وأخيرا اقتنيت حاسوب- عبد الحكيم الماضي

بواسطة قراءة 2167
وأخيرا اقتنيت حاسوب- عبد الحكيم الماضي
وأخيرا اقتنيت حاسوب- عبد الحكيم الماضي

بسم الله الرحمن الرحيم

كثير من العوئل في العراق اقتنت حاسوب ومنهم الفلسطينيين كسلعة تكميلية أو إضافة ديكور أو نوع من التفاخر وأيضا ليمارس عليه أولادهم الألعاب المختلفة ولإبعادهم عن الشوارع ولقضاء أوقات فراغهم وعدم الاحتكاك بأولاد الجيران والابتعاد عما يجلب لهم المشاكل من جراء هذا الاختلاط وأيضا لعدم اقتباس أولادهم بعض الأخلاقيات غير المحببة وغير المرغوب فيها.

وكنت غير مقتنع باقتنائه لهذه الأسباب رغم أنها أسباب مقنعة ومنطقية وواقعية وضحتها بمناقشة مع أستاذ مادة الحاسوب في كلية الآداب قسم اللغة الانكليزية الجامعة المستنصرية التي كنت أدرس فيها والذي أكد على ضرورة امتلاك الكل للحاسوب وكانت وجهة نظري أن اقتنائه يجب أن يكون محصور على طلبة الدراسات العليا والباحثين والعلماء والأطباء والتجار والصناعيين لامتيازه بإمكانيات لا حصر لها تخدم هذه الشريحة واستخدامه للألعاب أو سماع آيات القرآن الكريم أو سماع الأغاني يعتبر ظلم لهذا الجهاز الأعجوبة.

ولكن تغيرت قناعاتي وخصوصا بعد ظهور شبكة الانترنيت التي قربت البعيد بشكل لا يمكن وصفه وبعد ما حصل لشعبنا في العراق من قتل وتهجير وأصبح القريب بعيد وصعوبة التواصل معهم وانشغال البال عليهم وعدم معرفة أخبارهم.

وعندما علمت أن هناك مواقع أخذت على عاتقها متابعة أخبار أهلنا في ديار الغربة بكل مفرداتها يوم بيوم وساعة بساعة ولحظة بلحظة ،هنا لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على تلك المواقع والتي تنقل معاناتهم وما يحدث معهم ولهم من زيجات وولادات ووفيات ومضايقات لجعل العالم على اطلاع على أحوالهم وترغمهم على القيام بواجبهم الإنساني لمساعدة هذا الشعب المظلوم.

وكانت كل هذه الأسباب وراء اقتنائي للحاسوب والاشتراك في شبكة الانترنيت وانتابني شعورين وأنا أتابع أخبار اهلي المنتشرين في كل انحاء العالم اقصد كل الفلسطينيين وخصوصا الذين كانوا في العراق الاول هو شعور الفرح والغبطة لمعرفة اخبارهم السعيدة من حصول البعض على التوطين وانتهاء معاناتهم في المخيمات التي لا يمكن لاحد ان يقدر حجم المعاناة التي تعرضوا لها فيها الا من سكن فيها وايضا الزيجات والولادات التي تحصل عندهم، والثاني الحزن والاسى على الذين لا زالوا يعانون وطأة العيش في المخيمات والذين يتوفون منهم وكذلك التعليقات التي اقرأؤها على المقالات والمواضيع التي تطرح من خلال هذه المواقع ومحاولة جعل هذه المواقع ساحة سجال ومعارك بين ابناء البلد الواحد والتي لم تنشأ لاجل هذا بل انشأت من اجل مد جسور الالفة والمحبة والتواصل بين ابناء البلد الواحد في هذا الزمن الذي فيه الفلسطينيين احوج للتوحد والتماسك لمواجهة اخطر المراحل التي يمر بها شعبنا في الوقت الحاضر.

ليست المشكلة في الاختلاف في الرأي او الفكر او التضاد، هذه  كلها علامات ايجابية وصحية كما قال الرسول صلوات الله عليه ( ختلاف امتي رحمة ) وايضا المقوله ( لو تشابهت الاذواق لبارت السلع ) ولكن المشكلة هو كيف  نجعل هذا الاختلاف في الرأي لا يفسد لنا للود قضية وان نبقى رغم اختلافنا في الاراء والمعتقد والانتماء والمذهب والفكر السياسي، وان نجعل الولاء لفلسطين ولشعبها هو الغالب على كل الانتماءات القبلية والمناطقية وان يكون الرد على كل ما يطرح على هذه المواقع هادئ وحضاري ومنطقي موضحا اسباب الاختلاف بدون تهجم وتجريح او طعن او تجاوز على شخصية كاتب المقال.

فكلنا في النهاية ابناء بلد واحد او ربما ابناء قرية واحدة او عائلة واحدة وايضا كلنا في النهاية مسلمون وننحدر من اب واحد هو ادم ومن ام واحدة هي حواء فلنجعل من هذه المواقع منابر للمحبة والالفة والتواصل الحسن وان نثبت لكل من يتصفح هذه المواقع من غير الفلسطينيين.

وتعلمون ان هذه المواقع ليست حكرا للفلسطينيين  فلنعكس مدى تلاحم الفلسطينيين ووحدتهم وحبهم لبعضهم البعض ولكي نجعل من سعى لاقامة هذه المواقع والقائمين عليها يشعرون بالفخر لانها ادت الغاية المنشودة منها في لملمة شتات هذا الشعب المظلوم  ولنعلم اننا كلنا في مركب واحد ولا ينقذ من الغرق سوى التكاتف والتوحد  والتحابب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 

عبد الحكيم الماضي

15/4/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"