خطورة مصطلح الاندماج على المسلمين المقيمين في بلاد الغرب- وليد ملحم

بواسطة قراءة 5582
خطورة مصطلح الاندماج على المسلمين المقيمين في بلاد الغرب- وليد ملحم
خطورة مصطلح الاندماج على المسلمين المقيمين في بلاد الغرب- وليد ملحم

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه: أما بعد:

فكما هو معلوم لكل متتبع ودارس لشأن الفرق والملل الضالة الكافرة منها أو المبتدعة . إنها تتستر خلف شعارات ومصطلحات براقة تحمل المعاني السامية وقيم العدل والأخلاق الفاضلة .

وتخفي هذه الفرق خلف تلك الشعارات أهداف خبيثة ونوايا سيئة لتحقق أغراضها ومبادئها التي تؤمن بها وتحاول فرضها أو إقناع المخالف بها.

والكل يتلبس بالمقولة المشهورة" كلمة حق أريد بها باطل " تلك الكلمة التي قيلت عندما حصل التحكيم بين على ومعاوية رضي الله عنهما وخرجت الخوارج في تلك الأيام لتقول" إن الحكم إلا لله " فقيل كلمة حق أريد بها باطل حيث أن الخوارج قد كفروا عليا ومعاوية وخرجوا على الإمام آنذاك وهو علي رضي الله عنه بل وكفروا المسلمين بارتكاب الكبيرة غير المكفرة, وسفكوا الدماء بل وقتلوا عليا رضي الله عنه وهو زوج بنت النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمه ومن العشرة المبشرة بالجنة تحت شعار "إن الحكم إلا لله" .

ويرفع الرافضة شعار " محبة آل البيت " ذلك الشعار العظيم الذي يتبناه كل مسلم . فكل المسلمين يحبون آل البيت رضي الله عنهم بل محبتهم من صميم ديننا . لكن الرافضة استغلوا هذا الشعار لينشروا عقائدهم المنحرفة من تكفير الصحابة ولعنهم والطعن في زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والغلو في آل البيت ورفع منزلتهم إلى منزلة الإلوهية وغير ذلك من بدعهم كما هو معروف كل ذلك تحت شعار محبة آل البيت .

والمعتزلة تلك الفرقة الضالة التي ظهرت في عصر التابعين وانتشرت في زمن الدولة العباسية أيام المأمون وجلد وسجن الإمام احمد بن حنبل رحمه الله لأنه تصدى لأفكارهم الضالة .

فتحت اي شعار تستروا وماهي أصول عقائدهم ؟ أصولهم الخمسة هي 1- التوحيد 2 –العدل 3- المنزلة بين المنزلتين 4- الوعد والوعيد 5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

هذه هي أصول المعتزلة الخمسة وللاختصار سوف لن نعرج على كل هذه الأصول التي تخفي خلفها عقائد ضالة كفرية . ولنأخذ مصطلح العدل .

العدل: عندهم هو قياس أحكام الله سبحانه على ما يقتضيه العقل والحكمة، وبناء على ذلك نفوا أمورا وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالقا لأفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم. وقالوا أيضا بأن العقل مستقل بالتحسين والتقبيح، فما حسنه العقل كان حسنا، وما قبحه كان قبيحا، وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه.

فجعلوا العقل هو مصدر تشريع وليس الكتاب والسنة أي الوحي. كما اثبتوا أن العبد هو الخالق لفعله وليس الله. تحت شعار العدل أي أن هناك خالق غير الله .

أما مصطلح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فهو عندهم الثورة على الحكام المسلمين وإثارة الفتن والقلاقل في بلاد المسلمين.

أما النصارى فتحت شعار المحبة والسلام الذي يتشدق به قساوستهم في كل محفل يجيشون الجيوش الصليبية لغزو بلاد المسلمين وما حدث عند دخولهم بيت المقدس من مجازر أبان الحروب الصليبية حيث قتلوا 70 ألفا من المسلمين هناك.  أما محاكم التفتيش الرهيبة والتي أبيد بها المسلمين في اسبانيا بوسائل فتاكة وسادية من حفلات الحرق للنساء والشيوخ إلى كراسي المسامير والتي يتم فيها إجبار الضحية على الجلوس فيموت موتا بطيئا من جراء الجروح التي تحدث في جسده إلى غير ذلك من الوسائل البشعة والهمجية التي أبيد بها شعب مسلم كامل. كل ذلك تحت راية الصليب وشعارات المحبة والسلام .

لقد استخدمت الماسونية العالمية مصطلحات الحرية والمساواة والعدل كذلك لنشر أفكارها وتحقيق أهدافها في إقامة دولة لليهود في فلسطين . وفرضت اليهودية العالمية بما تمتلكه من سطوة السياسة والمال والإعلام هذه الشعارات على عامة دول العالم وفي كافة المحافل حتى أصبحت شيئا مسلما به . فالحرية عندهم ان يسب الأنبياء والرسل تحت شعار حرية إبداء الرأي وتأتي البنت بعشيقها إلى بيت والدها تحت شعار حرية التصرف . فتنشر الدعارة والفساد والكفر والإلحاد تحت مسمى الحرية وهكذا بقية المصطلحات.

وفي عصرنا الحاضر بماذا غزت أمريكا بلاد المسلمين تحت شعار مكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية وقيم الحرية.

فمكافحة الإرهاب هو محاربة الإسلام فتحرق المساجد وتدمر ويقتل المصلين ويلاحق الدعاة والمشايخ ويضيق على الجمعيات الخيرية التي تساعد المحتاجين والفقراء تحت هذا الشعار. "علما إن كل المسلمين ضد عمليات القتل والتفجير التي تطال الأبرياء من كل ملة ودين".

أما مصطلح الديمقراطية التي جاءت أمريكا تبشر به فقد ذبح على محرابه مليون ونصف عراقي وذبح القرابين مستمر لهذه اللحظة .

وكذلك قيم الحرية التي رفعت أمريكا لوائها فمن نتائجها عشرات آلاف من السجناء يسامون سوء العذاب وكثير منهم مات تحت وطأة التعذيب الهمجي.

ولنرجع إلى مصطلح الاندماج الذي نسمع به كثيرا هذه الأيام فما الهدف من وراءه وعلى ماذا ينطوي هذا المصطلح.

الاندماج لغة: يقال دمج الشيء دموجا إذا دخل في الشيء واستحكم فيه ، وأدمجت الشيء إذا لففته في ثوب  (بن منظور : 1010 (هـ

 أخي المسلم الفاضل الأندماج  الذي يعنيه الغرب هو الذوبان أي ذوبان ثقافة وأعراف وتقاليد  المسلم الوافد في ثقافة البلد المستقبل لهذا الوافد. فمن تجاربنا معهم منذ بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نرجح هذا التحليل وقد قال الشيخ المجاهد عز الدين القسام عندما قالوا له تفاوض مع البريطانيين " من جرب المجرب عقله مخرب" وهذا يؤيده قوله تعالى " {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة 120.

 إن الاندماج هو ذوبان القليل في الكثير والضعيف في القوي .هذا هو ما يهدف له الغربيون عندما يشيعون تلك المصطلحات. فهم لم يستقبلوا الغرباء لكي يفرض الغريب ثقافته ومفاهيمه عليهم لذا نراهم يستقتلون لإشاعة هذا المفهوم بل ونراهم على شاشات الفضائيات يشكون من عدم أو ضعف اندماج المجتمعات المسلمة في مجتمعاتهم . بل ويعدون الدراسات لمعالجة هذه المشكلة الشائكة عندهم.

ولندع صاحب تجربة يتكلم ألا وهو الشاعر والكاتب المغربي التجاني بولعوالي والمقيم في هولندا . لأنه كما قيل ( اسأل مجرب ولا تسأل حكيم ).  

يقول الأخ الشاعر المغربي:

إن الدلالة اللغوية لكلمة الاندماج (Integration) تنبني على مفهومين، لا يستقيم معناها إلا بتوفرهما، أو لا يكتمل أحدهما إلا بوجود الآخر. وهذان المفهومان هما: الأول: الدخول، والثاني: الاستحكام أو التجانس مع الكل كما جاء في القواميس الغربية. وهذا معناه أن الشيء لا يصبح مندمجا اندماجا صحيحا وكليا في بنية ما، إلا إذا دخل في تلك البنية وتجانس مع باقي مكوناتها، واستحكم فيها عن طريق توثق الصلة مع كل البنية أو مع البنية كلها. من هنا، يتجلى أن الاندماج لا يكون بالدخول أو الانخراط في منظومة ثقافية ما أو اجتماعية أو غير ذلك، وإنما بالتجانس أو الاستحكام العقلاني مع باقي مكونات تلك المنظومة، وإلا أدى ذلك الدخول إلى ما يشبه الذوبان في ثقافة الآخر، ونكران الهوية الأصلية.

وقال ايضا:

إن عدم تجاوب بعض المسلمين مع بعض قيم الثقافة الغربية، لا يعني أنهم لم يندمجوا، بقدرما يشير إلى أنهم استطاعوا أن يتقنوا اللغات الغربية، ويتعرفوا إلى ثقافات البلدان التي يوجدون فيها، وينتظموا بشكل إيجابي ومنتج داخل سوق الشغل، لكنهم تحفظوا من الانخراط غير المعقلن في ثقافة الآخر، لأنه انخراط يحمل في طياته بذور الموت لثقافاتهم الأصلية، ومن فينة لأخرى تكشف مختلف الآراء عن هذا الموت أو التذويب للآخر في بوتقة المجتمعات الغربية.

ويقول الكاتب مصطفى عاشور في بحثه أزمة مصطلح أم أزمة ممار

وقد سبق لمؤسسة "رينمند ترست" وهي منظمة غير حكومية مقرها لندن، أن دعت الحكومة البريطانية إلى اتخاذ كل الإجراءات لضمان اندماج المسلمين في المجتمع البريطاني. ويؤكد كتاب "إستراتيجية العمل الثقافي في الغرب" الذي أصدرته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسسكو" "أن مخطط إدماج الأقليات المسلمة في الكيان الثقافي الغربي غالبا ما يلقى معارضة ومقاومة كبيرة من المسلمين؛ بسبب حرص الجاليات والأقليات المسلمة على التمسك بذاتيتها الثقافية وخصوصيتها الإسلامية الأصيلة، غير أن هذا الحرص كان لا يعني الانغلاق على الذات أو الانعزال في المجتمعات الغربية".

والواقع أن مصطلح الاندماج من المصطلحات الملبسة الذي يخضع لتفسيرات متعددة ومتباينة في بعض الأحيان؛ لأنه يتخذ من الثقافة الذاتية نقطة انطلاق لمحاولة استيعاب الآخر ضمن منظومته الثقافية، كما أنه مصطلح يختلط بمصطلحات أخرى تقترب منه بدرجات متفاوتة، مثل: التماثل، والتجانس، والتأقلم، والتكيف، والإدراج الثقافي، والإلحاق الحضاري انتهى.

لماذا يلقى الاندماج مقاومة من الجالية المسلمة وحسب تقرير تلك المؤسسة , إن سبب المقاومة هو وكنتيجة منطقية هو أن الجالية المسلمة اكتشفت إن هناك خطة لخلع ثوبها الإسلامي وإلباسها الثوب الأوربي الغربي .

إن البديل والله اعلم  لهذا المصطلح هو التعايش السلمي فالعيش معناه في اللغة:

العيشُ: الحياةُ. والمعيشة: الّتي يعيش بها الإنسان من المطعم والمشرب، والعِيشة: ضربٌ من العيش، مثل: الجِلْسة، والمِشْية، وكلّ شيء يعاشُ به أو فيه فهو معاش؛ النّهار معاش، والأرض معاش للخلق يلتمسون فيها معايشهم(كتاب العين).

و التَّعايُش: أَنْ يعيشَ بعضُهم مع بعضٍ."(ديوان الأدب).

فالتعايش ، هو اتفاقُ الطرفين على تنظيم وسائل العيش ـ أي الحياة ـ فيما بينهما وفق قاعدة يحدّدانها، وتمهيد السبل المؤدّية إليه، إذ أن هناك فارقاً بين أن يعيش الإنسان مع نفسه، وبين أن يتعايش مع غيره، ففي الحالة الأخيرة يقرّر المرء أن يدخل في عملية تَبَادُلِيَةٍ مع طرف ثانٍ، أو مع أطراف أخرى، تقوم على التوافق حول مصالح، أو أهداف، أو ضرورات مشتركة.

ويقول الأستاذ علي الطالقاني:

يعرف التعايش بأنه الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثقافي ولأشكال التعبير والصفات الإنسانية المختلفة. وهذا التعريف يعني قبل كل شيء اتخاذ موقف ايجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوقهم وحرياتهم الأساسية المعترف بها عالميا.

والدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كانت لها القدرة التي جعلتها تنصف جميع أصناف المجتمع سواء كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا، ففي المدينة المنورة كان هنالك يهود ومسلمين وتعايش الطرفان على ارض مشتركة ولم يلغي الرسول صلى الله عليه وسلم خصوصيات ما يعتقدة اليهود من دين وكما قال تعالى {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256.

وكذلك لما فتح المسلمون بلاد الشام وكان بها النصارى لم يفرضوا عليهم الإسلام وتركوهم يمارسون طقوس دينهم وتركت كنائسهم ودور عبادتهم وهذا مبين أحكامه وضوابطه في كتب الفقة الإسلامي كما هو معلوم ..

الكثير سوف يقول إنهم يتركون لنا حرية التدين. القصد هو أن  هؤلاء بأساليبهم ومصطلحاتهم وأسلوب تعاملهم يحاولون التذويب ما استطاعوا ليحصلوا في النهاية على أجيال ذوي عادات وتقاليد وأعراف تشابه ما عليه أصحاب الأرض الأصلية تحت مسميات ومصطلحات منها الاندماج.

 

محبكم: وليد ملحم

13/4/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"