لم يمر اللاجئ الفلسطيني بمرحلة من القساوة و التشرد بمثل ما يمر به في هذه الأيام ، فرغم اللجوء و النزوح ، و رغم إتساع الجرح و عمقه كانت تلك الجراح تستصرخ المسؤولين الفلسطينيين على مدى واحد وستون عاما من النكبة المؤلمة للشعب الفلسطيني، فان الجراح ازدادت وبقي اللاجئ الفلسطيني بين تقاعس المفوضية اللاجئين اكنور عن تحمل مسؤولياتها تجاه الفلسطينيين اللاجئين في البرازيل من حيث التقليص الكبير لخدماتها وانتشار الفساد الفادح في شؤونها في رفع المعاناة عنهم.
سنوات التشرد والاقتلاع من الوطن و اللجوء القسري تزداد مرارة يوما بعد يوم، وتلقي بظلالها حرمانا و قهرا،و ظلما، وألما على كاهل اللاجئين الفلسطينيين في مناطق البرازيل بشكل عام خاصة وفي ظل ظروف قاسية وصعبة في كافة نواحي الحياة، حياة بؤس وحرمان وظلم لا يراعى فيها الحد الادنى من مقومات الحياة الانسانية.
وما يزيد من قساوة العيش في انتظار ان يتحقق حلم العودة الى الارض والديار والوطن، الإهمال المتعمد من قبل الوكالة الدولية "الأنروا" التي أنشئت منذ الايام الاولى للجوء الفلسطينيي لتقديم الخدمات والعون للاجئين الفلسطينيين في التعليم والاستشفاء والطبابة والصحة والإغاثة المعيشية بالاضافة الى كونها شاهدا حيا على اللجوء الفلسطيني.
منذ ما يقارب العشرين عاما المنصرمة بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" الأنروا" اعتماد سياسة جديدة اتسمت بتقليص خدماتها ـ وبشكل تدريجي وممنهج طال كافة مجالات الخدمات التربوية والتعليمية والاغاثية ـ والتشغيل والتوظيف ـ والاستشفاء والطبابة والخدمات الصحية ، وسنتناول المجال الاستشفائي الطبي كونه يشكل هاجسا مقلقا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في القرى والتجمعات التي يقيميون فيها وفي ظل ظروف غاية في الصعوبة والبؤس والحرمان والظلم والنسيان المتعمد.
الاستشفاء والعمليات الجراحية
في مجال الاستشفاء والعمليات الجراحية تقوم المفوضية السامية للاجئين المسماة أكنور بالتتنصل من التزاماتها في تغطية تكلفة العمليات الجراحية والادوية التي يتناولها المريض اثناء فترة مكوثه في المستشفى الحكومي للاستشفاء ـ وفي بعض الحالات تقوم بدفع ما نسبته 1% من قيمة العلاج، بينما يضطر المريض الى دفع باقي المبلغ، اي ما يعادل 99% من قيمة فاتورة الاستشفاء، قي ظروف لا يكاد يملك المريض قوت يومه فيضطر الى اللجوء الى ابواب الجمعيات والمؤسسات التابعة للمفوضية طلبا لتسديد جزء من فاتورته الاستشفائية، وهناك العشرات من الحالات التي تعاني من هذه السياسة الصحية الظالمة.
في مجال الفحوصات والتحاليل المخبرية وصور الاشعة بكافة انواعها لا تقوم المفوضية بتغطية جزء ضئيل من تكلفتها وتترك المريض عرضة لازدياد وتفاقم حالته المرضية نتيجة عدم قدرته تأمين فاتورة استشفائه مضطرا الى تحمل الألم والصبر حتى الموت المؤكد والمحتم في بعض الأحيان وما بدل على ذلك حالات الوفاة التي حصلت لاخواننا اللاجئين في البرازيل .
أدوية الامراض المزمنة
إن الضغط الاقتصادي والنفسي وسوء الاعتناء بالصحة البيئية من قبل المفوضية ، ساهم في تفشي الكثير من الأمراض داخل المناطق التي يسكنها اللاجئين ـ كضيق التنفس والربو ـ الحساسية ـ الضغط، القلب والشرايين، والاعصاب ـ مما يستوجب عناية خاصة بهذه الحالات وتأمين كافة الادوية ومستلزمات الاستشفاء، الا ان ابسط مقومات الاستشفاء للمرضى بشكل عام غير متوفرة بشكل دائم، فالادوية ومنذ الايام الاولى من النصف الثاني للشهر تبدأ بالنفاذ والانقطاع من صيديليات العيادات، اما ادوية الامراض المستعصية والمزمنة فانها غير متوفرة في المستوصفات الحكومية نهائياً فيبقى المريض بدون اخذ العلاج لمدة شهور(( تصل الى عام في بعض الاحيان)) تحت ذريعة ان المفوضية ليس لديها امكانيات مادية لتغطية هذه النفقات اولا وثانيا ليس لديها الواجب لتوفير هذه الادوية وثالثاً بأن اللاجئ الفلسطيني في البرازيل يجب عليه التأقلم مع وضع البرازيل وشعبه الفقير فهو ليس أفضل من الشعب البرازيلي هذه بعض من الذرائع التي يرد بها على اهلنا اللاجئين هذا الانقطاع للادوية وعدم تأمينها بشكل قاطع . للمرضى انعكس سلبا على حياة المرضى وشكل خطرا حقيقيا على حياتهم وصحتهم ..
وحسب ما سرد لدينا نلاحظ أن المفوضية لا تقدم خدمات كما يجب للاجئين الفلسطينيين، بل هي تعتمد سياسة التقليص وفي كافة المجالات، فالاستشفاء وعلى سبيل المثال لا الحصر لا تتعاطى معه ا المفوضية أكنور بشكل نهائي ، كما وتتقاعس المفوضية والمؤسسات التابعة لها عن مرضى غسيل الكلى و لا تقدم لهم اي من انواع الاستشفاء، وتمتنع كذلك عن تقديم اي نوع من انواع الاستشفاء للمضاعفات التي تحدث للمريض اثناء خضوعه لعملية غسيل الكلى، اما عمليات تميل القلب" القسطرة " ترفض ا لمفوضية رفضا قاطعا تقديم اية مساعدة او مساهمة للمرضى الذين يحتاجون للخضوع لمثل هذه العمليات
وعن مرضى العيون في حال تم وصف نظارات طبية من قبل الطبيب الحكومي اذا توفر لهم هذا فلا ننسى ان اخوتنا اللاجئين ولغاية الان منهم نسبة ما لا تقل عن 85 % منهم لا يتكلمون اللغة البرتغالية ولا يوجد لديهم مترجمين في كثير من المناطق والقرى فيتوجب عليهم الذهاب إلى بعض الافراد العرب ليطلبوا اليهم المساعدة في كثير من الاحيان من اجل مساعدتهم في الذهاب الى الطبيب في المستشفى الحكومي للحصول لتامين النظارات الطبية.
الصحة والبيئة
إن ما ورد ذكره لا يمثل الا الجزء الضئيل من معاناة اللاجئ الفلسطيني مع " اكنور" ويبقى السؤال الذي يقلق اللاجئين الفلسطينيين من المعني بنا في تقديم الخدمات ؟
هبه عياد
البرازيل
22/4/2010
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"