الرد على "عبدالباري عطوان" في تهويله لقدرة إيران أمام الغرب - منذر النابلسي

بواسطة قراءة 1355
الرد على "عبدالباري عطوان" في تهويله لقدرة إيران أمام الغرب - منذر النابلسي
الرد على "عبدالباري عطوان" في تهويله لقدرة إيران أمام الغرب - منذر النابلسي

الكثير من هؤلاء ومنهم عبدالباري عطوان قد جعلوا ما يجري من مغازلة بين أمريكا وإيران هو انتصار لإيران وانكفاء لأمريكا وعندما نقول أمريكا نعني بذلك اليهود طبعا .

العجيب في الأمر هو تحول الهزيمة إلى نصر والانتكاس إلى ارتفاع...!!!.

فهاهي إيران في الأيام القريبة هرولت لتسليم كيميائي سوريا إلى الأمريكيين كما انها تنازلت عن مبدأها في عدم التواصل من "الشيطان الأكبر" وكان كل من يتواصل مع أمريكا من العرب يوضع في دائرة الخيانة .. كذلك فإن روحاني لم ينكر المحرقة اليهودية على أيدي النازيين كسلفه نجاد .. والطامة انه اصطحب نائب يهودي معه إلى نيويورك لمغازلة اليهود هذا مع تهنئة روحاني لليهود بحلول سنتهم الجديدة أو عيدهم .. كل هذه التنازلات كانت تعتبر من المحرمات والكبائر والموبقات عند ملالي طهران ظاهريا على الأقل فنراها الآن من المباحات .

 فمن الذي جلب الآخر إلى طاولته .. ؟؟ سؤال موجه إلى عبدالباري عطوان وما هو التنازل الذي قدمته أمريكا .. طبعا نناقش الأمر على أن هنالك تنافس أو صراع بين المشروع الإيراني والمشروع الأمريكي لكن حقيقة الأمر هو غير ذلك بل هنالك تكامل وتفاهم ومن قديم .

في مقال لعبدالباري عطوان بعنوان "صفعة روحاني المؤدبة لأوباما ولا عزاء للزعماء العرب!" والذي نشره موقع وكالة فلسطين للأنباء التابع لتنظيم الجهاد وهذا الموقع معروف في ترويجيه للحالة الإيرانية بل هو بوق لإيران كما يقال .

في هذا المقال قال عبدالباري : عن روحاني أنه خطف الأضواء ويمثل دولة قالت وتقول “لا” كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية ، ولا تخشى مطلقا أساطيلها وطائراتها وتهديداتها العلنية والمبطنة .

فليخبرنا عطوان متى قالت إيران لا لأمريكا ونقصد هنا ليست الجعجعات فالجعجعة الكل يحسنها لكن الفعل المترتب على الجعجعة , فمثلا هنالك بلد مجاور مثل العراق أحتل من قبل أمريكا فماذا كان دور إيران تجاه هذا الاحتلال..؟؟ هل نظمت الجحافل "المجاهدة" وسلحتها لمقاومة المشروع الأمريكي في العراق وهذا ما أسهله على إيران أم أن العكس هو الصحيح ذلك أن المليشيات الشيعية المدربة في إيران قد دخلت مع المحتل الأمريكي تسانده وتدعمه..!! وعرفانا لأمريكا بالجميل سلم " الشيطان الأكبر" العراق لإيران ومليشياتها بل أن البطل صدام في نظر عبدالباري عطوان أعدم بأيادي إيرانية بعد ان سلمته لها القوات الأمريكية .. ونفس الحالة حصل في أفغانستان ونفس الحال يحدث في اليمن حيث تتواصل السفارات الغربية مع الحوثيين عملاء إيران بينما في نفس الوقت تضرب طائراتهم أهل السنة ونفس الحالة تتكرر دوما فحيثما توجد القوات الأمريكية يفسح المجال لإيران بالعبث ويتم تسليمها ملفات كثيرة .

إذا إيران هي حليف وداعم "للشيطان الأكبر" وليس منافس ولنرجع للوراء قليلا لنرى كيف أن خميني قد جاء بطائرة فرنسية وأن اليهود كانوا يدعمون إيران في حربها ضد العراق وما فضيحة إيران كونترا عنا ببعيد ولنطرح الجعجعات الفارغة جانبا .

ليذكر لنا عطوان مثالا واحدا عن تصدي إيران للمشروع الأمريكي بل اليهودي في فلسطين فعندما قصفت غزة ولمرات ماذا فعل المارد الإيراني غير الشجب والاستنكار بينما غطى صمت القبور صواريخه التي يهدد بها اليهود .

وهنا يوزع عطوان هالات المدح لإيران فيقول : الرئيس الإيراني التقى نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند لأكثر من أربعين دقيقية، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف التقى جميع نظرائه الأوروبيين في اطار حملة دبلوماسية ذكية تنطلق من القوة والثقة بالنفس وليس الاستجداء والضعف، وعقدة الخوف من الرجل الأبيض .

للعلم من الذي تنازل وجاء صاغرا للأوربيين خاصة بعد أن أوقفت الدول الغربية شراء البترول الإيراني وأصبحت في إيران أزمة اقتصادية خانقة وأصبح الشعب الإيراني يتململ ويسخط على حكومته لا ندري هل فرضت إيران حصارا على الأوربيين ليأتوها صاغرين عجبا كيف تقلب الموازيين وتنقلب الهزيمة إلى نصر كما فعل مع حزب اللات في 2006 .

لقد كتب هارون الرشيد رحمه الله رسالة إلى ملك الروم قال فيها من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم .. هذا هو الانتصار الحقيقي وحال القوي , كذلك لا ننسى ما فعله المعتصم عندما غزا الروم لأجل امرأة , وما فعله صلاح الدين وما فعله العثمانيون حيث كانت مدافعهم تدك العواصم الأوربية لولا خيانة الصفويين سلف حكام إيران اليوم هذا هو الانتصار والعزة .. أما الاجتماع بالأوروبيين ومغازلتهم وهم يسفكون دمائنا .. انتصار كيف هذا ؟؟ وقد كان حلف الممانعة والمقاومة يصب جام غضبه على الحكام العرب لأنهم يجتمعون بالغربيين فلا ندري هل أصبحت المثلبة منقبة .

قال عطوان : الرئيس روحاني قال في خطابه “ان اي جريمة ضد الانسانية، ومن بينها المحرقة، تستحق الاستنكار والتنديد”. واكد في الوقت نفسه ان جرائم النازيين ضد مجموعة معينة من اليهود لا تبرر ما تفعله هذه المجموعة من سلب لأراضي أخرى .

من فمك أدينك يا عطوان ها هنا يستنكر روحاني المحرقة التي كان يقول عنها نجاد أنها كذب فهل هذا تنازل حقيقي أم لا ومن الذي يقدم قرابين المودة للآخر ؟؟ أين قول هارون يا ابن الكفارة من موقف روحاني الذي يمثل قمة التنازل لليهود قتلة الأنبياء وإخوان القردة والخنازير ..؟؟؟ .

كيل مدح لإيران وتفخيمها من عطوان : إيران تكسب لأنها دولة مؤسسات تتربع على قوة عسكرية هائلة، وتقيم علاقات إستراتيجية مع القوى الناشئة المضادة لأمريكا واستعمارها، وزعماؤها يعيشون حياة متواضعة مثل شعوبهم في غالب الأحيان، ولهذا حليفها السوري لم تعد أيامه معدودة، مثلما قال اوباما وايهود باراك، بلا ايام خصومه العرب، اما حليفها الآخر في جنوب لبنان فشكل ويشكل قوة ردع "لإسرائيل"، والإعلام المحسوب عليها يتقدم بينما الإعلام المضاد يتراجع بطريقة متسارعة ... الغزل الأمريكي الإيراني الذي سيترجم قريبا إلى حوار قد يتمخض عن صفقة استراتيجية بين البلدين تعترف بايران قوة عظمى في المنطقة، وتقاسم النفوذ والمصالح بين البلدين، والضحية هم العرب، وعرب الخليج على وجه الخصوص للأسف الذين سيجدون أنفسهم مضطرين للهرولة إلى طهران، فطالما ان الحليف الأمريكي تحلى بالواقعية ورفض الحرب مفضلا الحوار فماذا ينتظرون ؟ .

كما قلنا أن هنالك نظرة سطحية وبدائية للأمور من كثير من المفكرين والسياسيين العرب فهم يأخذون جزءا من المشهد ويحكمون عليه ككل ولا يأخذون كل المشهد ويحكمون عليه .

 فنعود ونقول إذا كانت ايران بكل هذه القوة فلماذا تنازلت عن الكيمياوي السوري بينما لم يتنازل الغرب فمن هو الحلقة الأضعف وهل إيران دولة مؤسسات أم هي دولة دكتاتورية الولي الفقيه الذي لا يخالف له أمر ..!!! . وأما اختلاس المليارات من قبل المسؤولين الإيرانيين فحدث ولا حرج وأصبحت فضائحهم تزكم الأنوف,  ومن قال أن إيران دولة عسكرية هائلة إيران تقول عن نفسها نعم .. إن التجربة االأولى العملية للجيش الإيراني هو دخوله في حرب مع العراق وهزم شر هزيمة حتى تجرع خميني كأس السم . والتجربة الثانية هي على الأرض السورية فعلى مدار أكثر من عاميين لم تستطع القوات الإيرانية مع القوات السورية مع ذنبهم حسن نصر اللات من حسم معركة ضد بعض "الإرهابيين" كما يدعون فأين القوة الهائلة لا علينا من الهالات الإعلامية فالميدان الحقيقي هو على الأرض .

أما الأيام المعدودة لبشار قد طالت نعم وذلك لأن الأمريكيين واليهود والغرب الصليبي هم من يمد في عمر النظام بإذن الله ويعطيه الفرص تلو الفرص عن طريق حصار الجيش الحر ومنع السلاح عنه مع فتح المجال أمام الأساطيل لدعم النظام النصيري في سوريا وهذا أصبح واضحا ومكشوفا .

فاليهود ليس عندهم بديل عن النظام النصيري الذي حمى حدودهم لعشرات السنين وكان سيفا مصلتا على المقاومة الفلسطينية .. أم أن عبدالباري عطون قد نسي مجازر تل الزعتر وما تلاها ..!!! .

وقوله أن حزب اللات يمثل حالة ردع "لإسرائيل" .. فالإدعاءات سهلة والكل يستطيع الكلام بما يريد لكن الواقع على الأرض هو الذي يحكم .

فمنذ 2006 لم تطلق من الجنوب طلقة من حزب اللات على اليهود ولعله سار على نهج استاذه بشار ..على الرغم من خروقات متكررة من الطائرات "الإسرائيلية" للأجواء اللبنانية فأين الردع كما أن اليهود قصفوا دمشق عدة مرات فأين ردع حزب اللات هذا إذا قلنا أن حزب اللات لم يطلق طلقة عندما كانت غزة تستباح بل تبرأ من عدة صواريخ مجهولة الهوية أطلقت من جنوب لبنان ...!! .

إن غياب البعد العقائدي والتاريخي عن كثير من المحللين إضافة إلى تبنيهم الأفكار الوطنية والقومية والعلمانية يجعلهم يتخبطون ويجانبون الصواب في تحليلاتهم .. فالمعركة دينية بيننا وبين أعدائنا شئنا أم أبينا .

إن حقيقة الأمر في كل هذه المكافآت والهالات البطولية التي يوزعها عطوان على إيران وأذنابها يمكن أن تنهار بخطوة سهلة من الغرب هو تقوية أهل السنة سواء في لبنان أو سوريا أو العراق أو إيران نفسها ليكون التشيع أثرا بعد عين لكن العكس هو المعمول به وذلك :

لأن الغرب الصليبي ومن وراءه اليهود هم من مكن للنصيرية في سوريا كذلك لحزب اللات في لبنان بعد قضائهم على قوة أهل السنة بواسطة النصيري حافظ الأسد والد بشار وفي العراق قضت أمريكا على صدام العدو اللدود لإيران وأعطت العراق على طبق من ذهب لإيران .

إن اليهود لم يمهلوا صدام لبناء مفاعل نووي حتى هاجموه ودمروه بينما هم يلعبون مع إيران لعبة المفاوضات المسرحية .

نسأل عبدالباري عطوان ماذا لو كان في لبنان تنظيم سني على حدود اليهود ..؟؟ هل كان الغرب سيسكت هاهم قد حكموا على البشير بأنه مجرم حرب بينما بشار لحد الآن هو الرئيس الرسمي المدلل لسوريا .

ليعلم عبد الباري عطوان وغيره بأن التشيع والفرق الباطنية  وجودهم ضرورة يهودية , فهذه الفرق اليهود من صنعها وأسسها,, وعلى مدى تاريخ المسلمين كانت تلك الفرق خنجرا مسموما في خاصرة الأمة الإسلامية وكانت مع كل معتدي على بلاد المسلمين ... وليفتح عطوان كتب التاريخ وليأتنا بمثلا ولو واحدا يثبت بأن الشيعة قد حرروا بلد من بلاد المسلمين أو دافعوا عنه,, فالباطنية حليفة للصليبية واليهودية بل صنيعة لهم وليست منافس أو معارض .لذا فإن الأمريكان يدعمون الوجود الشيعي ولا يحاربونه بل إن حربهم ضد الإرهاب هو موجه على أهل السنة حصرا .

وفي غوانتنامو لا يوجد شيعي واحد بل كلهم من أهل السنة ولو اختلفت مشاربهم .

وأخيرا نقول لعبدالباري عطوان كفى خلطا للأوراق فإن إيران عدوة كما هو الغرب عدو وهم حلفاء ضدنا لأننا العدو المشترك لهم والواقع على الأرض يثبت هذا .

 

المصدر : موقع الحقيقة

28/9/2013