بسم الله الرحمن الرحيم
البؤساء مسلسل حقيقي لا يجري تصويره في استيديوهات هوليود ، بل هو واقع يومي تدور كل حلقاته في جزيرة المهجومة التي تحولت الى نار ، المسلسل من بطولة الرجل الجالس خلف مكتبه في عاصمة المهجومة وهو البطل الوحيد الذي لا يتحدث العربية ودوره يشبه الى حد بعيد ادوار الرجل الشرير في "السينما" ، كما يشاركه البطولة فلسطينيو العراق الذين يمثلون دور البؤساء بامتياز ، وهناك ادوار "الكومبارس" وهي من نصيب القلة المتعاونه مع الرجل الجالس خلف المكتب حيث يقومون بالترجمة واسداء النصيحة والارشاد بما يخدمه ويضيق علينا ، وهم "الكومبارس" الذين سرعان ما ينتهي دورهم ويذوبون فلا يعود الرجل الجالس بحاجتهم فيقوم بتسريهم من الخدمة ولا يقبلهم البؤساء بينهم وعادة ما "ينتحرون" قهرا والعياذ بالله لأن الكل يرفضهم ويتآباهم .
هذا المسلسل يتم تصويره في عدة اماكن : دائرة الولفير ، مكتب العمل ، مبنى السفارة المتهالكة ، وبالتأكيد في مكتب الرجل اياه في العاصمة المحاط بزمرة "الكومبارس" .
أما سر اطلاق تسمية البؤساء على هذا المسلسل فلأنه يجسد معاناة لم تشهد لها المهجومة مثيلا ، ولم يتعرض لهذا الوابل من الظلم أحد مثلما تعرض له الفلسطيني في المهجومة ، ولبلاغة الدور الذي اداه بطلا "الفيلم" : الرجل الجالس خلف مكتبه والفلسطينيون ، فقد اقترحت ان يعطوا جائزة الدولة التقديرية عن بلاغة الاداء في الإيذاء والتنكيل من جانب وفي البؤس وسوء الوضع من جانب اخر .
البؤساء مسلسل حقيقي ، كل ما فيه حقيقي : لا يحتاج الى مؤثرات فواقع الحال أبلغ وصف للمعاناة ، العائلات تشتت فأنا على سبيل المثال تائه فقسم من أهلي في السويد وآخر في استراليا وكأن هذا كان ما ينقصني ، العائلات تشتت شملها ، وبدل أن ترتكز على صدر حنون وجدت البطل السوبر الجالس خلف مكتبه يأمر وينهى ويفتح ويغلق ويهجر ويشتت وبستقبل ويطرد .
افتعل هذا الرجل السوبر جوا من الخوف والترقب وأحال الحياة الى جحيم ، وكنت أقول اننا بعد الذي شفناه في العراق لن يظلمنا أحد ، ولكن رجلا واحدا كتفنا وربطنا وساقنا كما الخراف الى المسلخ .
العجيب ان كل البؤساء في العالم انتفضوا على سجانهم الا بؤساءنا ، استحلوا البؤس : أكل وشرب وخوف ونوم .
أيها البؤساء لا تتحركوا ، لا تنتفضوا ولكن عودوا الى الله واغفروا لبعضكم وتسامحوا وتحابوا فوالله ما سبب بؤسنا الا تشرذمنا وبغضنا لبعض ، ومتى تحاببتم وتكاتفتم وصرتم يد واحدة فأيقنوا ان الفرج قريب ، واياكم والمشككين ، واياكم والمتخاذلين : سيثبطوا العزيمة ويقتلوا فيكم الهمة ، فلا تعيروهم اهتمامكم وكونوا عباد الله اخوانا .
هذا المسلسل لا بد له من حلقة اخيرة بانتصار المسجون على السجان وبعم الفرح الارجاء ، وتلتقي الأم بولدها البعيد ، ويسعد الأب بلقاء أهله ، لكن متى ؟ الجواب عندنا ، انفضوا التراب عنكم واقبلوا على الحياة حيث فيها حقوق لنا ولأهلنا ، نحن الباقون إن شاء الله و"الكومبارس" إلى زوال إلا من تاب وأصلح ، هداهم الله تعالى .
كايد الكايد
28/2/2012
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"