اتقوا الله في النساء- ياسر الماضي

بواسطة قراءة 4306
اتقوا الله في النساء- ياسر الماضي
اتقوا الله في النساء- ياسر الماضي

الحمد لله رب العمالين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

فهذه نصيحة أنصح بها نفسي وإخواني عسى الله أن ينفعنا بها وإياكم وأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) فقد  كانت المرأة قبل الإسلام تعاني من الظلم والاضطهاد في كافة حقوقها فقد حٌرمت حقها في الحياة فوئدت وقتلت بعد ولادتها وحرمت حقها في الميراث وحرمت حقها حتى في  إبداء رأيها فيمن أراد أن يكون شريكاً لها طيلة حياتها.

وكان أصحاب الديانات الأخرى يعتبرونها رجس من عمل الشيطان وكانوا يفرون منها إلى حياة التبتل والرهبنة، وعندما جاء نور الإسلام حفظ للمرأة حقوقها وكرامتها في الحياة وأرسى لها حقوق  جعلتها في المكانة اللائقة بها وأبطل مفاهيم ومعتقدات كانت تظلم المرأة  حيث أكد الإسلام أن المرأة إنسان كالرجل لها حقوق وعليها واجبات  قال تعالى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}النساء (1)  وكذلك أكد الإسلام أن المرأة مكلفة بالعبادة كالرجل قال تعالى {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.....}البقرة  228 وقد تكون المرأة أعلى وأرقى مرتبه من الرجل إذا كانت أعلم وأتقى  منه  قال تعالى{إن أكرمكم عند الله اتقاكم}13 الحجرات وكذلك فقد أجاز الإسلام للمرأة حق التملك وحق التصرف فيما تملك قال تعالى{للرجال نصيب مما أكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}.

ومن ضمن الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة فقد جعلها دائما مكفولة النفقات سواء كانت بنتاً أو اختاً أو أٌماً أو زوجة أو رحماً فأوجب الإسلام على الرجل وألزمه أن ينفق عليها حسب قدرته بحيث يحفظ لها كرامتها وصحتها  وكذلك فقد أمر الإسلام أن تحاط المرأة وتنشأ بجو من الود والحب والتربية الحسنه قال تعالى{ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُمُبِينٍ}الزخرف (18) أي ان البنت تربى مع الحلي والزينه وسط الرعايه والحماية وعدم التفريق بينها وبين إخوتها الذكور قال النبي عليه الصلاة والسلام (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنه)رواه أبو داؤد وكذلك عندما  تطلب للزواج أعطاها الإسلام الحق في إبداء رأيها في القبول أو الرفض وكذلك أوجب الإسلام رعاية الأم وأوجب الإحسان لها وجعل طاعتها والتماس رضاها من أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ (..

وكذلك رغب الإسلام بصلة الرحم والتي تشمل الأم والأخت والخالة والعمة ...  وجعله طريق للصلة بالله تعالى وطريق لسعة الرزق للعبد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( الرحم معلقة بالعرش تقول , من وصلني وصله الله ،ومن قطعني قطعه الله )رواه مسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سره أن يبسط عليه رزقه أو ينسأ في أثره,فليصل رحمه) رواه مسلم.

لذلك أيها الأخوة  كلنا يعلم عظم المعاناة التي  تعرضنا لها نحن  فلسطينيو العراق من القتل والسلب و التهجير الذي حصل لنا وتفرقنا  في أكثر من بلد فتوزعت العائلة الواحدة كما هو معلوم للجميع  إلى بلدان كثيرة ومتباعدة وهذا حقيقة كان له أثر كبير على معاناة كل فلسطينيي العراق سواء من بقي في العراق أو هٌجر منه  و خصوصاً على المرأة التي هاجرت مع أولادها  أو مع زوجها و فقدت أهلها وسندها  فكيف لنا أن نتصور وضع هذه المرأة المهاجرة  إذا ألمت بها الأمراض والمشاكل الزوجية والمصائب وهي بعيده عن أهلها وسندها وقد فرقت بينها وبينهم حواجز يصعب تخطيها أو عودتها وأصبحت كثير من النساء ليس لها بعد الله تعالى سوى زوجها فأتقوا الله في النساء وارحموا ضعفهن وقلة حيلتهن .

فمع الأسف نقول أن بعض الرجال يعتقد ان علاقته بزوجته كأنما هي علاقة أمر ومأمور  وخادم ومخدوم ومن ثم فعليه الأمر وعليها الطاعة، وعليه أن يستلقي في الدار وعليها أن تقوم بكل شيء,  تعالوا أيها الاخوة لنسمع  ما كان يفعله سيد البشر سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والتسيلم مع نسائه فان مما يلفت النظر تصريح النبي علي الصلاة لأزواجه بحبه لهم بحيث كان يجهر به  كان يقول عليه الصلاة والسلام عن خديجة: ((إني قد رُزقت حبها(رواه مسلم وكذلك كانت زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - يتسابقن في إظهار حبه لهن،وعن عروة قال: ((كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ احَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اخَّرَهَا ، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى بَيْتِ عَائِشَة ))أخرجه البخاري قد يستغرب أحدنا عندما يسمع ان النبي يحث على إطعام زوجته بيديه بل يعدها صدقه يتقرب بها لله تعالى قال رسول الله : ((وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة، حتى اللُّقمة التي ترفعها إلى في امرأتك))أخرجه البخاري وكان عليه الصلاة والسلام إلى ذلك لا يأنف من أن يقوم ببعض عمل البيت ويساعد أهله:عَنِ الاسْوَدِ قال : سَالْتُ عَائِشَةَ: مَاكَانَ النَّبِيُّ ، صلى الله عليه وسلم ، يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ:كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ اهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ اهْلِهِ -فَاذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ خَرَجَ إلَى الصًلاةِ.أخرجه البخاري.

وفي رواية : ((كَانَ بَشَرًا مِنْ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ))أخرجه أحمد والقصص والروايات كثيره في هذا الباب لا يتسع المكان لذكرها  وكذلك ما روي عن الصحابة الكرام ونذكر قصة واحدة من قصصهم  فقد روي أن رجلا جاء إلى [عمر بن الخطاب] رضى الله تعالى عنه وأرضاه ليشكو سوء خلق زوجته فوقف على بابه ينتظر خروجه فسمع هذا الرجل امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها.

فانصرف الرجل راجعا وقال: إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين فكيف حالي؟وخرج عمر فرآه موليا عن بابه فناداه وقال: ما حاجتك أيها الرجل؟ فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها عَلَيّ فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي ؟قال عمر ـ يا أخي اسمع لمواقفهم رضوان الله تعالى عليهم ـ يا أخي إني أحتملها لحقوق لها عليّ إنها لطباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك ، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا(   فلذلك يجب ان نسامح ونغفر أخطاء بعضنا البعض خاصة إذا كانت اخطاء تتعلق بأمور هذه الحياة الدنيا ولا نكون عوناً للشيطان عليهم، وان نحاول ان نطبق في بيوتنا كيفية كان يتعامل النبي علي الصلاة والسلام مع ازواجه فان في متابعته كل الخير والصلاح والسعادة في الدنيا والآخرة .

أسأل الله العظيم أن يثبتنا على هذا الدين العظيم وأن يحفظ  بناتنا وأزواجنا وان يهدينا ويهديهن لما فيه خير الدنيا والآخرة  وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  .

 

ياسر الماضي

25/1/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"