حرمة القرض المخصص في السويد للعوائل الفلسطينية القادمة من المخيمات

بواسطة قراءة 9137
حرمة القرض المخصص في السويد للعوائل الفلسطينية القادمة من المخيمات
حرمة القرض المخصص في السويد للعوائل الفلسطينية القادمة من المخيمات

بسم الله الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:

فان الله العليم الحكيم قد فرض فرائض وحرم منكرات وفي كل مصلحة وحكمة تنفع الخلق وتقيم حياتهم، ومن الأمور التي حرمها الله " كبيرة الربا " وكما ورد في الكتاب والسنة كانت هذه الكبيرة شديدة التحريم عظيمة الوعيد كما سيرد في هذا البحث فليكن المسلم على حذر من ارتكاب هذا المحرم ليفوز بعز الدنيا والآخرة .

فهنالك بعض المؤسسات الاجتماعية في السويد تقوم بإقراض العوائل الفلسطينية التي تم قبولها للإقامة في السويد كالذين كانوا في الهند وانتقلوا ، أو تلك العوائل التي ستغادر مخيم التنف والهول في الأيام القادمة ولما في هذا الأمر من آثام عظيمة فاقتضى منا التنبيه والتنويه للحكم الشرعي في ذلك .

بعد وصول الفرد أو العائلة يعطون مبلغ من المال مقابل كسوة منزلهم الذي يكون خالي من الحاجيات إلا أشياء قليلة ، على أن يكون السداد بعد عامين وكلما تأخر السداد تزداد الفوائد الربوية المترتبة عليه ، وكثير من المسلمين ندم لعدم إمكانية السداد وأصبح ثقلا يطارده ، وعليه فإننا ننصح أهلنا وأحبابنا الذين أنقذهم الله من المخيمات الصحراوية ومن المآسي والمعاناة التي كانوا عليها في العراق وما أعقبها من محن ، أن يشكروا الله على أن أنجاهم وبالشكر تدوم النعم ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) .

ولا يقول قائل نحن مضطرون ليس لدينا مال ولابد من كسوة المنزل ، في الحقيقة هذه كلها ليست من الضرورات بشيء فأنتم كنتم تعيشون في خيم وتمر عليكم الأمطار والبرد القارص والحر الشديد وصبرتم على هذه الأحوال ، والضرورة الفعلية هي التي يصل بها المسلم حد الموت أو الوقوع في المحرم فيأخذ قدره منه ، فهل ستصلون إلى حد الموت إذا لم تقترضوا هذه المبالغ ؟!!! الجواب كلا ، فعلى الجميع الانتباه لخطر هذا الأمر ومحاولة طلب الدين أو الصبر في البداية ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) .

وعليه فمن واجبنا أن نبين الحكم الشرعي لهذا القرض وخطورة الربا وننصح بعدم الانسياق والوقوع فيه ، ومن الله التوفيق .

مفهوم الربا : الربا في اللغة : الزيادة ، وربا الشيء يربو رُبُواً ورِباء زاد ونما ، و أربيته نميته.

 الربا اصطلاحاً : كل زيادة لم يقابلها عوض , أو الزيادة في أشياء مخصوصة ، وأصل الربا في الجاهلية هو ربا النسيئة فهم كانوا يتعاملون به ، فكان الرجل إذا أقرض آخر على أجل محدد ، فإذا جاء الأجل ولم يستطع الأداء قال له : تدفع أو ترابي فيزيده في نظير زيادة الأجل.

 قال الجصاص : الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به .

حكم الربا : وأخذ القرض بالربا حرام . وحرمة الربا معلوم من دين الإسلام بالضرورة ، ولا يجهله أحد وقد وردت فيه نصوص كثيرة ، قال عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279 ، وقال عز وجل : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/275 .

وثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن آكل الربا ومؤكله . رواه البخاري ( 5962 ) ، وآكل الربا آخذه ، ومؤكله معطيه ، وهذا من أصرح الأدلة على تحريمه ولعن الشيء يدل على تحريمه وعلى أنه كبيرة من الكبائر ، حيث أن اللعن هو الطرد من رحمة الله ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية" رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3375 ، وقال : ( الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه ) رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3537، ،وأما الإجماع فقد قال النووي : ( أجمع المسلمون على تحريم الربا وعلى أنه من الكبائر) ، وكل قرض اشترط فيه الزيادة فهو حرام قال الإمام مالك : كل شيء أعطيته إلى أجل فرد إليك مثله وزيادة فهو ربا ، وقال ابن تيمية : وليس له أن يشترط الزيادة على جميع الأموال باتفاق العلماء ، وحكى ابن قدامة الإجماع على تحريم الزيادة المشروطة ، فقال : وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف". وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك، إن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقال الباجي : ولا خلاف أن الزيادة ربا، وقال الشوكاني : وأما إذا كانت الزيادة مشروطة في العقد فتحرم اتفاقاً،  وهذا الإجماع يدل على أن اشتراط المقرض على المقترض زيادة على رأس المال في مدة معينة قدرها كذا من الأيام أو السنوات بنسبة كذا ، وهذا هو عين الربا المحرم شرعاً ،وللعلم أن تعاملات البنوك مع العملاء تندرج تحت ربا الجاهلية ( ربا النسيئة) وهو القرض بفائدة مشروطة ، وهذا محرم بالكتاب والسنة والإجماع.

فتوى الجنة الدائمة في حكم الربا :

وقد سئلت اللجنة الدائمة عن حكم الإسلام في أخذ قرض من البنك بالربا لبناء بيت متواضع؟
فأجابت :

يحرم أخذ قرض من البنوك وغيرها بربا سواء كان أخذ القرض للبناء أو للاستهلاك في طعام أو كسوة أو مصاريف علاج ، أم كان أخذه للتجارة به والكسب ، أم غير ذلك ، لعموم آيات النهي عن الربا ، وعموم الأحاديث الدالة على تحريمه ، كما إنه لا يجوز إيداع مال في البنوك ونحوها بالربا .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

فتاوى اللجنة الدائمة (13/385)

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغنينا وإياكم بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه .

عقوبة أكل الربا :

فقد ذكر اللّه تعالى لآكل الرّبا خمساً من العقوبات وذلك لاثم هذا الذنب العظيم ولما يترتب عليه من الضرر على أفراد المجتمع وعلاقاتهم الاجتماعية حيث تنعدم روح التكافل والتعاون والإيثار وتحل محلها روح الأنانية والاستغلال لوضعهم الحرج والثراء على حساب دماء الناس وعرقهم وتعبهم . ألا وهي :  

إحداها : التّخبّط. قال اللّه تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) .

الثّانية : المحق. قال تعالى : ( يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا ) والمراد الهلاك والاستئصال، وقيل ذهاب البركة والاستمتاع حتّى لا ينتفع به، ولا ولده بعده.

الثّالثة: الحرب.على أكل الربا قال اللّه تعالى : ( فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِه)  .

 الرّابعة  : الكفر. قال اللّه تعالى : ( وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) وقال سبحانه بعد ذكر الربا: ( وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) أي كفّارٍ باستحلال الرّبا، أثيمٍ فاجرٍ بأكل الرّبا.

الخامسة: الخلود في النّار. قال تعالى : (  وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .

 وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السّبع الموبقات قالوا: يارسول اللّه وما هنّ؟ قال: الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات .
وما رواه مسلم عن جابر بن عبد اللّه رضي الله تعالى عنهما قال: ( لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء).

فهل بعد هذا شك؟.

نسأل الله أن يهدي المسلمين إلى أن يجتنبوا هذا الإثم العظيم وكل المنكرات اللهم آمين .

 

27/4/2009

إعداد : اللجنة العلمية في موقع " فلسطينيو العراق "

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"