يبدو أن مشاعر المسئولون الفلسطينيين قد تبلدت وما عادوا يشعرون بشيء سواء، من حيث الضياع الذي وصلوا إليه من خلال مسيرة السلام التي لم تؤدي حتى الآن سوى إلى مزيد من التشرذم الفلسطيني والفرقة والانقسام ما داموا سائرين خلف سراب المفاوضات، إن المفاوضات أيضا تحتاج إلى طرف مفاوض قوي، وفي هذا المجال نرى من الضروري قيام الفلسطينيين بما يلي:
المقدمة:
عودة إلى الموضوع الفلسطيني ونظرا لتنوع الاجتهادات الصادرة عن أعضاء الحكومة الفلسطينية أو من هم في الرئاسة الفلسطينية، حيث يبدو أن خبرتهم في السياسة ما زالت بسيطة وبالتالي ينزلقون لفظيا في كلمات قد لا يعوا مضمونها وتصبح ملزمة لهم (مع افتراض حسن النية) وأنها فعلا انزلاقات أو زلات لسان، هنا يتبادر إلى الذهن شيئا مهم جدا كان الفلسطينيون يفتقدونه طوال الفترات السابقة ـ وصحيح أن ميثاق منظمة التحرير - شكل خارطة طريق فلسطينية عامة التزمت بها كل المنظمات والهيئات الفلسطينية والى أن تشكلت السلطة وانبرت فتح في قيادة الفلسطينيين في مسار جديد، مما أدى إلى تغيير بعض نصوص الميثاق الوطني، إلا أن الأمر ما عاد ينطبق فقط على الميثاق، بل أصبح الفلسطينيون بحاجه إلى أدوات أخرى لدعم صمودهم ونشاطهم في سبيل إقامة دولتهم الموعودة.
والسؤال الملح الآن والذي هو أكثر إلحاحا هو:
ماذا الذي يحتاجه الفلسطينيون الآن؟
إضافة إلى ما هو متفق عليه بالإجماع، بخصوص ضرورة الوحدة الفلسطينية وإعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية، هنا تبدو الإجابة الواضحة على الأقل بأنهم يحتاجون إلى كل مما يلي بصفة عاجلة:
أولا: خارطة طريق فلسطينية:
إنهم يحتاجون إلى قواعد ونظم شاملة تحدد إهدافهم وتنظم عملهم
ولتكن تسميتها بروتوكولات الفلسطينيين
ويمكنكم تسميتها بأي إسم يحلوا لواضعيها، المهم ليس شكلها أو اسمها بل مضمونها، هذه البروتوكولات لا يجب أن تضعها المنظمة أو السلطة بل مجموعة خيرة من الفلسطينيين الغيورين على مصلحة بلدهم. يحددون المسار العام والصورة المستقبلية للدولة الفلسطينية وكل ما يهم الفلسطينيين،
ليس في طاقم فتح أو السلطة من هو مؤهل ليشارك في مثل هذه المجموعة،
بينما كل المنظمات الفلسطينية الأخرى مؤهلة لذلك، لا نريده مهرجانا كبيرا لكل الناس بل مجموعة لا تزيد عشرة أو أثنى عشرشخصا فقط يشتركون في وضع الرؤية المستقبلية للفلسطينيين، من بينهم قضاة شرعيين يحددون الأهداف والتطلعات ويضعون الخطوط العريضة للمسار الوطني الفلسطيني. متناسين المصالح الشخصية والتحزبات والنظرات الضيقة والفوائد والعوائد الشخصية التي ستعود على كل منهم.
إن الاشتراك في مثل هذا العمل لا يجب أن يعود بمردود على المشاركين، ولا يجب أن يكلف أي سلطة رسمية أمولا عامة، بل يمكن أن يلتقي المشاركون في أحد المنازل في مكان ريفي في ضيافة أحد الأشخاص أو فندق ريفي صغير وعلى حسابهم الخاص (مدة أسبوع أو أسبوعين) لعمل مثل هذه البروتوكولات - أي خارطة طريق تقود الفلسطينيين إلى بر الأمان والسلامة وليس إلى بر الهجرة ألأخرى التي تخطط لها إسرائيل
إن نوايا إسرائيل واضحة وضوح الشمس، وما تزال نوايا الفلسطينيين أو هي تبدو غير واضحة وهو ما نقصده من كتابة هذه الكلمات.
ثانيا: الحشد الإعلامي والدبلوماسي:
يلاحظ في كثير من الأحيان غياب دور المؤسسات الفلسطينية وخاصة البعثات الرسمية منها عن مجال الإعلام في الوقت الذي تنشط فيه مؤسسات المجتمع المدني كثيرا في مجالات متعددة ولذا تبدو الجهود الفلسطينية وكأنها ردود أفعال فقط من الأفراد على الجرائم النازية الصهيونية دون أن تصل إلى مستوى الفعل المنظم والمبرمج، وفي ضوء غياب كامل للجهد الرسمي والدبلوماسي مما يتطلب تفعيل الجهود ودور البعثات الدبلوماسية الفلسطينية في كافة أقطار العالم إذا يبدو أن الانقسام الداخلي قد ترك فعلا مدمرا على كل الجهود الرسمية الفلسطينية حتى الآن
ثالثا: تغيير لغة الخطاب الإعلامي الفلسطيني:
1- إن من أولى واجبات الفلسطينيين هو تغيير لغة الخطاب الإعلامي المماريء للصهيونية وبما يتناسب مع الوضع الحقيقي لوجهة النظر الفلسطينية من أن كل اليهود والمستوطنين الذين يعيشون في فلسطين هم سرقة ودخلاء ومارقين ويعيشون في ارض ليست أرضهم وهؤلاء العصابات الصهيونية النازية يجب أن يتم التعامل معهم باحتقار
ودونية ويجب أن لا يتم مساواتهم بأي إنسان آخر ما داموا يسرقون أراضي وبيوت الفلسطينيين
2- توجيه الخطاب الإعلامي إلى مخاطبة الجنود الصهاينة وتحذيرهم من جرائمهم وتحريضهم على عدم إطاعة الأوامر النازية للقيادة الصهيونية، وتذكيرهم بما حصل لـ أدولف ايخمان وبأن المجرم لا بد وأن يأتي في اليوم ليعاقب على جرائمه
3- تنقية الخطاب الإعلامي الفلسطيني من التحريض على الفلسطينيين حيث تقوم فتح بتسليط وتحريض وتسخير كل أجهزتها وأجهزة السلطة فقط لمحاربة ومهاجمة وتشويه صورة حماس وكأن حماس هي العدو بدلا من تسليطها وتسخيرها لملاحقة الجرائم النازية
4- متابعة كل الجرائم الصهيونية وفضحها ونشرها في أوروبا وأمريكا بما فيها كل الكتابات الصهيونية في الصحافة العالمية ومحطات التلفزة العالمية
5- متابعة الكتابات الصهيونية في الصحافة العالمية وتفنيدها ودحضها وبيان الحق الفلسطيني
6- التمسك بالشرعية الدولية: يلاحظ هنا أن الشرعية الدولية قسمت فلسطين إلى جزأين للعرب واليهود، إلا أن البعض يتكرم على إسرائيل بعبارة إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967، وهي مغالطة كبرى ومكافئة للمعتدي لا يجب أن تعطى له، مما يعني التنازل عن نصف فلسطين مجانا، قد تكون هذه العبارة وردت في أي اتفاقيات أو مشروعات مختلفة ولكن إسرائيل لم تقبل أي منها وبالتالي لا يجوز استعمال هذا اللفظ، إن لفظ الشرعية الدولية هو الأسلم والأضمن وهو يعني طبقا لقرار تقسيم الأمم المتحدة عام 1947، كما لفظ دولة قابلة للحياة لا يعني أقل من قرار التقسيم
7- متابعة ونشر كل المعلومات عن الأفراد العرب من غير الفلسطينيين الذين ارتكبوا مذابح أو تآمروا أو تنازلوا عن حقوق الشعب الفلسطيني في أي فترة من الفترات السابقة أو قد يرتكبوا مثل هذا العمل في الفترات اللاحقة.
8- في إي مفاوضات أو عمل تشاوري أو إعلامي يجب التركيز على أن العدل فقط هو الذي يمكن أن يحقق السلام وليس القوة وليس القتل بالأسلوب الصهيوني النازي
9- يجب التركيز على حقوق عرب فلسطين 1948 وعدم تركهم للعصابات الصهيونية النازية واعتبار الأمور الداخلية التي تخصهم شأنا داخليا إسرائيليا
رابعا: تفعيل النشاط القانوني:
1- من الضروري تفعيل واستخدام النشاط والنظام القانوني الدولي لمحاربة ومطاردة وإدانة الجرائم النازية الصهيونية لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم في فلسطين بما فيهم عرب 1948.
2- تحديد المفاهيم: من الضروري للفلسطينيين إيجاد وتأكيد ونشر تعريفات واضحة لكل من المفاهيم التي تؤدي ويساء استخدامها وتستعمل في عمليات قتل الشعب الفلسطيني أو التحريض على جهاد الفلسطينيين. مثل من هو المدني الإسرائيلي الواجب محاربته والمدني الذي لا يجب محاربته، من هو الإسرائيلي الواجب قتله، من هو اليهودي الفلسطيني الذي يسمح له البقاء والعيش بسلام في فلسطين، وما موقف الفلسطينيين من القوانين والتعليمات والتشريعات التي أقامتها إسرائيل واستولت فيها على أراضي الفلسطينيين، وما الموقف الرسمي الفلسطيني من الجرائم التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين العرب على أراضيها (فلسطينيي عام 1948)، هل الاستشهاد حرام أم حلال كما يحاول بعض المرتزقة الفتوى بتحريمه، ومن هو المناضل ومن هو الإرهابي، و ما هي أهداف الشعب الفلسطيني من هذا النضال أو لكفاح.
3- توثيق كل الجرائم الصهيونية النازية، ونشرها وحفظها للاستفادة منها مستقبلا في كل المجالات.
4- نشر قوائم بأسماء النازيين الصهاينة المطلوبين للمحاكمة الشعبية الفلسطينية وعمل ملفات بكل الجرائم التي ارتكبوها.
خامسا: تشكيل محكمة الشعب الفلسطيني:
على غرار ما قام به الصهاينة من محاكمات لبعض الألمان المتهمين بالمعاداة للسامية، يحتاج الفلسطينيون إلى محكمة شعبية فلسطينية لمحاكمة كل من ارتكب جرائم ضد الفلسطينيين وكل من تنازل أو تساهل أو تخلى عن أرض فلسطينية، هذه المحكمة يمكن أن تضم أعضاء من المنظمات الفلسطينية المختلفة وأعضاء من دول عربية مختلفة ودول أخرى أوروبية أو حتى أمريكا، مهمة هذه المحكمة هي محاكمة أي عربي أو صهيوني ارتكب مجازر أو مذابح ضد الفلسطينيين أو تآمر عليهم، وسواء كان حيا أو ميتا لبيان الحقيقة للفلسطينيين بدلا من بقائهم ضائعين تائهين.
سادسا: تفعيل العمل العربي والإسلامي:
1- لا يعقل أن يبقى الفلسطينيين محاربين في أكثر من دولة عربية ويجب تفعيل الجهد الدبلوماسي الرسمي والشخصي والاقتصادي باتجاه القضايا التي تؤثر على حياة الفلسطينيين، وتوفر لهم الحد الأدنى المناسب من الحياة الكريمة أيما حلوا وأينما رحلوا.
2- يجب تفعيل الجهد الدبلوماسي العربي والإسلامي باتجاه محاربة الصهيونية النازية الجديدة وفضح الممارسات الصهيونية وعزلها ومقاطعتها. وفي هذا المجال على الشعب الفلسطيني استغلال كل الطاقات الشخصية والرسمية والشعبية لدعم هذه الجهد
3- فتح باب النضال والقتال ضد العدو الصهيوني، وتحريم الصلح معه إلا في حدود القواسم والمصالح المشتركة التي تدعم حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه.
4- إلزام الدول العربية والإسلامية بواسطة جامعة الدول العربية ومنظمة الدول الإسلامية بضمان حق المرور والعمل والحركة لكل الفلسطينيين.
5- إقامة تحالفات بين الأحزاب والمنظمات الفلسطينية الشعبية والرسمية وبين المنظمات المماثلة في الدول الأخرى.
د وصفي عبده
23/9/2009
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"