قصة من قلب المعاناة، وماساة من آلاف المآسي، وفاجعة تكاد تكون نموذج مصغر لتلك الحقبة المؤلمة المظلمة لفلسطينيي العراق ولم تزل فصولها مستمرة وآهاتها متواصلة بعد تلون المظالم وتعدد الانتهاكات بحقهم .
للسنة الرابعة لم يعثر اي اثر على جثمان الفلسطيني الشاب عدي صبحي ابو خليفة ( 28 عاما ) رحمه الله، حيث تم اختطافه من محل عمله العائد لشقيقه هيثم في منطقة بغداد الجديدة في اول ايام رمضان بتاريخ 23/9/2006 من قبل سيارتين مونيكا وثمانية اشخاص ومعهم ملثم، كان ذلك في تمام الساعة الثالثة والنصف ظهرا في اول يوم من رمضان، وخطف معه عراقي سني لديه كشك لبيع الفاكهه امام عمارة الحذاء الذهبي التي يقع فيها المحل.
وعندما اعترضهم احد اصدقاء عدي واسمه رياض وسالهم عن صفتهم ومن اي جهة انتم ؟ فاجابوه: ابعد او نفرغ المسدس براسك!! واتجهوا من منطقة بغداد الجديدة شرقا الى منطقة الكمالية، واللافت للنظر ان هناك نقطتان للتفتيش في هذا الطريق وهذا يدل على التواطؤ الكبير للاجهزة الامنية العراقية مع تلك الميليشيات الطائفية الحاقدة والآثمة.
بعد ذلك وضع عدي في حفرة بمنطقة الكمالية او الفضيلية ومن معه وعدد من المختطفين الابرياء من عدة مناطق واطلقوا النار على رؤوسهم بحسب ما افاد به لاحقا احد الناجين من هذه المجزرة، حيث اصيب هذا الذي نجى في قدمه ولم يمت وبترت على اثرها قدمه لاحقا.
بعد ارتكاب هذه الجريمة البشعة والآثمة بكل المقاييس جاءت سيارة الشرطة وانتشلت جثث الضحايا بضمنهم الفقيد عدي رحمه الله ونقلتهم الى جهة مجهولة، لان ذوي عدي ذهبوا للطب العدلي مباشرة فلم يجدوا صورة الجثة لمدة شهر وكذلك اشخاص آخرين من اقاربهم واصدقائهم علهم يتعرفوا عليه من ملابسه دون جدوى.
ومضت اربع سنوات ولم يعثر على جثته في بلاد تدعي القانون وحقوق الانسان والحرية والديموقراطية!! اضف الى ذلك ان الجهات الامنية متواطئة مع الجناة المجرمين فمن ياخذ لتلك الضحايا حقهم؟! ومن يعيد لهم شملهم او جزء مما كانوا عليه؟ ومن يعاقب القتلة سفاكي الدماء اذا كان كل هذا التواطؤ!
فما هو الذنب الذي ارتكبته العديد من العوائل الفلسطينية في العراق حتى يحصل لهم هذا القتل على الهوية والتشرد، لكن يبدو اصبح الفلسطيني محل تهمة ولابد من تصفيته وتصفية قضيته خدمة لليهود وبني صهيون، فقد قدم اولئك الطغاة خدمات مجانية لاعداء فلسطين بهذه الممارسات الاجرامية.
الآن والد عدي ووالدته كبار بالسن مرضى بضغط الدم وسوفان وضعف في النظر من كثرة البكاء على ولدهم عدي رحمه الله، الوالدة لا تستطيع المشي بسهولة والوالد أصيب بجلطة في القلب وسمعه قليل ولا يستطيع المشي بسهولة، حيث وافقت السويد على توطين ولدهم جمال الذي تزوج في مخيم التنف الصحراوي وانجب طفلا اسماه " عدي " ورفضت السويد اعادة توطين كبار السن الوالد والوالدة.
فبعد ان احتضنوا الطفل عدي الصغير وفرحوا به، عاد ليفارقهم مرة اخرى مع والده الى السويد، فقد تعلقت به جدته تعلقا شديدا لانه يحمل اسم ولدها الضحية، حيث وعدتهم المفوضية ان تاتي موافة سفرهم بعد ولدهم جمال الا انهم فوجئوا بالرفض فتضاعفت المعاناة وتفاقمت المشكلة.
شقيق آخر لعدي وهو الاخ هيثم الذي كان مستهدفا وتم تهديده في بغداد، له اكثر من ثلاث سنوات في السويد ولم يحصل على الاقامة بل تم رفضه عدة مرات، لتضاف معاناة جديدة لتلك العائلة المنكوبة ولا حل في الافق القريب، ولديهم الاخ محمد المقيم في النرويج.
نسال الله تعالى ان يفرج عن ذوي عدي في مخيم الهول الصحراوي ويلم شملهم بابنائهم وعن الاخ هيثم وتنتهي تلك المعاناة، ونساله تعالى ان يتقبل الفقيد عدي رحمه الله في عداد الشهداء ويدخله الفردوس الاعلى ، وينتقم من المجرمين الآثمين الظالمين الحاقدين عاجلا غير آجل.
اعداد موقع" فلسطينيو العراق "
23/9/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"