فلسطينيو العراق من شتات إلى شتات

بواسطة قراءة 1702
فلسطينيو العراق من شتات إلى شتات
فلسطينيو العراق من شتات إلى شتات

فلسطينيو العراق يبدأون شتات المخيمات

 

غرباء يعتمدون على منظمات الإغاثة بعد سلبهم كل ممتلكاتهم

 

حسين العوامي- عبد الوهاب صالح العريض

 

  سألنا مرافقنا صاحب السيارة ونحن نجتاز ساحة الفردوس عن سبب قلة زيارات الصحفيين العرب للعراق بعد سقوط النظام، مقارنة بالصحفيين الأجانب.. قدمت له تبريرات، كان واضحاً عليه عدم الاقتناع بما قدمته من أسباب.

 

   إلى جانب الصحفيين العرب والأجانب، الذين تراهم في أغلب شوارع بغداد ومطاعمها، يبحثون عن خبر أو معلومة أو تحليل، كان هناك ممثلو المنظمات الإغاثية والإنسانية والطبية ومنظمات حقوق الإنسان، الذين يسعون إلى تقديم يد العون لأبناء الشعب العراقي.

 

   بالإضافة إلى هؤلاء كان هناك رجال أعمال غالبيتهم من الأجانب يبحثون عن عقود يقدمها لهم الحاكم المدني الأعلى في العراق بول بريمر، حيث تولدت قناعة ان العقود ستكون في غالبها للأمريكيين، ثم البريطانيين والحلفاء عموماً، أما الفتات فسيلقى به للآخرين. وهناك رجال أعمال عرب ، يبحثون عن عقود من الباطن مع الشركات الغربية الفائزة بالعقود.

 

   تجار التهريب كانوا هناك أيضاً، كانوا في الغالب أتراك أو سوريون أو أردنيون، بعضهم تجار شنطة، يأتون إلى بغداد ليبيعوا ويشتروا ويعودوا إلى بلدانهم، والبعض الآخر بضاعتهم لا تستوعبه شنطة، فبعضهم جاء يبيع أو يشتري سيارات أو مولدات كهرباء بالجملة وأشياء أخرى، من ضمنها الذهب والعقارات وحتى التحف الفنية الأثرية المسروقة من المتاحف والقصور.

 

   من إيران والهند والباكستان ودول أخرى كان زوار العتبات المقدسة، الذين ينتشرون بكثافة في المدن المقدسة، في كربلاء والنجف وبغداد وسامراء، جاءوا بأطفالهم للزيارة، يتنقلون على شكل مجموعات، رضا علي القادم من إيران قال لنا: بدأنا التوافد على العراق بعد أسبوعين من سقوط بغداد.

 

   حين كنا نبحث عن أحد المواقع توقفنا لنسأل أحد باعة الفلافل في كشك صغير في حي الكرادة، وصف لنا الموقع، كان يتحدث بلهجة عراقية، تختلط فيها اللهجة المصرية، حين سألته هل أنت مصري، تردد في الأجابة، وحين أيقن أننا لسنا عراقيين، أجاب مؤكداً كونه مصرياً. قال: أنا أعيش في العراق منذ قرابة 15 عاماً، ولم أعد إلى مصر طوال تلك السنوات.

 

   سألته: هل المصريون في العراق كثيرون؟

 

   قال: في كل حي من أحياء المدن العراقية ستجدنا، لقد ذبنا في النسيج العراقي، تزوج بعضنا عراقيات، وأصبحنا نتكلم لهجتهم.

 

   في شوارع بغداد تحديداً، لن تعدم ان تجد سوادنيين، حالهم كحال أشقائهم المصريين، مندمجون في النسيج العراقي، لا تستطيع اكتشافهم إلا من لون بشرتهم، ولكنهم في صلاة الجمعة يحرصون على ارتداء الزي الوطني السوداني (الثوب والعمامة والطويلة.

 

   بشير فتح الله (سوداني يقيم في العراق منذ 20 عاماً) قال: المصريون والسوادنيون والفلسطينيون والأردنيون وقليل من السوريين هم أكثر العرب الذين تجدهم هنا في العراق، الشعب العراقي بطبيعته منفتح على الآخرين، سواءً كانوا عربا أو مسلمين، هم لا يشعروننا بأننا   أجانب، ومن السهل على القادم من خارج الحدود ان ينسجم مع هذا الشعب الودود.

 

   لكنك حين تزور المخيم الذي أقيم على عجل لبعض الفلسطينيين في شارع حيفا وسط بغداد، فقد تتبدد لديك هذه الصورة، فلقد أخرجوا من بيوتهم إلى العراء.

 

   يقول جهاد تيسير (فلسطيني في الخامسة والأربعين من العمر): قبل ربع قرن انتقلت من مخيم البقعة في عمان إلى بغداد، جئت باحثاً عن عمل، وبعد ان استقر وضعي المالي، تزوجت والآن لدي 7 أولاد، أكبرهم كان يدرس في السنة الثانية في كلية الطب بجامعة المستنصرية، وأصغرهم في عامه الثالث.

 

   توقف جهاد عن الحديث، ليمسح دموعه ثم قال: تصور بعد 20 عاماً، أخرجنا المستأجر من البيت الذي كنا نسكنه، كانت قوانين الحكومة العراقية السابقة تتشدد في إخراج المستأجر من المنزل، ولكن حين أصبحت بغداد بلا حكومة ولا نظام أخرجنا.. تصور لم يهملنا إلا 3 أيام.

    رغم ذلك فإن جهاد كان يحمل نفس وجهة نظر السوداني فتح الله، حول ان الشعب العراقي  ودود ويرحب بالآخرين، قال لنا وهو يودعنا: صاحب المنزل لا يمثل كل العراقيين الشرفاء، ذوي الشعور القومي القوي.

 هو حالة شاذة.

 الحاجة أم محمد (فلسطينية، في العقد السابع من عمرها) قالت: هل كتب الله علينا يا ولدي ان ننتقل من مخيم إلى آخر؟