ومنذ اندلاع الثورة السورية قبل أكثر من عام ونصف اتخذ الفلسطينيون في سوريا موقف الحياد من الثورة السورية ، حيث اعتبرت الاحتجاجات الشعبية من قبل القيادات الرسمية للفلسطينيين في سوريا على أنها " مسألة داخلية " ، وقد برز ذلك من خلال التصريحات المختلفة للقادة الفلسطينيين في سوريا .
هذا الموقف كان له ما يبرره - في رأيي - ، ذلك أن اللاجئين الفلسطينيين الذين عانوا من قسوة التهجير ومرارة التشريد ، قد عانوا ما عانوه من الأنظمة العربية ، وتعرضوا لمذابح في لبنان كمذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 ، وتل الزعتر عام 1976 ، وقبلها في الأردن في ما يعرف "بأيلول الأسود" عام 1970 ، ولذلك رأووا أن من مصلحتهم أن لا يتخذوا موقفا واضحا ويؤيدوا النظام أو الثوار .
وشيئا فشيئا ورغم موقف الحياد الذي انتهجه الفلسطينيون ، بدأنا نسمع عن شهداء بالعشرات من أبناء جلدتنا الفلسطينيين في مخيمات اليرموك وحمص من مهجري صفورية والشجرة ولوبية و عيلوط والصفاف و النجيدات وغيرها من قرانا المهجرة ، وكانت آخرها مقتل عشرين فلسطينيا في مخيم اليرموك بقصف على يد قوات النظام السوري قبل عدة أيام .
ومع تأكيدنا أننا ضد القتل بشكل عام مهما كان ت قومية وجنسية الضحية ، وتأكيدنا على أننا لا نفرق بين دم ودم ، فالسوري أخ للفلسطيني وللمصري والجزائري ، إلا أننا نلاحظ أن الفلسطينيين قد وقعوا بين المطرقة والسندان وأنهم لا يجدون من يدافع عنهم وعن مصالحهم في سوريا ولا من يمثلهم ، فهم قد تعرضوا للقتل والظلم والاضطهاد تماما كما يتعرض له قسم كبير من السوريين . إلا أنهم يختلفون عن إخوانهم السوريين بأن مسلسل عذابهم أطول وأنهم ربما يكونوا قد تعودوا على المعاناة ، فهم تحولوا في "بلاد العرب أوطاني " إلى مواطني درجة ثانية ، وحرموا من عدة حقوق وخير مثال على ذلك ما يعانيه الفلسطينيون في لبنان من ظلم واضطهاد لا يمكن لأحد إنكاره .
إضافة إلى ذلك فإن اللاجئين الفلسطينيين قد ذاقوا مرارة التهجير والتشريد من بلادهم في عام 1948 ، ومنهم من تشرد عدة مرات بعد حرب 1967 ، وبعد حرب عام 1973 ، واستمر مسلسل التهجير حتى عام 2006 عندما رحل الفلسطينيون من العراق إلى سوريا .
إنني في الوقت الحالي لا أستطيع التوقع بشأن مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ، ولكن ما من شك أن القيادات الفلسطينية وعلى رأسها السلطة الوطنية الفلسطينية لم تعمل بشكل كاف من أجل حماية فلسطينيي سوريا ، حيث لم تقم بالتوجه للأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة من أجل إغاثتهم وتقديم المساعدة لهم . كما أن لجنة المتابعة العليا لشؤون عرب الداخل يكاد نشاطها يكون معدوما في تقديم المساعدة لفلسطينيي سوريا .
كما أنه يتوجب على المؤسسات الإعلامية الفلسطينية ووكالات الأنباء متابعة أوضاعهم ، والعمل على توثيق ما يتعرضون له فربما يساعد ذلك في تشكيل عامل حماية لهم .
المصدر : موقع جفرا نت بتصرف موقع فلسطينيو العراق
10/8/2012