أيها الأبيض النحيل ... لأنك آسري كن حذرا ... أيها الأبيض النحيف المتمدن .. لأنك سجاني , توقف عن نزيفي ... أيها الأبيض القادم من باريس , حاول أن تستعيد الذاكرة ... أيها الأنيق المتلعثم , وجه أمك لا ينسجم مع الثواني القادمة ... آتية من ليون أم من كوبنهاغن .. حاملة أوهاما مشوهة وتاريخا بلا سند .. عن ألفي عام مفقودة في صفحات التلمود المحرف ... وحكماء اقرب إلى الجنون وأدمغة مغسولة عن خمسمائة عام قادمة .
أيها النحيف الخجول ... لم تكن خجولا حين رميتني بالرصاص .. وحين أطلقت قذيفة من دبابتك في وجه أبي لم تكن خجولا .. أم كنت مبتسما خجولا وأنت تحصي أعداد قتلاك مني ... ؟؟؟ .
أيها الرشيق المرتبك ... هل كنت في نزهة عندما رأيت وجهك أول مرة ؟؟ أم ان (ميركافاك) مصنوعة من الخشب أو من الطين ؟؟ الم تكن جنازيرها تقف فوق عظام أبي ؟؟ كم زيتونة سحقت وكم هشمت من عظامي ؟؟ .
يا من تصدر وجهك غلاف آلاف المجلات وواجهات الصحف .. من يعرف وجه الآلاف مني ؟؟ يا من بكت عليك نصف نساء أوروبا وكل نساء صهيون .. وكل ساسة بيتك الأبيض .. أنا لا احد يعرفني هناك لأنك تسرقني . أنا لا احد يبكي علي .. لا أريد من احد أن يبكي علي أو يبكيني ... وعظام جدي ومقبرة أهلي ما زالت هنا على ارضي التي سرقتها .. أيها السجان الأبيض النشيط .. كم قتلت مني ؟ وكم أسرت ؟؟ أيها القاتل بقفازي حرير دلني على عظام جدك ... أم نسيت انها في فرنسا ؟؟ أيها القاتل الذي يستحق نوبل للسلاح .. أين تاريخك على ترابي ؟؟ أم انه فوق جثتي ؟؟ أيها الحالم بأرض ليست لك ... هل تذوقت طعم العسل واللبن من هامتي ؟؟ يا سجاني أيها المحرر الطازج .. كيف كان طعم لحمي ؟؟ هل روت ظمأك دماء رفح أم تراها دماء جنين كانت أعذب ؟؟ تريث قليلا ... قاتلي .. حاول أن ترتدي جلدك الحقيقي ...انزع بزتك العسكرية الملطخة بدمي ومزق الرتب .. تأمل وجهك في المرآة وفكر ... كم هو الثمن ؟؟ تذكر وجه أمك ... الكئيب هنا .. وعظام جدك هناك .. رتب حقائبك ثم ضع نظارتيك على مهل كي ترى أفق الصورة بوضوح وقرر : (حول مائدة في دبابة نتفاوض ... وبين أبراج الميركافا نعيش ... المدى اسود والقادم حالك مهلك) ؟ إلى متى ؟!! .
يا سارق بيتي .. أيها الأبيض الوسيم القاتل ... كيف تجرؤ ؟؟ أيها الطفل المدلل .. يا من دميته دبابة .. يا من غطى وجهك ( البريء ) الآلاف مني ولم ير احد آثار مئات السنين من القيود على معصمي .. ألا تريني معصمك الفضي النظيف ؟؟ يا من سرقت الأضواء من فضائيات (الربيع العربي) وتداولك بالتفصيل الممل ( الخريف الغربي) هل تذكر ؟؟ آخر دفقة من رشاشك الجميل كم أصابت ؟ ومن هم ؟ هل تتذكر القذيفة الأخيرة من دبابتك .. متى أطلقتها .. وكم قتلت ؟ أم نسيت وجه آخر طفل سحقته سرفاتها الناعمة ؟؟ هل أحصيت أعداد قتلاك ؟؟ أم نسيت انك كنت تقتل في عز الظهر كي تعرف المقتول ؟؟ .
أيها النحيل المشهور .. خذ شهرتك ... احرق مذكراتك .. اجمع صورك مع الميركافا وارمها في سلة النسيان .. لا تنظر إلى الخلف ... حاول أن تصطحب معك كل الذين أحبوك .. سجانا .. آسرا ... قاتلا غير مقتول ؟ ارتد نظارتيك تمعن حولك .. من أنت ؟؟ أين أنت ؟؟ ألا تشعر بالغربة على ارض هي ليست لك ؟ كيف أتيت ... ومتى ؟؟ اخرج من الدبابة ... امسك بيد أمك وحلق بها إلى ارض أجدادك في باريس أو وارسو أو لندن أو بودابست .. ومن بعيد ... من فوق البحر الأبيض المتوسط وعند آخر مشهد لحيفا من نافذة الطائرة حاول أن تستجمع قوتك وتنسى وجه قتيلك الأخير .. كابوسك الأول .. اسدل ستار النافذة ... ولا تصرخ .. أيها النحيل النحيف الأبيض المرتبك .. لأنك قاتلي .. ولأنك سجاني .. ولأنك سارق بيتي .. ولأنك مرتبك ... ترجل عن دبابتك خذ ارتباكك واحزم مع الأمتعة دماغك ووجه أمك ... وعد إلى تاريخك هناك .. واحتفل تحت برج إيفل ... كي لا تجعل ثمة ( مرة قادمة ) .. لأني يا سارق بيتي ويا قاتلي ... في ( المرة القادمة ) سأريك وجهي لثانية , ثم .......
أحمد أبو الهيجاء
23/10/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"