بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما ، بعد :
فهذه معلومات أحببت أن أقدمها عن مدينتي حيفا العزيزة التي ينتمي إلى ثراها معظم " فلسطينيو العراق " وأنا منهم حيث أنهم قد هجروا منها عام 1948 إلى العراق .
وهذا جهد المقل نسال الله أن يكون مقبولا لدى جميع القراء وخاصة إخواني فلسطينيو العراق الذين أصابتهم الهجرة مرتين مرة من بلدهم الأصلية فلسطين الحبيبة والأخرى من بلدهم الثاني العراق ، ولكن ما يصبرنا أسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ترك مكة وهي أحب البقاع إليه ، نسال الله أن بعيد فلسطين إلى أهلها اللهم آمين .
تعرفة بمدينة حيفا :
تقع مدينة حيفا على ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال فلسطين عند التقاء دائرة عرض 32.49 شمالا وخط طول 35 شرقا وهي نقطة التقاء البحر المتوسط بكل من السهل وجبل الكرمل ، وهذا جعلها نقطة عبور إجبارية إذ يقل اتساع السهل الساحلي عن 200 متر كما أن موقعها جعل منها ميناء بحريا أصبح الأول في فلسطين ، كما جعل منها بوابة للعراق والأردن وسوريا الجنوبية عبر البحر المتوسط ، وهي ذات أهمية تجارية وعسكرية طوال فترة تاريخها ولهذا تعرضت إلى الأطماع الاستعمارية بدءا من الغزو الصليبي وحتى الاحتلال اليهودي.
وقد امتدت إليها خطوط السكك الحديدية لتربطها بالمدن الفلسطينية والعربية من غزة واللد إلى بيروت وطرابلس ودمشق.
أما اسمها فيرى البعض أن اسم حيفا جاء من كلمة " حفا " بمعني شاطئ بينما يرى ياقوت الحموي في معجم البلدان بأن الأصل مأخوذ من " حيفاء " وهي من الحيف بمعني الجور وقد تكون مأخوذة من " الحيفة " بمعنى الناحية ويرى البعض الآخر بأن الأصل في الحيفة المظلة أو المحمية وذلك لأن جبل الكرمل يحيط بها ويحميها ويظللها.
وقد وردت في الكتب القديمة باسم سكيمينوس وسماها الصليبيون باسم كيفا وأحيانا سيكامنيون وتعنى باليونانية " شجرة التوت " وربما يرجع ذلك إلى كثرة أشجار التوت في حيفا ودعاها الفرنجة باسم بروفيريا نظرا لكثرة الأحداث على سواحلها.
حيفا عبر التاريخ :
مدينة كنعانية قديمة من مدن ما قبل التاريخ مقامة على جبل الكرمل حيث عثر المنقبون على آثار حضارات العصر الحجري القديم بمراحله الثلاث (نصف مليون سنة إلى 15 ألف سنة ق.م) .
أولا : حيفا في العصور القديمة :
ما زال الغموض يكتنف نشوء المدينة إذ لم يستطع المؤرخون تحديد الفترة الزمنية التي نشأت فيها المدينة رغم أن معظم الحفريات الأثرية تشير إلى أن مناطق حوض شرق البحر الأبيض المتوسط كانت أحد أهم المناطق التي أقام فيها الإنسان حضارته نظرا لموقعها الجغرافي المتميز ومناخها المعتدل وخصوبة أرضها ووفرة المياه فيها وقد تبين من خلال الاكتشافات الأثرية في المدينة أنها كانت من المدن التي استوطنها الإنسان منذ أقدم العصور .
وعند شواطئ حيفا نشبت معركة بين الفلسطينيين والمصريين في عهد رمسيس ( 1191 ق.م ) امتلك الفلسطينيون بعدها الساحل من غزة إلى الجبل ولما استولى اليهود في عهد يوشع بن نون على فلسطين جعلت حيفا من حصة (سبط منسي)، أصبحت تابعة لحكم أشير أحد أسباط بني إسرائيل بعد سقوط الحكم الكنعاني .
وقد تقلبت عليها الأحوال فهدمت وخربت مرات كثيرة في عهود الأمم التي تقلبت على فلسطين كالآشوريين والكلدانيين والفرس واليونان والسلوقيين .
وفي عام ( 104 م) خضعت حيفا للحكم المصري.
ثانيا: الفتح العربي الإسلامي :
تم فتح حيفا في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وذلك على يد قائده عمرو بن العاص عام 633 م ونتيجة لذلك بدأت القبائل العربية بالاستقرار في فلسطين وعلى وجه الخصوص في مناطق الساحل الفلسطيني ، ومن أهم القبائل التي استقرت في منطقة حيفا قبيلة بن عامر بن لام في سهل مرج ابن عامر وقبيلة بن لام في منطقة كفر لام وبقيت حيفا جزءا من الدولة الإسلامية طيلة العهد الأموي والعباسي .
ثالثا: حيفا في عصر الغزو الفرنجي ( الحروب الصليبية ):
ضعفت الدولة العباسية في أواخر عهدها وعجز الخلفاء في السيطرة على أجزاء الدولة الإسلامية المترامية الأطراف الأمر الذي أدى إلى تمرد بعض الولاة و إعلان قيام دويلاتهم المستقلة عن الدولة الأم وهو ما يعرف في التاريخ " بعصر الدويلات " وقد ترتب على ذلك زيادة في ضعف الدولة الإسلامية وتشتتها وفرقتها مما حدا بالدول الأوروبية إلى إظهار مطامعها بأملاك الدولة الإسلامية من خلال محاولاتها السيطرة على أجزاء من أراضى هذه الدولة بحجة حماية المناطق المقدسة وقد أدت هذه الأطماع إلى القيام بعدد من الحملات .
ومع بدء الحملة الأولى على الشام بقيادة " جود فري " سقطت حيفا بيد الفرنجة عام 1110م على يد " تنكريد " أحد قادة هذه الحملة .
رابعا: حيفا في العهد العثماني :
انتقلت حيفا إلى العثمانيين في عهد سليم الأول ( 922هـ – 1516م ) وقد أشير إليها في مطلع العهد بأنها قرية في ناحية ساحل عتليت الغربي التابع لسنجق ( لواء ) اللجون أحد ألوية ولاية دمشق الشام .
بدأ العثمانيون منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر يعمرون ببطء وذكرت دفاتر التمليك (الطابو) أن قرية حيفا كانت ضمن قطاع آل طرباي الذين اصبحوا يعرفون باسم الأسرة الحارثية في مرج ابن عامر 885 – 1088ه / 1480- 1677م .
الاستيطان الألماني في مدينة حيفا :
بدأ هذا الاستيطان 1868م من قبل مجموعة عائلات ألمانية قادمة من جنوب غرب ألمانيا وقد أقام هؤلاء مستوطنة لهم في القسم الغربي من المدينة حيث زودوها بكل وسائل الرفاه والتنظيم ، فأقاموا المدارس الخاصة بهم وعبدوا الطرق وبنوا الحدائق ووفروا كل مرافق الخدمات العامة فيها ونتيجة لذلك بدأ عدد سكان المستعمرة في التزايد .
وتلاحق بناء المستوطنات الألمانية في منطقة الساحل حيث أقيمت مستعمرة ثانية عام 1869م في حيفا ثم مستعمرة ثالثة بجوار سابقتها أطلق عليها اسم شارونا وقد مهدت هذه المستوطنات في النهاية إلى إقامة أول حي ألماني على الطراز الحديث في المدينة وهو حي "كارملهايم" في جبل الكرمل .
لا شك أن الألمان ساهموا في تطور مدينة حيفا من خلال ما جلبوه من وسائل وأساليب زراعية حديثة إلا أنهم في الوقت نفسه كانوا يمثلون الحلقة الأولى من سلسلة الأطماع الاستعمارية التي أدت في النهاية إلى إقامة الكيان اليهودي الدخيل فوق الأرض الفلسطينية.
18/5/2009
إعداد : أحمد وليد الملحم
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"