بالفعل إن هذه المعاناة لا زالت مستمرة ،معاناة بلا توقف، معاناة يطيل أمدها من يغض النظر عنها بالتعاون مع الحكومة البرازيلية والمفوضية فرع البرازيل ، يقومون بحرق المعتصمين من نساء وأطفال ومرضى ومسنين ، يقطعون بهم إرباً إرباً ولو يستعملون سكيناً لذلك أفضل من الطرق التي يتم تقطيع المعتصمين فيها..
للإسبوع الثاني على التوالي تواصل عوائل من اللاجئين الفلسطينيين المكونين من أطفال ونساء ومرضى وأحدهم بحالة خطرة إعتصامهم أمام مقر السفارة الفلسطينية في البرازيل ، دون أي مبالاة من أحد أو إتخاذ أي جهة للخطوات اللازمة على سبيل إنهاء معاناتهم بما فيهم السفارة الفلسطينية في البرازيل .
هذا ليس بجديد لأن هذه العوائل مشردة ومعتصمة وضائعة في الشوارع منذ 8 أشهر استجارة فيها القريب والغريب بلا جدوى ، من المحتمل أن المسؤولين والقادة هذه الأيام لا يتابعون شيئاً فلم يصل صوت من ظُلموا لهم أعانهم الله على مشاغلهم ، أو أن صوت المعتصمين ليس قوي بما فيه الكفاية ليصل إلى الأخوة المسؤولين وأصحاب الجلالات والسيادات والفخامات ، وهنا المعتصمين بحاجة لمكبرات صوت عسى أن يكون الفرج عبر مكبرات الصوت ويصل الى ما لم يصل له وتساهم مكبرات الصوت بحل مشكلتهم !!!
ولكني أعتقد أن المعتصمين لا زالوا من أبناء الشعب الفلسطيني و لازالوا فلسطينيون و لازال لهم الحق أن يلتفت أحد لمعاناتهم كما تم الإلتفات لخمسة أفراد من قبلهم وتم إخراجهم من البرازيل إلى السويد كما تم إستصدار جوازات السلطة لسبعة معتصمين فلسطينيين ، فأعتقد أن من كان في الماضي هم فلسطينيون ومن هم في الشوارع اليوم هم فلسطينيون ومن أبناء هذا الشعب المظلوم ومن المفروض أنهم متساوون بالحقوق ، ولو قسنا حجم المعاناة فما هو قائم اليوم على الأرض هو المأساة بحد ذاتها والنكسة والنكبة كذلك ، ومن المفروض أن يتم التعامل على حسب الوضع الإنساني وما يتطلبه وليس على حسب إعتبارات أُخرى يكون فيها صلات وعلاقات ، فمن هنا نرى أنه تمت المساهم مع فلسطينيين وفي نفس الوقت تم تجنب فلسطينيين !!
كيف ؟ ولماذا ؟ وما هو السبب ؟!
نحن لا نعلم لكن من يجلسون خلف الكراسي هم يعلمون ذلك أكثر ممن يضيعون في الشوارع !
الضياع في الشوارع هي كلمة يعرف معناها من يجلس ليلاً نهاراً يواجه قدره تحت الحر والبرد ، بالجوع والمرض ، ومن يجوب الطرقات مسافات ومسافات مشياً على قدميه منكسراً ذليلاًً ، من يمرض أبناءه وهم نيام الخيم الحقيرة خيمة بطول متر واحد وبنفس العرض فيطلب المساعدة من الأقربون فيجد الأبعدون هم الأقربون والأقربون أصبحوا هم الأبعدون للأسف ، هؤلاء هم من يعرفون ويعانون من كلمة ضياع ..
ولن يشعر من يقول ليس لكم حلاً لأنه لو شعر لما نطق مثل هذه الكلمة ..
وهذا ليس بغريب فالسفارة الأن تقول شيئاً وتشيع شيئاً ، فالرد الرسمي للسفارة على المعتصمين أنها لا تملك لهم شيئاً على الإطلاق ومن جهة أُخرى يشيعون أنهم عرضوا على المعتصمين العودة الى غزة و رفضوا ذلك لأن المعتصمين يريدون الذهاب الى السويد !!!
لا يا سفارتنا لا يا سفيرنا الأمور لا يجب أن تضل محطة للمرواغة و التلاعب ، تسلمت منا طلبات رسمية موقعة خطياً نطالب فيها بالعودة الى الوطن ، طلبات واضحة وصريحة ليس فيها طمس بتاتاً ولم تكن تحتوي غير هذا المطلب ، هل أصبح الوطن هو السويد ؟ كفاكم تلاعب بنا كفاكم إجراماً بحقنا ، بحق نساء وأطفال ومرضى ومسنين ، ضقنا ذرعاً من تشويه الحقائق ، ضقنا ذرعاً من الكذب و المراوغات ، نحن لا نرفض العودة إلى وطننا بل هو طلبنا ، إن ما رفضناه ما عُرض علينا بالعودة للنوم في شوارع غزة هذا ما رفضناه !!
من يقبل أن يخرج من النوم في الشوارع ليذهب لينام في شوارع أُخرى، يبدو أنه لم يعد لنا مكان سوى في الشوارع ؟
أين الحل هنا ؟ يعني تبديل التشرد بتشرد ، من يقبل ويرتضي هذا هل المسئلة الإنتقام ؟
لماذا نرى الواقع ونحرفه ؟ لماذا نرى الذُل والمهانة ونرتضيها لبعضنا ؟ لماذا دموع أطفالنا رخيصة ؟ ودمائنا مستباحة وآلام وعذاب مرضانا ليست محط إهتمام أحد ولا تهز إحساساً أو ضميراً لدى أحد ، لماذا ؟
فالحاجة صبحية البالغة من العمر 61 عاماً من عمرها تقول وهي جالسة على حافة الرصيف أصبحت حياتنا على أطراف الطرقات ، أصبحنا بالفعل متشردين كنا في المخيمات على الأقل نحمل هوية تثبت أننا لاجئين فلسطينيين لنا حق في يوم من الأيام سنحصل عليه تم إخراجنا من المخيمات على أساس الحفاظ على كرامتنا وإعادة تأهيلنا لحياة كريمة كالبشر ففقدنا كل حقوقنا وإستُبدلت كلمة لاجيئ فلسطيني بكلمة متشردين فلسطينيين أصبح حالنا كما يرى العالم كله على أطراف الطرقات فقدنا الإستقرار فقدنا الأمان والطمأنينة ، بالله عليكم يا أصحاب الضمير الحي يا إخوتنا في جميع الفصائل الفلسطينية إلى متى نستمر على هذا الوضع وهذا الحال والكل يخلي مسؤوليته ، نحن نواجه الضياع والتشرد من شارع الى شارع ومن رصيف الى رصيف أنا مريضة وأبنائي إثنين مرضى ، ما المُنتظر منا الموت على أطراف الطرقات !!
أما المريض لؤي الذي يعاني حالة سيئة وخطرة من المرض لإنسداد الرئة لديه والذي يتنقل من شارع الى شارع ومن رصيف الى رصيف بصحبة أدوات الأوكسيجين ، يقول لم أشعر بأننا ننتمي لأحد فلو إعتصمت عوائل من جنسيات أُخرى أمام سفارة بلدهم لما تُركوا بين السماء والطارق ، أحياناً نقنع أنفسنا أن صوتنا لم يصل لأحد وأن السفير عندما يأتي صباحاً ويخرج عصراً لا يرانا كي نهون الواقع على أنفسنا ، يعني مريض مثلي لا يستطيع المشي بمثل وضعي بالإعاقات التي أُعانيها أنام على بطانية وكأنني نائم على الأرض ، نواجه أخطار الشوارع البرازيلية الغير آمنة من متسكعين وسكارى ولصوص ، وسؤالي هو كم سنعاني بعد هل نحن أعدائكم ؟ و يضيف لؤي أنه خلال الأيام القليلة المقبلة إذا استمر الوضع هكذا سأكون أول المضربين عن الطعام حتى الموت فلم تُترك لنا خيارات أُخرى ..
أما زينب خليل والدة الطفلين الصغيرين نيفين البالغة أكثر من أربعة أعوام ونصف والطفل رامي البالغ سنة وتسع أشهر ، تتحدث عن معاناة أطفالها وتقول أطفالي فقدوا طفولتهم ، فقدوا حياتهم كأطفال كسائر الأطفال في العالم من حقهم بيوم سعيد من حقهم أن يناموا ليلة هادئة بعيدة عن أصوات الدرجات النارية والمفرقعات التي يتم إلقائها بالقرب من خيمنا على أطراف الطرقات نتعرض هنا بالشوارع ، شوارع الإنحطاط الأخلاقي إلى شتى الإساءات ، ففي أحد الأيام إحدى البرازيليات مرت بسيارتها ثلاث مرات وهي تشتم العرب والمسلمين بشتائم بذيئة ، وبيوم أحد المتسكعين وفي الساعة الثالثة فجراً ونحن نياماً ، ومن الواضح أنه كان تحت تأثير الكحول لدرجة أنه لم يرى الرصيف فصعد عليه حتى تبقى بين سيارته وخيمتنا مسافة بسيطة حتى يسحقنا لولا ستر الله لقضى علينا ، نستحلفكم بالله يا من بقي لديكم الشرف والإحساس والضمير لينظر لنا أحد ، لهذه الأطفال ، للمرضى ، جُلبنا من المخيمات للضياع في الشوارع ، أين نحن وأين هذه الحياة ؟ أطفالنا تضيع أطفالنا تتشرد والكل يتفرج علينا ، حسبنا الله ونعم الوكيل ..
المعتصمون أمام مقر السفارة الفلسطينية في برازيليا
14/7/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"