رسالة لاجئ فلسطيني من أميركا- خالد الحيفاوي

بواسطة قراءة 3759
رسالة لاجئ فلسطيني من أميركا- خالد الحيفاوي
رسالة لاجئ فلسطيني من أميركا- خالد الحيفاوي

اخواني الكرام قبل كل شئ انا لاجئ فلسطيني من سكان العراق وقد امضيت هنا في اميركا 6 شهور تحديدا ولكني، سوف اسرد لكم وقائع من ما شاهدته وتعلمته من هذ الشعب العجيب.

في أمريكا أن أنام بدري حتى أستيقظ بدري لكي أتوجه إلى العمل بدري، لكى أؤدي عملي لكي أستحق عليه راتبي، تعلمت فى أمريكا أن العمل عبادة قولا وفعلا، تعلمت فى أمريكا أن الإنسان

خلقه الله سبحانه وتعالى لكى يقرأ ويفكر ويبتكر ويكون جديرا بخلافة الخالق على الأرض.

 فى أمريكا أن الكلب الكثير النباح لا يؤذى وأن الشعوب كثيرة الكلام والشعارات لا يوجد لديها وقت للعمل والإنتاج.

ومارست لأول مرة فى حياتي العمل التطوعي لصالح المجتمع الذى أعيش فيه، وتعلمت أن التبرعات إلى جانب العمل الخيري هما أحد دعائم المجتمعات الإنسانية، وعلمت أن التبرعات ممكن أن تتوجه إلى أعمال كثيرة ويجب ألا تقتصر على إنشاء دور العبادة، رأيت جامعات ومستشفيات ضخمة كلها بنيت بأموال تبرعات من أغنياء ومتوسطي الحال.

إن قيمتك في المجتمع نابعة من عطاءك وعملك ومجهودك وثروتك الناتجة عن العمل، لم أسمع فى أمريكا شخص طويل عريض يصرخ فيك ويقول لك:((أنت تدري ويا منو تحجي)) وإذا سمعتها فلا بد أن قائلها من رجال العصابات والذى سوف يتربص بك! لم يسألني أحد في أمريكا:'إنت(( إبن منو)) أو فى أمريكا'، لم يسألني أحد فى أمريكا عن ديانتي، لم يسألنى أحد فى أمريكا عن شهادتي أو عن ثروتي، السؤال الوحيد الذى كان يوجه إلي:ما هو عملك الذى تتكسب منه معيشتك؟.

وتعلمت أن أمريكا ليست جنة الله على الأرض، ولكن أهلها يسعون لتحقيق ذلك ويخطئون أحيانا ويصيبون أحيانا أخرى، ولا يخشون أن يعترفوا بأخطائهم بل يسعون إلى تكبيرها حتى يراها الأعمى، تعلمت فى أمريكا أن الشعوب الواثقة من نفسها هى التى تسخر من نفسها ومن زعمائها وتنشر غسيلها القذر بعد تنظيفه.

تعلمت فى أمريكا أن السياسة مهنة فاسدة فى بعض الأحيان لذلك يبعدونها عن الدين ويبعدون الدين عنها، تعلمت فى أمريكا أن أحترم الآخر مهما كان مختلفا عني فى اللون والعقيدة والجنس.

تعلمت فى أمريكا أن المرأة (حقا) هى نصف المجتمع، وأن المجتمع الأمريكي ليس مجتمعا أعرجا يمشى على (واحدة ونص)، ولكن المرأة فيه تأخذ حقها وفوقه (بوسة!!)، وتعلمت أن المرأة الأمريكية تكون مفترية على الرجل فى بعض الأحيان إنتقاما لبنات جنسها المقهورات فى بلاد أخرى .

تعلمت أن أمريكا تفوقت بعلمها وإبتكار أبنائها وجهدهم عبر مائتي سنة، تعلمت أن الفرق بين التخلف والتقدم هو فى التعليم وتشجيع التفكير الحر والإبتكار، عندما زرت بعض الجامعات الأمريكية ودخلت معاملها وتعاملت مع طلابها وطالباتها عرفت سر قوة أمريكا.

تعلمت فى أمريكا أن القوانين قد تم سنها لكي يتم تنفيذها على الكبير قبل الصغير، وأن الذين يشرعون منتخبون من أبناء الشعب وأن القائمين على تنفيذها موظفون فى خدمة الشعب.

تعلمت فى أمريكا أن هناك شيئان لا يمكن الهروب منهما:"الموت والضرائب".

تعلمت فى أمريكا أن أغلب الأمريكان سذج فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ويصدقون كل ما يشاهدونه فى الفوكس نيوز والسى إن إن، وإذا سألت عن إسم وزيرة الخارجية الأمريكية فإن أغلبية الشعب الأمريكd لن يعرفوا أنها (كلنتون)، وهناك أغنية ريفية مشهورة عن أحداث 11 سبتمبر يقول فيها المطرب الشعبى المشهور 'آلان جاكسون':

إننى مجرد رجل بسيط أشاهد سى إن إن
وأننى غير متأكد إن كنت أعرف الفرق بين العراق وإيران

تعلمت من الأمريكان أن الوطنية ليست فى الأغاني الوطنية ولكن معاملتك لوطنك وكأنه بيتك، لذلك تجد قلة قليلة من الأمريكان يرغبون فى الهجرة من بلادهم، وأغلب شعوب الأرض المقهورة تريد الهجرة إلى أمريكا

تعلمت أن الفساد موجود فى أمريكا ولكنه يحارب (بفتح الراء) والشخص الفاسد منبوذ فى المجتمع، وإذا وقع تكثر سكاكينه. وتعلمت أن الإجرام موجود أيضا فى أمريكا ولكنه أقل كثيرا مما نشاهده فى أفلام العنف الأمريكية، وذكرني هذا عندما ذهبت الى مصر ولاحظت بعض الأخوة العرب يزورون مصر للمرة الأولى ويتعجبون بل ويصدمون عندما يدركون أن كل نساء مصر لسن راقصات أوغانيات وأن كل رجالها ليسوا حشاشين.

 

وما زلت أتعلم فى أمريكا حتى اليوم، وكلما أشاهد أو أتعلم شيئا جديدا، أهتف فى أعماقي وأقول:'ياسلام لو كان هذا عندنا فى في الدول العربية'.

 

خالد الحيفاوي- أميركا

25/3/2010

ملاحظة من إدارة الموقع: ما ذكره الأخ خالد يعبر عن ما رآه وشاهده خلال هذه الفترة الوجيزة ومن منظوره الشخصي، وما ذكر يتعلق بحقيقة مادية تعيشها تلك المجتمعات، لكن لابد من التنويه لأمر وهو سبب بلاء الفلسطينيين في العراق وتهجيرهم بعد عام 2003 هي القوات الأمريكية، وعليه يجب أن لا تغيب هذه الحقيقة مهما كانت لديهم إيجابيات مادية في مجتمعهم وكما قيل:

وسيأتيك بالأخبار من لم تزود

مع الشكر الجزيل للاخ خالد الحيفاوي على مشاركته، ونتمنى له وللجميع التوفيق.

 

موقع" فلسطينيو العراق " أول موقع ينشر هذا الخبر

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"