كم نحن بحاجة لتزكية النفوس وتهذيبها، وتطهيرها من
الأدران والرذائل، وتنقيتها من الأخلاق الدنيئة والشوائب، قال تعالى ( قَدْ
أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )[1]، قد أفلح من كبرها وأعلاها
بطاعة الله، وأظهرها، وقد خاب وخسر من أخفاها، وحقرها وصغرها بمعصية الله.[2]
وتزداد حاجة المسلم لمراجعة سلوكه وتصرفاته، والوقوف عند
أفعاله وتعاملاته، ومدى صلته بربه؛ مع كثرة الابتلاءات والفتن.. التقلبات والمحن،
من خلال التأمل والنظر، في سير من غبر، من الصالحين والعلماء العاملين، واقتفاء
أثرهم وسلوك طريقتهم.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم * إن التشبه بالكرام فلاح
كثيرة هي كتب السلف، التي تُحيي تراثهم، وتؤصل لحياتهم،
وتتحرى سيرهم، وتقتفي آثارهم، منها الكتاب الذي بين أيدينا، إذ جمع فيه مصنفه رحمه
الله جواهر ثمينة، ودرر مكنونة، ومواقف فريدة، ومواعظ جليلة، وحِكم رائعة، وأشعار
نفيسة، ومعاني رفيعة.
يقول ابن حبان: قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل الحِكم،
فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فقدت قوتها من
الحكمة ماتت.[3]
وأنا أتنقل في هذا البستان المثمر، متأملا ما فيه من
العبر، وكثرة الفوائد والفِكَر، بدأت أجمع كل ما فيه ثمرة عملية، وأثر تربوي وسلوك
رصين، في حياتنا اليومية، لتصبح نبراسا يضيء، ومؤنسا في الوحدة، ودليلا للسالكين،
وهذا والله من أنفس العلوم، لما يترتب عليه من قوة الإيمان، والازدياد من طاعة
الرحمن.
قال أبو هلال: فَإِذا
كَانَ الْعلم مؤنسا فِي الْوحدَة، ووطنا فِي الغربة، وشرفا للوضيع، وَقُوَّة
للضعيف، ويسارا للمقتر، ونباهة للمغمور حَتَّى يلْحقهُ بالمشهور الْمَذْكُور،
كَانَ من حَقه أَن يُؤثر على أنفس الأعلاق، وَيقدم على أكْرم العقد، وَمن حق من
يعرفهُ حق مَعْرفَته أَن يجْتَهد فِي التماسه ليفوز بفضيلته.[4]
هذه أقوال مختارة وحِكَم منتخبة، ونفائس منتقاة وفوائد
مستقاة، من كتاب" المجالسة وجواهر العلم" للعلامة الفقيه المحدث أبو بكر
أحمد بن مروان الدينوري المالكي ( ت: 333هـ )، إذ اعتمدت طبعة دار ابن حزم، التي
قامت بنشرها جمعية التربية الإسلامية، بتحقيق الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان ( 10
مجلدات )، واستبعدت من الأقوال ما حكم عليه المحقق بالضعف، واخترت الصحيح منها أو
ما سكت عنه، مع ذكر رقم المجلد والصفحة لكل مقولة.
ومن باب الاختصار والتسهيل، قمت بحذف السند والاكتفاء
بنسبة القول لقائله، وتجميع الأقوال وتقسيمها إلى ثلاث مجاميع على النحو التالي:
1- جوامع الكلم ونفائس
الحِكَم.
2- ما قلَّ ودلَّ من
جوامع الكلم.
3- جوامع الكلم شعرا.
جوامع الكلم ونفائس الحِكَم
قِيلَ
لِعَرَابَةَ الأَوْسِيِّ: بِمَ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ: أَعْفُو عَنْ جَاهِلِهِمْ،
وَأُعْطِي سَائِلَهُمْ، وَأَسْعَى فِي حَوَائِجِهِمْ؛ فَمَنْ فَعَلَ مِثْلَ مَا
فَعَلْتُ؛ فَهُوَ مِثْلِي، وَمَنْ قَصَرَ عَنْهُ؛ فَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، وَمَنْ
زَادَ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
(4/496).
قَالَ
مُعَاوِيَةُ لِعَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَيُّ النِّسَاءِ أَشْهَى إِلَيْكَ؟
قَالَ: الْمُوَاتِيَةُ لِمَا نَهْوَى. قَالَ: أَيُّ النِّسَاءِ أَسْوَأُ؟ قَالَ:
الْمُتَجَانِبَةُ لِمَا نَرْضَى. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا النَّقْدُ
الْعَاجِلُ. فَقَالَ لَهُ عَقِيلٌ: بِالْمِيزَانِ الْعَادِلِ.
(4/498).
قَالَ عَبْدُ
اللهِ بْنُ الْحَسَنِ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ! اسْتَعِنْ عَلَى الْكَلامِ بِطُولِ
الْفِكْرِ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تَدْعُوكَ فِيهَا نَفْسُكَ إِلَى الْقَوْلِ؛
فَإِنَّ لِلْقَوْلِ سَاعَاتٍ يَضُرُّ فِيهَا الْخَطَأُ، وَلا يَنْفَعُ فِيهَا
الصَّوَابُ.
(4/510).
قَالَ حَكِيمٌ
لِحَكِيمٍ: أَوْصِنِي. قَالَ: اجْعَلِ اللهَ هِمَّتَكَ، وَاجْعَلِ الْحُزْنَ عَلَى
قَدْرِ ذَنْبِكَ؛ فَكَمْ مِنْ حَزِينٍ وَفَدَ بِهِ حُزْنُهُ عَلَى سُرُورِ
الأَبَدِ! وَكَمْ مِنْ فَرِحٍ نَقَلَهُ فَرَحُهُ إِلَى طُولِ الشَّقَاءِ!
(4/519).
كَانَ زَيْدُ
بْنُ أَسْلَمَ يَقُولُ - وَكَانَ مِنَ الْخَاشِعِينَ -: يَا ابْنَ آدَمَ! أَمَرَكَ
رَبُّكَ أَنْ تَكُونَ كَرِيمًا وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَنَهَاكَ أَنْ تَكُونَ
لَئِيمًا وَتَدْخُلَ النَّارَ.
(4/522).
قَالَ
بَعْضُهُمْ: لا تَشْغَلْكَ ذُنُوبُ النَّاسِ عَنْ ذَنْبِكَ، وَلا تَشْغَلْكَ
نِعَمُ النَّاسِ عَنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْكَ، وَلا تُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ
رَحْمَةِ اللهِ وَأَنْتَ تَرْجُوهَا لِنَفْسِكَ.
(4/527).
قَالَ حَكِيمُ
بْنُ حِزَامٍ: مَا أَصْبَحْتُ صَبَاحًا قَطُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا بِبَابِي
طَالِبَ حَاجَةً؛ إِلا عَدَدْتُهَا مُصِيبَةً أَرْجُو ثَوَابَهَا مِنَ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ.
(4/529).
قَالَ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: تَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا وَأَنْتُمْ
تُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَلا تَعْمَلُونَ لِلآخِرَةِ وَأَنْتُمْ
لا تُرْزَقُونَ فِيهَا إِلا بِالْعَمَلِ!
(5/18).
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لا
يُعْصَى إِلا فِيهَا، وَلا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلا بِتَرْكِهَا.
(5/18).
أَنَّ عَبْدَ
الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ حِينَ ثَقُلَ؛ جَعَلَ يَلُومُ نَفْسَهُ، وَيَضْرِبُ
بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَكْسِبُ يَوْمًا
بِيَوْمٍ مَا يَقُوتُنِي، وَأَشْتَغِلُ بِطَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَذَكَرَ
ذَلِكَ لأَبِي حَازِمٍ؛ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَهُمْ
يَتَمَنَّوْنَ عِنْدَ الْمَوْتِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَلا نَتَمَنَّى عندالموت مَا
هُمْ فِيهِ.
(5/19).
قَالَ يُونُسَ
بْنُ عُبَيْدٍ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا دَامُوا تَخْتَلِجُ فِي صَدْرِ
الرَّجُلِ شَيْءٌ فَيَجِدُ مَنْ يُفرِّجُ عَنْهُ.
(5/20).
قَالَ بَعْضُ
الْعُلَمَاءِ: لَوْلَا الْعِلْمُ لَمْ يُطْلَبِ الْعَمَلُ، وَلَوْلَا الْعَمَلُ
لَمْ يُطْلَبِ الْعِلْمُ، وَلَأَنْ أَدَعَ الْحَقَّ جَهْلًا بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ أَنْ أَدَعَهُ زَاهِدًا فِيهِ.
(5/38).
قَالَ
الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: ثَلَاثَةٌ مَا أَقُولُهُنَّ إِلَّا لِيَعْتَبِرَ بِهِنَّ
مُعْتَبِرٌ: لَا أَخْلُفُ جَلِيسِي بِغَيْرِ مَا أَحْضُرُهُ بِهِ، وَلَا أَدْخِلُ
نَفْسِي فِي أَمْرٍ لَمْ أُدْخَلْ فِيهِ، وَلَا آتِي سُلْطَانًا حَتَّى يُرْسِلَ
إِلَيَّ.
(5/39).
عن سَعِيدٌ
الْجَرْمِيُّ؛ قَالَ: تَكَلَّمَ ابْنُ السَّمَّاكِ يَوْمًا، فَأَعْجَبَهُ
كَلَامُهُ، فَقَالَ: أَلْسُنٌ تَصِفُ، وَقُلُوبٌ تَعرِفُ، وَأَعْمَالٌ تُخَالِفُ.
(5/45).
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: ثَلَاثَةٌ يُخْلِقْنَ الْعَقْلَ وَفِيهِنَّ دَلِيلٌ عَلَى
الضَّعْفِ: سُرْعَةُ الْجَوَابِ، وَطُولُ التَّمَنِّي، وَالِاسْتِفْرَاغُ فِي
الضَّحِكِ.
(5/54).
قال أَبُو
زَيْدٍ: ثَمَانِيَةٌ مِنَ النَّاسِ إِنْ أُهِينُوا؛ فَاللَّوْمُ عَلَيْهِمْ: مَنْ
أَتَى مَائِدَةَ قَوْمٍ وَلَمْ [ص:55] يُدْعَ إِلَيْهَا، وَالْمُتآِمرُ عَلَى
رَبِّ الْبَيْتِ فِي بَيْتِهِ، وَالدَّاخِلِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي حَدِيثِهِمَا
وَلَمْ يُدْخِلَاهُ، وَالْمُسْتَخِفُّ بِالسُّلْطَانِ، وَالْجَالِسُ مَجْلِسًا
لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ، وَالْمُقْبِلُ بِحَدِيثِهِ عَلَى من لا يسمع مِنْهُ،
وَرَاجِيَ الْعُرْفُ مِنَ اللِّئَامِ.
(5/54).
قَالَ أَبُو
حَازِمٍ: مَنِ اعْتَدَلَ يَوْمَاهُ؛ فَهُوَ مَغْبُونٌ، وَمَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ
يَوْمَيْهِ؛ فَهُوَ مَحْرُومٌ، وَمَنْ لَمْ يَرَ الزِّيَادَةَ فِي نَفْسِهِ؛ كَانَ
فِي نُقْصَانٍ، وَمَنْ كَانَ فِي نُقْصَانٍ؛ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ.
(5/58).
قَالَ عَوْفُ
بْنُ النُّعْمَانِ الشَّيْبَانِيُّ - وَكَانَ جَاهِلِيًّا -: لِأَنْ أَمُوتَ
عَطَشًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِخْلافًا لِلْوَعْدِ.
(5/68).
قَالَ مَالِكُ
بْنُ دِينَارٍ: خَرَجَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنَ الدنيا ولم يذوقوا أَطْيَبَ شَيْءٍ
فِيهَا. قَالُوا: وَمَا هُوَ يَا أَبَا يَحْيَى؟ ! فَقَالَ: مَعْرِفَةُ اللهِ.
(5/77).
قال مَالِكِ بْنِ
دِينَارٍ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِنَفْسِهِ؛ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ يَكْفِي، وَمَنْ
طَلَبَهُ لِلنَّاسِ؛ فَحَوَائِجُ النَّاسِ كَثِيرَةٌ.
(5/78).
قَالَ يَحْيَى
بْنُ خَالِدٍ: النَّاسُ يَكْتُبُونَ أحسن مَا يَسْمَعُونَ، وَيَحْفَظُونَ أَحْسَنَ
مَا يَكْتُبُونَ، وَيَتَحَدَّثُونَ بِأَحْسَنَ مَا يَحْفَظُونَ.
(5/82).
قَالَ مَالِكُ
بْنُ أَنَسٍ: لا يؤخذ الْعِلْمَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: سَفِيهٍ مُعْلَنٍ بِالسَّفَهِ،
وَصَاحِبِ هَوًى، وَرَجُلٍ كَذَّابٍ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ لَا
يُتَّهَمُ فِي الْحَدِيثِ، وَرَجُلٍ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ وَصَلَاحٌ لَا
يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ.
(5/83).
قَالَ بَعْضُ
حُكَمَاءِ الْعَرَبِ: أَحْمَدُ الْبَلَاغَاتِ الصَّمْتُ حَيْثُ لَا يَحْسُنُ
الْكَلَامُ، وَأَعْيَي الْعِيِّ زِيَادَةُ الْمَنْطِقِ عَلَى حَاجَةِ النَّاطِقِ،
وَأَفْضَلُ الذُّخْرِ التَّقْوَى، وَأَحْسَنُ اللِّبَاسِ الْوَرَعُ، وَأَوْفَى
الْخَيْرِ الِاعْتِزَالُ، وَأَزْيَنُ الْأَصْحَابِ الِاحْتِمَالُ.
(5/102).
قَالَ الْحَسَنُ: لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ حَقِيقَةَ
الْإِيمَانِ حَتَّى لَا يَعِيبَ النَّاسَ بِعَيْبٍ هُوَ فِيهِ، وَلَا يَأْمُرَ
بِإِصْلَاحِ عُيُوبِهِمْ حَتَّى يَبْدَأَ بِصَلَاحِ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ؛ فَإِنه
إذَا فَعَلَ ذَلِكَ؛ لَمْ يُصْلِحْ عَيْبًا إِلَّا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَيْبًا
آخَرَ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُصْلِحَهُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ؛ شُغِلَ
بِخَاصَةِ نَفْسِهِ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ.
(5/109).
قال ابْنُ عَائِشَةَ: كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا،
وَكَفَى بِالْيَقِينِ غِنًى، وَكَفَى بِالْعِبَادَةِ شُغْلًا، وَكَفَى
بِالْخَشْيَةِ عِلْمًا.
(5/114).
كَانَ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ يَقُولُ: اللهُمَّ! إِنِّي
أَعُوذُ بِكَ مِنْ طُولِ الْغَفْلَةِ وَإِفْرَاطُ الْفِطْنَةِ. اللهُمَّ! لَا
تَجْعَلْ قَوْلِي فَوْقَ عَمَلِي، وَلَا تَجْعَلْ أَسْوَأَ عَمَلِي مَا قَرُبَ
مِنْ أَجَلِي.
(5/118).
يقول الْحَسَنَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ تَلْقَاهُ الزَّمَانَ
بَعْدَ الزَّمَانِ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ وَوَجْهٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ
تَلْقَاهُ مُتَلَوِّنًا يُشَاكِلُ كُلَّ قَوْمٍ، وَيَسْعَى مع كل ريح.
(5/120).
يقول سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ: يَا شَفِيُّ! كُلِ
الْحَلَالِ وَصَلِّ آخِرَ الصُّفُوفِ تُقْبَلُ مِنْكَ، وَلَا تَأْكُلَ حَرَامًا
وَتُصَلِّي أَوَّلَ الصُّفُوفِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْكَ.
(5/127).
عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ
الْبَصْرَةِ اشْتَرَوْا جَارِيَةً قُرْبَ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَرَأَتْهُمْ
يَشْتَرُونَ الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ، فَقَالَتْ لَهُمْ: مَا تَصْنَعُونَ
بِهَذَا؟ فَقَالُوا لَهَا: لِشَهْرِ رَمَضَانَ. فَقَالَتْ لَهُمْ: أَنَا كُنْتُ
لِقَوْمٍ كَانَ دَهْرُهُمْ كُلُّهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَوَاللهِ؛ لَا أُقِيمُ
عِنْدَكُمْ.
(5/146).
قَالَ مُحَمَّدُ بن الْحَنَفِيَّةِ: الْكَمَالُ فِي
ثَلَاثٍ: الْفِقْهِ فِي الدِّينِ، وَالصَّبْرِ عَلَى النَّوَائِبِ، وَحُسْنِ
تَقْدِيرِ الْمَعِيشَةِ.
(5/151).
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: اطْلُبُوا الرِّزْقَ عِنْدَ
الرُّحَمَاءِ؛ تَعِيشُوا فِي أَكْنَافِهِمْ، وَلَا تَطْلُبُوا إِلَى الْقَاسِيَةِ
قُلُوبُهُمْ، فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ.
(5/152).
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مجالسة أهل الديانة تَجْلُو
عَنِ الْقُلُوبِ صَدَأَ الذُّنُوبِ، وَمُجَالَسَةُ ذَوِي الْمُرُوءَةِ تَدُلُّ
عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَمُجَالَسَةُ الْعُلَمَاءِ تُنْتِجُ ذَكَاءَ
الْقُلُوبِ، وَمَنْ عَرِفَ تَقَلُّبَ الزَّمَانِ؛ لَمْ يَرْكَنْ إِلَيْهِ.
(5/153).
قَالَ هِشَامٌ: مَا نَهَانِي الْأَطِبَّاءُ عَنْ شَيْءٍ
مَا نَهَوْنِي عَنِ الشُّرْبِ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: وَاللهِ؛ لَا أَشْرَبُ
مُتَّكِئًا أَبَدًا.
(5/160).
قال مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: التَّقِيُّ عَنِ
الْخَطَّائِينَ مَشْغُولٌ، وَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ خَطَايَا أَكْثَرُهُمْ
ذِكْرًا لِخَطَايَا الناس.
(5/166).
ما قل ودل من جوامع الكلم
قَالَ بَعْضُ
حُكَمَاءِ الْعَرَبِ: مَا أَعَانَ عَلَى نَظْمِ مُرُوءَاتِ الرِّجَالِ
كَالنِّسَاءِ الصَّوَالِحِ.
(4/495).
قَالَ بِشْرُ
بْنُ الْحَارِثِ: طُولُ بَقَاءِ الْبَخِيلِ أَثْقَلُ شَيْءٍ عَلَى الأَبْرَارِ.
(4/500).
يُقَالُ: لِكُلِّ
شَيْءٍ حِلْيَةٌ، وَحِلْيَةُ الْمَنْطِقِ الصِّدْقُ.
(4/501).
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: لا تقلّ فِيمَا لا تَعْلَمُ؛ فَتُتَّهَمَ فِيمَا تَعْلَمُ.
(4/510).
قَالَ مُطَرِّفٌ
الْمَازِنِيُّ: مَا تَلَذَّذْتُ لَذَاذَةً قَطُّ وَلا تَنَعَّمْتُ نَعِيمًا
أَكْبَرَ عِنْدِي مِنْ بُكَاءٍ فِي حُرْقَةٍ.
(4/519).
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: بَذْلُ الْحِيلَةِ فِي طَلَبِ الْحَلالِ، وَقِلَّةُ الْحَوَائِجِ
إِلَى النَّاسِ؛ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ.
(4/526).
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: صَدْرُكَ أَوْسَعُ لِسِرِّكَ؛ فَإِنَّ سِرَّكَ مِنْ دَمِكَ.
(4/528).
كَانَ يُقَالُ:
عُنْوَانُ صَحِيفَةِ الْمُسْلِمِ حُسْنُ خُلُقِهِ.
(4/528).
قَالَ خَالِدُ
بْنُ صَفْوَانَ: لا تَطْلُبُوا مَا لا تَسْتَحِقُّونَ؛ فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ مَا لا
يَسْتَحِقُّ اسْتَوْجَبَ الْحِرْمَانَ.
(4/530).
قَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: لَا يَغْلِبَنَّ جَهْلُ غَيْرِكَ عِلْمَكَ بِنَفْسِكَ.
(5/18).
قَالَ
الثَّوْرِيُّ: مَنْ طَلَبَ الرِّئَاسَةَ بِالْعِلْمِ؛ فَاتَهُ عِلْمٌ كَثِيرٌ.
(5/37).
قال الْحَسَنِ:
مَا أَحْسَنَ الرَّجُلَ نَاطِقًا عَالِمًا، وَمُسْتَمِعًا وَاعِيًا، وَوَاعِيًا
عَامِلًا!
(5/38).
قَالَ لُقْمَانُ
لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ! إِنَّ الْكِبْرَ رِدَاءِ اللهِ؛ فَلَا تُنَازِعَنَّ اللهَ
رِدَاءَهُ.
(5/47).
قَالَ
أرْدَشِيرُ: رِضَا الرَّجُلِ عَنْ نَفْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ.
(5/56).
قَالَ
أَنُوشِرْوَانُ: ثِقَةُ الرَّجُلِ بجودة عَقَلَهُ، وَإِقْرَارُهُ بِوُفُورِ
عَقْلِهِ، دَلِيلٌ عَلَى جَهْلِهِ.
(5/56).
قال يُوسُفَ بْنَ
أَسْبَاطٍ يَقُولُ: يُرْزَقُ الصَّادِقُ ثَلَاثَ خِصَالٍ: الْحَلَاوَةَ،
وَالْمَلَاحَةَ، وَالْمَهَابَةَ.
(5/63).
قَالَ
الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: كَادَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَكُونُوا أَرْبَابًا، وَكُلُّ
عِزٍّ لَمْ يُؤَيَّدْ بِعِلْمٍ؛ فَإِلَى ذُلٍّ مَا يَصِيرُ.
(5/97).
قَالَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ: " لَضَرْبَةُ بِسَيْفٍ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ كَلِمَةٍ فِي
مَذَلَّةٍ.
(5/102).
قَالَ
الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: مَنْ رَأَى مِنْ أَخٍ لَهُ مُنْكَرًا، فَضَحِكَ فِي
وَجْهِهِ؛ فَقَدْ خَانَهُ.
(5/115).
قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: لَأَنْ يَتْرُكَ الرَّجُلُ
دِرْهَمًا حَرَامًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بمئة أَلْفِ دِرْهَمٍ.
(5/126).
قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: تَخْلِيصُ النِّيَّةِ
مِنْ فَسَادِهَا أَشَدُّ عَلَى الْعَامِلِينَ مِنْ طُولِ الِاجْتِهَادِ.
(5/128).
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: مَا
مِنْ رَجُلٍ يُنْتَقَصُ مِنْ أَمَانَتِهِ؛ إِلَّا انْتُقِصَ مِنْ إِيمَانِهِ.
(5/129).
قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَيُّ
الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جِهَادُ الْهَوَى.
(5/148).
سُئِلَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: مَا الْمُرُوءَةُ؟
قَالَ: كِتْمَانُ السِّرِّ، وَالتَّبَاعُدُ مِنَ الشَّرِّ.
(5/151).
كَانَ يُقَالَ: شَرُّ خِصَالِ الْمُلُوكِ: الْجُبْنُ
مِنَ الْأَعْدَاءِ، وَالْقَسْوَةُ عَلَى الضُّعَفَاءِ، وَالْبُخْلُ عِنْدَ
الْعَطَاءِ.
(5/152).
كَانَ يُقَالَ: السُّؤْدُدُ؛ الصَّبْرُ عَلَى الذُّلِّ.
(5/153).
سُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَا أَعْوَنَ الْأَشْيَاءِ
عَلَى طَاعَةِ اللهِ تعالى؟ قَالَ: إِخْرَاجُ غُمُومِ الدُّنْيَا مِنَ الْقَلْبِ.
(5/166).
جوامع الكلم شعرا
قَالَ آدَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ:
فَإِنْ قَالَتْ رِجَالٌ قَدْ تَوَلَّى * زَمَانُكُمْ
وَذَا زَمَنٌ جَدِيدُ
فَمَا ذَهَبَ الزَّمَانُ لَنَا بِمَجْدٍ * وَلا حَسَبٍ
إِذَا ذُكِرَ الْجُدُودُ
وَمَا كُنَّا لِنَخْلُدَ لَوْ مَلَكْنَا * وَأَيُّ
النَّاسِ دام له الخلود
(5/20).
أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ:
بَادِرْ هَوَاكَ إِذَا هَمَمْتَ بِصَالِحٍ * وَتَجَنَّبِ
الْأَمْرَ الَّذِي يُتَجَنَّبُ
وَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ فِي زَمَانِكَ صَالِحًا * إِنَّ الزَّمَانَ
بِأَهْلِهِ يَتَقَلَّبُ
وَاحْذَرْ ذَوِي الْمَلَقِ اللِّئَامِ فَإِنَّهُمْ * فِي
النَّائِبَاتِ عَلَيْكَ مِمَّنْ يَحْطِبُ
(5/71).
أَنْشَدَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ لِبَعْضِهِمْ:
وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إِلَّا سَتَبْقَى * كِتَابَتُهُ
وَإِنْ بَلِيَتْ يَدَاهُ
فَلَا تَنْسَخْ بِخَطِّكَ غَيْرِ عِلْمٍ * يَسُرُّكَ فِي
الْعَوَاقِبِ أَنْ تَرَاهُ
(5/84).
16- محرم- 1435هـ
حقوق
النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر
المصدر"