{ ... لئن شكرتم لأزيدنكم ... } [إبراهيم : 7] .
هذه ليست بقصة قصيرة من نسج الخيال انما حادثة وقعت معي فأحببت ان اقصها عليكم علها تكون عبرة لمن يجحد فضل الله عليه ، كنت اعمل محاسبا في احدى المؤسسات وكانت طبيعة عملي تتضمن اجراء القيود المالية والتسويات الحسابية وكذلك توزيع الرواتب والأجور والمكافئات على مستحقيها ففي احد الايام وصلتني كشوفات المكافئات والمتضمنة أسماء الاشخاص ومبلغ المكافأة ازاء كل واحد منهم وعلى الفور قمت بإعداد القوائم وتوجهت الى المكان المحدد للتوزيع ووقف الأشخاص في طابور طويل فكل من يأتي دوره يقوم بإبراز هويته ثم يوقع ويستلم المبلغ المخصص له الى ان جاء احد الاشخاص وهنا لا بد من وقفة قصيرة لان القصة تبدأ من عند هذا الشخص ناولته قلما وطلبت من التوقيع ازاء اسمه فاخذ القلم وهزَّ بيده مع تحريك رأسه يمينا وشمالا حركة تدل وتنم على عدم الرضا والقبول فبادرته بالسؤال هل من مشكلة ؟ فقال ان مبلغ المكافأة قليل أسوة بأقراني فهم استلموا مبالغ اكثر مني فقلت له قل الحمد لله أنت أفضل وأحسن من غيرك فكثير منكم لم يستلم مكافأة مع العلم انه اشتغل وعمل فرد علي بجواب لم أكن اتوقعه وبعصبية شديدة وقال لماذا أقول الحمد لله ، وحقيقة صدمت بهذا الرد الغريب لماذا أقول الحمد لله قلت له قل الحمد لله على ما رزقك ثم ان الحمد لله على كل شيء ، فقال ان هذا المبلغ هو نتيجة تعبي وجهدي ولا فضل لأحد علي ولولا انني اشتغلت وتعبت لما كافئوني ، قلت له ولكن هذا المال هو من عند الله ساقه اليك ويجب ان تحمد الله وتشكره فقاطعني قائلا لا هو نتيجة تعبي وعملي فأدركت انه من الصعب جدا محاورة وإفهام شخص يحمل عقلية بهذا المستوى ولأنني في مكان لا يسمح لي ان أناقش وأطيل النقاش فطلبت منه ان يوقع ويستلم المبلغ المخصص له على ان يكون لي معه لقاء اخر وفعلا استلم المبلغ ومضى الى حال سبيله وبعد عدة ايام ارسلت في طلبه وعلى الفور أتى الي فأجلسته وطلبت له فنجانا من القهوة وسألته عن حاله وأحواله وذكرته بالذي حصل ولكنه كان اكثر اصرار على رأيه السابق والمتضمن بان المبلغ الذي حصل عليه هو نتيجة تعبه وجهده ولا فضل لأحد عليه فقلت له أليس هذا المال هو من عند الله فقال هو نتيجة جهدي وتعبي ورفض القول بأن المال الذي اتاه هو رزق ساقه الله اليه فقلت له سأسلك أسئلة وأرجو ان تجيبني عليها قال اسأل قلت من الذي أعطاك عينين تبصر بهما ؟ فقال الله قلت لو لم يكن لديك عينين هل كنت تستطيع ان ترى وتعمل قال طبعا لا قلت من الذي أعطاك يدين تحمل الأشياء بهما ؟ قال الله قلت لو لم يكن لديك يدين هل كنت تستطيع ان تعمل قال لا قلت من الذي أعطاك قدمين تقف وتمشي بهما ؟ قال الله قلت لو لم يكن لديك قدمين هل كنت تستطيع ان تقف وتمشي قال لا قلت من الذي أعطاك الصحة والعافية في بدنك والتي تتمتع بها الآن ؟ أليس الله قال نعم قلت لو كانت الصحة والعافية منزوعة وكنت مريضا وعليلا هل كنت تستطيع ان تعمل ؟ قال طبعا لا قلت اذن لولا فضل الله ونعمته عليك بان أعطاك يدين وقدمين وعينين ومنحك العافية في بدنك لما استطعت ان تشتغل وتعمل وجهدك وعملك هذا هو نعمة من أنعام الله عليك اذن فالمكافأة التي أتتك والمال الذي قبضته هو من عند الله وليس من عندك كما كنت تظن وتعتقد وكما أوحى لك الشيطان بذلك فسكت ولم يجب و طأطأ رأسه خجلا وقال نعم هو من عند الله فقلت له اذن استغفر ربك وقل الحمد لله رب العالمين على ما رزقني وعافاني { ... لئن شكرتم لأزيدنكم ... } [إبراهيم : 7] ، فقال أستغفر الله العظيم والحمد لله رب العالمين ومضى الى حال سبيله وآخر دعواي ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .
عادل العمرو
19/5/2012
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"