لقد تابعت بألم بالغ، مؤتمر حق العودة لفلسطينيي أوروبا، وانتابني حزن عميق، القارئ للوهلة الأولى يرى أنّ الأمر غير مبرر، فهي "فعاليات وطنية" لا يشك أحد في وطنيتها ونزاهة منظميها !، ثم تابعت إحياء ذكرى النكبة في عدد من مدن العالم، فنفس المشهد الصاعق لي يتكرر، استذكرت أيام الشباب في الجامعة، فإذ بي بنسخ مكررة من "فعاليات واحتفالات فلسطينية ومعارض" لا أشك في هدفها وغايتها الواضحة، لكن طريقة إدارتها لا أراها سليمة، فكيف بالله عليكم يا كل من أحييتم ذكرى النكبة، كيف يستقيم إحياء ذكرى النكبة مع "الرقص والدبكة" ؟!، هل هو يوم للفرح والاحتفال؟!، أم هو لتذكير اليهود الغاصبين بأننا لم ننس أرضنا وإنا لها عائدون، بدل أن يكون يوم استعراضات عسكرية وعمليات نوعية، نراه "استعراضات فنية ورقص مختلط" في أسوأ عرفٍ وتراثٍ عرفته ما يسمى "الدبكة"، حين "تشبك الأيادي للرقص وهز الأكتاف" شبابا وبنات، بينما حري بنا شبك أيدينا بالسلاح وهز عروش الغزاة، حري بنا أن ننظر في ما نفعله ونراجع أنفسنا، نحن لسنا قوما منزهين عن الخطأ، ونحن قوم أعزنا الله بالإسلام لا "بالرقص والغناء"، فإن ابتغينا العزة بهذه الأفعال فلا نصرنا الله .
وبعيدا عن "الرقص والغناء"، لنتوجه إلى مقررات اجتماعاتنا ومؤتمراتنا، كلام في كلام وتنظير في تنظير، انظروا إلى مقررات المؤتمر الصهيوني الأول وهو مؤتمر عقد بزعامة تيودور هرتزل في مدينة بازل السويسرية عام 1897 :
1. إن هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين بالوسائل :
أ- تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين .
ب- تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية .
ج- اتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني (إعطاءه شرعية دولية) .
2. تشكيل منظمة الصهيونية العالمية بقيادة (تيودور هرتزل) .
3. تشكيل الجهاز التنفيذي "الوكالة اليهودية" لتنفيذ قرارات المؤتمر؛ ومهمتها جمع الأموال في صندوق قومي لشراء الأراضي وإرسال المُهاجرين لإقامة المستعمرات لليهود في فلسطين .
بنظرة سريعة نجد أن جميع هذه المقررات قد طبقت بحذافيرها، وهذا في المؤتمر الأول وقبل النكبة بـ49 عام، فهذا دليل على أن القوم يعملون بكل قوة لتحصيل مبتغاهم، ولا يكلون جهدا في الوصول إلى غاياتهم، وكل مقرراتهم فيها ضمان العيش الكريم لليهود، لنأخذ مثالا على حقوق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين في مقررات المؤتمر السادس لحركة فتح :
أ- العمل الدؤوب لتحقيق حق اللاجئين في العودة والتعويض واسـتعادة الممتلكات، وبوحدة قضية اللاجئين دون النظر لأماكن تواجدهم بمن فيهم اللاجئون في أراضي (48) ، وترى الحركة ضرورة المحافظة على المخيم كشاهد سـياسـي أسـاسـي للاجئين الذين حرموا من العودة لديارهم إلى حين حل قضيتهم، وضرورة التمسـك بوكالة الغوث كعنوان دولي واعتراف بقضية اللاجئين إلى حين عودتهم إلى بيوتهم وبلادهم، مع العمل على تحسـين أوضاع اللاجئين والمخيمات، ومع التأكيد على أن منظمة التحرير هي المرجعية السـياسـية للاجئين الفلسـطينيين .
ب- التأكيد على رفض مبدأ التوطين القسـري أو الدعوة للوطن البديل، فلا توطين في لبنان ولا وطن بديل في الأردن .
نلاحظ أن اللاجئ يجب أن يبقى يعاني الأمرين في خيمته كي يكون شاهداً سياسياً وأساسياً ؟!، وكأن الأمر يحتاج إلى شاهد وشهود ؟! وفي الفقرة الثانية : ممنوع التوطين، بل يجب أن يبقى اللاجئ لاجئا لا عملا كريما ولا جواز سفر ولا امتلاك مسكن أو سيارة، تصب في خدمة من هذه المقررات ؟! أترك الجواب للقارئ ! .
أما عن الالتزام بالمقررات وتفعيلها لنأخذ مثالا بسيطا على مقررات اجتماعاتنا، فمثلا مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث كان فيه الاتفاق على ضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز دورها كإطار جامع وممثل للشعب الفلسطيني، وبغض النظر عن سلامة الاتفاق من عدمه وهذا المؤتمر عقد قبل سبع سنوات، السؤال الذي يطرح نفسه : أين منظمة التحرير الآن ؟ انها مجرد شعارات وكلمات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا أثر لها على القضية، أمور بسيطة أطرحها بين يدي القارئ وللعاقل البحث أكثر في الموضوع فإني أرى الأمر استخفافاً بالعقول، وجعل الشعب الفلسطيني يلهث وراء سراب، حري بنا أن نمحص الأمور ونعمل بجد وفاعلية وتفكير، نصل الليل بالنهار لخدمة قضيتنا العادلة، فعقولنا وأيدينا بعد تمسكنا بديننا هي عوامل النصر لا "الدبكة وهز الأكتاف" ! .
بقلم : محمد ماضي
17/5/2012
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"