بسم الله الرحمن الرحيم
فلسطين بلد لا يمكن تلخيصه... على كل رابية قبر شهيد... وفي كل قرية ومدينة حكاية لا تنتهي... وحكايتنا هنا "الطنطورة" والطنطورة جزء من فلسطين... ولمن يجهل الطنطورة نقول له..
الطنطورة قرية تقع إلي الجنوب من مدينة حيفا، وتبعد عنها 24 كم وترتفع 25 كم عن سطح البحر، وتقوم القرية علي بقع دور الكنعانية وتعني المسكن. وتبلغ مساحة أراضيها 14520 دونما وتحيط بها قري كفر لام، الفريديس، عين غزال جسر الزرقاء وكبارة، قدر عدد سكانها سنة 1929 حوالي 750 نسمة وفي عام 1945 حوالي 1490 نسمة، قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم القرية وتشريد أهلها البالغ عددهم عام 1948 حوالي 1728 نسمة وكان ذلك في 23 -5-1948. وعلى انقاضها اقيمت مستعمرة نحشوليم عام 1948 ومستعمرة دور عام 1949. مجزرة الطنطورة.
أكد عدد من المؤرخين العرب واليهود أن مجزرة الطنطورة تعتبر أبشع المجازر التي ارتكبتها الصهيونية في فلسطين والبالغة نحو ثمانين مجزرة وكانت وحدة ألكسندروني في الجيش الإسرائيلي قد اقترفت في 23 مايو/أيار المجزرة بحق أهالي قرية الطنطورة قضاء حيفا غداة احتلالها، وقامت بتهجير السكان للضفة الغربية والأردن وسورية والعراق ويشير المؤرخ مصطفى كبها إلى أن الجيش الإسرائيلي اختار الهجوم على قرية الطنطورة -التي بلغ عدد سكانها 1500 نسمة- كونها الخاصرة الأضعف ضمن المنطقة الجنوبية لحيفا، بسبب موقعها على ساحل البحر المتوسط ولكونها سهلة الاحتلال بعكس سائر القرى المجاورة على قمم جبل الكرمل وأشار كبها إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف القرية في ليلة الـ22 من مايو/أيار بقصفها من البحر قبل مداهمتها من جهة الشرق في نفس الليلة. ولاحظ أن جيش الاحتلال اختار الطنطورة بالذات لا لسهولة مهاجمتها فحسب بل لكونها مرفأ كان يصل منه السلاح للفلسطينيين. وقال "تركت المجزرة في الطنطورة أثرا بالغا على الفلسطينيين في القرى المجاورة ومهدت لتهجيرهم وفي المقابل أكد المؤرخ الإسرائيلي تيدي كاتس -الذي تعرض لدعوى تشهير من قبل وحدة ألكسندروني بعد كشفه عن ملابسات المجزرة في الطنطورة بدراسة ماجستير في جامعة حيفا عام 1998- أن الشهادات التي حاز عليها تشير لسقوط 230 فلسطيني في المجزرة.
وأوضح كاتس -الذي سحبت جامعة حيفا اعترافها برسالته الأكاديمية بعد الضجة الإعلامية التي أثارها الكشف عنها وقتذاك- أن موتي سوكلر حارس الحقول اليهودي في تلك الفترة قد كلف من الجيش الإسرائيلي بتولي دفن الموتى موضحا أنه كان قد أحصى الضحايا بعد قتلهم على شاطئ البحر وداخل المقبرة.
ومن جهته اعتبر المؤرخ إيلان بابه أن خطورة مجزرة الطنطورة واختلافها عن سائر المذابح في فلسطين لا يعود فقط لحجم ضحاياها بل لارتكابها على يد جيش إسرائيل بعد أسبوع من إعلان قيام دولة اسرائيل وذكر بابه أن مجزرة الطنطورة التي وقعت بعد نحو شهر من مجزرة دير ياسين استهدفت تحقيق الهدف الصهيوني المركزي المتمثل بتطهير البلاد عرقيا بقوة السلاح وترهيب المدنيين وتهجيرهم ويؤكد الحاج فوزي محمود أحمد طنجي، أحد الناجين من المجزرة والمقيم حاليا في مخيم طول كرم أن قشعريرة تجتاحه كلما يتذكر كيف ذبح أبناء عائلته وأصدقاؤه أمام ناظريه.
وروى طنجي، الذي دخل عقده الثامن، أن أبناء القرية دافعوا بشرف عنها منذ منتصف الليل حتى نفذت ذخيرتهم في الصباح. وروى طنجي أن الجيش فصل بين الرجال ممن أجبروا على الركوع وبين النساء والأطفال والشيوخ، مشيرا إلى أن أحد الجنود حاول الاعتداء على فتاة من عائلة الجابي، فنهض أبوها لنجدتها فقتلوه طعنا بالحراب، بينما واصل الجنود تفتيش النساء وسرقة ما لديهن من حلي والمجوهرات ويستذكر طنجي أنه في الطريق للبيت بحثا عن السلاح أطلق الجنود المرافقون له النار على سليم أبو الشكر (75 عاما). وقال "عندما وصلنا البيت كان الباب مقفلا، والدماء تسيل من تحت الباب، فخلت أنهم قتلوا أمي فدخلت ودموعي على خدي فوجدت كلبي مقتولا، ولم أجد أمي فقلت لهم لا أعلم أين أخفت أمي السلاح، فدفعني أحد الجنود وأرجعوني نحو الشاطئ وفي الطريق أطلقوا الرصاص على السيدتين عزة الحاج ووضحة الحاج". ويؤكد الناجي من المجزرة أن الجنود صفوا ما يتراوح بين عشرين وثلاثين شابا بالقرب من بيت آل اليحيى على شاطئ البحر وقتلوهم.
ويوضح كيف أمروه وآخرين بحفر خندق بطول أربعين مترا، وبعرض ثلاثة أمتار، وعلى عمق متر واحد، ثم بدؤوا بأخذ ما بين ثمان وعشر رجال لنقل الجثث ورميها بالخندق وعندما حاول فيصل أبو هنا، مقاومتهم، قتلوه بحراب البنادق. وقال "لو عشت ألف سنة لن أنسى ملامح وجوه الجنود فقد بدوا لي كهيئة الموت، وأنا أنتظر دوري متيقنا أنها لحظاتي الأخيرة وهكذا هي الديمقراطية بنظر الغرب والصهيونية ومن غرائب الأمور ولشهود كثر يقولون بان الغيوم فوق قرية الطنطورة تتخذ أشكال غريبة مثل أشكال الأفاعي وغيرها من المناظر المرعبة بعد المجزرة حتى اليوم ولا يعرفون ما هي تلك الظاهرة الغريبة نحن نوفر عليهم العناء ونقول لهم السر هي الدماء الطاهرة والزكية التي روت كل شبر من القرية أنها المسك الذي يتبخر إلى الجو ولا يغادر الأرض التي غذت تلك الغيوم لتبقى وبالا على اليهود حتى عودة أهلها".
خواطر
قسما بعزة ربنا أنا ما نسيتك قريتي
ما زلت مشتاقا إليك أتوق يا طنطورتي
من يوم نكبتنا أعيش على لقاء الربوة
شوقي ينازعني إليك إلى حديث الجدة
تلك المشاهد لم تزل في خاطري يا فلذتي
من يومها والدمع في عيني يعطر جبهتي
والجفن لم يغمض ولم يرتاح فوق وسادتي
إني نقشتك في الفؤاد على يسار الكلية
بدمي كتبت حروف اسمك في سجل العودة
مفتاح بيتي لم يزل وعقال راسي حطتي
قمباز جدي والكوشان وخارطات حكورتي
والأهل والأتراب والجيران كل عشيرتي
صور تجول بخاطري في يقظتي في غفوتي
يا ويح قلبي كم تحمل من عذاب الغربة
ستين عاما والطعام على بيادر حصتي
هو بانتظار رجوعنا للأرض بعد الهجرة
أواه ما أقسى الحنين على شيوخ القرية
بالله إن حان الرجوع خذوا إليها وردتي
وخذوا إليها من محارم ذكرياتي قبلتي
وإذا سقطت مدرجا بدمي فهاك وصيتي
فرغ رصاصك في عدوي يا رفيق مسيرتي
والثار لمن سقطوا بها بالأمس أهلي عزوتي
وإذا ارتقيت إلى الرفيق فادفنوني إخوتي
بجوار أولادي وأمي مع أبي وحفيدتي
2009-07-07
بقلم الزيداني
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"