توفي بعد ظهر أمس الخميس الموافق 1/5/2008 الفلسطيني اللواء الركن المتقاعد سامي محمد عيسى الحسن ( 66 عام ) في بغداد بعد صراع لعدة سنوات مع المرض ، وقد تم تغسيله وتكفينه في جامع القدس ودفنه في مقبرة الغزالي ليلتحق بالعديد من أقاربه وأحبابه في تلك المقبرة .
سامي محمد ( أبو محمد ) من مواليد قرية جبع في جنوب حيفا عام 1942 ، وقد استشهد والده عام 1948 وهو يقاتل العصابات اليهودية في قرية جبع ، دفاعا عن أرضهم ، وقد كان طفلا عندما شهد النكبة ، وقد لجأ مع أهله إلى العراق عام 1948 ، وله مواقف بطولية وشجاعة في الدفاع عن الأراضي العربية بعد النكبة في فلسطين والعراق ومصر وسوريا والأردن ولبنان.
أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في مدينة الموصل شمال العراق ، وتطوع في فوج التحرير الفلسطيني الأول ببغداد في معسكر الرشيد عام 1962 في عهد عبد الكريم قاسم .
دخل الكلية العسكرية الثانية ببغداد وتخرج منها عام 1963 ، بعد ذلك تم توزيع الضباط الفلسطينيين المتخرجين من تلك الدورة والدورات السابقة من فوج التحرير الفلسطيني الأول على وحدات الجيش العراقي ، واستمرت خدمته فيه لغاية عام 1966 .
وعندما انبثقت منظمة التحرير الفلسطينية – جيش التحرير الفلسطيني عام 1964 جرت محادثات بين المنظمة والحكومة العراقية في ذلك الوقت ، وتم الاتفاق على إلحاق الضباط الفلسطينيين الموجودين في الجيش العراقي للعمل في منظمة التحرير الفلسطينية – جيش التحرير على ثلاث وجبات بفاصل ستة أشهر بين كل وجبة ، لعدم إمكانية الجيش العراقي إلحاقهم جميعا بدفعة واحدة آنذاك ، واسمه كان ضمن المتطوعين في الوجبة الثالثة التي تم الحاقها الى القياده العامه لجيش التحرير الفلسطيني في مدينة نصر بالقاهره عام 1966 .
وتم ترشيحه من ضمن عدد لحضور دورة أساسية للمشاة في مدرسة المشاة في القاهرة ، وبعد الانتهاء من الدورة صدر الأمر لهم بالالتحاق إلى قطاع غزة ، للبدء بتشكيل قوات عين جالوت التابعة لجيش التحرير الفلسطيني ، و تم تشكيل لواء المشاة 108 في منطقة رفح فلسطين ولواء المشاة 107 في مدينة غزة ،وتم تعيينه قائدا لسرية مدفعية مقاومة الدبابات في كتيبة المشاة (23) من لواء المشاة 108في رفح .
ولمواجهة احتمالات العدوان اليهودي قبل 5 حزيران عام 1967 ، تم إعادة انتشار تشكيلات ووحدات جيش التحرير الفلسطيني في عموم قطاع غزة ، استعدادا لمواجهة كافة الاحتمالات ومن ضمنها ، احتمال قيام العدو بهجوم مباشر واسع النطاق على مدن القطاع .
وتم تكليف وحدته كتيبة المشاة (23) بالدفاع عن مدينة خان يونس ، في هذا الوقت كانت التشكيلات والوحدات الفلسطينية على أهبة الاستعداد للدفاع عن المدن الفلسطينية كل حسب المهمة المكلف بها .
وفي صباح يوم 5- حزيران – من عام 1967 بدء العدوان اليهودي على غزة في فلسطين وسيناء في مصر وتوسع ليشمل سوريا والأردن ، وقد أبلت تشكيلات جيش التحرير الفلسطيني والقوات المتجحفلة معها بلاء حسنا ، وكان لتلك الكتيبة مواقف بطولية والصمود رغم الامكانيات المحدودة ، بعد ذلك تم إعادة تنظيم قوات عين جالوت المنسحبة إلى مصر عبر شبه جزيرة سيناء ، كمرحله أولى في منطقة قلعة صلاح الدين بالقاهرة ، ثم انتقل عام 1968 إلى قوات القادسية التابعة لجيش التحرير في الأردن لقربها من أهله المتواجدون في العراق ، وكان تمركزهم في معسكر خو قرب مدينة الزرقاء في الاردن .
وخلال أحداث عام 1970 تم تمركز قواتهم في منطقة درعا ـ المزيريب في أول الامر، ومن ثم تم تكليفهم بواجب الدفاع عن منطقة الشجرة وسحم الجولان في منطقة درعا ضمن القاطع الجنوبي للجبهة مع العدو الصهيوني .
وقع الاختيار على سريته لتكليفها بمهمة سرية الكفاح المسلح بأمرة منظمة التحرير الفلسطينية وأصبح مقرها في عمان . بعد انتهاء المهمة عاد إلى وحدته في منطقة الشجرة السورية ، في عام 1971 ورشح لحضور دورة قادة سرايا مشاة (ميكانيكي ) من قبل رئاسة أركان جيش التحرير الفلسطيني ، بمدرسة المشاة السورية في مدينة حلب للفترة من 2 /4/ 1971 لغاية 5 / 8 / 1971 واجتاز الدورة بنجاح بدرجة جيد جدا .لقد شارك بشكل مباشر مع جيش التحرير الفلسطيني في حرب تشرين عام 1973 ، وتم منحه مع ضباط آخرين قدم ممتاز لمدة سنة .ثم نقل إلى منطقة على طريق دمشق السويداء لإعادة تنظيمهم ، وفي عام 1974 تم ترشيحه من قبل رئاسة أركان جيش التحرير الفلسطيني ، لأتباع دورة قادة كتائب مشاة (ميكانيكي) في كلية القيادة و الأركان السورية ، دمشق ـ القابون ، للفترة من 5/10/ 1974ولغاية 5/ 5 / 1975، وقد اجتاز الدورة بنجاح وبتقدير جيد جدا .
بعد كل تلك التضحيات والبطولات تم إبعاده مع عدد من ضباط جيش التحرير الفلسطيني من سوريا إلى العراق عام 1975 ، وغادروا هم وعوائلهم متوجهين إلى العراق ، ليتم تخييرهم إما العودة لصفوف الجيش العراقي أو تنسيبهم في وظائف مدنية ، إلا أن معظمهم فضلوا العودة لصفوف الجيش العراقي .وتم انتدابهم للعمل في لبنان مع جبهة التحرير العربية ضمن منظمة التحرير ، وبقي في بيروت وجنوب لبنان للفترة بين عام 1975 لغاية عام 1981 ، وأعيد بعدها ليخدم بالجيش العراقي واشترك في دورة في كلية الأركان ببغداد وكان حينها برتبة مقدم .
أنهى الدراسة بتاريخ 25/7/1983 بنجاح وحصل على شهادة الماجستير بالعلوم العسكرية بتقدير جيد ، وشارة الركن ، وقدم ممتاز لمدة سنه ، بعدها نقل للعمل في الجيش العراقي القاطع الأوسط ، وترقى من رتبة المقدم الركن إلى رتبة العقيد الركن بتاريخ 6/1/1984 واستلم عدة مناصب ، ثم ترقى إلى رتبة عميد ركن بتاريخ 6/1/1987 واستلم عدة مناصب ، وتعرض لإصابة في ذراعه الأيسر في إحدى الواجبات القتالية .
وبتاريخ 30/10/1988 تعرض لحادث أثناء الخدمة أدى لكسر أسفل عنق عظم الفخذ الأيمن ، وتم إجراء عملية جراحية لتثبيت ذلك داخليا ، ونتج عنه قصر بطول إنج واحد، (اثنان ونصف سنتمتر) وتحدد جزئي في حركة مفصل الورك الأيمن وضمور متوسط لعضلات الفخذ الأيمن .
وفي عام 1989 أحيل على التقاعد ثم أعيد لصفوف الجيش عام 1990 ، وبقي لغاية عام 1991 ثم أعيد للتقاعد ، ثم نال رتبة لواء ركن بتاريخ 15/7/1995.
في أواخر عام 2004 وبعد الانتهاء من زيارة لابنته في الأردن أراد الدخول لزيارة أقر باءه في سوريا فطلبوا منه مراجعة الفرع 335 ( فرع فلسطين ) القسم الثالث ، وبعد عدة مراجعات مع تدهور حالته الصحية اضطر للمغادرة والذهاب للعراق للعلاج .وبسبب تدهور الأوضاع الأمنية في بغداد حيث ألقيت إليهم عدة تهديدات في عام 2006 ما اضطرهم لمغادرة منزلهم وتركه منتقلين إلى منطقة أخرى بعدها اضطر للسفر كي يتعالج إلى الأردن عند إحدى بناته ، وعائلته غادرت إلى سوريا بسبب تلك الأوضاع ، وبقي في الأردن لغاية الأشهر الأخيرة من عام 2007 واضطر للقدوم إلى سوريا بعد تردي وضعه الصحي وأصبح مقعدا لا يقوى على الحركة لعيش باقي حياته مع زوجته المقيمة في سوريا ، وتفاجأ في الحدود السورية من جهة الأردن بأنهم اعتقلوه مع أنه كبير بالسن ومقعد ، واقتادوه إلى فرع فلسطين ليبقى فيه أسبوع ثم يتم تحويله إلى الهجرة والجوازات ليتم ترحيله إلى العراق أو المخيمات الصحراوية ، وفعلا تم ترحيله ودخل إلى مخيم الوليد الحدودي ليبقى فيه قرابة شهر وبعد عدة وساطات تم إدخاله مرة أخرى إلى سوريا على أن يلتئم شمله مع زوجته ، إلا أنه تبين سوء النوايا وتم ترحيل زوجته من سوريا ليلة عيد الأضحى من عام 2007 ، ليبقى سامي العيسى في ظل تردي وضعه الصحي وحيدا في سوريا وزوجته في مخيم الوليد ، ولم تتحمل البقاء هناك فقررت الذهاب والرجوع لبغداد ، وفي شهر شباط من عام 2008 تردت حالته الصحية وبسبب امتناع السلطات السورية إدخال زوحته لتقوم برعايته قرر الرجوع إلى بغداد .ليقضي أواخر أيامه في بغداد ويوما بعد يوم تسوء حالته الصحية ليفارق الحياة ظهيرة الخميس 1/5/2008 فرحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته .
لكن نقول أين أنتم يا عرب عن مثل هذه السيرة العطرة النضالية ، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، لو افترضنا أن مثل هذا الرجل عند اليهود أو أي دولة أوربية بالله عليكم هل سيتخلوا عنه ويتركوه هكذا ؟!!! فبدلا من مكافئة هذا البطل الذي أفنى حياته للدفاع عن فلسطين والأراضي العربية يكون مصيره هكذا ويترك ولا يلتفت له ، فيطرد من سوريا وكذلك زوجته غير مكترثين لحالته الصحية وتاريخه البطولي ، ولم يلتفت إليه أي من الفصائل الفلسطينية العشرة المتواجدة في سوريا ، ولا حتى منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية !!!! ولا أي من المنظمات الحقوقية المفوضية أو الأنروا وغيرهم ، ليواجه مصيره ويكشف زيف تلك الدعوات القومية والشعارات الزائفة البراقة التي أصبحت لا تنطلي على أحد .
فهل تدرون لماذا تلك المواقف المخزية من أمتنا هذه ؟!! فيما يبدو أن الوقت هو وقت العملاء والمتواطئين لا الشرفاء الأبطال ( أمثال سامي العيسى رحمه الله ) لذلك نقولها وبأعلى صوت أمة هكذا تفعل بأبطالها وقادتها وتتركهم هملا لا تفلح أبدا ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ، وللأسف نقولها بعد تقديمه طلب التفريغ بعد اتفاق أوسلو أسوة بكثير من الضباط وغيرهم وتمت موافقة الرئيس الفلسطيني السابق أبو عمار على ذلك ، إلا أنه لم يتم تفريغه لحد لحظة وفاته في الوقت الذي تم فيه تفريغ أناس لا علاقة لهم بفلسطين ولا لهم أي تاريخ إلا أنه كما قلنا هذا وقت المصالح لا المبادئ .
هذا الخبر حصري لموقع " فلسطينيو العراق "
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"