سيرة مختصرة عن احد مجاهدي فلسطين من قرية جبع الكرمل – قضاء حيفا حيفا، المرحوم بأذن الله الحاج محمد علي احمد فهيد الاعمر ولد في قرية جبع عام 1922 وتعلم القراءة والكتابة على يد الشيخ احمد شيخ جامع جبع وهو من زيتا .
وعندما بلغ من العمر ثمان سنوات ارسله والده الى قرية الطيرة حيث تعلم صناعة الاحذية عند شخص اسمه عبد علوه، وبعدها اصطحبه والده للعمل في مدينة حيفا عند احد اصدقائه ويدعى احمد رمزي مرسي وهو فلسطيني من اصل مصري وكان احد اتباع الشيخ عز الدين القسام رحمه الله.
وكان يذهب اسبوعيا مع معلمه احمد رمزي لاداء صلاة الجمعة في مسجد الاستقلال في حيفا والذي كان يؤمه ويخطب فيه الشيخ عز الدين القسام ويستمع الى الخُطب المليئة بالحديث عن الجهاد ضد الاستعمار الانكليزي وضد الصهيونية والاستعداد لذلك للحفاظ على الارض والوطن والمقدسات.
التحق مبكراً مع فرق الاشبال والكشافة للتدريب على التنظيم العسكري ، وبعد استشهاد الشيخ عز الدين القسام في معركة يعبد قرب مدينة جنين يوم 20 \ 11 \ 1935 .
كان هناك غضب شعبي كبير في انحاء فلسطين حيث بدأ الإضراب العام الكبير واستمر لمدة ستة شهور في أنحاء فلسطين وتشكلت القيادات العسكرية للمجاهدين في كل فلسطين وفي الشمال كان مسؤول عنها الشيخ فرحان السعدي والشيخ عطية وأبو إبراهيم الكبير . ولقد شارك محمد فهيد مع كل من الشيخ طه محمد عطية الحوراني ومعهم الشيخ ذيب الزغم وهو من إجزم وفيما بعد استشهدا بإذن الله معاً في معركة اللجون قرب خربة الدامون في جبل الكرمل.
وبعد إنتهاء الإضراب العام عاد مرة أخرى إلى مدينة حيفا حيث كانت إحدى أهم مراكز المجاهدين والثوار في فلسطين آنذاك وتشكلت فيها فصائل ومجموعات مسلحة من الفدائيين وهي إمتداد للمجموعات القسامية، وفي هذه الفترة كان ما زال أحد الفتيان المنتمين إلى الكشافة، وفي هذه الظروف انضم إلى مجموعات الفدائيين التي كان أبرز قادتها أبو إبراهيم الكبير والشيخ محمد الأشمر حيث أمضى ستة شهور وهو يعيش معهم في جبل الكرمل وقد شارك بعدة معارك وعمليات أبرزها معركة أم الدرج التي استشهد فيها عدد كبير من الثوار وبعضهم كانوا أصدقائه ومنهم توفيق سعيد مشينش وكان نائماً بجانبه ولكنه إنتقل إلى جهة أخرى من المنطقة واصطدم مع الجيش الإنكليزي واستشهد بإذن الله مع الشيخ علي مسعود الماضي .
وحسب المجاهد محمد علي فهيد فإن هذه المعركة استمرت أكثر من 10 ساعات واستخدم البريطانيين فيها الطائرات وشارك فيها عدد كبير من الجنود واستخدمت فيها المدرعات والدبابات والمدافع وكانت قيادة المجاهدين فيها للمجاهد الشهيد بإذن الله يوسف سعيد أبو درة وبالإضافة إلى الشهداء الذين تم ذكرهم سابقاً فهو يتذكر أيضاً الشهداء عبدالله عمورة وإبنه وإبن عمه وهم من الطيرة والشهيد بإذن الله محمد أبو الهيجاء من عين حوض .
وبعد انتهاء المعركة انسحب مع عدد من المقاتلين الى وادي الملح ومنه الى سهل مرج بن عامر وفي هذا الاثناء كان اهله في جبع يعتقدون بانه استشهد بالمعركة , " لذلك ذهبت المرحومة بإذن الله والدته رشيدة العلي وعمته المرحومة بإذن الله الحاجة مسعدة فهيد (ام شعبان العلي ) ليبحثوا عنه بين الشهداء ولكنهم لم يجدوه " 1, وبعد ثلاثة ايام من الاختفاء عاد الى جبع .
وبعد فترة عاد الى العمل المسلح في حيفا وكان في حوزته ( 3 ) مسدسات ومعه مساعدين اثنين هما محمد النجمي شقيق الشهيد خالد النجمي والثاني احمد الزبن من قرية اجزم . وكان عمل المجموعة يستهدف احياء المستوطنين الصهاينة في مدينة حيفا وفي تلك الفترة تم تنفيذ عدد من العمليات منها :
1-العملية التي وقعت عند مطلع جسر رشميا على طريق هدار كرمل حيث تم القاء قنبلة يدوية واطلاق زخات من الرصاص من مسدس , وبعد انتهاء العملية تم الانسحاب باتجاه جبل الكرمل حيث اختبأ في بيت داود كريميد المتزوج من ابنة احد اقاربه. ولقد ارسل داود كريميد زوجته وابنه ذو الاربعة شهور بصحبته حتى يستطيع ان يتجاوز حواجز الانكليز التي اقاموها بحثا عن المنفذين وبذلك تخلص من الانكليز واتجه الى بلدة الشيخ وعادت العائلة الى بيتها . ( الطفل كان حمودي كريميد والذي توفي في بغداد في نهاية التسعينات ).
2-اطلاق الرصاص من مسدس اتوماتيك عيار 9 ملم على سيارة تقل مغتصبين صهاينة في شارع الملوك الرئيسي وبالقرب من محطة سكك الحديد في مدينة حيفا .
3-اطلاق الرصاص على سيارات مغتصبين يهود على طريق شارع الناصرة باتجاه بلد الشيخ .
4-اطلاق الرصاص على سيارة صهاينة باتجاه ساحة البرج على طرف هدار كرمل في شارع البرج .
5-وفي شهر اب عام 1939 واثناء تحضير لغم من قبل المناضلين العاملين في مصنع جمورك الالماني لصناعة السيارات وهم حسن عزام من صفورية , وواحد من يافا والاخر من الناصرة حيث كانوا يعملون في ميكانيك السيارات وفي السر كانوا يصنعون بعض الالغام مع توفير ساعات توقيت تم احضارها من دمشق . "حيث كان المجاهد محمد علي فهيد مكلفاً ومعه محمد النجمي" في طريقنا لاستلام العبوات من المصنع لوضعها ضد اهداف صهيونية في هرتسليا و وقبل الوصول بدقائق الى المصنع دوى صوت انفجارين هائلين . وتوقفنا عن السير ونحن على دراجة نارية لمدة 5 دقائق حيث علمنا ان العبوات انفجرت بالمصنع اثناء تحضير احد الالغام ونتج عن ذلك استشهاد المناضلين الثلاثة بإذن الله وتدمير المصنع .
"في 20 \ 9\ 1939 وبينما كان متواجدا في احد المخابىء السرية في قلب مدينة حيفا في منطقة وادي الصليب وكان بحوزته عدد من القنابل اليدوية ومسدسات اتوماتيك عدد (3 ) المانية الصنع وكذلك عدد من الالغام تم القبض عليه بفعل وشاية , وبعد التحقيق والتعذيب بضعة ايام ومن ثم تم اجراء فحص طبي لتحديد عمره , فتبين بأنه لا يتجاوز السابعة عشر , علما ان القانون لا يحكم بالاعدام فعلياً لمن هم دون السابعة عشر اذا ثبت حمله السلاح , لذلك اوصى القاضي الانكليزي وكان برتبة جنرال بحكم الاعدام عليه مع وقف التنفيذ وذلك لصغر سنه وكان ذلك يوم 7/10/1939 وطلب من القائد العام للقوات المسلحة البريطانية المتواجد في القدس بتخفيض حكم الاعدام الى السجن المؤبد , ولقد تم الباسه بدلة الاعدام ذات اللون الاحمر ( 4 ) ايام وبعدها تم انزال العقوبة الى الحكم بالسجن المؤبد . وبقي ست سنوات في سجن عكا الشهير ومعه المئات من الشباب المجاهدين حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية . حيث صدرت ارادة ملكية بريطانية بالعفو العام عن المعتقلين في السجون البريطانية في عام 1945 ."
عنما خرج من السجن كان هناك احتفال كبير اقيم في ساحة البيادر في قرية جبع شارك فيه كل اهالي جبع ومن القرى المجاورة . ولقد شارك مع المجاهدين في الدفاع عن قرية جبع . ولقد انضم الى فيلق الكرمل الذي شكله الجيش العراقي للمساهمة في قتال القوات الصهيونية وتحرير الاراضي المحتلة خلال فترة قصيرة كما وعدت القيادات العربية في ذلك الوقت !!!
وعاد بعد ذلك الى بغداد للالتحاق بعائلته . وعنما استقر وضع اللاجئين الفلسطينيين في بغداد , عمد الى فتح محل لصناعة الاحذية في شارع الملك غازي بداية الخمسينات من القرن الماضي أسماه " معرض احذية الكرمل فلسطين". وظل يعمل بهذه المهنة حتى الثمانينات وتنقل في عدة اماكن في بغداد من شارع الملك غازي الى تحت التكية الى شارع الرشيد .
وفي عام 1960 عندما قام الزعيم عبد الكريم قاسم بتشكيل جيش التحرير الفلسطيني بالعراق كان محمد فهيد من اوائل الذين تطوعوا فيه رغم كبر سنه .
بعد عودة الفلسطينيين من ملجأ الشعيبة بالبصرة سكن مع عائلته في إحدى الدور المجمدة رقم 115/56 تحت التكية مع ثمان عوائل حتى شهر تموز عام 1960 حيث انتقل بعدها الى بيت في العشرين دار في الطوبجي ( حي السلام ) حتى توفي ( رحمه الله ) يوم 25 \12 \2002 في بغداد ودفن في مقبرة الكرخ في منطقة أبي غريب .
نسأل الله له ولجميع رفاقه المجاهدين الرحمة والمغفرة وان يجعل كل هذه البطولات في ميزان حسناتهم، وان يتقبلهم في عداد الشهداء.
ملاحظة: هذه المعلومات مستقاة من اولاد المرحوم بإذن الله محمد علي فهيد، المأخوذة من مقابلة مع الحاج شعبان العلي حفظه الله ، وكذلك حسب ما كتبه المرحوم بإذنه تعالى بخط يده.
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"