نعم انه الاستكبار والقوة حين يعيش الإنسان بنفسية
القوة لا يستمع لنداء العقل ظنا منه أن العقل حيلة الضعفاء بينما منطقه الوحيد إذ
يمتلك القوة هو البطش وإكراه الناس على إرادته .. وقد وصف الله تعالى حال الامم
السابقة : { قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا
لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ
عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } [هود : 91] هذه الآية وان كانت تصف حال الكفار الا انها
تحلل نفسية الاغترار بالقوة والسلطة .
والسلطةالفلسطينية وافرعها تملك اغترار اتجاه اللاجئين
الفلسطينيين فاللاجئين يخاطبونهم بالعقل والحوار بينما هم لا يفكرون إلا بمنطق
القوة والتهميش فما دام اللاجئ ضعيفا فليس من حقه أن يتكلم معهم إذ الحق في نظرهم
هو القوة والسلطة ، القوي هو الذي يملك حق تحديد المعايير الأخلاقية وتقرير الصواب
والخطأ تماما مثل واقع السياسة الدولية اليوم التي تعكس موازين القوى وليس المبادئ
والحقوق والاخلاق .
فما هو سر ذلك التقارب السلطوي الفلسطيني العراقي وهما
يكرها بعضهما البعض ويتجاذبان للاخر !
وما هو سر اصرار عدم طرح معاناة اللاجئين للقيادات
العراقية وعدم اجراء زيارات تفقدية لتجمعات الفلسطينيين او لقاءات مع شرائح منهم
.. رغم كل النداءات لهم بذلك !؟ .
من المعروف بمصطلح السياسة الامريكية التي تتبنى شعار
لها في "فنون السياسة" بان لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل مصلحة
مستمرة ويبد ان تلك الوصفة قد سوقتها امريكا للسلطة الفلسطينية واستشرت في جسدها
ومن المعلوم ان ما يسمى بـ"صفقة القرن" تزعج السلطة الفلسطينية والتي هي
لم تكن أسوأ مما وقعته السلطة في اتفاقية اوسلو عندما تنازلت رسميا عن 78%من ارض
فلسطين الصغيرة المساحة 27 الف كيلو متر مربع وتنازل عن 10% اخرى بتفاهمات ما بعد
اوسلو ولكن لماذا هذا الصراخ من الرفض والممانعة من قيادات السلطة لرفض ما لم يطرح
عن تلك "الصفقة" ! وكانما تعيدنا الى ايام المقاومة والكفاح المسلح بتلك
العصبية بالرفض !؟ .
وكما يقول لسان شعبنا المصري "اسمع كلامك اصدقك اشوف
عمايلك استغرب بل اتجنن" ونحن نرد على ذالك اللسان ونقول "اذا عرف السبب
بطل العجب" ففي تسريبات خاصة للسلطة الفلسطينية عبر ممرات امريكا لها بان
الاتفاق النهائي لما يسمى بـ"صفقة القرن" ستكون بين شعبين وليس قيادتين
ومعنى ذالك هو وجود قيادتين منتخبتين من شعبيهما كأساس لنجاح تلك الصفقة يؤيدانها
بذلك الموالين لامريكا والغرب والذين يمارسون الضغوط على السلطة الفلسطينية وهذا
هو تجاوز للخطوط الحمراء للسلطة الفلسطينية المنهارة شعبيا يضاف اليهما
"منتدى ورشة المنامة الاقتصادي" والذي مقرر فيه عدم استلام السلطة سنت
واحد من تبرعاته لبناء بنى تحتية لمدن عصرية يذهب جلها الى شركات عالمية لتنفيذها
وهنا نقول لقد بطل العجب اذن ما هو سر اللقاءات المكوكية لاعلى المستويات للسلطة
الفلسطينية مع الحكومة العراقية التي تيقنت بان القضية الفلسطينية هي ورقة ناجحة
ورابحة بكل المقايس وهي من تعيد العراق للصف العربي والإسلامي مهما كانت النوايا
بعد قطيعة دامت اكثر من 15 عاما تكللت بهجمات وتصريحات اعلامية كلاهما على بعض !؟ .
وما هو سر ذلك التقارب المفاجئ بينهما والذي لا تربطهما
ببعض اي مصالح تذكر من الواضح بان العراق قد تحول بمرحلة ما بعد السقوط الى المحور
الايراني المتمثل ( سوريا ولبنان والعراق ومن معهما ) وهو ما تزعم امريكا اعلاميا
انه محور معادي لسياستها في المنطقة وان التقرب من العراق من قبل السلطة
الفلسطينية هي رسالة واضحة لحلفاء امريكا في المنطقة والى امريكا اولا بان السلطة
ستجد بديلا في حال التخلي عنها من امريكا وحلفائها معتقدة انها ستعيد "مشروع
دول التصدي والصمود" كورقة ضغط على تلك الدول للتخفيف عنها وارجاعها الى ذلك
الحضن وابقائها كقوة فعالة باي مشروع عندئذ تتخلى عن ذلك التقرب لذلك المحور وهو
سر عدم طرح معاناة شعبنا خوفا من انعكاسات ثأرية عند فسخ ذلك التزاوج العرفي
بينهما متصورين بان حكومة العراق والمتمثلة بحكومة "برلمانية" تضم
تكتلات متضادة يمكن ان تمرر عليها ذلك الدهاء السياسي وهو حق لا يمانع عليه اذا ما
كان يخدم المصلحة العامة وليس الخاصة .
هكذا تلعب السلطة بمشاعر ومعاناة شعبها دون مبالاة الا
سوى تحقيق مصالحها الخاصة وعدم الاكتراث للغير ونحن بدورنا ندعوهم إلى العقلانية
والتواضع وإدراك حدود الذات فإن من وراء كل قوة مهما علت في الأرض قوة كلية محيطة
تتمثل في القانون الكلي للوجود الذي أوجده الله سبحانه وتعالى ، بتجلياته الطبيعية
والاجتماعية والاقتصادية ولن تخلو اي قوة من عناصر ضعف كامنة إما غالبها اصحابها
بالعدل الذي يحقق الامن ويزيل اسباب التوتر ويكسب الامم قوة تؤثر بها في الناس
وتكسب قلوبهم وإما غفلت وعميت وتجبرت في الارض حتى يأتيها الله من حيث لا تحتسب
فيقصم كبرياءها ويرتد بغيها على نفسها .. والله المستعان .
بقلم :
أحمد عبدالعزيز
21/10/1440
24/6/2019
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق"
ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"