لماذا لا يكترث الإعلام الفلسطيني لإبادة مخيم اليرموك ؟ .. تكرار ظاهرة القيادات الفلسطينية لغض الطرف .. كما سلبيتها مع ما تعرض له الفلسطينيون في العراق - أشرف سهلي

بواسطة قراءة 1311
لماذا لا يكترث الإعلام الفلسطيني لإبادة مخيم اليرموك ؟ .. تكرار ظاهرة القيادات الفلسطينية لغض الطرف .. كما سلبيتها مع ما تعرض له الفلسطينيون في العراق - أشرف سهلي
لماذا لا يكترث الإعلام الفلسطيني لإبادة مخيم اليرموك ؟ .. تكرار ظاهرة القيادات الفلسطينية لغض الطرف .. كما سلبيتها مع ما تعرض له الفلسطينيون في العراق - أشرف سهلي

الواقع الصعب في "عاصمة الشتات الفلسطيني" والذي وصفه الأهالي والناشطون بـ"الإبادة الجماعية"، تمثل وفقا لشهادات مدنيين ومصادر حقوقية بقضاء 15 لاجئا فلسطينيا جراء القصف، ما زالت جثث العديد منهم تحت الأنقاض، إضافة لدمار ما يزيد على 60% من أبنية المخيم، غير أن ذاك الواقع لم يرتق لتصنع منه الوكالات الفلسطينية تقارير رئيسية، بل اتضح بعد التدقيق أن خبر اليرموك لم ينشر في معظمها باعتباره خبرا على الأقل، أو تم تداوله إخباريا بدرجة أقل من حجم المأساة الموثقة.

وفي هذا السياق، يقول الصحافي الفلسطيني أحمد جرار من "شبكة قدس الإخبارية" العاملة في رام الله لبلدي نيوز "بصراحة لا أعرف الأسباب لكل هذا التقصير اتجاه اليرموك سوى كون ذلك إهمالا للشتات والمخيمات وعدم الاهتمام بما يجري في سوريا، خاصة مع طول فترة الأحداث وتأييد بعض الأطراف الفلسطينية للنظام، فضلا عن الغياب التام لمنظمة التحرير والتنصل من مسؤولياتها". ويضيف "بالتأكيد وجود تنظيم داعش في المخيم يؤثر على التعاطف".

من جهته، مسؤول "قسم الدراسات في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" إبراهيم العلي، يرى في حديث لبلدي نيوز أن "هناك تخوفا من الفهم الخاطئ للخطاب الإعلامي الفلسطيني فيما يخص مخيم اليرموك، كخطاب داعم أو مساند للإرهاب المتمثل بتنظيم داعش الذي يسيطر على المخيم". لكنه يستدرك بالقول "هناك عدد من الفصائل الفلسطينية تشترك في تدمير المخيم وتقاتل إلى جانب النظام، وبالتالي فالمكينة الإعلامية الخاصة بها تتجاهل ما يحدث وتظهره وكأنه عملية تحرير لا تدمير، لدرجة أن خطابها الإعلامي يوحي للقارئ والمتلقي بأن هذه المعركة هي لاستعادة الحقوق الفلسطينية"، واصفا ما يجري بـ"بالتغير الجوهري في عقيدة المقاتل والفدائي الفلسطيني والانحراف في بوصلته عن الهدف الرئيس".

من جانبها، الإعلامية الفلسطينية وفاء بهاني المقيمة في لبنان، تقول لبلدي نيوز "وضعنا الفلسطيني الرديء خلط الأوراق عند الغالبية من مثقفين وإعلاميين وجمهور، فانعدم وضوح الرؤيا أصاب الجميع بحالة تعصب فئوي أبعدتهم عن التمييز بين الصواب والخطأ فيما يرون ويشاهدون، وهذه أم النكبات لشعبنا الفلسطيني، وهناك فئة كبيرة من الإعلاميين والجهات الإعلامية أصبحت أبواقا وتتناسب مصالحها مع المتاجرين بدماء الأبرياء، والقيادات السياسية الفلسطينية همهما الأوحد هو مصالحها الشخصية والعائلية، وبالتالي فإن إعلامنا الفلسطيني الذي ينتجه كل ما سبق سيكون فاسدا".

إنكار الضحايا

أما الكاتب الفلسطيني ماجد كيالي؛ فيرى أن "السبب وراء تقصير الإعلام الفلسطيني تجاه اليرموك هو أن القائمين عليه لا يرون مأساة السوريين وينكرون حقهم بالحرية والكرامة والمواطنة والديمقراطية، والمؤسف أنهم يتجاهلون نكبة السوريين التي نجم عنها تشريد الملايين وقتل مئات الألوف"، معتبرا أنه "في إدراكات هؤلاء يرون كما ترى "إسرائيل" نفسها بمكانة الضحية في العالم العربي وأن لا قضية في هذا العالم سوى قضيتهم كأنه ليس هناك شعوب لها قضايا وحقوق وحاجات ومطالب"، وتساءل "ماذا سيقول هؤلاء لـ"إسرائيل" إن فعلت بشعبنا جرائم مثل هذه التي يفعلها النظام السوري بشعبه وبالفلسطينيين في مخيم اليرموك بقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية وتشريد الملايين وحصارهم بدعوى محاربة الاٍرهاب؟ وكيف سيطلبون إلى العالم التعاطف معهم؟".

المنسق العام للتجمع الفلسطيني السوري الحر "مصير" أيمن أبو هاشم يرى أن "غياب أخبار اليرموك عن الإعلام الفلسطيني يعود لسببين أولهما أن أغلب وسائل الإعلام بمختلف أشكالها تتبع سياسيا وماليا للقوى المسيطرة على القرار الوطني، وتكاد المستقلة منها تكون شبه معدومة ولذلك تأثير كبير على تناول مأساة اليرموك نظرا لغياب التناول الموضوعي والتعتيم على الناس، وثانيهما أن الفصائل لعبت دورا من خلال وسائل الإعلام المسيطر عليها وخطابها للجمهور الفلسطيني في تضليل فئات واسعة من الرأي العام وقلب الحقائق وتزييفها مروجة لرواية النظام عن وجود إرهابيين في اليرموك وهو ما أدى للتغطية على دور النظام الأساسي في حصار المخيم وتدميره وتهجير سكانه وقتلهم".

ويتساءل "كيف لفصائل أغلبها متحالف وشريك مع النظام في جرائمه أن تسمح لإعلام تابع لها أن ينطق بالحقيقة، وأن يكون المعبر عن صوت الضحايا؟"، ونوه في حديثه لبلدي نيوز إلى أن "التشوه الأخلاقي والوطني الذي أحدثته السلطة التي تحكم سلوك الأشخاص والفصائل والذي أدى إلى تحويل وسائل الإعلام إلى أبواق استخدامية يفسر تجاهل تلك الوسائل الإعلامية لكارثة اليرموك".

إعلامات فلسطينية!

جهاد الرنتيسي وهو صحافي فلسطيني يقيم في الأردن، ورئيس تحرير سابق لعدد من الصحف والدوريات العربية، يقول بهذا الخصوص: "نحن لا نتعامل مع إعلام فلسطيني واحد بل مع إعلامات فلسطينية والأسباب تعود إلى الانقسامات الفلسطينية، فلدينا انقسام عامودي بين أكبر تنظيمين فلسطينيين هما فتح وحماس ولكل منهما تصوراته للأزمة السورية، إضافة لاصطفافات أفقية أحدثتها الأزمة السورية، علاوة على إفرازات حالة التشظي الفلسطينية التي تعود إلى عقود ويحضر فيها النظام السوري بشكل أو بآخر".

ويضيف لبلدي نيوز "المسألة التي لا يمكن إغفالها أيضا ترتبط بالأولويات الرسمية الفلسطينية في المرحلة الراهنة، حيث تواجه القضية خطر التصفية في ظل الحديث عن صفقة القرن ودور الأونروا، مما أدى لتهميش حضور المخيم على سلم الأولويات"، مشيرا إلى أن "سلبية التعاطي مع كوارث مخيمات اللجوء لم يكن جديدا على تاريخ القيادة والفصائل الفلسطينية، ففي أحداث مخيم تل الزعتر خلال سبعينيات القرن الماضي كانت المواقف متباينة، وفِي حرب المخيمات التي اندلعت في ثمانينات القرن الماضي كان انقسام الموقف يضرب أطنابه".

ويتابع:" نحن أمام ظاهرة تتكرر عنوانها استعداد القيادات الفلسطينية بلا استثناء لغض الطرف عن موت اللاجئين وتشردهم إذا اقتضت الضرورة واستخدامهم في معارك "دون كيشوتية" إذا اقتضى الأمر، وقد يفسر ذلك الممارسات التي جرت في الأردن قبل عام 1970، وموقف القيادة الفلسطينية من حرب الخليج عام 1990 الذي أدى لتشريد قرابة ٤٠٠ الف فلسطيني من الكويت، وسلبيتها في التعامل مع ما تعرض له الفلسطينيون في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين ثم محاولتها المتاجرة بقضيتهم لاحقا للتغطية على استثماراتها في الكردستان العراقي".

ويختم الرنتيسي قائلا: "ما يحدث في اليرموك وغيره من المخيمات الفلسطينية في سوريا امتداد لإفرازات ذهنية القيادة غير المسؤولة ولم يكن الأداء نبتا شيطانيا في السلوك السياسي الفلسطيني الذي لا يجد من يراجعه أو يقرأه بشكل نقي، والأداء الإعلامي يعكس كل هذه الحالة".

 

المصدر : شبكة بلدي الأخبارية

18/8/1439

4/5/2018