التجارة الإلكترونية .. ملاذ الفلسطينيين للهروب من قيود الاحتلال

بواسطة قراءة 729
التجارة الإلكترونية .. ملاذ الفلسطينيين للهروب من قيود الاحتلال
التجارة الإلكترونية .. ملاذ الفلسطينيين للهروب من قيود الاحتلال

التجارة الإلكترونية"، ورغم الظروف القاسية التي تعاني منها داخل الأراضي الفلسطينية من احتلال وانقسام وقلة الموارد وضعف البريد المحلي، قد شقت طريقها وتسير الآن وفق المخططات المرسومة لها، بعد أن كانت فلسطين لا تذكر في هذه التجارة التي تُنقل بين حواسيبها صفقات بمليارات الدولارات.

هذا النوع الوليد من التجارة الفلسطينية بات يستهوي الكثير من الشباب وخريجي الجامعات الذين اصطدموا بجدار البطالة، ووجدوا فيه رزقاً ولقمة عيش، رغم الصعوبات والمجهود الكبير الذي يتطلبه هذا العمل خلف الحاسوب أو الهاتف الشخصي.

والتجارة الإلكترونية هي بيع وشراء البضائع والخدمات والمعلومات بوسائل إلكترونية؛ حيث يلتقي البائعون والمشترون والسماسرة عبر هذا العالم الرقمي من خلال المواقع المختلفة؛ من أجل عرض السلع والخدمات والتعرف عليها، والتواصل والتفاوض والاتفاق على تفاصيل عمليات البيع والشراء.

 

نحو السوق التجاري العالمي

"مرتضى يعقوبي"، من سكان مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، وهو أحد العاملين في أول سوق إلكترونية تجارية أنشئ داخل الأراضي الفلسطينية وأطلق عليه "لازمك دوت كوم"، وكان برفقة العشرات من الشبان الذين أسهموا في هذه السوق التجارية الإلكترونية لتطويرها والاستفادة منها مالياً.

ويقول يعقوبي لـ"الخليج أونلاين" إن فكرة السوق بدأت حين وجدنا الكثير من الطلبات تصلنا من خلال الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حول الكثير من المنتجات الفلسطينية التراثية والشعبية وحتى الأدوية والملابس وأسعارها وكذلك إمكانية الحصول عليها.

ويتابع حديثه: "من هذا الأمر بدأت فكرة القائمين على السوق تتطور تدريجياً، وتبحث عن مكان تعرَض فيه البضائع والمنتجات الفلسطينية وغيرها لرواد الفضاء الإلكتروني، مع توفير الأسعار وكيفية الدفع المسبق، وحتى موعد وكيفية إرسال المنتج للزبون وتفصيل البيع والشراء".

ويلفت إلى أن الفكرة تشكلت في سوق إلكترونية تتماشى مع متطلبات الفضاء والرواد، ولو ببطء، مع عالم التجارة والتسوق الإلكتروني العالمي، الذي تجاوزت حجم تبادلاته التجارية أكثر من 28 تريليون دولار.

وذكر أن عمليات الدفع والشراء تجري من خلال البطاقات البنكية أو بطاقات التسوق عبر الإنترنت، أو من خلال 4000 نقطة دفع تابعة لشركة "باي بال"، أو من خلال تطبيق موبايل بنكي أو الإنترنت البنكي أو خيار الدفع عند التسلم.

وعن العقبات التي تمنع تطور هذه التجارة الحديثة داخل فلسطين، يجيب: "أبرز تلك العقبات تكمن في الاحتلال الذي يحاول دائماً بكل الطرق تكبيل الاقتصاد الفلسطيني ومنع نموه، إضافة إلى سيطرته الكاملة على البريد الفلسطيني الذي يوصل المنتج إلى الزبون أو العكس".

ويلفت إلى أن مراقبة الاحتلال للبريد والتضييق عليه، وحجز الآلاف من الطرود يعد أكبر وأهم الأسباب التي تعيق تطور هذه التجارة الواعدة داخل الأراضي الفلسطينية.

عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إضافة إلى الانقسام الداخلي والتقسيم بين غزة والضفة، وعدم تطور البريد المحلي، وغياب البيئة القانونية لتنظيم تلك التجارة، وعدم وعي المواطنين بها، تعد من ضمن الأسباب الهامة التي تحوْل دون انتشار التجارة الإلكترونية في المجتمع الفلسطيني، وفق حديث يعقوبي.

وبسؤال "الخليج أونلاين" عن أرباح صفقات البيع والشراء التي تتم عبر الأسواق التجارية، يؤكد أنها ضعيفة نوعاً ما، وتكاد لا تصل إلى 80 ألف دولار في العام، لكنه أوضح أن هذه التجارة تتطور تدريجياً، وأصبح لفلسطين اسم ورقم فيها بعد أن كانت مغيبة تماماً.

أرقام الإحصائيات الرسمية تشير إلى زيادة في البريد الدولي الوارد المسجل، وأن أعداد الطرود البريدية التي تصل إلى فلسطين ازدادت نحو عشرة أضعاف، وهناك 10 أطنان بريد تصل يومياً، 90% منها تُصنف تحت بند التجارة الإلكترونية.

وتعد الأجهزة الإلكترونية والمواد التجميلية والملابس والعطور وأدوات الزينة وأدوية تخفيف الوزن الأكثر إقبالاً من متسوقي الإنترنت في الأراضي الفلسطينية، وذلك حسب ما صرح به القائم بأعمال مدير عام البريد الفلسطيني فتحي شباك.

وأظهرت إحصاءات مكتب البريد الفلسطيني أن حجم الواردات زاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ووصل عام 2018 إلى 428689 بريداً عادياً، كما وصل 73636 بريداً مسجلاً (أي يحمل رقماً تتبع من المنتج إلى المستهلك)، و44 ألف بريد حكومي، و 1492 بريداً سريعاً، كما وصل 29436 طرداً موزعة على مطبوعات ومجلدات ورزم وطرود وبرقيات خارجية.

وتعتبر الصين ودول شرق آسيا هي المصدر الرئيس للسلع المباعة من خلال التجارة الإلكترونية إلى الأراضي الفلسطينية، وتشكّل البضائع الواردة من الصين نحو 70% من حجم البريد الفلسطيني الوارد.

أرباح وهروب من طابور الباطلة

أبواب التجارة الإلكترونية لم تُفتح فقط بالضفة، فهناك الآلاف من المواطنين في قطاع غزة واكبوا هذه التجارة، وأصبحوا رواداً فيها، كما جرى مع المواطن شادي اليازجي، خريج برمجة حاسوب من جامعات قطاع غزة، والذي أكد أن هذا الباب كان ملاذاً لآلاف الخريجين الذي أنقذهم من الفقر.

ويضيف اليازجي، الذي يعمل ضمن طاقم شركة "دوبلي" للتجارة الإلكترونية، لـ"الخليج أونلاين"، أن هذه التجارة تحتاج إلى لغة إنجليزية ممتازة، إضافة إلى إلمام واسع بالإنترنت والمواقع الربحية، وهناك شركات تقدم 600 دولار لأي عضو جديد فيها لحثه على العمل من خلال التجارة والتسويق لحسابها من خلال الإعلانات والمشتركين.

ويلفت اليازجي إلى أن هذه التجارة بدأت تزدهر تدريجياً داخل الأراضي الفلسطينية وتجد قبولاً، خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشها المواطنون من حصار إسرائيلي وضغوط اجتماعية واقتصادية وأصبحت الآن ملاذاً أخيراً وجيداً لمواطنين.

الخبير الاقتصادي ماهر الطباع أكد أن مجال التسوق والتجارة الإلكترونية بدأت تأخذ منحيات متصاعدة داخل الأراضي الفلسطينية، وتحظى باهتمام فئة الشباب لمواكبة هذا التقدم رغم المخاطر التي تحيط به.

وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، يوضح أن هذه التجارة تشكل فرصة استثمارية لا يمكن تضييعها، خاصة أن الأرباح التي يجنون منها تصل من 100- 3000 دولار، وأكثر مضمونة وقد تصلهم كل أسبوع أو كل شهر، وذلك حسب نوع العمل.

وذكر أن هذا النوع من التجارة يغلب عليه الطابع الفردي لا المنظم عبر أشخاص أو شركات، موضحاً أنه في حال ازدهر الاقتصاد الفلسطيني واستقر الوضع السياسي، وفتحت السوقة الفلسطينية للخارج، فسيكون لهذه التجارة شأن كبير وأرباح تصل إلى مئات ملايين الدولارات.

الجدير ذكره أنه في شهر سبتمبر 2016، أكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، علام موسى، توقيع "اتفاق فلسطيني- "إسرائيلي"" يسمح بوصول البريد الفلسطيني مباشرة عبر الجانب الأردني، بدلاً من الجانب "الإسرائيلي"، ليُنهي بذلك سنوات حرمان الخزينة الفلسطينية من الاستفادة من عائدات البريد، التي تُقدر بملايين الدولارات سنوياً، وهي التي كانت تجبيها "إسرائيل".

وبحسب الاتفاق الموقع في حينه، فستوفَّر طريقة تحاسب البريد الفلسطيني مع اتحاد البريد العالمي"UPU"، ووضع فلسطين على الخارطة العالمية في مجال البريد، وهو ما من شأنه أن يحقق انفتاحاً على العالم، وتوسعاً في النشاط البريدي من وإلى فلسطين، غير أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن، بسبب التهرب "الإسرائيلي" بدعوى عدم الجاهزية.

  

المصدر : الخليج أونلاين

9/8/1440

14/4/2019