5. الأوضاع في المخيمات المقامة على الحدود العراقية – السورية
دفعت أعمال العنف الجارية في العراق والتهديدات المتواصلة التي يواجهونها، مئات الفلسطينيين إلى الفرار من ديارهم في بغداد والتوجه إلى الحدود مع سورية. وكانوا يأملون بالدخول إلى سورية، لكن انتهى بهم المطاف في المخيمات التي تتسم فيها الأوضاع المعيشية بانعدام الاستقرار. وعموماً، لم تُبدِ أية دولة أي استعداد لاستقبال هؤلاء اللاجئين.
وخلال بعثة لتقصي الحقائق قامت بها منظمة العفو الدولية إلى سورية في يونيو/حزيران 2007، أثار مندوبو منظمة العفو الدولية مع السلطات السورية وضع اللاجئين الفلسطينيين الذين منعوا من الدخول إلى سورية. وقيل لمنظمة العفو الدولية إن سورية لن تسمح لأي فلسطيني بالدخول إلى البلاد أو المرور عبر الأراضي السورية إلا مروراً مؤقتاً إلى إسرائيل أو إلى المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية. وطلبت منظمة العفو الدولية زيارة المخيمين، لكن السلطات السورية رفضت ذلك، قائلة إن الذهاب إليهما غير آمن. وفي نهاية يوليو/تموز 2007 وافقت إسرائيل على السماح لـ 41 لاجئاً فلسطينياً، أصلهم من شمال إسرائيل، لكنهم كانوا يعيشون في المخيمات المقامة على الحدود العراقية – السورية، بالدخول إلى الضفة الغربية وجمع شملهم مع أقربائهم.(19) بيد أن السلطات الإسرائيلية رفضت طلباً تقدم به 10 لاجئين فلسطينيين آخرين في العراق للانضمام إلى أقربائهم في غزة.
وهناك ثلاثة مخيمات تؤوي الفلسطينيين على الحدود العراقية – السورية وتديرها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين :
· مخيم الحول الكائن في محافظة الحسكة في شمال – شرق سورية ويؤوي 304 فلسطينيين، أغلبيتهم العظمى من الذين تقطعت بهم السبل على الحدود العراقية – الأردنية قبل السماح بدخولهم إلى سورية في مايو/أيار 2006. أما البقية فهم أقارب انضموا إليهم. وليس لدى الفلسطينيين في هذا المخيم بواعث قلق أمنية. ويرسلون أطفالهم إلى مدارس سورية قريبة ويمكنهم الذهاب إلى الأطباء المحليين لتلقي العلاج. ويبقون في المخيم خلال الليل، لكنهم يستطيعون التجول في المنطقة خلال النهار. وفي مناسبات نادرة فقط يستطيع فلسطيني من هذا المخيم أن يسافر إلى دمشق، عادة لتلقي العلاج الطبي العاجل. وتقدم الأونروا والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساعدات إنسانية إلى اللاجئين في المخيم. وتُنظم كلا الوكالتين أنشطة مهنية مثل ورش عمل للتدريب على الحاسوب والخياطة والحياكة. وفي يونيو/حزيران 2007 قال موظفو المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في دمشق لمنظمة العفو الدولية إن كندا قبلت توطين 19 لاجئاً فلسطينياً في مخيم الحول من خلال برنامج رعاية خاص. وأُجريت مقابلات مع التسعة عشر وهم ينتظرون السفر إلى كندا.
· يقع مخيم الطنف في المنطقة المحايدة على الحدود بين سورية والعراق. وترفض السلطات السورية منذ مايو/أيار 2006 السماح بدخول الـ 389 فلسطينياً المقيمين فيه إليها. والأوضاع المعيشية في المخيم صعبة، حيث تصل درجات الحرارة في الصيف إلى 50 درجة مئوية أو أكثر. والمخيم قريب جداً من الطريق العام الرئيسي، ما يجعله خطراً، لاسيما بالنسبة للأطفال. وقالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمنظمة العفو الدولية إن فتى قُتل مؤخراً بعدما ضربته سيارة بينما كان يلعب على الطريق العام. وفي 25 إبريل/نيسان 2007، شبت في المخيم نيران قيل إنها ناجمة عن شرارة من كبل كهربائي في إحدى الخيم أشعلت علبة مازوت واسطوانة غاز. وبحسب ما ورد أصيب ثلاثة لاجئين فلسطينيين بجروح شديدة وأصيب 25 آخرون، معظمهم من الأطفال بجروح طفيفة وتنشقوا الدخان.(20) وأعلن مسؤول في المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن : "هذه هي المرة الثانية التي تندلع فيها النيران في هذا المخيم. وهو مثال على مدى خطورة هذا المكان وعدم ملاءمته لعيش البشر ويسلط الضوء على الحاجة لنقل هؤلاء اللاجئين إلى مكان مناسب وآمن".(21)
وتوزع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي على السواء أغذية في المخيم. وتقدم الأونروا الخدمات الصحية، بما فيها زيارات أسبوعية يقوم بها طبيب وممرضة، فضلاً عن وحدة نقالة لطب الأسنان. وقد أسست الأونروا بالتعاون مع صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسف) مدرسة لـ 86 تلميذاً في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، فضلاً عن حضانة للأطفال من أجل 28 طفلاً. وتنظم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين زيارات شبه يومية إلى المخيم من مقرها الرئيسي في دمشق لمعرفة ما إذا كان أحد بحاجة لرعاية طبية عاجلة. وفي تلك الأوضاع، تنقل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المرضى إلى دمشق للعلاج.
· مخيم الوليد يقع في العراق على مسافة 3 كيلومترات فقط من الحدود مع سورية. وقد افتُتح في العام 2006 واعتباراً من أغسطس/آب 2007، كان هناك · مخيم الوليد يقع في العراق على مسافة 3 كيلومترات فقط من الحدود مع سورية. وقد افتُتح في العام 2006 واعتباراً من أغسطس/آب 2007، كان هناك 1550 فلسطينياً يعيشون فيه. وتدير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (في الأردن) المخيم، لكن لأسباب أمنية لا يمكنها أن ترسل موظفيها إلا بين الفينة والأخرى، أحياناً مرة في الشهر. وبحسب الوكالات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، فإن الأوضاع في هذا المخيم هي الأكثر قسوة بين الثلاثة. وزار وفد عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخيم الوليد في 13 مايو/أيار 2007، وأصدر بعد يومين بياناً يقول إن الأوضاع المعيشية هناك مروعة.
فالمخيم المؤلف من خيم يعاني من الاكتظاظ والعديد من الناس يعانون من أمراض مختلفة، من ضمنها مشاكل في التنفس، تحتاج إلى علاج طبي في المستشفى. بيد أن أقرب مستشفى في العراق يقع في القائم على مسافة أربع ساعات بالسيارة، وتمر الطريق عبر مناطق تشن فيها الجماعات المسلحة هجمات بصورة منتظمة. ومنذ افتتاح المخيم توفي ثلاثة أشخاص على الأقل، بينهم طفل رضيع عمره ستة أشهر، بسبب أمراض يمكن علاجها.(22) ولم يتمكن فريق المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلا من تقديم إسعافات أولية لبعض النساء الحوامل، ولرجل فلسطيني تعرض للتعذيب أثناء اختطافه في بغداد وامرأة على وشك الانتحار أُصيبت بصدمة أليمة بسبب مقتل ابنها وزوجها.(23) وقد حذرت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن الأوضاع المعيشية يمكن أن تتدهور خلال أشهر الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.
وفي 24 مايو/أيار 2007 زار وفد عن الحكومة العراقية مخيم الوليد. وضم الوفد مسؤولاً رفيعاً في وزارة الداخلية ومدير المديرية العامة للجنسية والجوازات والإقامة وضباطاً عسكريين وأمنيين كبار. وبحسب ما قاله اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في المخيم الذين اتصلت بهم منظمة العفو الدولية، قال الوفد لهم إنه ليست هناك دولة عربية تريدهم. وقدم الوفد ثلاثة مقترحات : يمكن للاجئين أن يعودوا إلى منازلهم في بغداد وأن تهتم السلطات العراقية بحمايتهم وسلامتهم؛ أو يمكن أن يعودوا إلى منازلهم وينتظروا بأن تدبر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمر توطينهم خارج العراق؛ أو يمكن للسلطات أن تنشئ مخيماً كبيراً للاجئين في حي البلدية ببغداد يستطيع استضافة 750 عائلة على الأقل وأن تحافظ على أمنه. ورفض اللاجئون هذه المقترحات لأنهم يعتقدون أن الحكومة العراقية لا تستطيع ضمان حمايتهم.
ويحول الوضع الأمني دون قيام وجود دائم للمنظمات الإنسانية الدولية والوكالات التابعة للأمم المتحدة، ومن ضمنها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في مخيم الوليد. ولا تستطيع الوكالات زيارة المخيم إلا خلال النهار في زيارات متقطعة. واللجنة الدولية للصليب الأحمر، على سبيل المثال، تجلب إغاثة إنسانية بين الفينة والأخرى من دمشق، ويتولى توزيعها أشخاص من المخيم.
وأبلغ الفلسطينيون الذين يعيشون في مخيم الوليد منظمة العفو الدولية عبر الهاتف أن منظمة غير حكومية دولية واحدة هي الكونسورتيوم الإيطالي للتضامن، تستخدم الفلسطينيين والعراقيين وتستطيع توزيع الإغاثة الإنسانية. وبحسب الفلسطينيين الذين أُجريت مقابلات معهم، فإن الأوضاع المعيشية في مخيم الوليد مريعة، حيث لا تتوافر كميات كافية من مياه الشرب والخبز، والطعام الذي يُوزَّع غالباً ما تكون صلاحيته منتهية. وتشهد درجات الحرارة ارتفاعاً هائلاً في الصيف، مع نشوب عواصف رملية شديدة تعمي الأبصار، كما أن المنطقة تعج بالأنواع الخطرة من الحيوانات، من ضمنها الأفاعي والعقارب السامة.
ومن المشاكل الخطيرة جداً الحصول على الرعاية الصحية. فهناك نقص في العقاقير ولا يوجد إلا طبيب واحد في المخيم. وكل أسبوعين يجمع الكونسورتيوم الإيطالي للتضامن الأشخاص الذين يعانون من المرض الشديد ويأخذهم في شاحنات صغيرة مقفلة (فانات) في رحلة محفوفة بالمخاطر تستغرق أربع ساعات إلى مستشفى القائم. والمرض الأكثر شيوعاً هو الربو. ويعاني بعض المقيمين في المخيم من مشاكل خطيرة في القلب ومن السرطان والأمراض الأخرى. وفي بداية أغسطس/آب 2007، سمحت السلطات السورية لأربعة شبان فلسطينيين يعانون من المرض الشديد ويعيشون في المخيم بالدخول إلى البلاد لتلقي العلاج الطبي العاجل.(24) وسيُسمح لاثنين منهم بالبقاء في سورية مع أقربائهما أثناء تلقيهما العلاج؛ وسيذهب الآخران إلى دول ثالثة لتلقي العلاج التخصصي.(25)
وفي نهاية يونيو/حزيران 2007 قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن ما لا يقل عن اثني عشر لاجئاً فلسطينياً في المخيم بحاجة إلى علاج طبي عاجل.(26)
وقال فلسطينيون اتصلت بهم منظمة العفو الدولية هاتفياً، إنه فضلاً عن عمال الإغاثة في دمشق، هناك مشكلة أمنية خطيرة في مخيم الوليد. ويبدو أن قوات الأمن العراقية التي لديها مركز في الجوار غالباً ما تُعرِّج على المخيم، ويشعر الفلسطينيون فيه بالخوف والهلع من هذه الزيارات. وأحياناً يوجه أفراد قوات الأمن الشتائم إلى الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك أشار اللاجئون إلى وقوع العديد من الاشتباكات بين المتمردين والقوة متعددة الجنسية التي ترافقها قوات عراقية بالقرب من المخيم. كذلك يأتي إلى المخيم أشخاص مجهولون في سيارات لا تحمل لوحات. وبحسب الأنباء، أقدم هؤلاء الغرباء على التحرش الجنسي بالنساء والفتيات داخل المخيم.