يسكن أبو محمد مع عشرات العائلات الفلسطينية
منطقة "تل شهاب" وهي قرية حدودية سورية على الحدود مع الأردن بعد أن
منعت السلطات الأردنية دخولهم تنفيذا لقرار رسمي من أعلى المستويات بالمملكة.
روى اللاجئ
الفلسطيني للجزيرة نت عبر الهاتف حكاية هروبه وعائلته من القصف على مخيم اليرموك
هو وعشرات العائلات التي تقطعت بها السبل في الطرق إلى لبنان والأردن.
يقول أبو
محمد إن خوفه على أطفاله قاده للهروب نحو جنوب دمشق حيث سكن منطقة الكسوة بريف
دمشق لأيام قبل أن ينتقل لقرى درعا إلى أن وصل لتل شهاب حيث جرى تجميعه من قبل
نشطاء مع مئات اللاجئين تمهيدا لنقلهم إلى الأردن.
أبو محمد
قال أيضا "حذرنا النشطاء السوريون من أن الأردن لا يسمح بدخول الفلسطينيين
وأنه سيعيدنا معهم، إلا أننا أصررنا على التوجه نحو الحدود عل الأطفال يشفعون لنا
بالدخول، لكننا تأكدنا بعد وصولنا للأردن أن لا سبيل لنا بالدخول فعدنا أدراجنا
نحو الحدود السورية".
وتحولت
قرية تل شهاب السورية شبه المهجورة لتجمع لنحو 250 لاجئ فلسطيني فارين من سوريا،
يقول أبو محمد إن الفلسطينيين يقطنون هناك في بساتين أو بيوت تركها أصحابها وفروا
لمناطق أخرى، وروى فصولا من معاناتهم وأطفالهم بسبب النقص الكبير في الأغذية
والأدوية عوضا عن متطلبات الحياة الأساسية.
حالة أبو
محمد بدت قريبة من حالة سهام، وهي "سيدة" فلسطينية تمكنت من الدخول
للأردن بداية الثورة على نظام بشار الأسد بعد أن فرت من درعا، بينما تقول إن زوجها
وإخوتها تفرقوا بين الداخل السوري وبين لبنان، في حين علمت أخيرا أن أحد أشقائها
وصل تركيا عله يجد لنفسه مكانا على أحد قوارب الموت المتجهة نحو أوروبا والتي
يسافر فيها مهاجرون غير شرعيين.
سهام قالت
للجزيرة نت إنها تمكنت عبر أحد أقربها من الخروج من مخيم "سايبر ستي"
بمدينة الرمثا والسكن بمدينة إربد (81 كلم شمال عمان) لكنها تركت وراءها العشرات
من العائلات هناك "حالها أفضل من الذين لا زالوا في سوريا".
منع
الدخول
ولا تخفي
الحكومة الأردنية بأنها تمنع اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا من الدخول،
حيث صرح وزير الدولة لشؤون الإعلام السابق سميح المعايطة مطلع العام الجاري
للجزيرة نت بأن الأردن يمنع دخول الفلسطينيين من سوريا لأنه "غير مضطر لدفع
أثمان سياسية للأزمة السورية".
وأضاف
"الأردن لا يمنع عودة مواطنيه من حملة الجنسية الأردنية إلى المملكة، لكن
مسألة تحويل لجوء الفلسطينيين من سوريا إلى الأردن تتعلق بعشرات الآلاف، وهو أمر
لا يمكن للأردن احتماله".
وكان مجلس
السياسات الذي يترأسه الملك عبدالله الثاني اتخذ قرارا في مايو/ أيار 2011 منع
بموجبه دخول الفلسطينيين اللاجئين بسوريا إلى المملكة.
ويبرر
سياسيون هذا القرار بكونه متعلقا بجدل الهوية الأردنية والمخاوف من تحول الأردن
لوطن بديل للفلسطينيين حيث يشكل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو 42% من المواطنين
بالأردن، عوضا عن نحو 12% من الفلسطينيين من غير حملة الجنسية الأردنية.
وبينما
تقول الحكومة الأردنية إن عدد الفلسطينيين الذين دخلوا من سوريا لا يتجاوز الـ130،
فإن مصادر إغاثية تتحدث عن أن عدد هؤلاء اللاجئين يتراوح بين 1200 وثلاثة آلاف لاجئ.
ووفقا لبيانات
وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فإن نحو 235 ألف
فلسطيني من أصل ستمائة ألف من اللاجئين الفلسطينيين بسوريا تركوا أماكن سكنهم في
12 مخيما فلسطينيا بسوريا عوضا عن المدن، وباتوا لاجئين بالداخل السوري، عوضا عن
عشرات الآلاف الذين فروا للخارج.
وتعيد
نكبة اللاجئين الفلسطينيين بسوريا للأذهان رحلات النكبة التي تعرض لها الفلسطينيون
بعد رحلة نكبة الخروج من وطنهم فلسطين عام 1948 وبعد احتلال الضفة الغربية عام
1967، حيث عانى الفلسطينيون من نكبات بعد خروجهم من الكويت عام 1991 ومن العراق بعد احتلاله عام 2003، فضلا عن
موجات لجوء يدفع فيها الفلسطينيون ثمن الحروب بمنطقة ملتهبة يجد الفارون من كل
الجنسيات مكانا للجوئهم، بينما يظل الفلسطينيون يدفعون ثمن الخوف من توطينهم خارج
وطنهم المحتل منذ 65 عاما.
المصدر :
الجزيرة نت
13/5/2013