وقبل تاريخ الغزو، كان باستطاعة الفلسطينيين- فضلاً عن عدد من المناطق التي خصصت لهم كمجمعات سكنية من قبل الحكومة العراقية- أن يختاروا العيش بمناطق أخرى، سواء في العاصمة بغداد أو غيرها من المدن، متى شاؤوا، كما هو الحال في العمل والتنقل.
وتحمل الفلسطينيون
في العراق ما تحمله العراقيون من حروب وحصار، ثم غزو أجنبي تلقى الفلسطينيون أيضاً
من خلاله قسطاً من الظلم والاعتداء، حيث دهمت مرات عديدة القوات الأمريكية مساكنهم
بداعي “الإرهاب”.
وبداعي “الإرهاب”
أيضاً كان للفلسطينيين نصيب من مداهمة البيوت واعتقال الشباب، وإهانة العوائل، من قبل
القوات الأمنية العراقية، في فترة العنف الطائفي التي مر بها العراق في 2005 –
2009.
وبحسب ما تكشف
لـ”الخليج أونلاين” استمر الظلم يضرب بسوطه الفلسطينيين، عبر “المليشيات” التي تصفهم
بأنهم “إرهابيون”، والسبب أنهم “أزلام حزب البعث وأحباب صدام حسين”، وهذا يعني أنهم
“إرهابيون”، تلك التهمة الجاهزة على الدوام لمن لا يروق لقادة “المليشيات” في العراق،
وفقاً للفلسطينية ندى أحمد.
ندى أحمد التي
غادرت العراق منذ 2006، وتمكنت من الوصول إلى أوروبا، ذكرت لـ”الخليج أونلاين” أن
“حقداً طائفياً كبيراً تضمره المليشيات للفلسطينيين”.
وتشير إلى
“تهديدات كثيرة تلقاها، وما زال يتلقاها، عدد من الفلسطينيين من قبل المليشيات”، والسبب-
بحسب قولها- “يريدوننا أن نترك العراق، هم يروننا جزءاً من الإرهاب، وهو رأي إيران
التي تقف وراء توجيههم، هم ليسوا كذلك بالأساس. نحن نعرف هؤلاء الشباب الذين صاروا
يضمرون لنا العداء، كثير منهم كانوا جيراننا، لم يكونوا يكرهوننا، بل العكس، علاقاتنا
كانت رائعة”.
ومن بين الأسباب
التي تقف وراء استهداف اللاجئين الفلسطينيين، يروي قاسم العبيدي، الذي تربطه علاقات
مع العديد من الفلسطينيين بحكم زمالة الدراسة والعمل، أن “المليشيات تهدف إلى الاستيلاء
على أملاك الفلسطينيين، وتعمل على تهجيرهم من خلال استخدام وسائل بشعة منها الترهيب
بالتهديد والخطف”.
وأكد في حديثه
لـ”الخليج أونلاين” أن “عدداً من الفلسطينيين اختطفوا وتمت مساومة ذويهم، وآخرين قتلوا
بعد خطفهم، كل ذلك حصل خلال السنوات العشر الأخيرة”.
وفي الصدد
أكدت “رابطة فلسطينيي العراق”، نبأ وفاة اللاجئ الفلسطيني خالد أبو النار، الذي كانت
إحدى الدوائر الأمنية العراقية قد استدعته للمثول أمامها قبل نحو 10 أيام.
وأكد مصدر
مسؤول في “رابطة فلسطينيي العراق”، تحدث لـ “قدس برس”، وطلب الاحتفاظ باسمه، أن اللاجئ
الفلسطيني خالد أبو النار، وهو من مواليد درعا العام 1968، وقدم إلى العراق عام
1982، وتزوج من فلسطينية مقيمة في العراق، دُعي للمراجعة داخل المجلس البلدي بمجمع
البلديات بالعاصمة بغداد قبل عشرة أيام، ولم يخرج منه إلى أن تم إبلاغ أهله فجر اليوم
بالقدوم لتسلم جثته.
وأوضح المصدر
أن أبو النار، هو أحد سكان “مجمع البلديات” في العاصمة العراقية بغداد، الذي يعتبر
أكبر التجمعات للاجئين الفلسطينيين في العراق، دُعي من طرف “المجلس البلدي” في المنطقة
بطلب من الاستخبارات الداخلية، حيث وزعت الاستخبارات استمارات تحذر فيها اللاجئين من
بيع أو إيجار شققهم في المجمع، أي تمنع اللاجئين من التصرف بشققهم.
وأضاف أنه
“حين وصولهم إلى شقة اللاجئ أبو النار، حيث كان في الخارج أبلغوا زوجته أن عليه مراجعة
المجلس البلدي وأن يجلب معه الاستمارة، وعند المراجعة دخل إلى المبنى (المجلس البلدي)”
لكن المجلس البلدي- بحسب المصدر- أنكر معرفته بالموضوع كما نفى مجيء أبو النار إليه.
وأوضح المصدر
أن هناك ما يقارب 47 فلسطينياً معتقلاً ومختطفاً بالعراق، منهم من حكم عليهم بالإعدام
والمؤبد وعشرين سنة، وهناك من قضوا 5 سنوات في الحبس الاحتياطي، وهناك 6 ﻻجئين مختطفين
ﻻ تعلم الرابطة عنهم شيئاً، ويظهرون باعترافات تحت التعذيب في قنوات فضائية تابعة لـ”المليشيات”.
وذكر المصدر
ذاته أن “رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سلم قائمة بأسماء المعتقلين الفلسطينيين
في العراق عام 2012، بيد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي وعد بإطلاق
سراحهم، لكن لم يتغير شيء، ولم يطلق سراح أحد منهم”، وفق تعبير المصدر.
وقدر المصدر
ذاته عدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق بأنهم لا يتجاوزون 5 آلاف لاجئ، بعد أن كان
يقدر عددهم بأكثر من 30 ألف لاجئ قبل غزو العراق عام 2003.