صفقة
غامضة تستهدف الفلسطينيين، إنها صفقة القرن التي أطلقها الرئيس الأمريكي”دونالد
ترمب” لتصفية القضية الفلسطينية وانتدب لها صهره “جاريد كوشنر” الذي قام بجولات
مكوكية في دول الشرق الأوسط من أجل التهيئة لهذه الصفقة التي ما زالت كثير من
موادها غامضة حتى اللحظة.
ومع قرب طرحها للإعلام
والمباشرة بتنفيذها، يقرأ التقرير الآتي لجريدة “البصائر” أهم خبايا الصفقة التي
كشفت عنها وسائل إعلام عربية ودولية.
صفقة
القرن وفصل جديد ضد الفلسطينيين
كان أول من نطق بمصطلح “صفقة القرن” في وسائل الإعلام والتي تعني
أمريكيا "خطة السلام" الفلسطينية مع الكيان الصهيوني، هو الرئيس المصري
عبد الفتاح السيسي
كان أول من نطق بمصطلح
“صفقة القرن” في وسائل الإعلام والتي تعني أمريكيا "خطة السلام"
الفلسطينية مع الكيان الصهيوني، هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في
نيسان/أبريل 2017، وذلك بعيد لقائه مع الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض.
وقال السيسي في وقتها:
“إن "السلام" بين الكيان الصهيوني (إسرائيل) وفلسطين سيكون صفقة القرن”،
بعد ذلك تداولت وسائل الإعلام الغربية والدوائر السياسية في واشنطن والاتحاد
الأوروبي هذا التوصيف على نطاق أوسع، في ظل تسريبات ومعلومات كثيرة ومتناقضة في
بعض الأحيان تنقلها الصحف الغربية عن مصادر مجهولة، إلا أنه بعد قرابة العامين على
طرح مصطلح هذه الصفقة لم يفصح أي مسؤول غربي عن تفاصيلها كافة واكتفى الجميع
بإشارات هنا هناك.
أهم
بنود صفقة القرن المسربة
مع قرب طرحها للعالم في
شهر حزيران/يونيو القادم انتقدت صحف عربية، تصريحات المستشار السياسي للرئيس
الأمريكي “جاريد كوشنر” الأخيرة بشأن ما يعرف بـ “صفقة القرن”.
إذ كان كوشنر قد قال في
الثاني من أيار/ مايو الجاري إن صفقة القرن قد تخلو من “حل الدولتين”، كما ستكون
القدس “عاصمة "إسرائيل" الأبدية” وذلك خلال ندوة لمعهد واشنطن لسياسات
الشرق الأدنى، وأضاف كوشنر أنه من المزمع أن يتم الكشف عن تفاصيل الصفقة في شهر
حزيران/يونيو القادم بعيد شهر رمضان.
الكاتب الفلسطيني “يحيى
رباح” قال من جانبه: “نحن فلسطينياً في حالة مواجهة كبرى مع صفقة القرن التي لا
يوجد أمامها سوى الفشل، شرعيتنا الفلسطينية جعلت إسقاط هذه الصفقة على رأس
أولوياتنا الوطنية، لأن العقل السياسي الأمريكي "الإسرائيلي" الذي نتجت
عنه هذه الصفقة هو عقل عنصري واستعماري، تعامل مع شعبنا كما لو أنه غير موجود
إطلاقاً وانه مجرد فرضية ليس إلا”.
أما الكاتب “عبد الناصر
النجار” فقد حذر من أن صفقة القرن والإجراءات الصهيونية العدوانية المتوقعة على
هامش الصفقة مثل ضم المستوطنات وجزء كبير من مناطق (ج) في الضفة الغربية هي وصفة
لإشعال فتيل الانتفاضة الثالثة، مشيرًا إلى أن المنطقة ستدفع كلها نحو المواجهة
وربما الحرب، ولن يعاني الشعب الفلسطيني وحده، لأن "الإسرائيليين"
سيعانون أيضاً إذا لم يتحركوا لوقف هذا التحرك الذي وصفه بالجنون، بحسبه.
رسائل ترمب عبر مبعوثه إلى المنطقة “جايسون غرينبلات” أو صهره
“جاريد كوشنر” لم تترك مجالاً للشك في أن ما يحاك ويخطط له هو ببساطة تصفية القضية
الفلسطينية تمامًا
ويشير كثير من
المراقبين إلى أن رسائل ترمب عبر مبعوثه إلى المنطقة “جايسون غرينبلات” أو صهره
“جاريد كوشنر” لم تترك مجالاً للشك في أن ما يحاك ويخطط له هو ببساطة تصفية القضية
الفلسطينية تمامًا، لكن هذه المرة عبر السعي لنيل شرعية ودعم غربي ومؤيد من بعض
الأطراف العربية لهذه التصفية، ووسط تهديدات وضغوط على دولة عربية أخرى ترفض
الصفقة مثل الأردن.
ومن بين أهم بنود صفقة
القرن التي تسربت لوسائل الإعلام ما نشرته عدة صحف غربية، إذ تتضمن الصفقة توقيع
اتفاق ثلاثي بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير وحركة حماس، لتقوم بموجب الصفقة
دولة فلسطينية يطلق عليها “فلسطين الجديدة” على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة من
دون المستوطنات اليهودية القائمة في الضفة الغربية والتي كانت قد بنيت على أراض
فلسطينية خلال العقود الثلاثة الماضية.
كما تتضمن الصفقة عدم
إخلاء الأرض، والمتضمنة عدم أخلاء الكتل الاستيطانية، إذ ستبقى كما هي ضمن الكيان
الصهيوني وستنضم إليها المستوطنات المعزولة في الضفة الغربية.
أما ما يتعلق بمدينة
القدس، فإنه ووفق الصفقة لن يتم تقسيمها وستكون مشتركة بين "إسرائيل"
وفلسطين الجديدة وذلك ضمن ما يتعلق بالمقدسات الإسلامية فقط، إذ سينقل السكان
العرب إلى مناطق فلسطين الجديدة ولن يمكثوا في القدس، وستكون بلدية القدس التابعة
للكيان الصهيوني مسؤولة عن جميع أراضي القدس باستثناء التعليم الذي تتولاه فلسطين
الجديدة، إذ ستدفع الأخيرة لبلدية القدس اليهودية ضريبة المياه والخدمات.
كما أنه لن يسمح لليهود
بشراء المنازل العربية، ولن يسمح للعرب بشراء المنازل اليهودية، ولن يتم ضم أي
مناطق إضافية إلى القدس، إذ ستبقى الأماكن المقدسة كما هي اليوم.
كانت أولى الخطوات التي
خطها الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” من أجل تصفية القضية الفلسطينية هي اعترافه
قبل أشهر بالقدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني وعدم أحقية الفلسطينيين في مطالبتهم
ببقاء القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.
وفي هذا الصدد كشف رئيس
المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي عن
أن الولايات المتحدة عرضت على الفلسطينيين اتخاذ بلدة أبوديس التي تقع على مشارف
القدس عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية، والتخلي عن القدس الشرقية، بحسبه.
وأضاف هنية أن العرض
يتضمن أيضًا تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق أو مقاطعات، وإقامة كيان سياسي
منفصل في غزة، ووضع جسر بين أبو ديس والقدس يعبر عليه المسلمون للصلاة في المسجد
الأقصى.
وعلى إثر ذلك وصف هنية
العرض الأمريكي “بالمسخ”، مشيرًا إلى أنه سيؤدي إلى إنهاء القضية الوطنية
الفلسطينية من خلال ما بات يعرف “بصفقة القرن”، على حد تعبيره، مؤكدًا على أن
الفصائل الفلسطينية لن تتوانى في إرسال آلاف الاستشهاديين لاستهداف الكيان الغاصب،
بحسبه.
وكانت صحيفة نيويورك
تايمز الأمريكية قد نشرت بنود الصفقة التي تضمنت تصفية حق العودة للفلسطينيين، إذ
إنه وفق الاتفاقية لن يسمح لهؤلاء بالعودة إلى أراضيهم التي اغتصبها الكيان خلال
العقود الماضية، فضلًا عن أن الصفقة تنص على توطين أولئك اللاجئين في مناطق عديدة
من بينها الأردن والضفة الغربية، بحسب الصحيفة.
موقع ميدل إيست آي نشر
في موقعه الرسمي في الـ 17 من أيار/ مايو الجاري بعض بنود الاتفاقية، وكشف الموقع
عن أن الصفقة تقع في 35 صفحة، وأن الجانب الفلسطيني على علم بها بالكامل، لكن
السلطة علقت بقولها: “لن تجد فلسطينيًا واحدًا يقبل بهذه الصفقة، إذ تقضي الصفقة
بدولة فلسطينية بحدود مؤقتة تغطي نصف الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، دون القدس
المحتلة، كما تقول الصفقة إنه على الفلسطينيين بناء “قدس جديدة” على أراضي القرى
والتجمعات السكانية القريبة من المدينة، إضافة إلى بقاء الملف الأمني والحدود بيد
الكيان الصهيوني حتى منطقة الأغوار الفلسطينية في الضفة الغربية، بحسب الموقع.
وعن قطاع غزة، تقتضي
الخطة بفك الحصار المفروض على القطاع منذ 12 عامًا، وبناء ميناء ومطار جديدين لكن
شريطة إلقاء الفصائل الفلسطينية سلاحها وعدم مقاومة الاحتلال الصهيوني بأي شكل من
الأشكال.
ما
الذي قد يقف عائقا أمام صفقة القرن؟
حتى اللحظة ورغم كل ما
تبذله إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” وحلفاؤها، يبدو أن الطريق لإتمام صفقة
القرن ليست ممهدة بالكامل، إذ إن هناك عديدًا من المحددات التي قد تحد أو تفشل من
خطة ترمب.
إذ يشير الكاتب
الفلسطيني “حامد أبو عوف” إلى أن قطاع غزة يمكن له أن يفشل صفقة القرن، إذ إن
فصائل المقاومة ترفض الصفقة جملة وتفصيلًا، لا بل وهددت بالرد العسكري عليها، وهذا
ما لا يستبعد حدوثه، إذ إن القطاع يعاني من حصار مطبق وتضييق من السلطة
الفلسطينية، وبالتالي فإن حلم الكيان الصهيوني في نزع سلاح المقاومة لن يتحقق في
غزة وفق هذه الصفقة ورفض المقاومة لها.
مثل المملكة الأردنية الهاشمية عقبة كبيرة أمام إتمام هذه الصفقة
رغم الضغوط الدولية والاقليمية التي يتعرض لها الملك عبد الله الثاني
من جانب آخر، تمثل
المملكة الأردنية الهاشمية عقبة كبيرة أمام إتمام هذه الصفقة رغم الضغوط الدولية
والاقليمية التي يتعرض لها الملك عبد الله الثاني، إذ يقول المحلل السياسي الفرنسي
ورئيس التحرير السابق لصحيفة لوموند دبلوماتيك في حديثه لإحدى وسائل الإعلام
العربية: “هذا الأمر سيفشل، حتى لو أن هناك تفاهمًا فيه بين السعودية وأمريكا،
فمسألة تنفيذه على أرض الواقع صعبة للغاية، أبو مازن أعلن رفضه الموافقة على
الصفقة، والملك الأردني كذلك”.
ليس هذا فحسب، إذ إن
هناك بعض التحفظ الأوروبي والروسي على الصفقة، إذ أعلنت روسيا رفضها لصفقة ترمب
على اعتبار أنها لا تعطي حقوقًا للفلسطينيين، ولا توفر فرص مفاوضات ندية متكافئة،
فيما أعربت بعض دول الاتحاد الأوروبي عن دعمها لأي حل فلسطيني–"إسرائيلي"
دون أن تعلن دعمها الصريح لصفقة القرن، في إشارة إلى عدم اقتناع العديد من العواصم
الأوروبية بها.
ستكشف الأيام القادمة
عن فحوى صفقة القرن الأمريكية وموادها وأهدافها كاملة، وهل أنها ستمضي قدمًا أم أن
الفشل سيكون عنوانها الأبرز.
المصدر : جريدة البصائر العراقية
24/9/1440
29/5/2019