وبهذا فإن الأعداد الحقيقية للاجئين الفلسطينيين
بين الداخل والشتات تزيد على سبعة ملايين لاجئ، فيما تشير سجلات وكالة (الأونروا)
إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها بلغ نحو (5.4) مليون لاجئ حتى
الأول من يناير عام 2013، وهو الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين. فيما تشير
معطيات المركز القومي للدراسات والتوثيق في منظمة التحرير الفلسطينية بأن أعداد
الفلسطينيين ككل في الداخل والشتات تبلغ حوالي (12) مليون فلسطيني، موزعين بواقع
(4.23) مليون في الأراضي الفلسطينية عام 1967 بنسبة (37.7%) من إجمالي أعداد
الفلسطينيين، وحوالي (1.37) مليون في الداخل المحتل عام 1948 بنسبة (12.2%).
والباقي نحو سبعة ملايين في الشتات، تقيم غالبيتهم العظمى في دول الطوق (سوريا،
لبنان، الأردن).
وكالة الأونروا، تقوم بمهامها تجاه مجتمع
اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في قيودها فقط وتستثني الباقي منهم في ساحات
عملياتها الخمس (الضفة الغربية، قطاع غزة، سوريا، لبنان، الأردن) وقد باتت تواجه
في الوقت الحاضر صعوبات كبيرة في أدائها لوظيفتها جراء شح الأموال التي تصلها من
الدول المانحة وتزايد الأعباء الملقاة على عاتقها، في وقت تزداد فيه حاجات مجتمع
اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق التواجد الفلسطيني.
وفي هذا السياق قامت مؤخراً بعض الدول المانحة
بتقديم مساعدات مالية إضافية عاجلة لدعم ميزانية الطوارئ والنداءات المستعجلة التي
أطلقتها الوكالة، وقد وصلت أموال الدعم من روسيا والصين واليابان والهند والبرازيل
والأرجنتين وبعض البلدان العربية ودول غرب أوروبا، فيما قدمت الولايات المتحدة
الأميركية منذ مطلع العام الحالي 2013 نحو (244,5) مليون دولار الأمر الذي سيمكن
الوكالة من الاستمرار بعملها في خدمة مجتمع يصل تعداده إلى حوالي خمسة ملايين لاجئ
فلسطيني مسجلون لديها في المنطقة.
ومن المعروف بأن وكالة الأونروا نشأت بقرار من
الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم (3012) لعام 1949 باعتبارها منظمة دولية مؤقتة
تتبع مباشرة لرئاسة الأمم المتحدة، إلى حين تنفيذ القرارات الدولية القاضية بحق
العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها العام 1948,
وأن الجمعية العامة تجدد لها التفويض مرة كل ثلاث سنوات. هي مؤقتة لأن بقاءها رهن
بحالة اللاجئين. وعند عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم سينتفي السبب السياسي لوجودها.
في هذا السياق، هناك محاولات حثيثة تجري وراء
الكواليس منذ أكثر من عقد من الزمن من أجل تغيير مهام عمل الوكالة تمهيداً للتخلص
منها والالتفاف على قرار إنشائها، وتعديل اسمها، وإحالة عملها للدول المضيفة
للاجئين الفلسطينيين وبالتالي تصفية أعمالها، وهو ما يتطلب قراراً من الجمعية
العامة للأمم المتحدة. فالتعديل قرار لا يستطيع أن يتخذه المفوض العام للوكالة. بل
تقدمه الهيئة الاستشارية كتوصية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. والهيئة
الاستشارية تتشكل من عدد من الجهات المانحة كما تشارك فيها الدول العربية المضيفة،
بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي على عاتق الأطراف العربية في اللجنة
الاستشارية قطع الطريق على أي تعديل سلبي لوظيفة الوكالة.
إن إحالة عمل الوكالة للدول المضيفة والمقصود كل
من (سوريا، لبنان، الأردن) وتصفية أعمالها، لعبة كبرى تسعى الدولة العبرية
الصهيونية لتمريرها على المجتمع الدولي منذ مؤتمر مدريد للتسوية (ولا نقول للسلام)
نهاية العام 1991 حين رفضت وما زالت ترفض إدراج موضوع قضية اللاجئين الفلسطينيين
على طاولة المفاوضات وطالبت بعرضه على لجان المفاوضات متعددة الأطراف وهي اللجان
التي ماتت بعد أقل من خمس سنوات من انعقاد مؤتمر مدريد.
ومن المنطقي القول بأن محاولة إنهاء عمل الوكالة
وتحويل مهامها للدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين (لبنان، الأردن، سوريا) وتصفية
أعمالها، محاولة صعبة التمرير ولن يكتب لها النجاح حال تماسك الموقف العربي
والإسلامي ومعه مواقف الأصدقاء في المجموعات الدولية المختلفة الداعمة لكفاح الشعب
العربي الفلسطيني داخل أروقة الأمم المتحدة، فهي لعبة لن تمر ما دام هناك لاجئ فلسطيني
واحد على وجه المعمورة وخلفه موقف عربي وإسلامي وصديق مساند لحقه الطبيعي فوق أرض
وطنه فلسطين.
وعليه، إن الحفاظ على وجود واستمرار وعمل وكالة
الأونروا مهمة عربية وفلسطينية وإسلامية لا تتحمل التهاون أو التنازل. فوكالة
الأونروا تحمل في مضمونها معنى سياسيا عميقا يتعلق بمأساة الشعب الفلسطيني، كما
تحمل في مضمونها اعترافاً أمميًّا واضحاً لا لبس فيه من قبل المجتمع الدولي بشأن
قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين لا حل لقضيتهم سوى بالعودة إلى الموطن الأصلي في
فلسطين.
وبالتالي فإن الجهود الفلسطينية والعربية ومن
الدول الصديقة يفترض بها أن تتوجه من أجل العمل على حث المانحين لرفع سوية الدعم
المالي والعيني المقدم للوكالة ومن أجل تحسين خدماتها المعروفة تجاه مجتمع
اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والشتات.
المصدر : الموقف
24/10/2013