بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن والاه:
أما بعد اخواني الكرام كما هو معلوم ان السحر من كبائر الذنوب وقد ذكر الإمام الذهبي في كتابه الكبائر,الكبيرة الثالثة : السحر:
وقال رحمه الله فترى كثيرا من الضلال يدخلون في السحر ويظنونه حراما فقط وما يشعرون انه الكفر... وحد الساحر القتل لانه كفر بالله ...فليتق العبد ربه ولا يدخل فيما يخسر به الدنيا انه والاخرة ه.(من كتاب الكبائر ص21و22).
قال تعالى {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }البقرة102.
ومن هذه الاية الكريمة يتبين بوضوح ان الشخص لا يمكن ان يتعلم السحر الا اذا كفر ,فإذا كفر تعلمه,وبناء على هذه الاية فالساحر كافر,ونعوذ بالله من الكفر والالحاد ومن اعمال اهل النار (الوصابي).
وعن مالك :الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب بل بتحتم قتله كالزنديق.وقال عياض :
ويقول مالك قال احمد وجماعة من الصحابة والتابعين ه.
وكذا قوله في الاية على لسان الملكين : (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) قال ابن حجر :فإن فيه اشارة الى ان تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفر (فتح الباري)
وقال تعالى {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى }طه69
{فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ }يونس81.
قال الامام السعدي:ثم ذكر مفاسد السحر فقال : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) مع ان محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما,لأن الل قال في حقهما: (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) وفي هذا دليل على ان السحر له حقيقة ,وانه يضر بإذن الله , أي :بإرادة الله, والإذن نوعان:اذن قدري, وهو المتعلق بمشيئة الله ,كما في الاية ,وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الاية السابقة: (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ) وفي الاية وما اشبهها ان الاسباب مهما بلغت في قوة التأثير ,فأنها تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير .
وأما في السنة :فقد روى البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق واكل الربا واكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
قال النووي : عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالاجماع ,وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات هـ.
قال ابن عثيمين:و (اجتنبوا) أي :اتركوا, بل اشد من مجرد الترك ,لإن الانسان قد يترك الشيء وهو قريب منه,فإذا قيل :اجتنبه, يعني اتركه من البعد.
وقوله (الموبقات) أي المهلكات ,قال تعالى : (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً) الكهف:52. أي :مكان هلاك.
قوله :( والسحر), أي : من الموبقات ,وظاهر كلام النبي صلى الله عليه وسلم انه لا فرق بين ان يكون ذلك بواسطة الشياطين ,فألذي لا يأتي الا بالاشراك بهم , فهو داخل في الشرك بالله .
وإن كان دون ذلك, فهو ايضا جرم عظيم ,لأن السحر من اعظم ما يكون في الجناية على بني ادم, فهو يفسد على المسحورامر دينه ودنياه ,ويقلقه فيصبح كالبهائم ,بل اسوأ من ذلك ,لأن البهيمة خلفت هكذا على طبيعتها,أما الادمي ,فإنه اذا صرف عن طبيعته وفطرته لحقه من الضيق والقلق ما لايعلمه الا رب العباد , ولهذا كان السحر يلي الشرك بالله –عزوجل- هـ.
وعن عمران ابن الحصين رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ليس منا من تطير له او اكهن له او سحر او سحر له( تحقيق الالباني:حسن).
قال ابن عثيمين:قوله Lاو سحر او سحر له) تقدم تعريف السحر,وتقدمه بيان اقسامه.
قوله :( او سحر له), أي : طلب من الساحر ان يسحر له,ومنه النشرة عن طريق السحر, فهي داخلة فيه, وكانوا يستعملونها على وجوه متنوعة ,منها انهم يأتون بطشت فيه ماء,ويصبون فيه رصاصا, فيتكون هذا الرصاص بوجه الساحر, أي :تكون صورة الساحر في هذا الرصاص ,ويسمونها العامة.
الساحر,أي: تكون صورة الساحر في هذا الرصاص,ويسمونها العامة.
الوقاية من السحر:
عن عامر بن سعد قال سمعت ابي يقول :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر. رواه البخاري.
قال الشيخ ابن عثيمين: "من تصبح بسبع تمرات من تمرات العالية-وفي لفظ:من العجوة-فإنهلا يصيبه ذلك اليوم سم ولا سحر".
سبحان الله حماية ووقاية بسبع تمرات من تمر العالية- مكان معروف بالمدينة –او من العجوة,بل ان شيخنا ابن السعدي—يرى ان ذلك على سبيل التمثيل,وان المقصود التمر مطلقا,فعلى هذا يتصبح الإنسان كل يوم بسبع تمرات ,فإن كان النبي عليه الصلاة والسلام ارادها فقد حصل المطلوب, وإن لم يردها فلا شك ان افطار الإنسان على هذا التمر الجامع بين ثلاثة امورمن افضل الاغذية:الحلوى والفاكهة والغذاء لأن التمر يشتمل على هذا كله: هو حلوى وفاكهة ويتفكه به الإنسان,وغذاء ولهذا لا تجد مثل التمر شيئا من الثمر لا يفسد إذا أبطأ, بل هو دائما صالح للاكل هـ.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :أما ما يتقي به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو :التحصن بالاذكار الشرعية والدعوات والتعوذات المأثورة, ومن ذلك قراءة اية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الاذكار المشروعة بعد السلام,ومن ذلك قراءتها عند النوم ,واية الكرسي هي اعظم اية في القران الكريم وهي قوله سبحانه : {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }البقرة255.
ومن ذلك قراءة:قل هو الله احد ( الاخلاص 1), وقل اعوذ برب الفلق (الفلق 1), وقل اعوذ برب الناس (الناس 1) خلف كل صلاة مكتوبة وقراءة هذه السور الثلاث ثلاث مرات في اول النهار بعد صلاة الفجر ,وفي اول الليل بعد صلاة المغرب, وعند النوم ومن ذلك قراءة الايتين من اخر سورة البقرة في اول الليل وهما قوله تعالى : {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال :"من قرأ اية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح",وصح عنه عليه الصلاة والسلام ايضا انه قال: "من قرأ الايتين من اخر سورة البقرة في ليلة كفتاه " والمعنى الله أعلم:كفتاه من كل سوء.
ومن ذلك الاكثار من التعوذ ب"كلمات الله التامات من شر ما خلق"في الليل والنهار ,وعند نزول أي منزل في البناء أوالصحراء أو الجو أو البحر لقول النبي عليه الصلاة والسلام:"من نزل منزلا فقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك".
ومن ذلك يقول المسلم في اول النهار وأول الليل ثلاث مرات "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم "لصحة الترغيب في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام,وأن ذلك سبب للسلامة ومن كل سوء.
وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في أتقاء شر السحر وغيره من الشرورلمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليه ,وهي ايضا من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه مع الاكثار من الضراعة الى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس هـ.
أخوكم : وليد محلم
14/6/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"