الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وجنده ، وبعد :
كلنا يعلم ما تعرض له أهلنا في العراق من القتل ظلماُ على أيدي العصابات المجرمة الحاقدة الطائفية ، لذلك أحببت أن أبين هنا بعض الآيات من كلام الله تعالى و من أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام وبعض أقوال العلماء ما أعده الله تعالى للمسلم الذي يقتل ظلما من المسلمين دون أن يشاركوا في معركة في قتال الكفار.
أولا: مكانة الإنسان عند الله تعالى :
كلنا يعلم مكانة الإنسان عند الله تعالى كيف خلق الإنسان وكرمه وقدره ونفث فيه من روحه قال تعالى ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) وقال تعالى( الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ) وكيف ميزه الله تعالى بالعلم وعلمه الأسماء كلها وأسجد له الملائكة وسخر له المخلوقات من حيوان ونبات وغير ذالك ثم يأتي إنسان آخر ويتجبر ويعتدي على خلق ممن خلقه الله تعالى ويزهق أرواح الناس ظلما وعدوانا ، ومعلوم أن القاتل حكمه خالدا مخلدا في نار جهنم قال تعالى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) .
ثانيا : حُرمة دم المسلم :
أن المسلم المعصوم الدم له حرمه عظيمه عند الله تعالى قال تعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) والقتل من الموبقات السبع ففي الحديث الشريف (اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ) أخرجه البخاري ، واعتبر الإسلام أن من قتل نفسا واحدة كأنما قتل الناس جميعا وكذالك فان الإسلام حكم إذا اجتمع عشرة أشخاص على قتل رجل أو امرأة فإنهم يقتلون جميعا لأن الإسلام نظر أن فعل القاتل قد سلب حياة إنسان وحرم المجتمع منه ويتم أطفاله ورمل زوجته وتحدى شريعة الإسلام ومن عظم دم المسلم فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون من قتل المسلم ) .
ثالثا:أقوال العلماء في المقتول ظلما من المسلمين :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مَن قُتل ظلماً : يُعتبر شهيد الآخرة فقط له حكم شهيد المعركة مع الكفار في الآخرة من الثواب ، وليس له حكمه في الدنيا ، فيُغسَّل ، ويصلَّى عليه"ودليلهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي الفجر بالمسلمين ، وعثمان بن عفان رضي الله عنه ، قتله الخارجون عليه ظلماً ، وقد وصفهما النبي صلى الله عليه وسلم بأنهما شهداء .
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى " أُحُدٍ " وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ ، قَالَ : (اثْبُتْ أُحُدُ ، فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ ، أَوْ صِدِّيقٌ ، أَوْ شَهِيدَانِ) رواه البخاري وقد غسلوا وصلي عليهم وروى الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال إذَا جَاءَ الْقَتْلُ مَحَا كُلَّ شَيْءٍ .
وَلِلْبَزَّارِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا ( لَا يَمُرُّ الْقَتْلُ بِذَنْبٍ إلَّا مَحَاهُ فَلَوْلَا الْقَتْلُ مَا كُفِّرَتْ ) وفي الفروع لابن مفلح ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا ) كَقَتِيلِ اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِ ( فَهَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهِيدِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَالرِّعَايَتَيْنِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ ، إحْدَاهُمَا : يُلْحَقُ بِشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ .
وذكرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية باب المراد بالشهيد: الشهداء أصناف كثيرة، ومن جملتهم شهيد المعركة، وهو الذي يموت في معركة القتال، وحكمه أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، ويدفن في ثيابه التي قتل وهي عليه، بعد نزع السلاح والجلود ونحوها. أما بقية الشهداء فكغيرهم من الموتى، يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم، ومن جملتهم من ينقل من المعركة حيا ثم يموت في المستشفى أو غيره، ومنهم المقتول ظلما .
وفي فتاوى الرملي ( سُئِلَ ) عَمَّا يُذْكَرُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ مَا تَرَكَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ ذَنْبٍ هَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَوْ قَتَلَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ ؟ ( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ الْمَقْتُولَ ظُلْمًا تُكَفَّرُ عَنْهُ ذُنُوبُهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَتْلِ مُطْلَقًا كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ ( أَنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا ) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
كل مسلم يقتل ظلماً فله أجر الشهيد في الآخرة ، وأما في الدنيا : فإنه يغسَّل ، ويصلَّى عليه ، ولا يُعامل معاملة قتيل المعركة .
ذهب الفقهاء إلى أن للظلم أثراً في الحكم على المقتول بأنه شهيد ، ويُقصد به غير شهيد المعركة مع الكفار ، ومِن صوَر القتل ظلماً : قتيل اللصوص ، والبغاة ، وقطَّاع الطرق ، أو مَن قُتل مدافعاً عن نفسه ، أو ماله ، أو دمه ، أو دِينه ، أو أهله ، أو المسلمين ، أو أهل الذمة ، أو مَن قتل دون مظلمة ، أو مات في السجن وقد حبس ظلماً . واختلفوا في اعتباره شهيد الدنيا والآخرة ، أو شهيد الآخرة فقط ؟
قال الأستاذ عبد الرحمن بن غرمان بن عبد الله ذهب الجمهور ، من الحنفية ، والحنابلة ، والصحيح من مذهب المالكية ، وقول عند الشافعية: إلى أن مقتول الحربي بغير معركة : شهيد على الإطلاق ، بأي صورة كان ذلك القتل ، سواء كان غافلاً ، أو نائماً ، ناصبه القتال ، أو لم يناصبه .
أما إخواننا في غزة الذين تهدمت عليهم بيوتهم ، فإننا نرجو أن يكونوا شهداء ، وذلك لسببين:
1- أنهم قتلوا مظلومين.
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (صَاحِبُ الْهَدْمِ شَّهِيدُ) رواه البخاري ومسلم .
3- وهنالك سببا ثالثا ، وهو أنهم قتلوا بأيدي الكفار في ساحة المعركة ، فيكونون شهداء في الدنيا والآخرة ، لأن غزة كلها كانت ساحة للمعركة.
واعلموا أيه الأخوة إن الذي يستحل فعل الذنوب مثل الزنا وشرب الخمر وغيرها أي يعتقد إنها حلالا فيعتبر كافرا بإجماع علماء المسلمين فكيف بالذي يستحل دم المسلم وكلنا يعلم إن الذين قاموا بقتل أهلنا في العراق كانوا يستحلون دمائهم وفتاواهم كانت واضحة وظاهره بجواز قتل النواصب ويقصدون بهم أهل السنة ، فكل من استحل ما حرم الله انطبق عليه الحكم .
نحمد الله تعالى على هذه النعمة التي أنعم بها على من قتل ظلما من المسلمين وندعو الله تعالى أن يجازي أهلهم وذويهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة وان يجازي قتلتهم بما يستحقون إنه على كل شيء قدير .
بذلك أحببنا أن نسلي ونواسي أهلنا وأحبابنا ممن فقدوا شخصا على يد تلك العناصر الآثمة ، ونذكر لهم هذه الحقائق عسى أن تخفف عنهم وتزيل همومهم ، ونسأل الله الرحمة والمغفرة لجميع شهدائنا – بإذنه تعالى – ولذويهم الصبر والسلوان .
28/4/2009
إعداد : ياسر الماضي
هذا الخبر حصري لموقع " فلسطينيو العراق "
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"