شاب فلسطيني اسمه فراس كان يسكن مع عائلته الفقيرة في منطقة الدورة ، كان قد اشترى سيارة لكي يعمل عليها ويكسب لقمة العيش في عام 1997 وفي ظل الظروف الصعبة التي مر بها العراقيون بسبب الحصار ، لم يكن مسموح للفلسطيني أن يسجّل أي شيء باسمه ( وهذه من بركات النظام السابق الذي نُسبنا إليه ظلما وزورا ) فاضطر أن يسجّل سيارته باسم أحد الأصدقاء العراقيين ممن يثق بصدقهم وأمانتهم ، وبعد الاحتلال تعرضت هذه العائلة لمضايقات في محل سكنها فاضطروا للمغادرة والانتقال إلى مكان آخر مع المهجّرين الآخرين ضمن مخيم في نادي حيفا الرياضي ، إلى أن تخصص سكن لكل هؤلاء بإشراف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ، حيث قامت بإسكان المشردين في مناطق مختلفة وبشقق صغيرة الحجم .
أراد فراس أن يبيع سيارته لعراقي قريب على المجمع السكني للفلسطينيين في منطقة البلديات ، فلابد من حضور صديقه الذي سجل سيارته باسمه ، فتفاجأ بأنه قد انتقل من منطقة الدورة إلى منطقة التاجي بسبب القتل الذي تعرض له عدد من أقاربه ، وفي يوم من أوائل شهر تموز الماضي اتفقوا على اللقاء في منطقة الكاظمية كحل وسط لإكمال تحويل ملكية السيارة إلى مالكها الجديد ، لصعوبة حضور أي جهة إلى الطرف الآخر .
توجه فراس صباحا مع من اشترى السيارة وعندما وصلوا لنقطة تفتيش في منطقة الكاظمية ، طلبوا هوياتهم ، فأظهر لهم هوية مديرية الإقامة التي تثبت بأنه فلسطيني مقيم ، فسرعان ما انهالوا عليه بالشتائم والضرب ، وعندما عرفوا صاحبه عراقي قالوا له : ما الذي جمعك بهذا النجس !!! يا سبحان الله الفلسطيني المسلم العربي المستضعف المسكين المظلوم المغلوب على أمره يوصف بالنجاسة !! من غير مبرر إلا لأنه فلســــــــــــــــــــــــــــــــــطيني ؟!! والمحتل وأذنابه يصولون ويجولون ويعبثون في البلاد ويُصفق لهم حتى أصبحوا أهل الديار ، ويوصف بالمحرر والديمقراطي وهذه العبارات البراقة الكاذبة التي يضحكون بها على الذقون .
ومباشرة اعتقلوا فراس وصاحبه وسرعان ما تبرأ صاحبه منه وأطلقوا سراحة على أن لا يلتقي به ولا يتقرب منه ، وحجزوه في مركز شرطة الكاظمية ، ووضع في حجرة رائحتها كريهة جدا وفيها ضرب شديد للمعتقلين ، وسرعان ما أعطى أحد الحراس مبلغ من المال وانتقل إلى غرفة لا يوجد فيها ضرب ، وتفاجأ بوجود عدد من العرب من يمانيين وأردنيين وجنسيات أخرى لهم شهور ولا أحد يسأل عنهم ، ما هي تهمتهم ؟! إنهم إرهابيون !! لماذا ؟ لأنهم عرب !!
وفي اليوم التالي وبعد أن علم شقيق فراس بالأمر ذهب لمركز الشرطة حتى يثبت لهم بأنه شقيقه غير مذنب وهو مولود في العراق ، فطلبوا منه بطاقات الهاتف النقال وبعض المبالغ لكي تنتهي القضية ، وأظهر لهم نفس هوية مديرية الإقامة ، وقال للضابط لماذا لا تعتقلني أنا كذلك فلسطيني وهذه نفس هوية شقيقي ؟!! قال : لا هذه تختلف لا علاقة لك بالموضوع ، هذه يدل على اضطراب في التعامل واجتهاد في التصرفات واللعب بشعور وعواطف الناس وتخويفهم بهذا النموذج والعينة الحقيقية من المعاناة ، وهذا على سبيل المثال لا الحصر فالقصص كثيرة والمآسي عديدة .