فلسطين كما تبدو في المناهج الدراسية "الإسرائيلية"

بواسطة قراءة 4613
فلسطين كما تبدو في المناهج الدراسية "الإسرائيلية"
فلسطين كما تبدو في المناهج الدراسية "الإسرائيلية"

هذا ما يستعرضه كتاب صادر عن المركز الفلسطيني للدراسات "الإسرائيلية" "مدار" بعنوان: (فلسطين في الكتب المدرسية في "إسرائيل" - الأيديولوجيا والدعاية في التربية والتعليم)، للمؤلفة د. نوريت بيلد – إلحنان .

ويقدم الكتاب دراسة نقدية لجانب واحد من جوانب "الرواية الصهيونية الكبرى" التي تمثل على نحو صريح وضمني في الوقت ذاته، الضمير الجمعي الذي يوجه المجتمع "الإسرائيلي" بكافة فئاته وأطيافه، بالشكل الذي يُعاد فيه إنتاجها من الكتب المدرسية المقررة في ثلاثة حقول معرفية، وهي التاريخ والجغرافيا والدراسات المدنية (المدنيات) .

ويستنتج الكتاب أن المناهج المدرسية في "إسرائيل" تغرس في عقول الشباب "الإسرائيليين" "الرغبة في عدم المعرفة" عن الآخر، في الوقت الذي لا تشجع فيه "إسرائيل" مطلقًا "تعليم السلام" أو الاختلاط بين الطلبة اليهود والفلسطينيين، بل على النقيض من ذلك .

وحسب الدراسة، فإنه لم يحصل أن تحول موضوع السلام والتعايش إلى جزء من المنهاج الأكاديمي الرسمي، كما أن تمثيل الفلسطينيين في الكتب المدرسية المتداولة في "إسرائيل" يرسخ الجهل بالأوضاع الاجتماعية والجيو- سياسية الحقيقية وبالخطاب الجغرافي والتاريخي، كما تغرس الأفكار التمييزية والمواقف العنصرية .

وتخلص الدراسة إلى أنه على افتراض أن طلبة المدارس لا يرتادون المكتبات من أجل التحقق من الوقائع وسد الفجوات التي تعتري الكتب المقررة عليهم في مدارسهم، فإن أبناء الأجيال الثلاثة السابقة من "الإسرائيليين" معظمهم ليسوا على وعي بالوقائع الجيو- سياسية أو الاجتماعية التي تحيط ببلدهم .

وتشكل الكتب المدرسية دون غيرها من جميع مصادر المعلومات الأخرى، وسيلة قوية توظفها الدولة في تشكيل أنماط الإدراك الحسي والتصنيف والتفسير والذاكرة، في تحديد الهويات الشخصية والقومية، وينسحب هذا الأمر على نحو خاص على دول "كإسرائيل" .

وتشتمل الدراسة على تحليل للنصوص البصرية واللفظية التي تمثل "الآخرين" الذي يغايرون اليهود الصهيونيين، وهم الفلسطينيون، بمن فيهم المواطنون الذي يقيمون في "إسرائيل"، وغير المواطنين الذين ما زالوا يعيشون تحت نير النظام العسكري في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 .

وحسب الدراسة، فإنه يتم تجنيد الطلبة اليهود، مع هذه الصور المشوهة والخرائط المحرفة التي تُزرع في عقولهم وتثبَّت فيها، من أجل تنفيذ السياسة "الإسرائيلية" تجاه الفلسطينيين، الذين لا يعلم هؤلاء الطلبة شيئًا عن حياتهم وعالمهم، والذين تعلموا الامتعاض من وجودهم والخوف منهم .

ويتجسد هذا التلقين، أو بالأحرى "إفساد العقول"، كما تقول الدراسة، من خلال سلطة الخطاب العلمي بشقيه اللفظي والبصري، الذي ينظر إليه على أنه محايد وموضوعي ويخلو من التحيز، وبالتالي يمثل الحقيقة المطلقة .

وتؤكد مؤلفة الكتاب، أن التمثيل السلبي للآخرين يدرب الطلبة على العداوة، وعلى احتقار جيرانهم والبيئة التي يعيشون فيها، ناهيك عن احتقار المعاهدات والقوانين الدولية المرعية .

ويتناقض ذلك في جوهره مع الادعاء الذي لا تنفك "إسرائيل" تسوقه، والذي يردده الساسة الأميركيون والأوروبيون الذين يقرون بالدعاية "الإسرائيلية"، بشأن "الفلسطينيين الذين يعلمون أطفالهم أن يكرهونا، ونحن نعلِّم أحبب جارك" .

وتستخلص الدراسة، من ضمن أشياء أخرى، أن الكتب المدرسية "الإسرائيلية" المتداولة ما زالت تدور في فلك التثبت على ما وصفته الباحثة "الماضي الذي يمكن استخدامه"، حتى من غير أدنى تغيير يتلاءم على الأقل مع انطلاق "عملية سياسية" بين "إسرائيل" والفلسطينيين تهدف إلى إحراز "اتفاق سلام" .

ويقول باحث "إسرائيلي" تعقيباً على محتوى الكتاب "يبدو أن السلام بقي خارج حدود المدرسة، ذلك بأن من ينظر إليه يفعل ذلك بوصفه شيئاً ما منتمياً إلى السياسة وتختلف الآراء في شأنه، أو بوصفه انحرافاً طفيفاً عن مسار التاريخ ("الإسرائيلي") الحافل بالحروب .

ويضيف، "ما جدوى تغيير الكتب إذا كان السلام، وفق المنظور السالف، فصلاً قصيراً لن يصمد طويلاً؟"، في حين تقول بيلد- إلحنـان أن الكتب التي تتناولها في هذه الدراسة، تسخّر الماضي لمنفعة السياسة التوسعية التي تطبقها "إسرائيل" في حاضرها، وربما تشكل أيضاً مؤشراً على السياسة التي تنوي أن تطبقها في المستقبل .

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"