في الليلة التالية .... وعندما حان وقت الحديث .... نادى السلطان على شهرزاد .... وطلب اليها ان توضح له بعض التفاصيل في الشأن الفلسطيني .... وبما انه لم يكن حينها متلهفا للبحث في الاخبار عن مأسي الشعوب .... فقد طلب من المساعدين ذلك واوكل اليهم المهمة .... ولكن من لباقة السلاطين ان يبدأوا ببعض الاسئلة ... عن الحديث السالف ... ظنا منه ان ذلك يشكل ارضية لمسار القصة لاحقا .... وبما انه سلطان القصر والعصر ... كان على جميغ الحضور ان ينظر اليه بانبهار ويهز برأسه... ايماءا منه ان السلطان اكثر الحاضرين الماما وادراكا بمجريات الحديث .... كان من بين بعض الاستفسارات الضرورية .... حسب ما ارتأى جلالته ...!!! وهل سكت العالم على ما وقع للفلسطينين ... الم يكن هناك منظمات دولية واقليمية للتخفيف من معاناتهم .... ؟؟ !! من طبيعة الاسئله التي تقدم بها السلطان ... عرفت شهرزادنا ان السلطان في واد والعالم في واد اخر ... ورغم ذلك بدأت تجيب بكل لباقة وتحبب ... بالطبع يا مولاي .... فان الامم المتحدة ومنذ ان كانت هيئة ... في اربعينات القرن الماضي قد وجدت نفسها معنية بقضية فلسطين ... ورغم انها كانت قد تشكلت مع انتهاء الحرب العالمية الثانية ... بهدف تأمين السلم للعالم والحيلولة دون وقوع كوارث جديدة .... الا انها وبقدرة قادر وجدت في ارقتها ملف اسمه فلسطين ,,,,ورأينا عدالة العالم تدق باب الفلسطينيين باقدامها ... وتعطيهم ما تفتفق به عقلها ... هو قرار التقسيم ... وبموجبه يتنتزع الجزء الاهم من الوطن الفلسطيني ويعطى لليهود .... ولان اليهود كانوا قد عانوا في الحرب العالمية من بشاعة النازية .... فان على الفلسطينيين ان يدفعوا ثمن ذلك .... !!! ففلسطين ارض بلا شعب .. ولا بد من اعطائها لشعب بلا ارض .... !!!! ومنذ ذلك التاريخ بدأت الرحلة الفلسطينية .... تغريبة ولا اجمل منها .... – بالمناسبة يبدو ان العالم قد رأى ان تغريبة بني هلال هي من مصدر فلسطيني .... وبالتالي لديهم من الخبرة في التنقل والنزوح والاضطهاد .. ما يجعلهم مؤهلين للعب الدور من جديد ...!!! – فتفرقت الارحام وابعدت ... وتمزقت الاوصال وتقطعت ... وتاه الفلسطيني في ربوع الدول يبحث عن خيمة تأويه ... على امل العودة القريبة بأذن الله .... ولكن الخالق عز وجل لم يشأ حتى يومنا هذا ....!!! ولان الشهامة العربية لا تسمح باهانه ابناء جلدتها .... فقررت الرد بتأسيس الجامعة العربية ... ومن ثم تأسس المؤتمر الاسلامي ... ولجنة القدس .... وحتى انه تأسست لجان فرعية وجمعيات محلية ... وتجمعات اقليمية ودولية ... بدأت ورشات العمل في الاحياء والقصبات والمدن العربية .... وبدأت المراسيم تتوالى والقرارات الدولية تتالى ... وما ان بدات اللجان تنسق لعمل اجتماعاتها ... جاءها الخبر مرة اخرى .... حدثت هزيمة ال 1967 .... وعاد من لجأ الى الضفة والقطاع داخل الوطن ... للنزوح مرة اخرى لدول الجوار والمنافي ... اصبح لدينا لاجئيين ونازحين ... تماما كما الحال ... فهناك النكبة ... وهناك النكسة !!! ولا بد ان نفرق بينهما لان الخلط ممنوع في القاموس الدولي .... كي لا تخرق شهرزاد القانون فكان عليها ان تتقييد بالتصنيف والتعريف المتوافق عليه من باب الامانة ولعدم الانزلاق الى مطبات زنازين التحقيق فيما لو زل لسانها بشيء وتعثر ... ( لانو رايحه يومها تقرف اليوم اللي الله ورطها فيه وحكت عن الفلسطينيين ..) من هنا كان مطلوبا الدقة قدر الامكان .... فوجدت نفسها ولادراكها لمسؤولية الكلمة والتوصيف وما ينتج عن عكس ذلك من الملاحقات القانونية الدولية ... بأن تسمي تصنيفات الفلسطيني ( يعني خمس دقايق اكثر بالحديث ... احسن يمليون مرة من زيارة مقر من المقرات ولو من باب شرب القهوة )... فتابعت ... ويا سيدي بعد العام 1948 اصبح هناك لاجئي الداخل ولاجئي الخارج .... والداخل فية عدة تصنيفات من اللجوء ... فهناك من بقي في ارض ال 1948 ولجأ الى قرى ومدن اخرى وتشرد من قريته ... وهناك من لجأ الى الجزء الباقي من الوطن ... ( الضفة والقطاع ) ولان اسرائيل يا سيدي كانت قد فصلت بين الضفة والقطاع فقد وجد اهل القطاع انهم يتبعون للادارة المصرية ... واهل الضفة يتبعون للادارة الاردنية ... وهناك يا مولاي لاجئي الخارج .... وتوزعوا بين دول الجوار ... فمنهم من وجد ان البحر قد اخذه الى لبنان ... ومنهم من اخذته الطريق الى سوريا ... ومن قادته قدماه الى الاردن ... ومنهم من حملته الجيوش المنسحبة من ارض المعركة بسياراتها الى العراق ... وهناك من خاف اكثر وهرب الى مناطق ابعد ( ويبدو انه كان على علم بما يخفيه له القدر ... فاختصر طريقه واكتفى بلجوء واحد ... وللعلم نحن الفلسطينيين انفسنا نحسدهم على ذلك .. لانهم ارتاحوا بعد بهدلة واحدة بس ) وفي ذات الوقت بدأت الامم المتحدة بورشات عملها فنصبت الخيم وتدفقت البطاطين من اوروبا وعلب اللحمة والسمنة ... هب العالم ووقف وقفة رجل واحد .... لايواء الفلسطيني !!! وبدأت كشوفات واستمارات الامم المتحدة تمتليء بالاسماء ... فكان الاخ في لبنان وشقيقة في العراق وابن عمه في سوريا وامه في ال 48 ووالده في الضفة وخاله في القطاع وابنه في الاردن .... تشتت الشعب اذا ... وفقد الاخ اخوه والاب ابنه .... الخ ,وكما ان لاجئي الخارج يا مولاي قد توزعوا على تجمعات خالية من اي شيء في العديد من المدن في دول اللجوء العربي .. ولما كان الحال كذلك .... وقف العرب وقفة رجل واحد ... وهذا للحق والامانة شيء يذكر ويقال ...!!! فاخذوا في الجامعة العربية قرارهم بان الفلسطيني لا يجب ان يذوب في المجتمعات الجديدة التي ذهب راضيا مرضيا اليها ...بل يجب ان يمنح وثيقة وليس جواز سفر للحفاظ على هويته الوطنية .... ويجب ان يبقى مقيما في المخيمات حيث لا سقف ولا جدار يحميه الحر والبرد في صحاري العرب ... لكي يبقى على اهبة الاستعداد للعودة حين يشاء الله ....!!!ويا مولاي هناك من الزم نفسه بقرار الجامعة بان اصدر وثائق سفر ... وهناك من الدول من عملت على اصدار جوازها للفلسطينيين فيها ..... وهذا ليس من باب تسهيل المهمة يا مولاي بل من منطلق رؤية هذه الدولة ان لا وجود لشيء اسمه فلسطينيين ... بل هم مواطنين هذا البلد ... ولكنها والحق يقال يا سيدي قد تركتهم في مخيمات على ارضها ولن تراعي نكبتهم بقدر ما الغت فقط هويتهم ... فلم يتم تعويضهم بارض بديلة ولم يقطنوا شقق وبيوت بدلا من التي خسروها بل كان عليهم ان يبقوا في المخيمات وان لا يكونوا في الوقت نفسه فلسطينيين ... بل اتباع ومواطني هذه الدولة المضيفة .. واصبح الفلسطيني يا سيدي يملك وثائق بغلافات من كل الالوان ... منها البني والازرق والاخضر .... ولان المثل الشعبي الفلسطيني يقول ( مين طلع من دارو ... يقل مقدارو ... ) فان لوثائق السفر قصة متممة للهم واللوعة الفلسطينية للجلوس تحت الشمس .... و الى لقاء قريب نكمل فيه ما بدأناه وكل ذلك بأذن الله ......
ماجد قرمش
صحفي فلسطيني - السويد