هل العالم مقلوب رأساً على عقب ؟ عنوان كتاب سويدي جديد وجريء ومثير للجدل للكاتب والسياسي السويدي اليهودي ( لاسه فيلهيلمسون ) عن فلسطين و الصهيونية و الحروب الكولونيالية الجديدة.
الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات كان الكاتب قد نشرها في عدد من وسائل الإعلام المطبوعة و الالكترونية السويدية والعالمية قبل وبعد حرب الإبادة، حسب تعبير الكاتب، التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة قبل عام ونيف.
يطرح الكاتب عددا من التساؤلات عن إزدواجية المعايير في التعامل مع إسرائيل عن غيرها من الدول. فهي دولة تحتل أراضي الغير، وهي تملك السلاح الذري في وقت قصفت فيه المفاعل العراقي عام 1981 وتطالب بضرب إيران التي لم يثبت ملكيتها لهذا السلاح بعد. وهي تمارس إرهاب الدولة ولا تنصاع للقرارات والمواثيق الدولية دون أن يعاقبها أحد.
وهاهم الصهاينة الذين تعاملوا مع النازية في الخفاء وحاربوها في العلن أحضروا اليهود من بلاد الأرض وسرقوا أراضي الفلسطينيين وقتلوا من أهلها الكثير وطردوا حوالي 90% منهم إلى المخيمات. ولازالت الدولة التي أقامها هؤلاء تقتل وتسجن، وتمارس العنصرية والفوقية، وتبعد ما تبقى منهم على أرض فلسطين، وتسرق المزيد من الأراضي وتبني عليها المستعمرات والحواجز والجدران العازلة لتخلق غيتوات فلسطينية متناثرة وتمنع عنها المواد الغذائية والأدوية على مرأى العالم "المتحضر والمنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان!!"
أما بما يخص الصهيونية كفكر فيعرفها الكاتب بأنها كولونيالية جديدة ويقول في الصفحة 31: شعار الصهيونية هو" وطن بلا شعب لشعب بدون وطن" وهم يعلمون علم اليقين بأنها مسكونة، إلا أنهم لا يرون الفلسطينيين كبشر ويجب التعامل معهم كذلك... فإن إيجاد دولة يهودية يشترط إذا نقل كثيف لليهود ليصبحوا الأكثرية، وممارسة الإرهاب والتطهير العرقي للتخلص من الفلسطينيين أهل البلاد الأصليين مما يشكل خطرا ليس على المنطقة فحسب بل على السلم العالمي بكامله.
ويخلص في الصفحة149 بالقول ( إن الصهيونية هي الخطر الأكبر على اليهود.(
ثم يأتي الكاتب بمثال؛ حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والمذابح ضد المدنيين هناك باستخدام الفوسفور الأبيض لهو نفس العقلية التي تعامل بها الرجل الأبيض ضد الأغيار وحلل قتلهم.
ويتسائل فيلهيلمسون، الذي عاش في إسرائيل لعدة سنوات باحثا عن ذاته كيهودي هناك في عقد الستينات من القرن الماضي، هل العالم مقلوبا رأسا على عقب؟ كيف لدولة مثل إسرائيل، دون حدود معروفة ودون دستور يتساوى فيه المواطنون، أن تكون عضوا في الأمم المتحدة؟ ويطالب بطردها من الأسرة الدولية.
ويرى بأن الحل الأمثل للقضية هو بعودة الفلسطينيين إلى أملاكهم وأراضيهم التي سرقت منهم ليعيشوا بعدئذ يهودا ومسلمين ومسيحيين متساوين حسب القانون، ومن لايعجبه ذلك من اليهود فعليه العودة من حيث أتى.
تعقيب
عندما علمت بنشر هذا الكتاب بحثت عن دار النشر، للحصول مجانا كصحفي على نسخة، فلم أجد للكتاب أثرا. توجهت لمكتبة المدينة في أوبسالا لاستعارته، فلم أجد له أثرا هناك، وهذا أمر مستغرب في السويد. سألت قيم المكتبة عن عدم سبب وجود الكتاب فقال بأنهم لم يشتروه. ولم يذكر لي عن السبب، وأضاف بأن أية مكتبة في السويد بأكملها لم تشتر الكتاب المذكور. اتصلت بالكاتب نفسه وسألته عن سبب عدم وجود دار نشر وعن عدم شراء كتابه فقال لي: لم تجرؤ أية دار نشر على طباعة ونشر الكتاب لخوفهم من الملاحقة من اللوبي الصهيوني المسيطر على الإعلام في السويد، فقمت بنشره على حسابي وأبيعه أثناء جولاتي ومحاضراتي عن نفس الموضوع. فتساءلت بسذاجة: ألسنا نعيش في دولة ديمقراطية تدفع عن حرية التعبير والطباعة والنشر؟ فقال لي بأن الحقيقة أقل من ذلك بكثير وخاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وبالصهاينة. فحتى الآن لم يناقشني أحدا بمحتويات الكتاب، وكلها مستندة إلى وثائق؛ مثل تساؤلي عن عدد ضحايا المحرقة وعن تعاون الصهاينة مع النازية. لكنهم اتهموني، وأنا يهودي من أم يهودية، بكاره لنفسي، وناكر للهولوكوست، ولا سامي، وأثناء تظاهري في يوم القدس وسط استوكهولم قام بعض من أزلامهم بضربي وإهانتي ولم ينقذني من بين أيدهم سوى بعض الشباب الفلسطينيين المتواجدين في المكان.
مراجعة وتعليق رشيد الحجة
صحافي فلسطيني مقيم في أوبسالا – السويد
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"