هل حقيقة أن الرئيس صدام حسين قد ارتكب جرائم من هذا النوع؟؟؟
إتهام الغرب للعرب والمسلمين بالجرائم ضد الإنسانية والمقابر الجماعية هدفهم تبرئة جرائمهم وجرائم الكيان الصهيوني
أمريكا الدموية ذات النزعة الشريرة في العالم التي مارست جرائم الإبادة الجماعية بحق الأمم و الشعوب و لم يسلم من شرها أية أمة من الأمم ليس في قارة في عينها و إنما كل القارات السبع إذ أن بصمات الدم الأمريكي شاهد حي على ذلك من الهنود الحمر إلى هيروشيما و ناكازاكي.
أما بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس في حينها لامتداد مستعمراتها و توسعها و استعبادها لشعوب الأرض ، ألم تمارس الإبادة الجماعية في العالم؟!!!
الم تكن بريطانيا قد مارست الإبادة في الهند و الاتجار في الرقيق؟
ناهيك عن دورها في صناعة كيان صهيوني على أرض فلسطين وتشريد شعبه من أرضه.
ما الذي يجري في العراق , بعد مرور سبع سنوات على الاحتلال الأمريكي منذ التاسع من نيسان عام 2003 و ولادة مجلس حكم من رحم الاحتلال إلى ما يسمى بالحكومة العراقية الموحدة مرورا بالانتخابات و الاستفتاء على الدستور والاتفاقية الأمنية العار على قاعدة ما تسمى بالعملية السياسية في العراق لإرساء الديمقراطية الأمريكية المزعومة على العراقيين و الذي ترافق مع القصف و القتل و التدمير و النهب المستمر لثرواته ثم تلت بعد ذلك شعار المصالحة الوطنية..
المجرم الأمريكي بوش و تابعه و بلير ينفخون في قربة مثقوبة و هم يزورون الحقائق من اجل أن يسوقوا للعالم انجازهم الكبير في تحقيق الديمقراطية في العراق .
ماذا تحقق في العراق من كل هذا ؟؟
أصبحت المنطقة الخضراء مجمع الخونة و العملاء الهاربين من حكم الشعب.
و عند تصفحنا لتاريخ الأمم و الشعوب التي تعرضت للاحتلال و العدوان من قوى أجنبية إلا و كان هناك خونة و عملاء و هم أدوات المحتل الأجنبي بطبيعة الحال , إلا انه ما يلفت النظر و الغرابة و الاستهجان أن الخونة و العملاء في العراق لم يماثلهم أو يشابههم من الخونة في التاريخ البشري كما هو معهود.. حيث الخيانة و العمالة قد مارستها أفراد و ليس عناوين أحزاب و قوى سياسية مثلما حدث في العراق , هذه حقيقة مذهلة و لذلك قد سقطت عنها صفة الحزبية و التنظيم و القوى و الفعاليات السياسية التي تدعي لنفسها الآن في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق و هذه الظاهرة غريبة في تاريخ الصراعات و الحركات السياسية في العالم..
وهل حقيقة أن واقع الحال يقول أن أي قوة سياسية تستمد مشروعيتها و ضمان مصداقيتها هو التفاف الشعب حولها و درعها الحصين لحماية مشروعها السياسي الوطني كونها تعبر عن مصالحها و تحقق أهدافها؟. لكن الذي يحدث الآن في العراق أن تلك القوى التي تدعي أنها قوى سياسية و أحزاب في العراق أن الذي يحميها هو المحتل الأمريكي من غضب الشعب العراقي.
هل استهلكت أمريكا الخونة و العملاء في العراق؟ و هل انتهت صلاحيتهمٍ؟!!!
الديمقراطية الأمريكية تعني الدم و القتل اليومي والاعتقال والاغتصاب وانتهاك حقوق الإنسان.. الشفافية تعني الظلامية.. الأطياف تعني الطائفية البغيضة.. التوافق يعني التخاصم.. و المصالحة تعني الاقتتال.. وحدة النسيج العراقي تعني فيدرالية التفتيت.. الدستور يعني غابة العراق الجديد.. الإعمار يعني الدمار.. الأمن والاستقرار يعني الفوضى والهجرة..
العراق أصبح فوضى على كل الصعد لا أمن ولا أمان , لا ماء و لا كهرباء, لا نفط و لا بنزين ,لا عمل بل بطالة متفشية .
نعود للاحتلال الاميركي وشعاره الغزو من أجل الديمقراطية و التي تهدف إلى تبرئة أميركا و والكيان الصهيوني و أوروبا من جرائمهم ضد الإنسانية. هل حقيقة أن الرئيس صدام حسين قد ارتكب جرائم من هذا النوع ؟ و التي تروجها الماكنة الإعلامية الأمريكية و الغربية و الصهيونية مثلما صنعت و أنتجت الهولوكست و مظلومية اليهود. هذه النقطة بحاجة إلى توضيح لكل الأغبياء و هنا نقصد من يدعون بالمثقفين الذين تنطلي عليهم هذه الأظاليم و الذين يجهلون حقائق التاريخ.
نحن العرب لم نصل إلى مستوى التنافس و المطامع لاستعمار العالم لغايات و أسباب اقتصادية و لا إلى صراع الإمبراطوريات الإقطاعية فيما بينها منها الإمبراطورية الفرنسية أو الروسية أو النمساوية أو الرومانية إنما العرب خاضوا مقاومات دفاعية عبر التاريخ و كنا دائما هدفا لأطماع القوى الخارجية وإستهدافاتها. إن الذي أنتج النازية والعنصرية والصهيونية والاستعمال والاتجار بالعبيد والرقيق والاستعمار الجديد والقديم وويلات الحروب الكونية والذي اقترف أبشع الجرائم ضد الإنسانية هم الغرب ووليدها الغير شرعي الصهيونية العنصرية .
أما موضوع الديكتاتورية و الديمقراطية .. هنا تكمن أزمة المثقفين و فهمهم لها دون أن يحيطوا بطبيعة و الظرف التاريخي للأمة.
هل الديمقراطية قرار قانوني يصدره الحاكم أو رغبة سياسية فقط دون الأخذ بعين الاعتبار الظرف الموضوعي و الذاتي للمجتمع على كافة الصعد الاجتماعية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية و الفكرية و تحديد طبيعة المرحلة التي نعيش فيها و التي صاغت بنية و نمط اجتماعي مرتبط بمستوى التطور التاريخي.
إن الديمقراطية عملية تاريخية تحكمها تغيرات و تحولات عميقة في بنية المجتمع على كافة المستويات و هذه الرؤية تنطلق من المعايير الرأسمالية و السؤال هو في أي مرحلة تنبثق الديمقراطية و تولد ؟
إن الديمقراطية ترافقت ضرورتها مع بداية الإنسان الأول في ظل النظم الاجتماعية و الاقتصادية عبر مرحلة من نظام مشاعي بدائي إلى نظام الرق ثم الإقطاع ثم الرأسمالية و الامبريالية و العولمة الجديدة حيث أنها كانت استحقاقا مطلقا بكل مراحل التاريخ ووفق ظرف و خصائص و طبيعة استحقاق نظمها الاجتماعية المتعاقبة آنفة الذكر.
إذن ما هي طبيعة المرحلة التي تعيشها امتنا بين الأمم في العالم؟
نحن أمة لازالت تخوض صراعاتها و مخاضها و تعيش إرهاصاتها و أزماتها ما بين التقدم و التأخر للانطلاق لبناء مستقبلها , إنها امة تعيش كل هذه الأزمات الداخلية و الخارجية, امة مهددة دائما من الخارج و أطماعه و لم تنقطع هذه التهديدات عبر التاريخ و لازالت مستمرة إلى وقتنا الراهن.
إذن نحن امة غير مستقرة و مأزومة بفعل التهديد الخارجي و لم تعط الفرصة لامتنا أن تتفاعل و تتصارع داخليا بين قواها الاجتماعية و تناقضاتها لإحداث التغيير باتجاه التقدم فهذه الأزمة استمرت معنا فكان هناك على الدوام إستحقاقان متلازمان استحقاق داخلي حكمه الصراع بين قواها الاجتماعية المختلفة ما بين التخلف و التقدم و كان تطورنا بطئ و استحقاق خارجي مهدد لامتنا حيث ارتبط بالدفاع و المقاومة. هذه هي الأزمة التي حكمتنا طيلة القرون الماضية على عكس تجربة أوروبا حيث كانت تحولاتها الداخلية طبيعية في ظل عدم وجود ظهور الامبريالية و الرأسمالية بعد , و كذلك ظاهرة المستعمرات و التنافس الاقتصادي الحر و إنتاج الحروب .
إن التهديدات من الخارج هي سبب أزماتنا و بلاؤنا و كوارثنا لذلك فإن أي نظام سياسي عربي سيبقى و يظل مرتبكا بحكم واقع الاحتلال و التجزئة و التخلف تارة يكون صارما على مستوى الداخل بسبب التهديدات الخارجية أو يخضع للتبعية للأجنبي لان القوى الخارجية دائما تعمل على إرباك قوة التغيير الداخلي لتبقيه ضمن دائرة السيطرة و الإنهاك لتحد من تطوره..لان الديمقراطية استحقاق و ليس قرار أو رغبة من الخارج.. الديمقراطية نتيجة و استجابة لقوى اجتماعية متقدمة ضد قوى اجتماعية متخلفة , إن الديمقراطية استجابة منسجمة بقوى اجتماعية حية مع اقتصادها..
هل هذه العملية التاريخية تحكمنا دون تأثيرات العوامل الخارجية من تهديدات؟
أخيرا و ليس آخرا يصح أن نطلق على صدام حسين ثائراً حراً وبنى وطن و ليس حاكما صارما لأنه لا يصلح أن يكون حاكما تقليديا وفق المقاسات الأمريكية.
أنور الشيخ
16\4\2010
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"