أفادنا مصدر مطلع من مدينة نورشوبنغ السويدية قبل قليل لموقع " فلسطينيو العراق " بتأخر استلام جثة الفقيد الفلسطيني خالد الجمل ( أبو مصطفى ) رحمه الله الذي وافاه الأجل مساء السبت الموافق 11/4/2009 ، حيث كان يفترض تسليم الجثة هذا اليوم الثلاثاء الموافق 14/4/2009 ولم يحدد وقت تسليمها لذويه .
ولرصد ما يعانيه الفلسطيني أينما تواجد في حياته أو بعد مماته إليكم التقرير التالي :
أصبحت المعاناة شبحاً يلاحق الفلسطيني أينما حل و أينما ارتحل، فالدول العربية التي تسبب معظمها عبر اتفاقيات سرية مع بريطانيا قبل عام 1948م في المعاناة الأولى للفلسطينيين، من خلال الاتفاق الإجرامي على تهجير أهل فلسطين من بلادهم و إحلال اليهود من شتى بقاع الأرض محلهم، هذه الدول العربية تغلق حدودها اليوم في وجه هذا الإنسان الذي ساعدت في الماضي على تهجيره، و الدول التي بقيت فيها من الفلسطينيين بقية تعاملهم ليس كمواطنين من الدرجة الثانية أو حتى العاشرة، بل كلاجئين من أدنى درجة .
و لسنا بحاجة إلى ضرب أمثلة بأكثر من لبنان التي يمنع الفلسطيني فيها من كل الحقوق الإنسانية و على رأسها السكن و العمل، أو مصر التي تصدر للفلسطيني وثائق سفر مكتوب فيها بأنه لا يحق له دخول مصر بها !! .
و أمام ذلك لم يجد الفلسطيني أمامه سوى الفرار و ليس الهجرة إلى بلاد الغرب ليستبدل هناك - و لعل هذا هو سبب التضييق عليه - جنسيته التي أصبحت السبب الوحيد لمعاناته .
فبدأت أفواج الفلسطينيين تفر من الذل و المهانة في بلاد العرب إلى حيث ظنوا أنها بلاد الحرية و السعادة و التراحم و حقوق الإنسان و حرية الأديان، و حين كانوا يدخلون إلى تلك البلدان كانوا يقابَلون مقابلة (خاصة) جداً، فالفلسطيني هو الوحيد الذي يشدد عليه في التحقيق و يتم تأخيره ربما لسنوات حتى يحصل على أوراق تثبت براءته من تهمة كونه فلسطيني .
و يبدو أن ملاحقة المعاناة للفلسطيني لم تعد تقتصر على حياته، بل هي معه حتى الموت، بل حتى ما بعد الموت ، و الحالة التي نعرضها اليوم تتعلق بفلسطيني فر من العراق بعد (تحريره) ! من قبل الأمريكيين و حكمه من قبل الشيعة الموالين لأهل البيت الأبيض وللدولة الصفوية في إيران ، حيث جرى استهداف الفلسطينيين هناك و أجريت دماءهم أنهاراً، و مورست معهم أبشع صور التعذيب و التهجير و القتل بذات السبب الذي لا يعدو أنهم فلسطينيون .
ألقى خالد محمود الجمل بمرساة زورق الفرار إلى سواحل السويد، تلك الدولة التي يشار إليها على أنها أوسع دول العالم و أرحبها صدراً في مجال الحرية و مراعاة حقوق الإنسان، و بدأ معه (المسلسل) الذي يمر به الفلسطيني في كل مكان حل فيه، حتى ظن أنه لم يخرج من دول (الصمود و التصدي و القومية و تحرير فلسطين) حيث جرى تأخيره في الوقت الذي كان الرافضي العراقي الطائفي الصفوي الذي تقطر يداه من دم الفلسطيني يأتي إلى السويد فيحصل على الإقامة في مدة لا تزيد على خمسة عشر يوماً، و لم يكن يطالب بأكثر من ورقة تثبت أنه عراقي ، و حتى عند غياب تلك الورقة كانوا يجرون له اختباراً شكلياً لا يتعدى العشر دقائق ليوافقوا له على طلبه دون مشقة.
و بعد تلك المعاناة و الصبر و بعد تأخر وصول عائلته إلى ما يقارب السنة حضر أجل خالد فتوفاه الله تعالى يوم السبت 11/04/2009 .
و بدأت هنا معاناة جديدة لخالد .. هل يصدق عاقل ذلك ؟ تحولت دولة السويد ذات الرئة الواسعة لتنفس هواء الحرية إلى دولة من دول ما يسمى بالعالم الثالث في لحظة، و هناك حقيقة بات يعرفها من يعيش في السويد اليوم من المسلمين، مفادها أن العنصرية المطعمة بمعاداة الإسلام تجري ممارستها على نطاق واسع في البلاد و وفق برامج و مناهج و ليس بسذاجة أو (هَبَل) كما هو الحال في دول أخرى، فكيف و الرجل فلسطيني ؟؟ هذه التهمة العظيمة تكفي لاعتقال جثة خالد الجمل في المستشفى و عدم الافراج عنها حتى بكفالة ! .
لقد كان من المفترض أن يتم تسليم جثة المرحوم بإذن الله خالد الجمل في اليوم الذي توفي فيه، و على الأخص أنه مات رحمه الله بين يدي فريق الإسعاف، لكنهم احتجوا بما يسمى عيد الفصح ليؤجلوا تسليم الجثة إلى يوم الثلاثاء التالي، و لم يكتفوا بذلك، إذ المفترض في مثل هذه الحال و هم يعرفون ذلك جيداً الاتصال مباشرة بالمركز الإسلامي لأن المتوفى مسلم و لا يجوز - وفق قانونهم المطاط - إجراء أي تصرف قبل وصول ممثل المسلمين، لكنهم دعوا أحد القساوسة و إحدى القسيسات و قاما بعمل المراسم النصرانية عند جثة المتوفى المسلم من إيقاد الشموع و وضع الزهور و غيرها، حتى حضر مسؤول المركز الإسلامي الذي لم يتصلوا هم به و أزال الشموع و باقي الأمور و أبدى انزعاجه من ذلك .
اليوم هو الثلاثاء و هو اليوم الذي وعد فيه المسؤولون عن المستشفى أهل المتوفى أن يسلموهم فيه الجثة المعتقلة دون سبب وجيه، لكنا فوجئنا اليوم بتأجيل الموعد إلى يوم الأربعاء أو الخميس أو ربما أبعد كما قالوا .. و لا حول و لا قوة إلا بالله .
إنه الفلسطيني الملاحق، و الذي تذوب الحرية و حقوق الإنسان و حرية الأديان حين يكون طرفاً في أي مشكلة، لأنه هو نفسه مشكلة لا حل لها إلا في اليوم الذي يعلن الفلسطيني فيه أنه لم يعد فلسطينياً .
رحمك الله يا أبا مصطفى يا فقيد الغربة ، لا تحزن .. فلقد خرجت من هذه الدنيا دون أن تعلن بأنك لم تعد فلسطينياً، و لعل عزاءك أن يكون في رحمة أرحم الراحمين .
هذا الخبر حصري لموقع " فلسطينيو العراق "
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"