أراك دون وطن يا قلبي - زهير السبع

بواسطة قراءة 1691
أراك دون وطن يا قلبي - زهير السبع
أراك دون وطن يا قلبي - زهير السبع

كان يوما مشهده غريبا كعادته وبكل تفاصيله ، مع ان ساعاته مرت بملل لا أعرف وصفه ، نظرت لهاتفي فترائى لي على الشاشة أن خمسة عشرة مكالمة لم يتم الرد عليها ، ضحكت وقلت في نفسي الهذه الدرجة أصبحت إنسان لا مبالي حتى بالرد على المكالمات ، هكذا يحصل لي حين أباشر بالكتابة أنسى كل شيء وأشعر أنني خارج الوقت وخارج المكان ، هكذا بلحظة أجد أن كل شيء يسقط مني إلا القلم هو الوحيد الذي ما زال متمسكا بيدي ، وحده من يعانقني في كل وقت .. ضعفي وقوتي ، ,,,, صمتي وصراخي ، ,,,,, هدوئي وجنوني .

فكتبت :

غربة تحيا وسط أحزانها الدائمة وإحساس مغترب بأحلام العودة ، أحاول أن أغترف بكفي الأشياء الجميلة لكن الغربة يد كبيرة تدفع الحزن الى أعماق قلبي ليخترق صفوتي وأغدو كمن لا يغدو على شيء .. آه لو تعود الأيام قليلاً أو كثيراً لأنحر غيمتي السوداء وأبدلها سلسبيلاً ترتوي منه عروقي نبض الامل من جديد .

أتبدد وحيد وشوقي المتخم بالغياب بأنفاسي المتسارعة المنتظرة ليت أمنياتي تقرع أبواب العناد المستحيل .. الآن فهمت كل شيء وأطفأت علامة استفهام كبيرة .. ؟! يبدو أنني سلمت حاضري للغياب .
هنا حين أقف على شرفة وطن غريب عني تبتل جفوني بالدموع وينهض الغياب في العيون وأتابع نظراتي وأتهيأ لغربة جديدة .. هنا خلف هذه الجفون تختبأ الذكريات أقف لأسترجعها دون عودة .

يا غربة الروح الدائمة أدركتني الغربة من جديد واعترضني قطار أحداث الزمن متعب أتابع المساء بوحدتي .

فجأة يوقفني سؤال الذي يقتل احلامي كل يوم لأقف بارتعاشاتي مع نغمات الذكريات وأنعم بالقرار لأسأل ولا جواب لما هذه البلاد الغريبة ترهقني في الليل الطويل .. ؟! بانتظار أمل صامت في ليالي الخريف وكأنني أعيش في زنزانة ليلها أسود حالك مرت كليالي بغداد غبارها غشى عيوني وأعطاها لوناً غير الخضار .

أقف هنا على شرفتك وأراك دون وطن ياقلبي ، فدعني أقبلك قبلة الغائب عن حبه الدائم لأحظى على نظرة حنان منك .. دعني أغدو هناك في محراب غربتي الجديدة ولكن قبل الغياب أتركني أتأملك قليلا قبل الوداع واعذر روحا اغتالتها رصاصات من لا يبصرون .

هذاهو العالم الذي يحيطنا لم يفته شيئًا سوى أننا أصبحنا في عالم الالتجاء هذا الذي لا يعرفه أحد سوى نحن  لأننا من تلك الأرض (فلسطين) وهويته تحمل رقم الثماني والأربعين .. هذه الهوية المضطربة التي ألقوا لنا بها وفروا هاربين منا فأغلقنا البوابات عليها وقررنا ألا نموت قبل أن نكون ندا لنحلم بغد قد يكون أبهى وإن عطشنا نشرب ماء البحر وإن جعنا نفتت الصخر .

نعم يا ابناء وطني "سنفهم الصخر إن لم يفهم البشر" .

هكذا هي اللحظات تغتالني بين حيرة السؤال وذاك الوطن الساكن في شغاف قلبي ، وبين تلك الحياة التي أحلم بها.

أتساءل وأنا ألتف حول دائرة حيرتي كم أحتاج من وقت كي أكف عن كره الاغتراب .. وكره الصمت .. وكره الابتعاد .. وكره الترحال من غربة الى غربة أشد وأمر .

هكذا هي اللحظات التي أحياها هنا ، كل شيء يحاول استفزازي ، واستنفاذ صبري ، حتى عقارب الساعة التي ترفض التوقف عن الدوران فتشتت أفكاري عن التواصل بالكتابة .


زهير السبع

30/4/2012

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"