"يرموك.. بأي ذنب قتل لاجئوك" - عبدالهادي الخلاقي

بواسطة قراءة 1343
"يرموك.. بأي ذنب قتل لاجئوك" - عبدالهادي الخلاقي
"يرموك.. بأي ذنب قتل لاجئوك" - عبدالهادي الخلاقي

عند قبول أي دولة بدخول اللاجئين إلى أراضيها والإقامة بها يتوجب عليها القيام بمنح هؤلاء حقوقا تكفل لهم العيش حياة إنسانية وتوفير الحماية لهم، كما يحظر عليها ممارسة أي شكل من أشكال التعذيب والمعاملة السيئة أو التعسفية ضدهم.

مخيم اليرموك أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في دمشق ويسكنه أكثر من 50 ألفاً من المدنيين يتعرض سكانه لمجاعة مميتة منذ أكثر من ستة أشهر، حيث فرضت قوات النظام السوري حصارا عسكريا على المخيم ومنعت دخول أي مواد غذائية أو حليب للأطفال أو أدوية للمرضى وكبار السن، هذا الحصار أدى إلى نقص المواد الغذائية في المخيم بل كادت تنعدم بشكل كلي، حيث أصبح أهالي المخيم يقتاتون على الخبز المصنوع من العدس، والبعض لجأ إلى أكل أوراق الشجر الأخضر وأوراق الصبار لسد جوع أطفالهم.
هذا الحصار أودى بحياة أكثر من "45" شخصا جوعاً، حتى كتابة هذا المقال، ومازال العدد في تزايد في ظل تعنت النظام السوري في معاقبة هؤلاء اللاجئين بجرم لم يرتكبوه، ولو افترضنا جدلاً أن المخيم يوجد به من يناوئون النظام السوري ويقفون في صف الثورة السورية؛ هل يعاقب الجميع لذنب لم يقترفوه؟.. قال تعالى: { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } ، فليس من الإنصاف معاقبة سكان مخيم بأكمله بهذه الصورة اللا إنسانية بالحكم عليهم بالموت البطيء.

وهناك... تبذل السلطة الفلسطينية ومنظمات إنسانية محاولات لإقناع النظام السوري بفك الحصار وإغاثة لاجئي المخيم، ولكن لم تلق آذانا صاغية ومازالت نيران أسلحة قوات النظام السوري في المرصاد لكل من يحاول الدخول أو الخروج من المخيم، والغريب بالأمر تصريح وزير الداخلية السوري الذي يدعي بأن المسلحين يعرقلون محاولات إدخال المعونات إلى المخيم وأن الحكومة السورية تعمل على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتأمين احتياجات ومتطلبات الفلسطينيين المقيمين داخل المخيمات ويدعي أن حكومة بشار الأسد حريصة على حمايتهم وإنقاذ حياة الأطفال والنساء وعدم تمييزها بين احتياجاتهم واحتياجات ومتطلبات السوريين، ونحن نقول "حدث العاقل بما يُعقل"، فالعالم أصبح يدرك حقيقة ما يدور في سوريا، ولكنه متخاذل في نصرة الإنسان فيها سواء كان سوريا أو لاجئا فلسطينيا، والنظام السوري لم يعد يحمل في قلبه ذرة رحمة ولا شفقة على شعبه فكيف به أن يرأف بسواهم؟!.

وبين سندان نيران قوات النظام السوري ومطرقة الجوع يفارق الحياة بين الفينة والأخرى، لاجئ في مخيم اليرموك بمشهد تخلو منه أبسط سمات الإنسانية وفي صمت الضمير العربي والعالمي.

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ((UNHCR)) مسؤولة عن متابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين المهجرين خارج الأراضي الفلسطينية في كافة أنحاء العالم وهي مكلفة بتوفير حماية دولية لهم وإيجاد حلول دائمة لمشكلتهم بمساعدة حكومات الدول التي يقيمون فيها فهي الجسم الدولي الأساسي المفوّض بتوفير الحماية للاجئين في كافة أرجاء العالم سواء الفلسطينيين أو غيرهم، ولكن المفوضية السامية لم تقم بالتزاماتها الأساسية في حماية هؤلاء اللاجئين الذين يتعرضون للموت جوعاً وقتلاً من قبل النظام السوري، وهذا تخاذل كبير من قبل هيئة عالمية بحجم هيئة الأمم المتحدة التي تعتبر المظلة الحامية لحقوق الإنسان والحامية للأمن والسلم الدولي، وسيظل حصار مخيم اليرموك عارا أبديا يلطخ جبين النظام السوري، وكذلك كل من التزم الصمت عن تجويع هؤلاء اللاجئين فقد فاقت هذه الكارثة حدّ الاحتمال البشري وصارت كارثة إنسانية غير مسبوقة، ولكم أن تتصورا مشهد تقشعر من الأبدان، إنه اللاجئ "تيسير الطباع" الذي وجد في بيته في مخيم اليرموك ميتًا من الجوع، فيما كانت الفئران الجائعة قد أكلت جزءاً من يده.

 

المصدر : جريدة الشرق

17/1/2014