لنبكي على عوفاديا "معاً" - غازي مرتجى

بواسطة قراءة 1810
لنبكي على عوفاديا "معاً" - غازي مرتجى
لنبكي على عوفاديا "معاً" - غازي مرتجى

بعد اليوم , سيرتاح العرب والفلسطينيين من فتاوى عوفاديا المتطرفة , لكن هذا العوفاديا أسّس لمدرسة يهودية متطرفة لن تنتهي بل تزداد تطرفاً على تطرفه .. مدرسة عوفاديا المتطرفة كانت مادة خام لصالح القضية الفلسطينية , لم نستغلها في أي موقف أبداً .. 

في إحدى المخيمات الصيفية لإحدى التنظيمات في قطاع غزة نُشرت صور لمجموعة من الأطفال في تلك المعسكرات وهم يحملون السلاح ويتدربون على فنون القنص والنار .. استغلّت الماكينة الإعلامية "الإسرائيلية" تلك الصور أسوأ استغلال وشنّت حملات إعلامية وديبلوماسية ضد المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني على إثر تلك الصور , من وجهة نظري كان يجب ألاّ تخرج تلك الصور إلى العلن لأننا نعرف ونقدر حجم قصورنا الإعلامي والديبلوماسي الدولي مقارنة "بإسرائيل" .. عوفاديا كان يقدّم لنا طيلة حياته المثيرة للجدل والقذارة صوراً أكثر "عنفاً" من تلك التي نشرتها المقاومة الفلسطينية .. لكننا لم نسمع يوماً أنّ الدبلوماسية الفلسطينية استغلّت تسجيلاً مصوراً لعوفاديا وهو يحرض على قتل الفلسطينيين كافة بل والعرب أجمعين .. ولم نشاهد يوماً أفلاماً وثائقية أو تقارير متلفزة حتى عن تصريحات "اللامرحوم" .. ربما يتحدث البعض عن قصور إعلامنا عن ذلك لكن الدبلوماسية الفلسطينية كانت ولا زالت قادرة على ذلك .. لكن !.

أضف إلى ذلك , والقارئ لكتاب الزميل المصري أحمد المسلماني يعلم حجم الخدمات الجليلة التي قدمتها للفلسطينيين مدرسة عوفاديا .. فأتباع عوفاديا ومن على شاكلته من المتطرفين لا يشاركون جيش الاحتلال التجنيد , ولا يشاركون عمال "إسرائيل" العمل .. ويجلسون على ابواب البنوك والمصانع وكل المؤسسات فقط للإفتاء والحصول على رواتب مضاعفة ! ,  .. وبالمُجمل لم تستطع وسائل الإعلام ولا فصائلنا الفلسطينية مواجهة موجة التطرف تلك وحالة الاستهبال الفكري التي يبني عليها المتطرفون في "إسرائيل" مواقفهم لصالح القضية الفلسطينية .. أيضاً عندما انتشرت صورة للمجلس التشريعي الفلسطيني الأخير وظهر في الصورة غالبية "مُلتحية" تناولت وسائل الإعلام "الإسرائيلية" والعالمية تلك الصورة ووصفت الفلسطينيين وسلطتهم بالمتطرفين وبأنهم الوحش الكاسر الذي يُحارب السامية وسيقتل كل "إسرائيلي" يهودي بناء على معتقداته ودينه فقط .. ونجحت بالفعل في حملتها تلك وجعلت "المُلتحي" إرهابي ومعادي للسامية .. وأبعدت الرأي العام العالمي عن فكرة "الشعب المظلوم" أو الشعب المُحتّل .. وسبقتنا خطوات للأمام فأصبحنا نحن "شعب الاحتلال" وأصبح الفلسطيني هو "الإرهابي القاتل" !.

المصيبة الأكبر .. هو تقديس الفلسطينيين لـ "عوفاديا" , فقبل فترة وجيزة تمنّى الدكتور نبيل شعث الشفاء العاجل للحاخام "الإسرائيلي" ! , ويوم وفاته نشرت إحدى وكالات الأنباء المحلية تقريراً عن "اللامرحوم" يتولّد عند قرائته لدى أي قاري عادي شعوراً بالرغبة في البكاء على "موت الزعيم" .. ويفكّر القارئ بعدها أيضاً "بالترحّم" على "الفقيد" !!.

الوكالة قامت بتحرير التقرير وفقاً لمواد إعلامية تم ترجمتها عن عدد من الصحف "الإسرائيلية" .. ولم تستخدم فيها المصطلحات "الإسرائيلية" وحسب بل اليهودية المتطرفة .. وأصبح بوجهة نظر تلك الوكالة "عوفاديا" البطل الهُمام .. الحاخام المظلوم .. المُدافع عن قضيته ويهوديته بعد إجحاف وظلم اللاساميين!! والأهم أنه صديق "فريد الأطرش" !.

عوفاديا مات .. لكن أتباعه يتزايدون .. ومواقفه لا زالت حيّة وخليفته في حزبه المتطرف سيكون أكثر تطرفاً منه .. هل سنستغل هذا التطرف لصالحنا ؟ طالما أن الدبلوماسية الفلسطينية هي الحل الوحيد في الوقت الحالي وعلى أقل تقدير لعقد قادم آخر !؟.

 

المصدر : صحيفة دنيا الوطن الفلسطينية

8/10/2013