهم،
وهناك 350 ألف شخص أغلبهم في الموصل تتشابه أسماؤهم الرباعية مع مطلوبين في قضايا
إرهاب، وهؤلاء قد يتم اعتقالهم فور مراجعتهم دائرة أمنية. هذا الخبر ليس للتسقيط
السياسي، وإنما هو منشور في صحيفة “المدى” البغدادية.
وواضح جدا أن ثمة استهدافا سياسيا وراء ذلك، وإلا هل
يعقل أن يوجد 365 ألف شخص في مدينة واحدة تتشابه أسماؤهم، خذها من القطب المتجمد
الشمالي إلى القطب المتجمد الجنوبي من الكرة الأرضية.
لا تفسير لهذا الأمر إلا أن الميليشيات الإيرانية تهدف
إلى إجراء تغيير ديموغرافي للسيطرة على الأراضي والممتلكات والمصالح العائدة
للسكان، وفتح طريق تلعفر للإيرانيين للوصول إلى البحر المتوسط عبر سوريا.
والحقيقة أن الوضع القانوني العراقي يواجه تحديات منذ
سنوات، بسبب الدعاوى الكيدية، وبسبب ضعف الوعي القانوني في المجتمع أو الثغرات
القانونية التي يستثمرها ضعاف النفوس للانتقام من الآخرين أو للابتزاز المالي،
وللأسف فإن المعالجات القضائية للدعاوى الكيدية تعجز عن الحد من هذه الدعاوى، رغم
تعليمات مجلس القضاء الأعلى لقضاة التحقيق بأن يتشدّدوا مع هذه الدعاوى، التي راح
ضحيتها العديد من الأبرياء في السجون والمعتقلات، ومن هنا ينبغي أن يمارس الادعاء
العام دوره في التصدي للدعاوى الكيدية والإخبار السري، الذي لا يستند إلى أدلة
قانونية.
وإزاء هذه الأرقام الكبيرة من المسجونين بتهمة تشابه
الأسماء، يعتقد المواطنون في الموصل أنهم مستهدفون لأسباب سياسية وطائفية، كون
الموصل أكبر مدينة سنية في العراق يكرهها الذين تدعمهم إيران ويقودهم جنرالاتها من
وراء الكواليس، ويرجعون إلى ذلك أيضا سبب تدمير مدينتهم بالنحو الذي دمرت به تحت
ذريعة محاربة داعش.
وموضوع التشابه في الأسماء ليس جديدا، وما يؤكد أنه
يتخذ ذريعة لتحقيق مآرب سياسية غير إنسانية وتصفية لحسابات ظاهرها سياسي وفي
باطنها الحقد الطائفي الأعمى، أن الآلاف من الشبان العراقيين زجوا في المعتقلات
تحت هذه الذريعة نفسها في أيام الاحتقان الطائفي في عامي 2006 و2007، إذ كان على
المعتقل أن يمضي مدة لا تقل عن ستة أشهر مهما قدم من إثباتات ووثائق رسمية سليمة
تؤكد أنه ليس الشخص المعني، وهذه الشهور الستة لم تكن مجانية فلا يوجد ما هو مجاني
في ظل حكم الميليشيات إلا الموت، إذ كان الابتزاز يجري على قدم وساق من أبسط منتسب
إلى أعلى سلطة قضائية، فتشابه الأسماء تجارة رابحة ومصدر رزق للفاسدين في الأجهزة
الأمنية.
لو كان الأمر يتعلق بسلامة الوطن فكلنا نشد على أيدي
الدولة لتحقيق الأمن ونقف معها بإخلاص في كل إجراءاتها، لكن أن يتحول الموضوع إلى
صيد ثمين أو غنيمة جاهزة أو تجارة رابحة تدر على القائمين عليها المزيد من السحت
الحرام وفرصة لإذلال من تشابه اسمه مع أسماء مطلوبين، فهذه جريمة منظمة بحق كرامة
المواطن وإنسانيته.
إن وجود 15 ألف سجين بذريعة تشابه الأسماء في المعتقلات
هو تعبير عن اختلال منظومة القيم الإنسانية في العراق ومؤشر على أن هناك سياسة
إرهابية تخرب المجتمع وتحوله إلى وحوش كاسرة، وتعد هذه أعظم حالة لانتهاك حقوق
الإنسان منذ الحرب العالمية الثانية، على حد وصف الإعلامي العراقي الدكتور هيثم
نعمان الهيتي.
روى لي الأمين العام لمؤتمر المغتربين العراقيين الدولي
عبدالمنعم الملا حادثة تبيّن اتهام الميليشيات الإيرانية لأهل الموصل بالإرهاب مع
سبق الإصرار والترصّد، إذ كان تنظيم داعش قد اعتقل الكثير من أبناء الموصل، وقتل
منهم من قتل، وكان قسم منهم يقبع في السجون عندما دخلت قوات “التحرير” إلى الموصل
وعثرت عليهم الميليشيات الإيرانية، التي كان ينبغي أن تطلق سراحهم لأنهم سجناء
داعش، ولكنها بدلا من ذلك قتلت منهم من قتلت ورحّلت من رحّلت إلى مطار المثنى حيث
مقر "حزب الدعوة"، الذي تتخذ منه المخابرات الإيرانية مقرا لها، وبعد أن
استقرت الأمور في الموصل بدأت هذه الميليشيات بمتابعة أرامل وأهالي من قتلوا وبدأت
ابتزازهم والاعتداء عليهم مقابل أن يعملوا معها كمخبرين ويزودونها بمعلومات، وإن
كانت كاذبة أو ملفقة، وقد اهتدت الميليشيات إلى هذه العائلات من خلال قوائم حصلت
عليها من مقرات داعش برغم أن الأخير اتبع سياسة التفخيخ والتفجير والحرق لجميع
مقراته، لكن الغرابة أنه ترك وراءه قوائم بأسماء جميع سجنائه ومن قتلهم، بالإضافة
إلى معلومات عن عائلاتهم، والأغرب من ذلك أن الميليشيات سهّلت الخروج لمن كانوا يعملون
مع داعش بأمان إلى خارج الموصل وقسم منهم إلى خارج العراق.
المنظمات الأممية وخاصة المهتمة بـ"حقوق الإنسان"
مطلوب منها التحرك السريع لإنقاذ أبناء الموصل من تشابه الأسماء الذي أضحى تهمة
تقود إلى الاعتقال أو القتل.
المصدر : العرب
28/10/1439
12/7/2018