حقيقة الامتيازات المؤلمة لفلسطينيو العراق من صدام حسين – مريم العلي

بواسطة قراءة 1483
حقيقة الامتيازات المؤلمة لفلسطينيو العراق من صدام حسين – مريم العلي
حقيقة الامتيازات المؤلمة لفلسطينيو العراق من صدام حسين – مريم العلي

فكثيرا ما سمعنا وقرأنا عبر العناوين لمحطات تلفزة ووكالات اعلامية ولشخصيات بمستوى المسؤولية والإعلامية عن مفهوم "كان يتمتع الفلسطينييون بامتيازات صدامية" والتي كانت سببا لما يتعرضون اليه اليوم؟!وكان اخرها وكالة رويترز التي دخلت المجمع واجرت لقاءات عدة مع فلسطينيون خرجت بمفهوم وعنوان "الخوف يهيمن على الفلسطينيين في العراق بعدما فقدوا امتيازات عهد صدام" ..

فأي امتيازات تلك التي اعطت التبرير لما تعرض له الفلسطينيين تحت مفاهيم خاطئة البست على شعب مسكين وكما تحدث احد الشخصيات من اخواننا العراقيين قائلا "ليش تزعلون من الي صارلكم فاخوان من اسرة واحدة من يدلل الاب واحد منهم اخوانه البقية يسخطون عليه وانتم هيج تدللتم بزمن صدام" ..

والغريب ان يتردد هذا الكلام من بعض مسؤولين فلسطينيين واعلام فلسطيني واخرين والاغرب ان كثير من فلسطينيو العراق يتقبلون هذا الرأي والذي هو في حقيقته وباء علينا فما هي حقيقة تلك الامتيازات .. !!؟؟

فقبل الخوض والاسترسال علينا اخذ نبذة سريعة عن الوجود الفلسطيني في العراق قدم الفلسطينيين للعراق بناء على طلب من الملكة عالية بعد ان توقف الجيش العراقي على مشارف مدينة جنين بسبب ضراوة المعارك في قرى حيفا وخاصة عين غزال وجبع واجزم التي قاتلت العصابات الصهيونية بضراوة وبسالة لا زال الكيان الغاصب الاصطناعي يتحدث عن قتلاه حتى يومنا هذا وخاصة في قرية عين غزال والتي اقصمت ظهره لقيادات الارغون والهاجانا وتم سحب ابناء تلك القرى بعد نفاذ الذخيرة وبطلب من بعض قياديي الجيش العراقي من قريتي عارة وعرعره الى بغداد ومنها فيما بعد للبصرة التي اصبحت لغزا غير معروف ليومنا هذا لماذا للبصرة الشعيبة !على امل شهرين وستعاودوا لقراكم حتى تسللت العوائل لمدينة بغداد واستقرت فيها ..

عاش الفلسطييين كمساكين تم تشريدهم من وطنهم ونالوا عطف العراقيين انذاك واعطى التبرير للكثير من العراقيين للانقضاض على الطائفة اليهودية تحت تأثير العاطفة وترحيلهم من العراق مستغلة ذلك العصابات الصهيونية لغرض ترحيلهم للوطن التاريخي الكيان المصطنع حتى تم اسكان الفلسطينيين ببيوت قديمة ايلة للسقوط اشهرها "توارة القبض" و"توراة طلفاح" والعجزة وملجأ 17 وبيوت في سوق حنون والصفافير لا تساوي واحد بالالف مما خلفه اليهود المرحلون الى فلسطيننا حتى بدء اللاجئون بمزاولة حياتهم الجديدة من حياة القرى والفلاحة الى حياة المدينة مع تقاضي نفقات بسيطة تساعدهم بحياتهم كل ذالك على نفقة وملاك وزارة الدفاع العراقية التي تم تحويلهم على ملاك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1951 ..

ولم يتم ادراجهم على وكالة الانروا لاسباب مجهولة سوى اتفاقية وقعت ببيروت تتحمل الحكومة العراقية نفقتهم خارج تلك الوكالة عام 1949 وتوالت الايام والاشهر والسنين وبدأ اللاجئون بالانصهار مع المجتمع الجديد حتى توالت مرحلة الانقلابات وتغيرات بالانظمة الملكية و"الجمهورية" انتهت باستلام "حزب البعث" الحكم عام 1968 تميزت تلك الفترة قبل استلام "الحزب" حياة طبيعية للاجئين تجنس بعض منهم بالجنسية العراقية لعدم وجود ما يمنعهم وعدم وجود قوانيين تميز الفلسطينيين عن محيطهم العراقي وتم تشكيل اول جيش تحرير فلسطيني والسماح لفلسطييين بالدخول للكلية العسكرية والانخراط ايضا ضمن صفوف الجيش العراقي وذالك بزمن الرئيس عبدالكريم قاسم حتى استلام "البعث" بزمن الرئيس احمد حسن البكر الذي سن قانون 361 لعام 1969 وهو اول قانون يشرع للاجئين الفلسطينيين والداعي لمعاملة الفلسطيني معاملة العراقي بكل شئ باستثناء الجنسية العراقية والخدمة الالزامية ..

واستمرت حياتهم بفترة البكر هي الافضل في تاريخ وجودهم في العراق ليومنا هذا استطاع الفلسطينيون من المعاملة اسوة باخوانهم العراقيين بنفس الحقوق مع فارق التعليم تحت شعار طرحه "البعث" للبندقية فوهتان الرصاصة والقلم فتم زج المئات من الطلبة الفلسطينيين للجامعات العراقية دون النظر لمعدلاتهم مع منحهم بالبعثات اي منح مالية تصرف للطلاب الابتدائي والثانوي والجامعي اسوة مع الطلاب الوافدين من العرب  وكذالك في الجيش والقوة الجوية العراقية التي خرجت ببعض دفعاتها طيارين هم الاوائل في العراق وفي التصنيع العسكري وتم تشغيل وتعيين الاف الفلسطينيين في وزاراة الدولة العراقية المتعلم وغير المتعلم تحت مفهوم "الثورة الانفجارية" للتنمية بسبب تأميم النفط العراقي عام 1973 ..

استمرت حياة اللاجئين حتى عام 1979 عندما تنحى البكر عن الحكم وتولي صدام حسين الحكم رئيسا لجمهورية العراق ومع نشوب الحرب العراقية الايرانية عام 1980 حتى بدأ مسلسل التضيقات على اللاجئين الفلسطينيين في العراق فتم قطع البعثات عن جميع الطلبة الفلسطينيين وايقاف قبولهم بالجامعات الا وفق معدلات تتوافق والقبول المركزي مع العراقيين مما حرم الكثير منهم فرص التعليم الجامعي وذلك عام 1983 ومنع المئات من الفلسطينيين بالعمل مساعد وكيل اخراج او وكيل اخراج في الكمارك الحصوة والفلوجة وغيرها مع السماح لغير الفلسطينيين من العرب والاجانب بالعمل ومنع الاجازة العمومي وتم فتحها لوقت محدود وبتدخل من البعض عام 1986 ومنع من تسجيل البيوت بأسمائهم والاراضي حتى تم تسليب الكثير من بيوتهم التي سجلت باسماء عراقيين وتمت مقابلته لاعادة حقهم فكانت النتيجة سريعة القانون لا يحمي المغفلون انتهى ..

وتم كذلك انحصار الموظفين ونقلهم لوزاراة معينة كالحكم المحلي والزراعة وتجريد بعضهم لوظائفهم ببعض الوزارات واخرين اجبروا للاستقالة ان لم تنتمي لـ"البعث" ..

هكذا توالت قرارات المنع عليهم حتى عام 1993 صدور قرار 23 سيء الصيت والسمعة التي جرد اللاجئين الفلسطينيين من مقومات الحياة برمتها تحت مفهوم لغير العراقيين اي العرب والاجانب والذي كان يسمح فقط للعرب بحق التجنس دون شروط باستثناء الفلسطيني الذي لا يسمح له فمنع الفلسطيني من كل الحقوق البشرية حتى على مستوى يمنع من ايداع مبالغ في البنكوك حتى صور البعض منهم بان لو كان الهواء بيده لقطعه على الفلسطينيين ومنع الكثير من الفلسطينيين الزواج من عراقيات وجعل بعض من مديرياته هي استخفاف واذلال للكثير من الفلسطينيين ناهيك عن بعض تصريحاته التي اثلمت وجرحت اللاجئ الفلسطيني ..

هكذا عاش الفلسطيييون بفترة حكم صدام حسين حتى صدور قرار 202 عام 2001 والذي كان احد اسباب صدوره هو مقابلة تمت مع اثنين من علماء الجامعات العراقية التي فازت بافضل بحث علمي مجهري للاحياء الكيميائية والاحيائية كانا فلسطينيين زوج وزوجته الذي قابلهما ولم يعلم بفلسطينيتهما وفقا لمفهوم البحث العلمي للجامعات وعند انتهاء المقابلة امر مرافقه بتسجيل بيت لكل واحد منهما حتى تحدثت له الزوجة بانننا فلسطينيان وممنوعين من كذا وكذا ...حتى "بانت عليه علامات الاستغراب" ملتفتا لمرافقه الذي اكد له قرار 23 الذي يشمل الفلسطينيين حتى تم اصدار قرار 202 الذي كان حبرا على ورق لم ينفذ منه شيء بما فيها اراضي البعيثة للفلسطينيين وكافة الوزاراة التي تحججت ان اي قرار لم تستلمه الشعب القانونية للوزارة يمنعها بالتعامل معه ..

هكذا استمر واقع الفلسطينيون في العراق انتهاء بفترة السقوط ومع كل ذلك لم ينظر الفلسطينيون بكل ما تعرضوا له من مضايقات الا كالصغائر امام تصريحاته حول فلسطين وقضيتها العادلة امام "التخاذل العربي" المريب ..

اننا نكتب مضطرين للأمانة الاعلامية امام الله لرؤساء هم في ذمة الله لكي لا يكون شعبنا ضحية لما تتناقله كثير من وسائل الاعلام التي تعطي انطباعا عن الفلسطينيين بانهم كانوا مرفهين مدللين لهم رواتب وبيوت يتقاضونها من حقوقهم في عهد صدام .. تلك هي الحقيقة وان كانت فيها مرارة علينا تقبلها وان لا تسبق عواطفنا ومشاعرنا حقيقة الواقع .. والله هو الغالب .

 

بقلم : د. مريم العلي

15/4/1440

22/12/2018

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"