إيهاب سليم- السويد:
عشرة آلاف لاجئ فلسطيني يقيم في العراق حاليا بعد سلسلة عمليات الاستهداف المكثفة التي طالتهم ضمن مخطط محلي وإقليمي ما بعد الاحتلال الأمريكي للقطر العراقي الشقيق عام 2003,نجحت الوكالة اليهودية من خلال عناصرها في المنظمات الدولية في تشتيت المشتت قسما كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين ممن تهجروا من العراق المحتل في الدول الغربية وبعدها عملوا على تفتيت المفتت وتوزيعهم متناثرين في المدن داخل البلد الغربي الواحد بهدف وضعهم داخل خط الانسلاخ الثقافي والاجتماعي والسياسي والديني ما يعرضهم ويعرض أجيالهم القادمة إلى الخطر المحدق.
مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في شمال العراق ليس وليد اليوم او الأمس بل وليد مراحل وحقبات تستحدث بين فترة واخرى فمثلا في عام 2002 وافقت ( المعارضة العراقية) على مشروع التوطين هذا حيث أطلقوا عليه تسمية (ترحيل اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم في العراق) والقصد هنا ما يسمى (إقليم كردستان العراق),حيث نشرت صحيفة الشرق الأوسط تقريرا مفصلا آنذاك عن قبول احمد الجلبي (رئيس المؤتمر الوطني العراقي) وأعضاء ما يسمّى مجلس القيادة العسكرية و يضمّ فاضل العساف ونجيب الصالحي وسعد العبيدي، بهذه الفكرة وسلموا الإدارة الأمريكية وشخصيات يهودية في الكونجرس الأمريكي ولورانس ليندساي رئيس المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، وثيقة مكتوبة في نهاية شهر تشرين أول عام 2002 مشيرين إن عملية توطين الفلسطينيين ستبدأ بعد عامين من إقامة نظام حكم جديد عميل في بغداد,السيد طارق عزيز آنذاك اتهم صراحة أمريكا والكيان الصهيوني في التأمر على القضية الفلسطينية بهدف انجاز خريطة (إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات).
بالتأكيد قوة ضربات المقاومة العراقية خلال الخمس السنوات الأولى من الغزو دفعت إلى تأجيل المشروع حتى الهدوء النسبي في العراق,زيارة السيد محمود عباس الاخيرة إلى بغداد يدركها الطفل الرضيع وهي صفقة سياسية تجارية كانوا مبرمجيها ياسر عبد ربه وبسام أبو شريف منذ عقد من الزمن أما هدفها صهيونيا هو التنازل عن حق العودة إضافة إلى تحويل الفلسطينيين في العراق إلى حطب فاصل على طول الحدود العراقية الإيرانية الشمالية لتدفئة النفوذ اليهودي في شمال البلاد,في واقع الأمر أبو مازن تجاهل زيارة اللاجئين الفلسطينيين في العراق لاعتبارات سياسية كالتالي:
أولا : زيارة اللاجئين الفلسطينيين في بغداد ستؤكد لجوء اللاجئين الفلسطينيين في العراق منذ ست عقود ما سيشكل إحراج له داخل الإطار الدولي ولاسيما أن الغرب مثلا يفصل بين الفلسطينيين (مع تجريد كلمة *اللاجئين*) في الخارج والفلسطينيين في الداخل ويعتبر الفلسطينيين في الخارج بدون وطن!.
ثانيا : إدراك محمود عباس شخصيا بحجم الفاجعة والكارثة التي أصابت اللاجئين الفلسطينيين في العراق في نكبتهم الثانية يضاف إليها جروح النكبة الأولى التي لم تندمل,بالتالي وضعية النعامة في إخفاء رأسها كان مناسبا لعدم زيارة أهلنا في العراق.
ثالثا : محمود عباس سيسئل بالتأكيد من شخصيات اللاجئين الفلسطينيين في العراق بخصوص التوطين في شمال العراق ما سيعرضه للإحراج الداخلي أمام مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الشرعية وحركة فتح والشخصيات الوطنية فيهما وفي مقدمتهم القائد الرمز فاروق القدومي أبو اللطف والبطل الأسير مروان البرغوثي,للعلم شمال العراق ساحة إقليمية مركزية للموساد الصهيوني حيث فيها تفشي المخدرات والفساد الأخلاقي والغلاء الفاحش إضافة إلى الاعتقالات المبرمجة ولاسيما في اربيل فضلا إلى ضخامة الكراهية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في العراق حيث يتهمون اللاجئين بقمع ما يسمى (انتفاضة 1991) في شمال العراق!!.
الدائرة الخطيرة الأخرى هي مشروع نقل اللاجئين الفلسطينيين إلى السودان,المشروع يهدف إلى تحويل الفلسطينيين إلى كرت سياسي لطي قضية إبادة اللاجئين في دارفور,بالتالي تحويل اللاجئين الفلسطينيين في العراق وحدوده إلى قنينة ملطف جو في السودان أمام المجتمع الغربي,وبعد الانتهاء من القنينة سيتم إلقاءها للمساهمة في الحرب الداخلية السودانية وهذا ما ردده أعضاء الميليشيات المسيحية المسلحة في البلد داخل منتدياتهم السودانية.
بالتأكيد موقف السودان الشقيق موقف عربي أصيل ويكن له الجميع موقف الاحترام والتقدير لكن اللاجئون الفلسطينيون في العراق عانوا من القتل والتهجير بواسطة العصابات اليهودية الأوربية في النكبة الأولى وقدموا 122 شهيدا في قضاء حيفا من أصل 5000 لاجيء دخلوا العراق في شهر تموز عام 1948 ,اللاجئون الفلسطينيون عانوا أوضاع عدم استقرار كاملة خلال وجودهم في العراق طيلة ست عقود مضت و قدموا 350 شهيدا من أصل 15 ألف لاجئ كاستشهاديين في فلسطين والعراق ولبنان والأردن وعاشوا فترات دعم واستبسال طويلة لمقارعة العدو الصهيوني والأمريكي والإيراني حينما كانت حالة السبات الفلسطينية الداخلية سائدة آنذاك,تحملوا عتبنا وانتقادنا فمهما يكن فانتم منا يا سيادة الرئيس محمود عباس الذي لم تزر اللاجئين في بغداد ويا سيادة الأخ خالد مشعل الذي لم تزر اللاجئين في مخيم الهول رغم وعدك بذلك على الملأ عام 2006 أقول هؤلاء اللاجئين لا حل لهم غير فتح الملفات التي تراكم عليها الغبار داخل الأمم المتحدة والجامعة العربية بهدف إعادتهم وفقا للقرار 194 الصادر من الأمم المتحدة عام 1948 إلى القرى التي تهجروا منها في قضاء حيفا والعدو الصهيوني سيجبر على القبول إن وجد منكم صدق بالتعامل مع هذه القضية والعالم الغربي سيقرع ناقوس الخطر أن كشفتم لهم الحقيقة بان المستوطنين في أراضيهم وقراهم في قضاء حيفا هم قاطعي طرق من يهود أوربا,هؤلاء يا سادة قوم أعزاء وأهل فزعات وأخلاق وعادات ولهجة وقيم ومبادئ فلا تساهموا بتناثرهم وإذلالهم واجمعوا شملهم جميعا في أرضنا المغتصبة,تأكدوا بان الصهاينة لا يزالون يحتفظون ويجرون عمليات صيانة دورية لقواربهم التي هاجروا بها من قبرص إلى بلادنا لكونهم يدركون بأننا عائدون.
2/5/2009
إيهاب سليم - السويد