فلسطينيو العرق .. و معاناة و تشريد متجدد / د. وائل الريماوي

بواسطة قراءة 2000
فلسطينيو العرق .. و معاناة و تشريد متجدد / د. وائل الريماوي
فلسطينيو العرق .. و معاناة و تشريد متجدد / د. وائل الريماوي

 من جديد، شهدت تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في العاصمة العراقية ومحافظات أخرى، حملات أمنية جديدة تطال المنازل والمؤسسات الفلسطينية، حيث تعرّضوا لعدد من المداهمات المنظمة والتوقيفات العشوائية التي تركزت في مجمّعات الفلسطينيين وبالأخص في منطقة البلديات ببغداد، وتمخضت حتى الآن عن اعتقال أعداد كبيرة ممن تبقى من اللاجئين الفلسطينيين. وهذه الحملة تعيد إلى الذاكرة حملات «التطهير» التي تعرض لها فلسطينيو العراق، وأدّت إلى نكبة كبيرة ومن ثم لجوء عدد كبير منهم إلى المخيمات الحدودية والدول المحيطة والهجرة إلى الغرب. حيث انخفض عددهم من 44 ألفاً إلى ستة آلاف فقط .

مصادر فلسطينية في العراق أبدت فيها خشيتها من أن تكون الحملة الجديدة خطوة في إطار سعي بعض الجهات الغربية إلى تجنيس بقية الفلسطينيين الموجودين في العراق، مما يزيد المخاوف إلى إعادة استخدام أساليب المجازر والاعتقالات التي كانت موجودة في السنوات الماضية بعد الغزو الأمريكي للعراق .

وقد أهاب من تبقى من فلسطينيي العراق بوسائل الإعلام العربية عموما والفلسطينية خصوصاً برفع الصوت عالياً، كي لا يتعرضوا لحملة مشابهة للحملة التي تعرضوا لها عام 2006. ومن الجدير بالتنويه هنا أن اجتماعات عديدة عُقدت سنة 2011، بين اللاجئين الفلسطينيين في العراق وعدد من الأقطاب السياسية العراقية لتسوية القضايا العالقة من حملات «التطهير» التي تعرضوا لها من قبل الشرطة العراقية والميليشيات الطائفية السوداء .

تعرضت الجالية الفلسطينية في أعقاب غزو العراق إلى عمليات إبادة جماعية على يد فرق الموت وفيلق بدر وجيش المهدي وبمساندة من الشرطة الحكومية وفي بعض الأحيان بإسناد أمريكي، بلغت ذروتها في فبراير 2006 وذلك من خلال حملات الاعتقال والخطف والتصفيات الجسدية ومصادرة المنازل وهدم المساجد التي تخصهم في أحيائهم السكنية (حي البلديات وحي السلام وشارع حيفا وغيرها). واضطرت مئات العوائل الفلسطينية إلى الهرب باتجاه الحدود العراقية مع الأردن وسوريا لتبدأ معاناة جديدة في رفض الأشقاء قبول أعداد إضافية من اللاجئين الفلسطينيين فاضطر عشرات الألوف إلى السكن في خيام بالصحراء بالمناطق العازلة بين العراق وكل من سوريا والأردن .

الفلسطينيون الذين هاجروا للعراق تحت وطأة المجازر الصهيونية، خلال نكبة 1948، كان عددهم آنذاك 4000 فلسطيني، معظمهم من قرى قضاء حيفا، تم نقلهم حينها بواسطة شاحنات الجيش العراقي التي انسحبت من الساحل الفلسطيني إلى جنين وكان لوجود الجيش العراقي في منطقة جنين، والذي خاض فيها معارك مشرفة، دورٌ كبيرٌ في المعاونة بترحيل بضعة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين من سكان المثلث القروي (إجزم، جبع، عين غزال) الذين تواجدوا في مناطق عملياته العسكرية، إلى بغداد، وتبعاً لمعدلات النمو الطبيعي بين اللاجئين الفلسطينيين في العراق ارتفع مجموعهم ليصل الى (24235) لاجئاً فلسطينياً في عام 1986 ووصل الرقم إلى (36631) لاجئاً في عام 1998 ثم إلى (40000) لاجئ في عام 2000، وتستأثر العاصمة العراقية بغداد على 96.1% من اللاجئين الفلسطينيين في العراق، و2.4% في الموصل، و 1.5 % في البصرة .

يتركز معظم اللاجئين في العراق في العاصمة العراقية بغداد يقطنون المناطق الحضرية، ويتوزعون على مناطق بغداد الجديدة، ومدينة الحرية، وحي السلام، والطوبجي، والزعفرانية، والبلديات فضلاً عن أعداد قليلة في المدن العراقية الأخرى، كالموصل والبصرة. وبشكل عام فإن مجموع اللاجئين الفلسطينيين في العراق تصل نسبتهم الى (1.1) في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين الفلسطينيين المقدر في عام 2003 بنحو أربعة ملايين لاجئ .

لقد عانى اللاجئون الفلسطينيون في العراق كثيراً من جراء التهجير وفقدان ملكياتهم في قراهم في فلسطين، وعاشوا ظروفاً خاصة في العراق، وقد شارك اللاجئون الفلسطينيون في العراق في نضالات الشعب الفلسطيني، وانضموا إلى فصائل العمل الوطني خلال الفترة (1964-2003)، وقدموا على مدار تلك الفترة أكثر من (350) شهيداً أملاً بالعودة إلى الوطن .

لم ينجُ اللاجئون الفلسطينيون من تداعيات احتلال العراق 2003 حيث اعتبرت بعض القوى العراقية الطائفية أن هؤلاء اللاجئين من مناصري النظام السابق على الرغم من ان اللاجئ الفلسطيني في كافة أماكن تواجده كان على الدوام قومياً في إحساسه وشعوره في كافة المراحل التي تلت النكبة الكبرى في عام 1948 وتبعاً لذلك سقط العديد من اللاجئين في معارك عديدة دفاعا عن عروبة هذا البلد العربي أو ذاك .

الجالية الفلسطينية في العراق ناشدت المنظمات والهيئات الدولية والعربية التدخل من أجل إيقاف حملة الإبادة التي يتعرض لها فلسطينيو العراق من قِبل عناصر ميليشيات الموت الأسود وقوات الأمن العراقية وذلك بالقتل والاعتقال والتهجير القسري من منازلهم بدون سبب وإسكان قياديي الفيلق وعملاء الاحتلال من مترجمين ومتعاونين وجواسيس في منازل الفلسطينيين .

ومن اللافت أن القوى التي تنكل بالفلسطينيين في العراق وتحرض على ذلك هي قوى مرتبطة بإيران التي ما انفكت تدعي مناصرتها لقضية فلسطين من خلال تخصيصها يوما سنويا للقدس، ولكن ما جرى ويجري على الفلسطينيين في العراق يناقض كل تلك الادعاءات والشعارات الجوفاء.

عدد من الفلسطينيين في مجمع إسكان أيتام أبطال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، الذي بناه الرئيس العراقي السابق صدام حسين للعوائل الفلسطينية المهجرة عن بلادها . رفعوا مناشدتهم الصريحة لحزب الله اللبناني بضرورة التدخل عند شيعة إيران للضغط على ميليشيات فيلق بدر وجيش المهدي لوقف ذبح الفلسطينيين بالعراق واختطافهم وطردهم والاستيلاء على منازلهم .

 

د. وائل الريماوي – صوفيا

9/8/2011

 

المصدر : قدس نت