تعددت المآسي والشتات والغربة لجميع اللاجئين الفلسطينيين في العراق واحدة ، هذا وصف مختصر لما تمر به تلك الأقلية ، حيث جانب من تلك المعاناة لا زالت شاخصة أمامنا في مخيم الوليد قي صحراء الأنباء غرب العراق حيث أكثر من 2000 فلسطيني .
الفلسطينية ندى إحسان ( 55 عام ) من فلسطينيي العراق تعاني من مرض سرطان الدم وتعيش على دواء اسمه ( Glivec ) وهو باهض الثمن وغير متوفر في العراق وسعره في إحدى الدول المجاورة 250 دولار للشريط الواحد وتحتاج منه ( 10-12 ) شريط شهريا .تم تقديم طلب لدى مفوضية شؤون اللاجئين عن طريق منظمة ( ICS ) لتوفير الدواء لها ولحالتين ثانيتين من الفلسطينيين في بغداد من نفس المرض ، حيث قدم الطلب في شهر آذار من عام 2007 من تبعه عدة طلبات أخرى لاحقا من ضمنها من قبل طبيب مخيم الوليد المقيم ، وقدمت طلبات توكيد على الموضوع لدى وفود المفوضية التي تزور مخيم الوليد بين الحين والآخر ، وخلال هذه الفترة كانت المريضة تذهب إلى بغداد لتعاطي بعض الحقن المسكنة وبعض الأدوية البديلة التي ولدت عندها أعراض جانبية لا سيما في معدتها .
وبعد معاناة سبعة شهور تم توفير الدواء لها فقط دون الحالتين الأخريتين ، وذهبت لاستلامه من مستشفى الطب النووي في بغداد ولكن بعد فوات الأوان ، حيث استخدمت منه شيئا قليلا لتلقى ربها وتفارق الحياة في يوم 1/10/2007 في مجمع البلديات بعد أن تفاقمت حالتها الصحية بسبب الأعراض الجانبية التي ولدتها الأدوية البديلة وتأخر العلاج الصحيح .
الفقيدة الفلسطينية ندى إحسان هي والدة الفقيد الشاب ليث يوسف وجيه الذي اغتالته إحدى الجماعات المسلحة في منطقة الدورة بعد أن اختطفته لمدة يومين وعثر على جثته بتاريخ 18/12/2006 .
وأيضا الفقيد ندى رحمها الله هي والدة الشاب لؤي يوسف وجيه الذي اعتقلته قوات من مركز شرطة البتاوين في شهر 11/2007 وقاموا بالتجوال به في سيارة الشرطة في منطقة الشعدون وسط بغداد وينادون ( فلسطيني للبيع ؟!!!) .
كانت الفلسطينية الفقيدة رحمها الله تعيش مع زوجها الفلسطيني يوسف وجيه وأبنائها في عمارة خاصة لسكن الفلسطينيين في شارع النضال وسط بغداد ، تم استئجارها من قبل مفوضية شؤون اللاجئين للمهجرين من الفلسطينيين بعد عام 2003 الذين أخرجوا بالقوة من مساكنهم ، وبعد الحادثة الشهيرة في يوم 23/1/2007 عندما اقتحمت قوات مغاوير الداخلية العمارة السكنية واعتدت بالضرب على سكانها واعتقلت 17 فلسطينيا من ضمنهم زوج الفقيدة ندى وهو يوسف وجيه ، ليغادر معظم سكانها بمن فيهم الفلسطينية ندى إحسان وعائلتها إلى مخيم الوليد الحدودي وبقيت العمارة فارغة لأنها أصبحت غير آمنة .
هذه قصة ونموذج تم الوقوف على بعض ملابساتها وهنالك المئات من تلك القصص وأمثالها تعكس المعاناة الحقيقية والنكبة الفعلية التي يمر بها فلسطينيي العراق في ظل صمت وسكوت وتفرج دولي وعربي وفلسطيني عليهم وقد تركوا ليواجهوا مصيرهم المجهول .