حرب "أكتوبر" .. هذا ما فعله سلاح الجو العراقي ضد الأهداف "الإسرائيلية" على الجبهة المصرية

بواسطة قراءة 635
 حرب "أكتوبر" .. هذا ما فعله سلاح الجو العراقي ضد الأهداف "الإسرائيلية" على الجبهة المصرية
حرب "أكتوبر" .. هذا ما فعله سلاح الجو العراقي ضد الأهداف "الإسرائيلية" على الجبهة المصرية

وقبل 6 أشهر من الحرب، وفي "أبريل/ نيسان" 1973، أرسل العراق إلى مصر نحو 20 طائرة من طراز هوكر هنتر البريطانية (Hawker Hunter) مع طياريها، وفق اتفاق مسبق بين حكومتي البلدين كنوع من التعاون الجوي، ليتضح فيما بعد السبب الحقيقي وراء هذا الاتفاق.

الجبهة المصرية
وقال اللواء الطيار الركن الدكتور علوان حسون العبوسي في تصريح خص به الجزيرة نت إن القوات الجوية العراقية ساهمت بالسربين السادس والـ29 في جبهة مصر، وسبق هذه المشاركة عدد من اللقاءات بين رئاستي الأركان المصرية والعراقية وتبادل الزيارات للقيادات في البلدين، ثم تم الاتفاق على مشاركة عدد من الطائرات العراقية مع القوات الجوية المصرية في أي مواجهة ضد "إسرائيل".
ويضيف العبوسي - وهو أحد الطيارين العراقيين المشاركين في تلك الحرب، أنه في "مارس/آذار" 1973 زار الرئيس العراقي حينها أحمد حسن البكر السربين اللذين كانا مجهزين بطائرات هوكر هنتر برفقة وزير الدفاع وقادة عسكريين آخرين، وأبلغ ضباط السربين بأنه سيكون هناك تعاون عسكري جوي بين العراق ومصر في المستقبل القريب.
وفي 6 "أبريل/نيسان" 1973 انطلقت الطائرات العراقية من قاعدة الحبانية في محافظة الأنبار غرب العراق إلى مطار قويسنا القريب من العاصمة المصرية القاهرة بعد مرورها بمحطات عدة، وبلغ عدد الطائرات العراقية 20 طائرة.
ويوضح اللواء الطيار الركن أنه خلال فترة وجود الطائرات العراقية في مصر وقبل بدء الهجوم الجوي الشامل ضد الجيش "الإسرائيلي"، قام الطيارون العراقيون بالتعرف على أسلوب الطيران المصري ومعالجة الإشكال بأجهزة التعريف بين الطائرات العراقية والدفاع الجوي المصري، وتم تداركها بفضل التعاون بين الطرفين.
واستطرد العبوسي في حديثه قائلا "تلقى السرب العراقي -والذي سمي في حينها بالسرب 66- تبليغا بالأهداف المحددة له، وكانت أهداف رئيسية تعالج من خلال 16 طائرة من طراز هوكر هنتر"، موضحا أن الأهداف هي موقع القيادة والسيطرة "الإسرائيلية" في منطقة الطاسة، وموقع صواريخ أرض جو من طراز هوك، وعدد من المواقع المدفعية ذاتية المحرك 175 ملم.
ويرى المؤرخ العراقي وأستاذ التاريخ الحديث في جامعة الموصل الدكتور إبراهيم خليل العلاف أنه "خلال السنوات الـ(47) الماضية، كتب الكثير عن حرب "أكتوبر" 1973 ومن وجهات نظر مختلفة وأصبح لدينا كم كبير من المعلومات التي ينبغي جمعها وتمحيصها للخروج بوجهة نظر موضوعية منصفة عن هذه الحرب".
وأضاف العلاف في حديثه للجزيرة نت أنه فيما يتعلق بالجبهة المصرية فهي الجبهة الرئيسية التي ينبغي أن نقف عندها بشكل تفصيلي، خاصة أن جمال عبدالناصر وقبل وفاته في 28 "سبتمبر/أيلول" 1970 أقر بالتعاون مع عدد من كبار القادة من الإستراتيجيين المصريين الخطة التي عرفت بخطة غرانيت التي بموجبها تم تنظيم التعاون بين القيادتين المصرية والسورية يوم 7 "يونيو/حزيران" 1973، بمقر القيادة العامة المصرية في مدينة نصر.
ويتابع حديثه، كان هناك إسناد عسكري عربي قبيل حرب "أكتوبر" وأثناءها فكان هناك (سربا هوكر هنتر) عراقيان، وفي الجبهة السورية كان هناك 3 أسراب ميغ-21 عراقية وسرب ميغ-17 عراقي وفرقتان مدرعتان وفرقة مشاة عراقية.
وبحسب العلاف، فإن العراق كان على علم بالإستراتيجية المصرية لتحرير الأراضي المحتلة في سيناء، ومن ثم الوصول إلى خط الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة وتأمينها، ثم استغلال النجاح سياسيا لاسترداد حق الفلسطينيين في العودة وبناء مستقبلهم ودولتهم.
سلاح الجو العراقي
ويسرد العبوسي تفاصيل ما جرى في ذلك اليوم بقوله "في 6 "أكتوبر/تشرين الأول" عام 1973 وفي الساعة 12:00 استلم آمر السرب العراقي ظرفا مكتوبا عليه لا يفتح قبل الساعة 12:30، وكان الظرف عبارة عن تأكيد الأهداف التي تتضمنها مهام الطائرات العراقية.
واستعدت الطائرات بكامل جاهزيتها وفي الساعة 14:00، وانطلقت مع طائرات سلاح الجوي المصري وعبرت قناة السويس ودمرت الأهداف المحددة لها وعادت بعد تحقيق المهام من دون خسائر.
في يوم 8 "أكتوبر/تشرين الأول" أقلعت 12 طائرة هوكر هنتر، لمعالجة القطعات "الإسرائيلية" بالاشتراك مع القوات المصرية، في هذه المهمة فقد طياران عراقيان بعد إصابة طائراتهما بأسلحة الدفاعات الجوية "الإسرائيلية" أرض جو، بحسب العبوسي.
وأضاف اللواء الطيار الركن أن القوة الجوية العراقية نفذت مهمة في 11 "أكتوبر/تشرين الأول" بـ 4 طائرات على أحد مواقع القيادة والسيطرة "الإسرائيلية"، وفي طريق العودة أصيبت طائرة قائد التشكيل الرائد الطيار ناطق محمد علي والملازم الطيار ضياء صالح.
وفي يوم 13 "أكتوبر/تشرين الأول" كُلف السرب العراقي بمهمتين، لمهاجمة القوات "الإسرائيلية" تجاه ثغرة الدفرسوار، وبحسب العبوسي، تم تنفيذ كل مهمة من قبل 4 طائرات عراقية وتم استهداف الأرتال "الإسرائيلية"، لكن أصيبت طائرتان عراقيتان خلال المهمة وقتل أحد الطيارين.
وفي السياق ذاته، نوّه العلاف إلى مشاركة 9 دول عربية في حرب "أكتوبر" حيث قدمت هذه الدول الإسناد لمصر وسوريا، وأشار إلى أن الدعم العراقي جاء في المركز الأول وفق تقويم رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في تلك الفترة الفريق سعد الدين الشاذلي، إذ أحرز العراق 150 نقطة في قوة التأثير.
واعتبر العلاف أن التعاون والتنسيق العسكري في هذه الحرب يمثل أفضل صورة ظهر بها العرب منذ سنة 1948.
من جانبه قال الأكاديمي والباحث السياسي العراقي فاضل البدراني إن "علاقات العراق كانت طيبة مع مصر، وكان الدعم العراقي للجبهة المصرية بالطيران وتعزيز سلاح الجو المصري حاضرا، حتى أن الطائرات المصرية عندما كانت تغير على المواقع "الإسرائيلية"، كانت مباشرة إلى جنبها طائرات هوكر هنتر".
دور طائرات هنتر
وفي حديثه للجزيرة نت، يورد البدراني ما جاء في مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي عندما قال إن "القوات البرية المصرية كانت ترفع طلباتها بالقول نريد سرب الهوكر هنتر العراقي، وهذا ما اعتبره الشاذلي شهادة لكفاءة السرب العراقي وحسن أدائه خلال حرب أكتوبر".
وأضاف البدراني أن الطيارين العراقيين تمكنوا من تدمير مواقع صواريخ هوك "الإسرائيلية"، ومواقع مدفعية العدو في منطقة الطاسة، وتعطيل عدد كبير من الدبابات "الإسرائيلية"".
وهذا ما أكده العبوسي، بقوله إن ما يميّز طائرات هنتر العراقية هو امتلاكها كثافة نارية عالية جدا، لا تملكها طائرات سوخوي ولا طائرات ميغ-21، إضافة إلى احتوائها على 4 مدافع 3 ملم، والصواريخ التي كانت تحملها الطائرة، فكانوا يطلبون طائرات هنتر لفاعليتها في معالجة الأهداف "الإسرائيلية"، لغرض تقدم القوات المصرية.
وذكر العبوسي أن حصيلة خسائر السرب العراقي في مصر كانت مقتل 3 طيارين وأسر 3 آخرين، أما خسائر السرب من الطائرات فبلغت 8 طائرات من مجموع 20 طائرة هنتر التي أرسلها العراق.
من جانبه، بيّن العلاف في حديثه للجزيرة نت، أن مشاركة العراق بطائرات "هوكر هنتر" كانت رائعة، لأنها كانت فاعلة ومهمة جدا، والطلعات الأولى كانت للطيارين العراقيين.
وعن أسباب تجاهل دور العراق في تلك الحرب قال العلاف إن ذلك يأتي لغايات سياسية تتعلق بتباين الاتجاهات والرؤى بين القيادتين العراقية والمصرية، وكان لوصف القيادة العراقية حرب "أكتوبر" بأنها "حرب تحريك" وليست "حرب تحرير" أثر في توسيع شرخ الخلاف بين البلدين.
نتائج الحرب
وحول أبرز ما أنتجته تلك الحرب، أكّد العلاف أن "القيادة المصرية أضاعت فرصة السيطرة على المضائق يوم 7 "أكتوبر/تشرين" الأول 1973، علما أن خطة غرانيت الأصلية كانت تتضمن هذا الهدف".
ويلفت إلى أنه لو سيطر المصريون على هذه المضائق لأصبح بإمكانهم حرمان القوات "الإسرائيلية" إمكانية العبور إلى غرب قناة السويس.

 

المصدر : الجزيرة نت
19/2/1442
6/10/2020