كلمة الشيخ أيمن الشعبان عبر الهاتف في مؤتمر "اللاجئون الفلسطينيون في العراق "

بواسطة قراءة 4062
كلمة الشيخ أيمن الشعبان عبر الهاتف في مؤتمر "اللاجئون الفلسطينيون في العراق "
كلمة الشيخ أيمن الشعبان عبر الهاتف في مؤتمر "اللاجئون الفلسطينيون في العراق "

ألقى االشيخ أيمن الشعبان الباحث المختص بشأن الفلسطينيين في العراق كلمة عبر الهاتف عصر يوم السبت الموافق 22/3/3008 ضمن فعاليات مؤتمر اللاجئون الفلسطينيون في العراق بين الواقع والحلول ، المقام في جامعة القدس في أبو ديس بفلسطين في الجلسة الثالثة للمؤتمر ، وتضمنت الكلمة ملخص للمعاناة والمأساة وتقييم المراحل التي مضت طيلة الخمس سنوات الماضية وتوصيات عملية لإيجاد حلول من شأنها التخفيف عما يحصل لهم من معاناة ومآسي ، وفيما يلي نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :

قال تعالى ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) .

في البداية نشكر القائمين على هذا المؤتمر لما له من الأهمية في نصرة قضية اللاجئين الفلسطينيين في العراق والتضامن معهم واستشعار معاناتهم ومحاولة التخفيف عنهم ، في الوقت الذي أهملت وضيعت وأغفلت .

وقبل الدخول في مضمون كلمتي لابد من التنبيه على بعض الأمور :

-         العدد الحقيقي والفعلي للفلسطينيين في العراق بحسب آخر إحصائية للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين عام 2003 هو 23000 فلسطيني ، بخلاف ما يتم ذكره في كثير من المناسبات والمؤتمرات ، والآن يوجد في العراق قرابة ال 10000 بعد تهجير ونزوح وتشريد وشتات قرابة النصف .

-         النكبة التي حلت بالفلسطينيين في العراق فاقت ما تعرض له آباؤنا وأجدادنا بالنكبة الأولى عام 1948 .

-     الاحتلال الأمريكي يتحمل المسؤولية الأساسية إزاء كل ما حصل ، وهذا لا يعني براءة الحكومة العراقية والميليشيات الطائفية بل كان دورها أشد وأنكى .

-     بحسب ما قمنا به من عدة دراسات ميدانية ومعاصرتنا للأحداث فالاستنتاجات الواقعية  أن هنالك دوافع طائفية وفئوية وعرقية وراء أغلب عمليات الاستهداف ، ولدينا من الشواهد والوثائق والبراهين الشيء الكثير بوجود نوايا سيئة ومبيتة لاستهداف الوجود الفلسطيني على الهوية واستئصالهم ، ونحن على استعداد لتقديمها لمن يطلبها ، والعجب كل العجب أن الإدارة الأمريكية وكثير من الساسة والمسؤولين العراقيين وبعض المنظمات الإنسانية كمنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش أكدوا تلك الحقائق والكثير منا للأسف لازال يشكك !!!.

-         للأسف تم خذلاننا من معظم الدول العربية بمواقفهم المخزية ، فبعض الدول طرد الفلسطيني القادم من العراق بعد دخوله ، وأخرى منعت الفلسطيني من الدخول بتاتا ، والدول القليلة التي تسمح لنا بالدخول يكون فيها تضييق وعناء لمجرد معرفة أصولنا وولادتنا في العراق ، في الوقت الذي تفتح دول أوربا الغربية والشرقية وأمريكا اللاتينية وشبه القارة الهندية أبوابها للاجئين والمهجرين والمشردين من الفلسطينيين .

إن محنة اللاجئين الفلسطينيين في العراق خلال السنوات الماضية حقيقة مؤلمة وفترة مظلمة وحقبة محزنة ، مرت بعدة مراحل بعد احتلال العراق مباشرة ، ولابد من الوقوف عليها بشئ من الإيجاز لمعرفة التصور الحقيقي والواقعي والموضوعي للمشكلة ، كي نضع الأمور في نصابها ونعطي توصيات عملية مثمرة تتناسب وحجم الفاجعة والملمة لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره وصحة الانتهاء من صحة الابتداء ، والمراحل على النحو التالي :

المرحلة الأولى ( مرحلة ترقب ) ( عام 2003 ) : حيث بدأت مرحلة ترقب جديدة على عموم الفلسطينيين وعلى جميع الأصعدة الأمنية والسياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، بعد أن حصلت فوضى عارمة في البلاد ولا يعلم ما هو مخبأ لهم في المستقبل القر يب .

المرحلة الثانية ( مرحلة حيطة وحذر ) ( عام 2004 ) : في هذه المرحلة بدأت تتضح معالم الحكومة الجديدة وبروز بعض الفئات والقوميات والطوائف والتكتلات على حساب الأخرى ، والفلسطيني ليس بمنأى عن تلك التشكيلات بحكم تعايشه ، فكان مؤشرا لبداية معاناة وحقبة جديدة تلوح مخاطرها في الأفق القريب ، مع أننا لزمنا الحياد والابتعاد .

المرحلة الثالثة ( بداية الاستهداف ) ( عام 2005 ) : ظهرت موجة من التحريض الإعلامي المكثف ضد الوجود العربي عموما والفلسطيني خصوصا تكللت باعتقال أربعة فلسطينيين أبرياء وإظهارهم على قناة العراقية وإجبارهم بالقوة على الإدلاء باعترافات انعكست بشكل سلبي وكبير على عموم الفلسطينيين في العراق ، حيث بدأ التضييق والاستهداف والملاحقة وبدأت مرحلة جديدة تختلف عن سابقاتها .

المرحلة الرابعة ( عام النكبة ) ( عام 2006 ) : من أشد الأعوام ضراوة وأكثرها قساوة وأصعبها على النفوس ، حيث تضاعفت الانتهاكات وكثرت الاعتقالات وازدادت حالات الخطف والتعذيب لا سيما بعد أحداث المساجد في 22/2/2006 واشتد الخناق على عموم الفلسطينيين في شتى المجالات ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وانعدمت أدنى وسائل المعيشة الإنسانية .

المرحلة الخامسة ( عام الهجرة والشتات ) ( عام 2007 ) : كنتيجة طبيعية لما تعرضنا له من ممارسات وتضييقات ومضاعفة للمعاناة وعدم وجود بصيص أمل في حل المشكلة التجأ الغالبية لخيار الانتقال والهجرة والشتات بحثا عن حلول فردية ، مع أن نسبة منهم أجبروا على المغادرة وطردوا من مساكنهم ، فمخيم الوليد على الحدود العراقية يحوي 1800 فرد ، ومخيم التنف بين الحدود السورية العراقية فيه أكثر من 700 فرد ، ومخيم الهول داخل الأراضي السورية فيه 310 فرد ، وفي الهند 237 فرد ، وفي قبرص قرابة 2000 فرد ، و100 إلى كندا ، و100 إلى البرازيل ، و125 إلى تشيلي ، وهنالك قرابة 1000 في السويد ، وقرابة 2000 توزعوا على دول عربية بشق الأنفس وبصعوبة كبيرة وعدد غير قليل وصل تركيا واليونان وبعض دول أوربا وفنزويلا وأندونيسيا وماليزيا وتايلند ونيجيريا وجنوب أفريقيا ، فكان لنا النصيب الأكبر من الشتات في دول العالم .

المرحلة السادسة ( جني الرماد ) ( عام 2008 ) : بعد تحسن نسبي في الملف الأمني في بغداد إلا أن الآثار التي ترتبت وتراكمت على ما مضى من جروح ومحن بلغت ذروتها فهنالك أشبه بالحصار وخطورة في التنقل ودخول المؤسسات العراقية وارتفاع نسبة البطالة ناهيك عن أوضح مظهر وأبرز معلم للفلسطينيين هو التشرذم والتشتت وتفسخ النسيج العائلي والروابط الأسرية ، إذ لا تكاد تجد عائلة فلسطينية تقيم الآن في مكان واحد أو حتى في مكانين ، لذلك لابد من معرفة أمر وهو أن المشكلة غير مقتصرة على الملف الأمني ، فبسبب هاجس الخوف وعدم الاطمئنان واضطراب الوضع القانوني وعدم توفر أدنى مقومات الحياة الإنسانية ( صعوبة في العمل والتنقل وإظهار الهوية الفلسطينية ) كل ذلك يعقد المسألة ويضطرنا لمضاعفة الجهود وأخذ الأمور بجدية والسعي لإيجاد حلول شاملة على المديين القريب والبعيد .

بعد ذلك التصور والواقع المأساوي والتوصيف الحقيقي الذي تم رصده ميدانيا ، لابد من حلول ناجعة وتوصيات عملية تنقذ ما يمكن إنقاذه أو تخفف من تلك المعاناة وضنك العيش ولو جزئيا :

1-    تشكيل لجنة رسمية شعبية منبثقة من المؤتمر تحت مسمى ( فلسطينيو العراق ) تقوم بدراسة ومتابعة وتقييم كل ما يتعلق بالفلسطينيين في العراق وأماكن شتاتهم .

2-    عمل دراسة مكثفة ومركزة وشاملة تظهر الآثار السلبية على احتلال العراق والتضييق الذي حصل للفلسطينيين في العراق بمختلف مناحي الحياة وانعكاساتها على المستويات القانونية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية .

3-    اعتبار قضية الفلسطينيين في العراق جزءا لا يتجزأ من القضية الفلسطينية الأم وطرحها على كافة المستويات والأصعدة واستثمار كل المحافل والتجمعات الرسمية والشعبية .

4-    يجب التعامل مع قضية ( فلسطينيو العراق ) من ناحية إنسانية محضة وأن لا نجد المبررات والعوائق السياسية لحين نقلهم إلى بر الأمان ولو جزئيا .

5-    العمل بكل ما أوتينا من قوة لإيجاد مكان آخر كبديل آمن يضمن أدنى مقومات الحياة الإنسانية وإن تحسن الوضع الأمني نسبيا لأن الأمر أصبح تراكمي والمعاناة تعدت الملف الأمني .

6-    تكثيف الجهود الرسمية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية وأعضاء اللجنة التنفيذية ودائرة شؤون اللاجئين فيها والسلطة الوطنية وجميع فصائل المقاومة الإسلامية والوطنية والعمل الجاد على وضع حد لتلك المأساة.

7-    يجب طرح القضية وبشكل قوي وحقيقي على الأمم المتحدة من خلال السفير الفلسطيني فيها وتقديم كل الوثائق والشواهد والمعلومات المتعلقة بتلك المعاناة .

8-    طرح القضية وبشكل جدي على الجامعة العربية من خلال السفير الفلسطيني فيها ، وكذلك في اجتماعات وزراء الخارجية العرب والمشرفين خلال جلساتهم الدورية .

9-    ضرورة طرح القضية وبشكل قوي وإدراجها ضمن جدول أعمال القمة العربية القادمة المزمع عقدها في دمشق ، والضغط على الدول العربية لتقديم كافة التسهيلات للفلسطينيين في العراق لا سيما السماح لهم بالدخول والعمل والإقامة بجواز السلطة الفلسطينية أو وثيقة السفر .

10-   على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الإسراع لتسجيل الفلسطينيين في العراق في سجلاتها وشمولهم برعايتها وتصحيح الخطأ التاريخي الفادح في ذلك .

11- على جميع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الحقوقية العمل لتشكيل لجنة حقوقية قانونية لتقصي الحقائق في كل الانتهاكات والجرائم والمجازر وتقديم المسؤولين عنها للقضاء واعتبارهم مجرمي حرب ومنتهكين لحقوق الإنسان ، ومتابعة أحوال المعتقلين وظروف اعتقالهم في المعتقلات الأمريكية والعراقية .

12- على وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والدولية المرئية والمسموعة والمقروءة والألكترونية تكثيف الجهود وعمل برامج متخصصة وطرح كل ما يخص الفلسطينيين في العراق بشكل موضوعي وحيادي وعلى كافة الأصعدة .

13- على جميع المنظمات والهيئات والجمعيات الإنسانية والإغاثية تقديم المساعدات والمعونات الطبية والغذائية لعموم الفلسطينيين في العراق ، لا سيما في مخيمات الوليد والتنف والهول والهند .

14-  الضغط على الحكومة العراقية لاعتبار الفلسطينيين في العراق مقيمين إقامة دائمية لهم كامل الحقوق العراقية عدا الجنسية وإصدار جوازات سفر عراقية مؤقتة أو تسهيل إصدار وثائق سفر عراقية معترف بها دوليا وتعميمها على السفارات العراقية والسماح لهم بالمغادرة والعودة دون مضايقات .

15-  المحافظة على كامل حقوق اللاجئين المتواجدين حاليا في العراق والذين اضطروا لمغادرة البلاد .

16-  العمل على تسهيل إصدار جوازات السلطة الفلسطينية لفلسطينيي العراق وإعفائهم من رسومها نظرا لأوضاعهم المأساوية .