دخل هؤلاء اللاجئون تايلند كغيرهم من اللاجئين الأفارقة
والآسيويين بتأشيرات سياحية، ثم تقدموا إلى مفوضية اللاجئين للحصول على اعتماد أو
اعتراف بهم كلاجئين، ليبدؤوا رحلة استمرت سنوات للحصول على حق اللجوءلإحدى الدول
الغربية أو كندا أو أستراليا أو نيوزلندا أو الولايات المتحدة الأميركية.
لكن فترة الانتظار في تايلند -التي
ارتآها اللاجئون محطة مؤقتة- طالت، في ظل عدم التفاعل مع طلباتهم من قبل
مسؤولي الأمم المتحدة في بانكوك، كما يقول هؤلاء.
بل إن بعض من قدموا طلبات لجوء في الولايات
المتحدة الأميركية تسلموا خطابات من قبل الجهة المعنية تشير إلى أن
معاملاتهم قد تستغرق وقتا أطول، من الفترة التي قضوها، وتشير فحوى الرسالة -كما
يؤكد هؤلاء- إلى أن السلطات الأميركية تريد من اللاجئ الانتظار لا
غير.
وفي المقابل، يقول هؤلاء اللاجئين إن لاجئين
أفارقة أو آسيويين من شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا ومن دول أخرى يتم التعامل
مع طلباتهم، ويجري توطينهم من حين لآخر، بعد عام أو عامين تقريبا من وصولهم إلى
تايلند، مما يطرح تساؤلات حول سبب تأخير العائلات الفلسطينية والعربية هذه في بانكوك.
ملاحقة وظروف صعبة
وخلافا للاجئين من دول أخرى، فإن اللاجئين
الفلسطينيين لا يحصلون على منح مالية، ولا على سكن أو مواد غذائية من أي منظمات
دولية، إلا حصة غذائية كانت تعطى لبعضهم قبل نحو سنتين لا تكفي إلا
لبضعة أيام وفي فترات متباعدة، وتوقف توزيعها، كما يروي أحدهم، كما يشكو كثير منهم
من غياب أو ضعف الرعاية الصحية، مما يفاقم معاناتهم، رغم حصولهم على هويات
اللاجئين التي تصدرها مفوضية اللاجئين الأممية.
ومن المعروف أن تايلند -وكحال معظم دول جنوب شرق
آسيا- غير موقعة على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ولا على
بروتوكول المعاهدة لعام 1967، مما يجعلها تتعامل مع اللاجئين الذين يعيشون بلا
إقامة قانونية نافذة، باعتبارهم مخالفين كغيرهم من الوافدين الذين جاؤوا
للعمل أو الدراسة أو لأي سبب آخر.
ويبقى قرار استثناء هؤلاء اللاجئين من حملات دائرة
الهجرة لملاحقة المخالفين قرارا سياسيا ولاعتبارات إنسانية، لكن ما حصل خلال
الأسابيع الماضية، وحسب ما روى بعض اللاجئين الفلسطينيين، أنهم بدؤوا يتعرضون
للملاحقة والمساءلة، انتهت ببعضهم إلى المعتقل في سجن "آي دي
سي" التابع لدائرة الهجرة.
وبسبب هذه الملاحقات التي اشتدت خلال الأسابيع الماضية،
أغلق أمامهم باب العمل الوحيد في المطاعم والمتاجر بالعاصمة التايلندية،
الذي كان مصدر دخل لعشرات العائلات، في غياب أي دعم أممي أو إنساني آخر،
وتحتاج كل أسرة مئتين أو ثلاثمئة دولار شهريا لتأجير شقة صغيرة ومتواضعة، ومبالغ
أخرى لغذائها ودوائها.
مداهمات واعتقال
ويروي أحد اللاجئين الفلسطينيين للجزيرة نت أنه عندما
وقعت مداهمات قبل نحو أسبوعين لأحد المجمعات السكنية، اعتقل عشرات من اللاجئين من
جنسيات مختلفة، ومنهم الفلسطينيون وغيرهم من العرب، وأخذوا إلى سجن الاحتجاز
التابع لدائرة الهجرة، الذي يزدحم بمئات المخالفين من عشرات الجنسيات.
كثير من هؤلاء المخالفين يتم ترحيلهم إلى
بلدانهم، بينما يظل اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم من الجنسيات
العربية ينتظر تدخل الأمم المتحدة لتوطينه، وهو ما لم يتحقق للكثيرين منهم
حتى الآن، ليبقى هؤلاء في السجن في غرف مكتظة وعدم وجود تهوية مناسبة وشح في
المياه وطعام رديء، حسب ما روى للجزيرة نت لاجئ خرج من السجن، وسافر لدولة
مجاورة.
وأكد اللاجئ نفسه أنه دفع غرامة لمخالفته قانون
الإقامة، رغم كونه لاجئا، لمحكمة تايلندية، ليتم إخراجه بعد حصوله على جواز
فلسطيني جديد إلى المطار مباشرة لترحيله بمساعدة مالية من أهله وأقاربه، لكن
الإشكالية أن أسرته ما زالت حبيسة سكنها المتواضع في تايلند، وهي مهددة بالاعتقال.
وسافر هذا اللاجئ الفلسطيني ليتلقى العلاج من
أمراض في الجهاز التنفسي بسبب سوء ظروف التهوية والتغذية داخل السجن،
مشيرا إلى أن لاجئين آخرين محتجزين تعرضوا لأمراض خطيرة بسبب الاكتظاظ
وشح المياه وقلة التعرض لضوء الشمس حسب شهادته.
لاجئون
يؤكدون أن عامة التايلنديين متعاطفون معهم، لكن الإشكالية في
عدم تفاعل مكتب الأمم المتحدة في بانكوك مع قضيتهم، وتأخر ملفات توطينهم
غياب الأمم المتحدة
ويشكو لاجئون فلسطينيون من أن ممثلية الأمم
المتحدة في بانكوك لا تساعدهم عندما يكونون في ظروف اقتصادية صعبة في مساكنهم
المتواضعة في إحدى المجمعات السكنية ببانكوك، ولا تقدم عونا قانونيا أو دعما
ماليا أو رعاية صحية لمن هم في السجن، أو من هم خارجه، خاصة النساء والأطفال وكبار
السن الذين يعانون من أمراض مزمنة.
ويؤكد لاجئون أن عامة التايلنديين متعاطفون معهم، لكن
الإشكالية في عدم تفاعل مكتب الأمم المتحدة في بانكوك مع قضيتهم، وتأخر ملفات
توطينهم وعدم إعطائهم الأولوية للتوطين في بلدان تقبلهم.
وكانت منظمات حقوقية عديدة، ومنها منظمة فورتيفاي
رايتس، طالبت الحكومة التايلندية خلال الأسابيع الماضية بإطلاق سراح اللاجئين
المحتجزين في مراكز احتجاز دائرة الهجرة ووقف الحملات ضدهم في العاصمة بانكوك.
من جهتها، عبرت منظمة العفو الدولية عن قلقها من الحملات ضد
اللاجئين، مشيرة إلى أن قانون الهجرة التايلندي لا يفرق بين اللاجئ وغيره من
الأجانب المقيمين أو الزائرين المخالفين، وقد تكون فترة الاحتجاز دون أجل محدد في
سجون ذات أوضاع صعبة.
وكان اللاجئون الفلسطينيون وجهوا مجددا هذا
الشهر رسالة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس طالبوه فيها بالتدخل لدى
السلطات التايلندية للإفراج عن العائلات وعامة المحتجزين من اللاجئين وإخراجهم من
سجن "آي دي سي" لحين تسوية أوضاعهم بالهجرة إلى بلد آخر.
المصدر : الجزيرة نت
22/3/1440
30/11/2018