صحيفة باس الكردية في العراق تجري لقاء مع الأستاذ أيمن الشعبان

بواسطة قراءة 6173
صحيفة باس الكردية في العراق تجري لقاء مع الأستاذ أيمن الشعبان
صحيفة باس الكردية في العراق تجري لقاء مع الأستاذ أيمن الشعبان

أجرت صحيفة باس الكردية التي تصدر في العراق لقاء وحوار مع الأستاذ الشيخ أيمن الشعبان الباحث والمتخصص بشأن الفلسطينيين في العراق في عددها 54 والصادر بتاريخ 26/7/2011 ، وأجرى اللقاء الأستاذ الصحفي هزار محوي ، وفيما يلي محاور اللقاء :

س1: كيف تقيمون عميلة غزو العراق في سنة 2003، وهل تسمونه احتلالا ام انه تحرير، و لماذا ؟ .

ج1/ احتلال العراق عام 2003 فاجعة كبرى ومصيبة عظمى، بحق الأمتين الإسلامية والعربية؛ لأن العراق ذو تاريخ عريق وحضارة قديمة، ولدوره الهام في التاريخ الإسلامي، لاسيما الخلافة العباسية، ولمكانة العراق عسكريا وجغرافيا واقتصاديا وسياسيا بل وثقافيا واجتماعيا .

ما حصل من غزو للعراق عام 2003 هو بحق احتلال بكل المقاييس، ولا تغير التسميات حقائق المسميات إطلاقا .التحرير من التسلط والطغيان، لا يأتي من قبل قوى خارجية عدائية لها أجندة خاصة واستراتيجيات معروفة واضحة، ولا يمكن للتحرير أن يأتي ببدائل أسوأ من سابقاتها لو قلنا جدلا ومن باب التنزل بأنه تحرير !! .

على أية حال الاحتلال لا يأتي بخير إطلاقا، خصوصا أن العراق بشكل عام - بغض النظر عن قيادته أو حكومته – له مواقف مشرفة إزاء قضايا الأمة قديما وحديثا، بالإضافة لموقعه الجغرافي الاستراتيجي، وأنه سد منيع للبوابة الشرقية لأمتنا العربية ضد أي اعتداء خارجي، ولا ننسى مساحة العراق الشاسعة وثرواته وخيراته الكثيرة، مع استحضارنا بأن العراق بلد العلماء والكفاءات والأكاديميين بمختلف العلوم، وهذا لا يروق لأي قوى خارجية أجنبية، لاسيما التي تعاني من أزمات داخلية سياسية واقتصادية، ما يقودها للبحث عن بدائل وحلول على حساب دمار دول إسلامية أو عربية، بدعاوى وشعارات التحرير وإنقاذ البلاد من الديكتاتور وتحقيق الديمقراطية المزعومة، والحفاظ على الأقليات وحقوق الإنسان!! والنتيجة بالعموم قتل ودمار وتخريب وتشريد وتهجير ونهب للثروات وإذلال وإهانة وتخلف وتسلط أكثر من ذي قبل، فالأحكام بالنتائج والآثار لا بالدعاوى والشعارات .

س2: كيف كان المشهد لفلسطينيي العراق قبل و بعد 2003 في العراق ؟ .

ج/ يرجع الوجود الفلسطيني في العراق لعام 1948، بعد تهجير العصابات اليهودية لأكثر من 700 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، ليصل منهم قرابة 5000 فلسطيني إلى العراق، بعد طلب استضافتهم من قبل الملكة عالية أثناء زيارتها وتجوالها لمواقع الجيش العراقي في مدينة جنين .

منذ عام 1948 ولغاية 2003 ، عاش الفلسطينيون مع أشقائهم العراقيين بجميع مراحل حياتهم بما فيها من أفراح ومسرات أو أتراح ومعاناة، ومع قلة عددهم أصبحوا جزء من النسيج الاجتماعي العراقي، وتأثروا واكتسبوا العديد من الصفات العراقية الأصيلة؛ كالشجاعة والنخوة والكرم وغيرها .

ومع مرور العراق سياسيا وعسكريا واقتصاديا بالعديد من المراحل بين مد وجزر، انعكس ذلك بطبيعة الحال على الوجود الفلسطيني سلبا أو إيجابا، مع اختلاف ونقلات من حيث قوانين التعامل والتوصيف القانوني للاجئ الفلسطيني، ومشكلة السكن المتفاقمة، إلا أن الفلسطيني عاش حياته الطبيعية ولو بالحد الأدنى، ولم تكن هنالك عنصرية ظاهرة تجاهه، ولم يتعرض لاستهداف مباشر كونه فلسطيني، وهذه نقطة جوهرية ومفصلية ظهرت آثارها وتبعاتها بعد عام 2003 !! .

بعد غزو العراق واحتلاله عام 2003، كانت صدمة كبرى وموقف عصيب، وترقب وحذر شديد خلال الأشهر الأولى، لعدم معرفة الواقع الجديد وما الذي سيتمخض عنه، وبعد ظهور تشكيل ملامح الدولة الطائفية بما فيها من أحزاب، بدأ القلق والخوف يخيم على حياة قرابة 25000 لاجئ فلسطيني، لأنهم الحلقة الأضعف بهذه المعادلة الجديدة وبدأت المحنة وانعدام الأمن والأمان والاستهداف المباشر، وكأن أجندة فئوية خارجية تقف وراء ذلك باعتبار عروبة الفلسطيني من الناحية القومية، وسنيته من الناحية الطائفية، مع تعرض كثير من العراقيين لهذه الفتنة، لكن قد يجد العراقي بدائل تقيه وتحميه شر تلك الاستهدافات، من عشيرة أو تكتل أو حزب أو قومية أو طائفة أو تنقل داخلي بل حتى تنقل إلى خارج العراق، في الوقت الذي لا يستطيع فيه الفلسطيني أن ينتقل داخليا أو خارجيا، مع ضعف الموقف الرسمي الفلسطيني وشبه انعدام الجانب الإعلامي وترك اللاجئ الفلسطيني في العراق مواجهة مصيره المجهول لوحده، ما أدى لمضاعفة المشكلة وتزايد الأعباء .

س3: من هي الجماعات و الجهات المتهمة بقتل واضطهاد الفلسطينيين في العراق بعد احداث  2003، هل كان لجيش المهدي الفك الأكبر في تقويضكم ؟ . وهل تتعرضون للإبادة ؟ .

ج3/ بكل حيادية وإنصاف وبعد تتبع الأحداث وتوثيقها ودراستها وتحليلها، بعيدا عن أي تحزب أو تسييس ومن قلب الحدث؛ ثبت بأن الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران وراء استهداف وتهجير وقتل وتشريد الفلسطينيين في العراق، وبمساندة ودعم أو تهاون وغض النظر من قبل القوات الحكومية العراقية وأحيانا بصمت أو تسهيل من قبل المحتل الأمريكي .

ومن خلال تتبع الأحداث وملابساتها بدقة وعمليات الخطف والتعذيب والقتل والتهديد والوعيد الشديد، ظهر لنا جليا أن ميليشيا جيش المهدي كان لها النصيب الأكبر من تلك الانتهاكات، وهذه حقيقة نقولها بكل تجرد لله ثم للتاريخ ولدينا جميع الاثباتات لذلك، وعليه فهم يتحملون المسؤولية الشرعية والقانونية والأخلاقية بقتل وتهجير ثلثي اللاجئين في العراق، والتي لا زالت آثارها وأضرارها لحد هذه اللحظات، ونعتقد أنها لا تخدم إلا الغاصب اليهودي لأرضنا فلسطين وكذلك المحتل الأمريكي في العراق ! .

ما تعرض له اللاجئ الفلسطيني بعد عام 2003 بحق إبادة جماعية ، وإلا كيف نفسر تهجير أكثر من ثلثي العدد لدول غالبيتها أجنبية؟!! وتقطع أوصال العائلات بعد أن كانوا جميعا في محافظة أو محافظتين على أكبر تقدير؛ وأصبحوا الآن في أكثر من ثلاثين دولة ، بل العائلة الواحدة تجزأت لست أو سبع دول !! .

عندما تهجر الآباء والأجداد من قرى قضاء حيفا عام 1948، خرجوا كتلة واحدة وانتقلوا إلى العراق، لكن هذا التهجير الجديد أضاع الأجيال وشتت العوائل وطمس المعالم وفكك الأسر بين قارات العالم، واندثار مقومات هذا المجتمع، فكان الأجدر بتلك الميليشيات أو الدول التي تدعمها وتدعي نصرة قضية فلسطين، المحافظة على تلك الأقلية المستضعفة في العراق، والعمل على إرجاعهم لأرضهم فلسطين، أو على الأقل إبقائهم ضمن محيطهم الإسلامي العربي ، لا العكس ! .

س4: يقال ان الفلسطينين كانوا في عهد صدام يتمتعون بامتيازات كبيرة و هذا ما جعلهم عرضة للاظطهاد، ما هي امتيازاتكم في عهد صدام حسين ؟ .

ج4/ هذا اعتقاد خاطئ وغير صحيح، فأقصى تعامل للفلسطيني في زمن صدام أن يعامل كالعراقي بالواجبات والحقوق دون الجنسية والانتخابات، وعلى أرض الواقع هذا لم يحصل إلا بفترات وجيزة، والدليل على ذلك عدة وزارات ومؤسسات حساسة لا يسمح للفلسطيني مجرد الدخول إليها !! وفي عام 1994 صدر قرار بعدم السماح لأي عربي تملك عقار أو إيجار مسكن أو تسجيل خط هاتف باسمه أو تسجيل سيارة وغيرها، بعد تدهور الدينار العراقي وكثرة شراء العرب القادمين من خارج العراق، وكان المتضرر الأكبر من هذا القرار هو الفلسطيني المتواجد في العراق لأنه مشمول بالقرار .

فكيف كان للفلسطيني امتيازات ولم تحل مشكلة السكن لقرابة 50% من العائلات؟! وأين الامتيازات عندما زار وزير العمل السابق أحمد الحبوبي عام 1967 مجمع الزعفرانية ورفع تقريرا لمجلس الوزراء قال فيه: هالني ما رأيت حيث شاهدت قبور يسكنها أحياء !! وهذه المساكن لا زالت شاخصة لحد الآن !! فأين الامتيازات ؟! هل بالبطاقة التموينية أو السماح بالدراسة المجانية والعلاج الصحي وما شابه ذلك مما كان يحق لكل عراقي فيه .

عندما نقول امتيازات يجب أن نثبت حقائق تميز بها الفلسطيني عن شقيقه العراقي في تلك الحقبة، وهنالك بديهية تقول" الكلية الموجبة تنقضها جزئية سالبة " وهنالك العديد من الجزئيات التي كان يعاني منها الفلسطيني سابقا واستمرت في عهد صدام؛ منها حرية التنقل وتملك العقارات ومشكلة السكن وغيرها، لكن رغم ذلك تأقلم الفلسطيني وكان يعيش حياة آمنة مستقرة بعيدا عن منغصات الحياة المعيشية والاقتصادية بسبب الظرف العام للبلاد .

س5: فلسطينيوا العراق متهمون بانهم قاتلوا الكرد في انتفاضة 1991 و قبلها و بعدها و قمعوا الشيعة في العراق، هل هذا ما قمتم به رغما عنكم ؟ .

ج5/ الإعلام له دور كبير في صنع الحدث وجعل الوهم شائعة ثم حقيقة، ليبنى عليها مواقف تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، وربنا جل وعلا يقول ( وإذا قلتم فاعدلوا ) فالعدل مطلوب بل واجب في جميع الاعتقادات والأقوال والأفعال، وهذه شائعة ودعاية كسابقاتها الغرض منها النيل من تلك الأقلية التي لها قضية تدافع عنها، ومحاولة صرفها عن قضيتها وإشغالها بأشياء جانبية بعيدة عن حقيقة الصراع مع أعدائنا، ونجحوا للأسف إلى حد ما في تمرير ما يريدون .

فلسطينيو العراق لا يتجاوز عددهم 25000 فلسطيني، ولو قلنا بأن نصفهم نساء والربع أطفال وكبار السن، فلا يبقى إلا 5000 آلاف تقريبا من الرجال والشباب، وبطبيعة الحال وأنا عاصرت تلك الأحداث وكنت في بغداد، تقريبا جميع من نعرفهم كانوا متواجدين في بغداد آنذاك، فكيف يساهم أفراد معدودين بالقمع وقد سقطت 14 محافظة في حينها؟! فيجب أن نكون واقعيين ومنصفين ومنطقيين، ولو حصل أن ساهم أو شارك فرد أو حتى أفراد قلة جدلا وتنزلا فهل يمثلون عموم الفلسطينيين؟! فلابد من الشفافية والإنصاف في إصدار أي حكم على الآخرين .

فلو أن كردي قتل فلسطيني لأي سبب كان، فهل يصح أن نقول أن الأكراد ساهموا في قمع واضطهاد الفلسطينيين في العراق؟!! والأحكام دائما تؤخذ بالغالب لا بالاستثناءات هذا على فرض حصول استثناءات .

فالحقيقة التي لا مناص عنها، أننا كنا نعتبر أنفسنا ضيوف على الشعب العراقي بأكمله، ووجودنا في العراق وجود اضطراري وليس اختياري بعد تعرض قرانا للتهديم والخراب، ولم نقف بيوم من الأيام مع فئة على أخرى أو أقلية ضد غيرها، وكانت علاقاتنا جيدة مع جميع مكونات المجتمع العراقي، من شيعة وسنة وكرد وتركمان وغيرهم، وكان لدينا العديد من الأصحاب الكرد والشيعة في الدراسة والعمل وغيرها، لكن بعد عام 2003 واللعب على الوتر الطائفي والقومي، ساهم وساعد في بروز هذه الأقاويل لتحقيق بعض أهداف الأحزاب المتنفذة وخدمة لأجندة خارجية لا تريد للعراق ولا أهله الخير، ولو كان هنالك حالات شاذة من أفراد انتفاعيين ومصلحيين فهذا لا يمثل الموقف الفلسطيني بشكل عام .

س6: هنالك مطالبات ليهود العراق لاسترجاع املاكهم من العراق، هل يحق هذا لهم، ما موقفكم.؟ خصوصا تقدر هذه الاملاك ب 10 مليارات و يطالبون بالتعويض عنها ؟ .

ج6/ إذا كانت المطالبات بإرجاع الحقوق لأهلها بعيدا عن الضغوط الأمريكية والمكاسب السياسية، فقد كفل الإسلام حقوق الغير لاسيما غير الحربيين منهم، وقد عاش اليهود والنصارى أفضل مراحل حياتهم في كنف الدولة الإسلامية بعد تحريرها على يد القائد المسلم الكردي صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، لكن لابد قبل تلك المطالبات من إرجاع حقوق الفلسطينيين المسلوبة والمغتصبة من قبل اليهود، ولما كانت الأمة الإسلامية أمة واحدة وكذلك الدول العربية والجميع يدعون أن قضية فلسطين هي القضية المركزية للجميع فلابد من موقف موحد وحازم من قبل الجميع للمطالبة باسترجاع جميع ممتلكات وأراضي وحقوق الفلسطينيين المحتلة من قبل العصابات اليهودية، وللأسف لم يكن لليهود المطالبة بذلك لولا احتلال العراق وتكوين حكومة ضعيفة مثقلة بالمشكال الداخلية والخارجية، وبالتالي ليس لها أي حسابات أو أولويات بما يخص قضية فلسطين بل قد يكون موقفهم سلبي من أي حل نهائي للقضية مستقبلا لعدم استقلالية القرار والموقف! .

أما موقفنا فنحن الأولى بالمطالبة بحقوقنا المغتصبة والمسلوبة من قبل الكيان الصهيوني مع التعويض عن كافة الأضرار المادية والمعنوية لأكثر من ستة عقود مضت ، وعندها فديننا الحنيف قد تكفل بحقوق الجميع من غير ظلم أو إجحاف ، لكن عليهم استشعار حقيقة الظلم الذي ارتكبوه بحق الفلسطينيين قبل المطالبة بحقوقهم، ونحن نطالب الشعب العراقي بكل مكوناته وكذلك الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتهم تجاه قضية فلسطين والمطالبة بحقوق الفلسطينيين قبل فتح أي باب للنقاش أو الحوار بما يخص يهود العراق .

س7: كيف يرى فلسطينيو العراق صدام حسين، هل تنظرون اليه كقائد و ممجد الامة العربية، ام مقامر ال العراق الى ما ال اليه و لم يكن قائدا حتى ؟ و هل استحق الإعدام ؟ .

ج7/ بطبيعة الحال فلسطينيو العراق كسائر الشعوب العربية بل هم جزء من تلك المجتمعات، فيهم جميع التوجهات تقريبا فمنهم من يرى في شخص صدام حسين قائد الأمة وبطل قومي وصانع أمجاد العرب، ومنهم من يرى عكس ذلك، لكن أنا أقول هو قائد له سلبيات وإيجابيات؛ فمن قبيل التعنت بالرأي والاندفاع والاستعجال وعدم حسابات دقيقة واضطراب بالسياسة الخارجية والتسلط وعدم الاستفادة من آراء الآخرين وغيرها من الأمور هذه تعتبر سلبيات، لكن بعيدا عن ذلك أسس جيشا قويا وبنية تحتية وبنى مؤسسات دولة بحيث كانت دولة كفاءات ومهنية مع وجود ثغرات، أضف لذلك مواقفه ولو المعلنة والإعلامية إزاء قضية فلسطين في ظل تقهقر وتراجع في المواقف العربية والإسلامية، حتى وصل حال الفلسطيني إلى اليأس والإحباط كان الكثير يرون في تصريحات صدام حسين محفزا ومشجعا لبقاء شيء من الأمل بعد الله عز وجل في استرداد حقوق الفلسطينيين الضائعة، لكن لا نرى تحرير فلسطين من الكويت بطبيعة الحال، وقد استعجل وأعطى مبررات عديدة في ما آلت إليه أحوال العراق سابقا ولاحقا، مع أننا لا ننسى ولا نغفل المؤامرة الكبيرة القديمة لإيصال العراق لما وصل له، والمستفيد الأكبر من ذلك اليهود وأمريكا وحلفائها والدولة الصفوية ذات التمدد والتوسع الإقليمي في المنطقة المتمثلة بإيران، وهنا نعرف جميعا مدى إيجابية صدام حسين في تأخر وإيقاف التمدد الفارسي لعدة سنوات!! بغض النظر عن الملابسات والدوافع والحيثيات في حينها، لأن الأمور بالنتائج والآثار .

إعدام صدام كان سياسي أكثر منه قضائي، ومن جهة أخرى لو وضعنا ما ارتكبه صدام من قضايا مقارنة مع ما ارتكبته الأحزاب والميليشيات بل الحكومات العراقية الحالية، لحكمنا بنفس المقياس عليهم بأكثر من الإعدام، لأنهم عابوا على صدام أشياء ووقعوا بأضعاف أضعافها من القتل والتعذيب وانتهاك الحرمات والتنكيل والتهجير والإبادة والقتل الجماعي على الهوية والتطهير العرقي والعنصري، ونحن كفلسطينيين مهما تعرضنا من مضايقات معيشية وقوانين ليست بصالحنا في العقود المنصرمة، لا تعدل يوم واحد عشنا فيه الخوف والإرهاب والقتل والاضطهاد، فمن أولى بالإعدام والقصاص؟!! .

س8: كيف ترون الثورات العربية ضد حكامهم، و هل يستحق العراق ان يثور شعبه ضد الحكام في البلد ؟ .

ج8/ لا يختلف اثنان بضرورة التغيير بالدول العربية، بسبب سياسة الحكومات الخاطئة والمجحفة تجاه شعوبها، لكن أنا أرى التغيير لا يقتصر فقط على الحكام ولكن الشعوب أيضا تحتاج لتغيير بسبب طمس المفاهيم وغياب الوعي والتأثر بترويجات ودعايات حزبية ضيقة تقمصت واستغلت مجريات الأحداث، وربنا سبحانه يقول ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )، فلابد من نشر ثقافة الوعي وعدم الانجرار وراء الشعارات المجردة ومعرفة الأصلح والأنفع للدول، وعدم تأطير ما يحصل بأطر سياسية وحزبية ومصلحية وانتفاعية، وإلا ما فائدة رحيل أو إقصاء حاكم ظالم وأن يحل محله حزب أو ثلاثة أو خمسة أو أكثر يلقون خلفهم مصالح الشعب ظهريا وينشغلون بمصالحهم، حتى نصل إلى مرحلة استبدال ظالم بظلمة ومستبد بمستبدين، وهنا أستذكر مقولة لأحد العلماء "بأن الله يقيم الدولة الكافرة إذا كانت عادلة ويزيل الدولة المسلمة إذا كانت ظالمة" فالمقياس هو العدل سواء من الحكومات الجديدة مع شعوبها أو الشعوب مع أنفسهم .

حكام العراق الحاليين يحتاجون لتغيير بطبيعة الحال، ونحن نعتقد كما يعتقد جميع العراقيين المنصفين بأن العراق في عهد صدام بعجره وبجره أفضل بكثير منه الآن، والشواهد ومجريات الأحداث أكبر برهان، فالمستفيد الآن من كعكعة العراق هم أحزاب وأقليات وفئات معينة على حساب فئات ضعيفة أخرى بسبب اختلاف توازن القوى، وهذا هو عين الظلم وعليه سوف لن يدوم حكم تخلله ظلم أبدا فلنتأمل هذه الحقيقة .

س9: كيف ترون عراق ما بعد 2003، و الفساد و الطبقة الحاكمة و تجربة الاحزاب الاسلامية الشيعية خصوصا ؟ .

ج9/ العراق بعد عام 2003 تراجع كثيرا للأسف الشديد، وهذه حقيقة أن المحتل لا يأتي بخير إطلاقا، فأي خير في مقتل أكثر من مليوني عراقي وتهجير قرابة خمس ملايين والكثير من الأيتام والأرامل، فإذا استمر الحال على وضعه من تسلط وظلم وطائفية وانتقاص لحقوق الأقليات والضعفاء فإن الأسوأ من أزمات وتقلبات وفتن ينتظر البلاد، مع تمنياتنا للعراق الاستقرار والأمن والأمان والرخاء .

للأسف الشديد أفرز الاحتلال حالات فساد كبيرة بمختلف المؤسسات العراقية، وهذا كله استنزاف واستهلاك كبير لمقدرات وثروات البلاد، أما ما يخص تجربة الأحزاب الإسلامية الشيعية، فللأسف الشديد وبسبب الولاءات الخارجية لإيران وتسييس تلك الأحزاب بحسب أيدويولوجياتها وتقديم مصلحة المذهب على مصلحة البلاد، بل وتستر بعضها بالإسلام وسلوك مناحي مختلفة تماما عن هدي وسماحة الإسلام، كل ذلك مؤشر خطير لمستقبل العراق ذو السيادة المستقلة والقرار غير المنحاز والولاء للبلد والشعب دون تمييز، وكذلك إغراق البلاد بمتاهات ومواقف خارجية العراق في غنى عنها، بالإضافة للسياسة الداخلية المبنية على الولاء الحزبي والطائفي التي لا تبني دولة مؤسسات حقيقية .

س10: كيف هي علاقاتكم مع الكرد، خصوصا فلسطيني العراق و الكرد ؟ .

ج10/ علاقة الشعب الفلسطيني مع الشعب الكردي علاقة جيدة، لوجود قواسم مشتركة عديدة بين الشعبين، وبشكل خاص تربط الفلسطيني في العراق علاقات حميمة وروابط متينة مع أشقائهم العراقيين الكرد ولدينا العديد من الأصدقاء الكرد سواء في الدراسة أو العمل أو الجيرة، حتى أصبحت حالات مصاهرة بين العديد من الفلسطينيين والأكراد في العراق .

س11: ماذا لو رجع اليهود العراقيين للعراق، هل تتوقعون حدوث مشاجرات بينكم و بينهم ؟ .

ج11/ لا أتوقع ذلك ولم يحدث أي رد فعل طيلة عدة سنين تواجد فيها اليهود في العراق، أضف إلى ذلك أن عددنا قليل ونحن أقلية مقهورة، كما أن الإسلام تكفل بحقوق الأقليات والديانات المقيمة والتي تعيش بأمان من الدولة، طالما هم غير محاربين، لكن قد تكون هنالك بعض ردود الفعل الفردية العاطفية من بعض الفلسطينيين نتيجة اغتصاب أرضنا والجرائم التي اقترفتها العصابات اليهودية هناك .

س12: ماهي احصائياتكم حول اعداد الفلسطينين في بداية الهجرة الى العراق و قبل ال 2003 و بعد 2003.؟ و ما سبب تقليل اعدادكم ؟ .

ج12/ حسب تقرير الامم المتحدة في حزيران عام 1949 تم تقدير العدد ( 5000 فلسطيني )، وحسب احصائية منظمة التحرير الفلسطينية يقال بان 34000 عام 2002 ، لكن في عام 2003 تقريبا 25000 فلسطيني احصائية مفوضية شؤون اللاجئين، والآن ونحن بمنتصف عام 2011 لا يتجاوز عدد الفلسطينيين في العراق 8000 فلسطيني .

وسبب تقليل الأعداد للممارسات التي تعرضنا لها من قبل الميليشيات الطائفية والتي بلغت أوجها عامي 2006 و 2007، ما أدى لتهجير أكثر من 17000 فلسطيني لأكثر من ثلاثين دولة معظمها أجنبية !! .

س13: كيف ترون ضرب الكرد بالاسلحة الكيمياوية من قبل صدام حسين و ازلامه و ابادة الشعب في ما يسمى الانفال ؟ .

ج13/ نحن بطبيعة الحال لا نرضى بضرب أو انتهاك حقوق أي أقلية في العالم بأسره، وهذا من الظلم والاضطهاد ومحرم شرعا الاعتداء على أي أقلية مستضعفة، والإعلام كان له دور في طمس أو تغير الحقائق وعدم إظهارها بشكل صحيح، وحقيقة نحن لا نعلم حقيقة الذي حصل بالضبط في تلك المجازر، لأنه هنالك أقاويل بأن إيران من ضربت الكرد بالكيمياوي، وغيرها بأن الجيش العراقي، لكن على أية حال وبكل المقاييس وأيا كان الفاعل فهو عمل إجرامي لا يصح وغير مقبول أبدا .

س14: لم يكن لفلسطينيي العراق اي موقف تجاه الانتهاكات و الابادة التي يتعرض لها الشعب العراقي ابان اكثر من 35 سنة من حكم البعث و صدام حسين و لم تتفوهوا بكلمة خصوصا ضد الابادة التي تعرض لها الكرد ،  لماذا ؟ .

ج14/ هذا السؤال خيالي ونظري وغير واقعي، فالفلسطينيون في العراق هم ضيوف على جميع مكونات الشعب العراقي، ووجودهم اضطراري وعددهم قليل جدا مقارنة بعدد العراقيين ومساحة العراق الشاسعة، ولم يكن لهم أي ثقل سياسي أو إعلامي أو اقتصادي ولا حتى عبر مؤسسات الدولة، وكانوا مثقلين بأعباء القوانين التي تصدر بحقهم ومشكلة السكن وتقييد التنقل وغيرها، ثم من كان على علم ودراية بحال ووضع العراق في تلك الحقب كان من المفترض عدم طرح هكذا سؤال لأنه غير منطقي!! وحتى العراقيين لم يكن لهم أي دور أو موقف بسبب القبضة الحديدية آنذاك .

هذا السؤال يذكرني بحوار دار بيني وبين أحد مراسلي الصحف العربية المعروفة، وكان يتحدث عن الفلسطينيين في العراق وكأنهم كيان قوي ولديهم مؤسسات وثقل، وفي ثنايا الكلام بادرته بالسؤال التالي: كم تتوقع عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق ؟!! فأجاب: مليون!!! فضحكت مباشرة من شدة المبالغة وأنا على علم مسبق بأنه سيعطي رقم كبير، فقلت له هذه الدعاية المغرضة والشائعات أحد أسباب استهداف الفلسطيني فحن لا يتجاوز عددنا عن 25000 فلسطيني فقط !! .

ولو عكسنا السؤال بالطريقة التالية: ما هو دور الأحزاب الكردية وموقفهم العملي من قضية فلسطين ومما حصل لفلسطينيي العراق من مجازر ولديهم حكم ذاتي وإقليم مستقل ، ولهم نفوذ في الحكومات وبرلمان مستقل وسلطة وقوة ؟ .

س15: كيف هو تعامل العراقيين مع الفلسطينيين في العراق ؟ .

بشكل عام التعامل جيد وأخوي وشفاف، إلا ما ظهر من حالات فردية نابعة من عنصرية وطائفية في السابق، أما بعد عام 2003 بدأت حالة الاحتقان الطائفي فعانينا كثيرا من تلك الجهات الفئوية الطائفية، إذ اعتبرتنا عنصرا غريبا على العراق ولابد من اجتثاثنا واضطهادنا وتهجيرنا، في الوقت الذي عشنا في العراق أكثر من كثير من هؤلاء الجدد !! وفي الوقت نفسه لا يزال يتعاطف معنا ومع قضيتنا الكثير من شرفاء العراق والذين عانوا ما عانينا .

س16: هل يعطي الامم المتحدة اجور البيت للفلسطينيين كلهم في العراق، كيف هي اوضاعهم المعيشية ؟ .

ج16/ يفترض أن تتكفل الأمم المتحدة بالتنسيق مع وزارة الهجرة والمهجرين العراقية بتأمين سكن لكافة الفلسطينيين، لكن عمليا لا يتم تغطية جميع العائلات، وغالبية العوائل الفلسطينية تسكن في مجمعات وملاجئ غير صالحة للسكن، ولم يتم توسيع أو فتح مشاريع جديدة لإسكانهم منذ أكثر من أربعة عقود .

أوضاع العوائل المعيشية المتبقية سيئة للغاية، نتيجة قلة فرص العمل وكثرة البطالة، وارتفاع المستوى المعيشي بشكل عام في العراق، وارتفاع أسعار السلع مقارنة ما قبل عام 2003، فنسبة البطالة مرتفعة في المجتمع الفلسطيني، وهنالك فقر كبير وعجز في سداد الاحتياجات الأساسية، أضف إلى ذلك صعوبة التنقل والحركة، حتى مع إصدار هوية خاصة جديدة إذ حصلت عدة حالات تفيد بعدم معرفة بعض الأجهزة الأمنية بوجود فلسطينيين لهم أكثر من ستة عقود في العراق، ناهيك عن هاجس الخوف وخشية إعادة تلك الأحداث المؤلمة في السنوات الماضية، بالإضافة لحصول حالات اعتقال أشخاص أبرياء ولم يتم إحالتهم للقضاء أو البت في قضيتهم .

س17: احصائياتكم عن الانتهاكات و القتل و التهجير التي تعرض لها الفلسطينيين في بعد 2003 في العراق.؟ عدد الفلسطنيني الذين قتلوا بعد  2003 ؟ .

حقيقة تعرضنا بعد عام 2003 لحملة إبادة وتهجير واضطهاد وتنكيل، بكل ما تحمله هذه الكلمات من معاني، وكانت الحصيلة المؤلمة: أكثر من 300 شهيد بإذن الله، غالبيتهم على يد ميليشيا جيش المهدي، وتهجير أكثر من 17000 فلسطيني إلى أكثر من 30 دولة معظمها أجنبية، توزعوا بجميع قارات العالم، وجراء ذلك هنالك قرابة 500 أرملة وأكثر من 500 يتيم ، وعشرات المعاقين والجرحى .

هنالك العديد من البيوت التي تم الاستيلاء عليها، وأخرى بيعت بأسعار زهيدة .

ومن أخطر الآثار التي ترتيب على هذه الانتهاكات، تقطيع أوصال العوائل في أكثر من بلد، ما أدى لضعف النسيج الاجتماعي وتفكك الأواصر الأسرية والروابط العائلية، وهذا بحد ذاته خطر كبير على أي مجتمع أو أقلية تتعرض لتلك الجرائم، لا سيما في المستقبل البعيد .

ونجم عن هذه الانتهاكات سبعة مخيمات :

مخيم الكرامة بين الحدين العراقي والأردني، ومخيم رويشد داخل الأراضي الأردنية .

مخيم العودة في بغداد على ملعب نادي حيفا الرياضي بمجمع البلديات .

مخيم طريبيل داخل الأراضي العراقية عند الحدود الأردنية .

مخيم التنف بين الحدين العراقي والسوري .

مخيم الوليد عند الحدود العراقية قبالة سوريا ولا زال شاخصا لحد الآن .

مخيم الهول داخل الأراضي السورية ولا زال شاخصا لحد الآن .

س18: كيف كان موقف صدام حسين من القضية الفلسطينية ؟ وهل كان بالفعل عدو اسرائيل ام انه عميل لاسرائيل كما يقال ؟ .

ظاهر الأمر أن صدام كان داعم قوي للقضية الفلسطينية، بحسب ما كنا نرى ونسمع، والله أعلم بالخفايا، وبالرغم من وجود أخطاء لكن لا نرى أنه عميل .

س19: كان هنالك اقاويل عن مشروع لاسكانكم في شمال العراق و تحديدا في اقليم كردستان، اين وصل هذا المشروع و هل انتم راضون عنه ؟ .

هذا مشروع قديم جدا ، ولا يقتصر على فلسطينيي العراق فحسب، بل يشمل حتى الفلسطينيين في لبنان، كخطوة لطمس وتضييع حق العودة، وإيجاد حل نهائي للقضية حسب المقاس الصهيوني والأمريكي، لكن التغيير الحاصل في المنطقة لا سيما بعد احتلال العراق، خلط الأوراق ولا ندري نحن أيضا أين وصل هذا المشروع .

أما بخصوص رضانا من عدمه، بطبيعة الحال نحن لدينا أرض مغتصبة في فلسطين ولا نرضى العودة إلا إليها، وسيأتي اليوم الذي نعود إلى قرانا ومدننا عاجلا أم آجلا، وما وجودنا في بعض الدول العربية ومنها العراق، إلا وجود مؤقت اضطراري، ونحن نتمنى على جميع الدول العربية والإسلامية بل حتى الأجنبية التي تقول أنها مع حقوق الإنسان العمل الجاد بأن يحتفظ أي فلسطيني بجنسيته الأصلية، مع ضمان حياة كريمة آمنة لحين تحقيق العودة لأرضه المغتصبة .

س20: هل هنالك نشاط استخباراتي اسرائيلي في العراق، خصوصا في اقليم كردستان العراق ؟ .

نحن نسمع بوجود مثل هكذا نشاط من خلال بعض وسائل الإعلام وعدة تقارير نشرت بهذا الخصوص ، لا سيما بعد احتلال العراق عام 2003 ، إذ المحتل الأمريكي الحليف الأكبر للكيان الصهيوني .

 

 

المصدر : صحيفة باس الكردية الصادرة في العراق

26/7/2011